Print this page

في ذكرى الـ11لاغتيال شكري بلعيد: تونس تدين بالحقيقة للشهيدين

انطلقت يوم أمس 6 فيفري 2024 جلسات الاستنطاق

في قضية اغتيال الزعيم السياسي اليساري شكري بلعيد وذلك بالتزامن مع الذكرى 11 لاغتياله والتي تفرعت الى 6 قضايا منفصلة شكلت طيلة سنوات احد عناوين الفشل للانتقال الديمقراطي ومبعث حيرة وخوف للتونسيين الذين راقب قسم هام منهم مجريات القضية على امل ان يقع تحديد المسؤوليات والكشف عن حقيقة الاغتيالات السياسية في 2013.

اغتيالات كانت فارقة في المشهد التونسي وقد اثقلت كاهل الطبقة الحاكمة التي طاردتها خطيئة الدم الذي تتحمل مسؤولية اراقته سياسيا على الأقل في انتظار ان يحسم القضاء في الملف ويحدد المسؤوليات، لا فقط في حق 23 متهما بالقتل العمد او التستر او الاهمال والتقصير الذي أدى الى القتل، بل تحميل المسؤولية السياسية لكل من ساهم في فشل الانتقال الديمقراطي الذي تعثر وانتكس.

مسؤولية لا تتعلق فقط بالقضية الأصلية، وهي قضية الاغتيال التي وجهت فيها تهم القتل العمد الى منتسبين الى تنظيم أنصار الشريعية المصنف كتنظيم إرهابي، بل كذلك بالمسؤولية عن جملة من الملفات التي مهدت لاثارة قضايا فرعية يشتبه في ان لها ارتباط غير مباشر بالقضية الأصلية على الأقل، كقضية الجهاز السري والجهاز المالي لحركة النهضة التي يبدو ان اسمها لم يرد في ختم أبحاث القضية الأصلية. وذلك ما قد يتأكد خلال جلسات الاستنطاق القادمة والتي ترجح هيئة المحكمة امتدادها على مدى اربع او خمس جلسات ستعقبها مباشرة المرافعات في انتظار النطق بالحكم في الطور الابتدائي.

في انتظار اتضاح الصورة واستكمال إجراءات المحاكمة التي قد تمتد لاسابيع واشهر قادمة، يبدو ان البلاد قد قطعت خطوة في اتجاه حلّ احد ملفاتها الشائكة والمعقدة: قضية بلعيد التي ألقت بالبلاد منذ تاريخ وقوعها في السادس من فيفري 2013 في دائرة الشك والتناحر السياسي الحاد الذي لم ينته رغم «التوافق» الذي عمق التناحر وقسم البلاد إلى مجموعتين بارزتين لا تزال ملامحهما بارزة إلى حد اليوم.

ذلك ما يجعل من انطلاق جلسات الاستنطاق في قضية بلعيد وقرب انطلاقها في قضية البراهمي حدثين مهمين في البالد، اذ يضعانها على مسار كشف الحقيقة اذا توفرت شروط المحاكمة العادلة والنزيهة لكشف الحقيقة وتحديد المسؤوليات القضائية ومحاسبة الجناة والمتواطئين معهم، مع ضرورة الانتباه الى وجود خيط فاصل بين المسؤولية السياسية والمسؤولية الجزائية، حتى وان كان ذلك لا يبرز بشكل كاف في بعض الأحيان.

انطلاق مسار المحاكمة وبداية جلساتها يساعدان على الفصل بين المسؤوليتين وينأى بملف القضية عن التجاذبات ومحاولة التعميم أو التنصل من المسؤولية بعد ان فرض الزمن السياسي نفسه على الملف طيلة سنوات واربك الزمن القضائي.

 

المشاركة في هذا المقال