رسائل البيان الصحفي لصندوق النقد الدولي

انهت يوم الخميس الفارط بعثة صندوق النقد الدولي مهمتها بتونس التي دامت أسبوعين واتصلت فيها بأهم الفاعلين السياسيين والاقتصاديين... وكعادته أصدر صندوق النقد الدولي بيانا صحفيا بعيد انتهاء هذه المهمة ضمنه رسائل نصف مشفرة لساسة تونس وذلك في

انتظار اصدار المجلس التنفيذي للصندوق رأيه النهائي بشأن جولة المفاوضات هذه يوم 21 ديسمبر المقبل...
ركزّ البيان الصحفي لصندوق النقد الدولي على ثلاث نقاط:

- التقدم الجيّد للسلطات التونسية في اعتماد سياسات إصلاحية

- تواصل النقاش بين الصندوق وتونس حول الاصلاحات الاقتصادية الأساسية.

- أولويات المدى القصير في احتواء الدين العمومي التونسي الذي تجاوز 60 ٪ من الناتج الاجمالي المحلي.

واللافت في هذا البيان الصحفي هو تصريح أحد خبراء هذه البعثة - السيد روتر الذي قال بأن هذه الاصلاحات «تتضمن على وجه التحديد اقرار قانون لميزانية 2017 يعزز الانفاق على الاستثمار العام ويكفل بقاء العجز الكلي والانفاق الجاري عند مستويات مستدامة، ووضع اجراءات ضريبية متوسطة الآجال، واعتماد استراتيجية شاملة لاصلاح الخدمة المدنية (الوظيفة العمومية)».

هذه هي الرسائل الأساسية لبعثة صندوق النقد الدولي اثر انتهاء، مهمتها بتونس وهي رسائل نصف مشفرة بمعنى أنّ ظاهرها ديبلوماسي فيه عبارات عامة نأت بنفسها عن ابداء الرأي في الصراعات التونسية التونسية ولكن مضامينها واضحة وسوف تؤثر حتما على اختيارات تونس الآنية...

عندما يقول صندوق النقد الدولي في بيانه الصحفي بأن أولوية المدى القصير هي «احتواء الدين العام التونسي» فذلك يعني بأنه لا ولن يوافق على ميزانية يتوسع فيها الانفاق بما يجبر الدولة على الاقتراض وأنه يرى أن هذا «الاحتواء» متضمن تحديدا في اقرار قانون المالية لسنة 2017 أي أنه لا مجال لانفاق عمومي إضافي بشكل هام، انفاق قد لا يسمح باحتواء الدين العمومي... وهو يطالب بصفة غير مباشرة بأن يبقى الانفاق الجاري (أي نفقات التصرف) عند «مستويات مستدامة» أي متحكم فيها ولديها القدرة على الدوام

والاشارة تكاد لا تخفي إلى نفقات الأجور في الوظيفة العمومية ويزداد هذا المعنى وضوحا عند تعرض البيان الى الاستراتيجية الشاملة لاصلاح الخدمة المدنية (أي الوظيفة العمومية) كما أن الصندوق يبارك بصفة واضحة «وضع اجراءات ضريبية متوسطة الأجل» أي كتلك الزيادات في الضريبة على الشركات مثلا ثم يوجه الصندوق تحذيرا غير مباشر للسلطتين التنفيذية والتشريعية بألا تكون الموازنة النهائية على حساب «الاستثمار العام» يعني ان نحن تحكمنا في المبلغ الاجمالي لنفقات الدولة تجنبا لتداين مفرط ولم نخفض في حجم الانفاق في الاستثمار المبرمج فهذا يعني أنه لا مناص من ترفيع الضرائب والحدّ من كتلة الأجور في ذات الوقت...

ففي المحصلة يبدو أنّ بعثة الصندوق الدولي في تناغم تام مع الفلسفة الأولى التي قام عليها مشروع قانون المالية لسنة 2017 من تحكم نسبي في المديونية (63٫7 ٪) وحدّ من كتلة الأجور (13٫7 مليار دينار) وترفيع في الضرائب المباشرة (الضريبة على الشركات) وغير.....

اشترك في النسخة الرقمية للمغرب ابتداء من 25 د

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115