الجنائية الدولية تصدر قرارا باعتقال قادة الاحتلال: رغم انتقادات المقاومة... القرار خطوة في مسار الألف ميل

أصدر المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية «مذكرة توقيف» ضد كل من بنيامين نتنياهو ويوآف غلانت

باعتبار أنهما يتحملان المسؤولية الجنائية عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتُكبت على أراضي دولة فلسطين في قطاع غزة.

مذكرة استندت على جملة من فصول ما يعرف بـ«نظام روما الأساسي» المنظم لعمل محكمة الجنايات الدولية والمحدد لمجالات اختصاصها والنصوص القانونية التي تستند عليها، والتي منحت المدعى العام القدرة على تكييف جرائم الاحتلال ورئيس وزرائه ووزير الحرب، على انها جرائم جرب وجرائم ضد الانسانية ارتكبت ضد سكان دولة فلسطين.

وفق بيان المدعى العام يكيف مضمون المادة الثامنة والمادة السابعة من نظام روما» ممارسات الاحتلال على انها جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية تتضمن تجويع المدنيين وتتعمد إحداث معاناة شديدة وإلحاق أذى خطير بالجسم أو بالصحة والمعاملة القاسية والقتل العمد وتعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين والإبادة و/أو القتل العمد بما في ذلك الموت الناجم عن التجويع، باعتباره جريمة ضد الإنسانية.

بيان عقبه الاعلان عن توجه مكتب المدعى العام الى اصدار مذكرة توقيف دولية في حق ابرز قادة الاحتلال خلال حرب الابادة على الفلسطينين في قطاع غزة، وهما نتنياهو وغالانت اللذين علقا على الحدث بانتقاد شديد ووسماه بنعوت عدة تكشف عن وقعه على الكيان وعلى قادته.

بعيدا عن العبارات الحادة والصاخبة الصادرة عن قادة الكيان الصهيوني، من نعت للقرار بـ«الفضيحة» او اعتبار المحكمة «معادية للسامية» او اعتبار مشاركة الكيان في محاكمة بوفد دفاع عنه «خطأ»، ما تحمله الكلمات في طياتها فيها اقرار بان الاحتلال تلقى ضربة قوية ستكون لها تداعيات على كامل المشهدين الاقليمي والدولي.

تنديد الاحتلال بالقرار واعلانه بأنه لن يضع حدا لحرب على قطاع غزة، وذهابه الى تصعيد العمليات العسكرية في منطقة رفح عند الحدود المصرية الفلسطينية، يبينان ان الاحتلال ادرك حجم الخسارة التي تكبدها، ذلك ان القرار الذي استند على ارتكاب نتنياهو وغالانت لجرائم حرب وجرائم ضد الانسانية سيسرع في استكمال انهيار الصورة الدعائية التي شكلها الاحتلال لنفسه خلال السنوات الثلاثين الفارطة، فالقرار يقدمه على انه كيان يرتكب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية.

ارتباط هذه الجرائم بالكيان يفقده الكثير من القدرة على التحرك الدبلوماسي او الضغوط بالاضافة الى انه يضع عقبات امام ادارة حملة دعائية تستهدف الشارع الغربي الذي انتفض ضد قادته وضد دولة الاحتلال. ثقل الخسارة والهزيمة يكمن في ان قرار المحكمة يلزم جميع الدول الـ123 الموقعة على اتفاقية روما، بالقبض على الشخص الذي صدرت بحقه مذكرة التوقيف، عند وصوله إلى أراضيها، ومنها الدول الاوروبية ـ باستثناء روسيا الاتحادية ـ وكلها صادقت على هذه الاتفاقية.

إلزام قد تتنصل منه جل الدول وخاصة الاوروبية وستكون لذلك تداعيات سياسية واستراتيجية، كما لوح عدد من اعضاء الكونغرس الامريكي باصدار عقوبات ضد المحكمة وضد مكتب المدعي العام كرد فعل على مذكرة الاعتقال.

ما نحن ازاءه اليوم على الأصعدة القانونية والسياسية والاعلامية بات الرديف المقابل لمصطلح حرب الاحتلال على قطاع غزة، هو جرائم ضد الانسانية وجرائم حرب، هاتين الجريمتين قد لا يبرز اليوم تاثيرهما المباشر على المشهد الفلسطيني او على سياق الحرب ولكن اليوم فقدت دولة الاحتلال حجتها القانونية في الحرب، التي استندت اليها الدول الغربية الكبرى لدعمها وتزويدها بالسلاح، اليوم وبعد اعتبار المحكمة ان دولة الاحتلال مارست في الحرب جرائم ضد الانسانية وجرائم حرب، فان الحجتين الاخلاقية والقانونية سقطتا كليا واي تمسك بهما كما فعل قادة الاحتلال مخاتلة سياسية تهدف الى التقليل من وقع القرار.

قرار لم تتقبله المقاومة بكل ترحاب، اذ اعتبرته متاخرا كما اعتبرت انه يعكس تحاملا ضدها باصدار مذكرات توقيف ضد ثلاثة من قادتها وهم يحيى السنوار ومحمد الضيف واسماعيل هنية ، بل وذهبت الى اعتبار أنه يمنح الاحتلال هامش لمواصلة حربه وابادة الفلسطنين.

انتقادات المقاومة لها مبرراتها، لكن ذلك لا يخفي الاثر الايجابي لهذا القرار على المديين المتوسط والبعيد، يكفي فقط ان نتذكر ان في سنة 2014 وقعت اقالة المدعية العامة السابقة باتو بنسودا التي اتهمت بأنها معادية للسامية وللكيان الصهيوني لمجرد أنها فتحت تحقيقا ضد الكيان بتهم جرائم حرب في تلك السنة.

اليوم وبعد 10 سنوات تصدر مذكرة اعتقال في حق ابرز قيادتين في مؤسسات الكيان الصهيوني الذي استنفر كل داعميه وحلفائه وبات يطالبهم بانقاذه من ازمة ستلاحقه خلال السنوات القادمة، ذلك انه هزم سياسيا وقانونيا واعلاميا، وكشف عن هشاشة بنيوية تجعله كيانا فاقدا لمقومات البقاء دون الدعم الغربي

 

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115