12,44 نسبة المشاركة في الدور الثاني من الانتخابات المحلية: هل ستسرّع السلطة استكمال البناء الدستوري؟

أغلقت مراكز الاقتراع أبوابها معلنة عن نهاية مسار الانتخابات المحلية،

بعد انتهاء الدور الثاني بمشاركة 12,44 من الناخبين ، في انتظار ما ستسفر عنه النتائج وما يتبعها من قرعة وانتخاب أعضاء مجلس الأقاليم والجهات، ثاني الغرف التشريعية وفق النظام السياسي الذي أفرزه مسار 25 جويلية القائم تصور سياسي ودستوري ينهى القديم كليا ويحل عوضا عنه بناء جديد سيستكمل نظريا بخطوتين قادمتين، محكمة دستورية وانتخابات رئاسية، تغلق قوس ما سبق.

خطوتان مفترضتان نظريا كمرحلة قادمة في مسار استكمال البناء السياسي ومنظومة الحكم التي ينص عليها دستور 2022، القائم على مقولات سياسية مركزية وهو إعادة تشكيل نظام الحكم في تونس وضبط المؤسسات التمثيلية بقواعد تعكس شعارات مسار 25 جويلية الذي وقع تحصينه سياسيا بخطاب قلل من تأثير ضعف نسبة المشاركة في الانتخابات او من اي محاولة الإرباك السياسي او الاجتماعي.

ولكن اليوم وإن كان الخطاب السياسي يحمل رسائل عنوانها الأبرز عدم التأثر بضعف المشاركة في المحطات الانتخابية ، والذي تأكد مرة أخرى اليوم، بالنسب قدرت 12 ٪ وفقد ما قدمته الهيئة العليا المستقلة للانتخابات يوم امس، الا ان ضعف المشاركة يفترض نظريا واقعا جديدا على السلطة السياسية يدفعها الى محاولة حماية مسارها وتحصينه من الارتدادات السلبية لضعف الحاضنة الشعبية مؤسساتها التشريعية او من الانتقادات الحادة عن مشروعية مسارها وشرعيته.

فما قدمته الانتخابات التشريعية والمحلية من صورة عامة يعكس حالة من العزوف والقطيعة بين الناخب التونسي وما وما يقدمه مسار 25 جويلية من بناء دستوري لمؤسسات الحكم والمؤسسات التمثيلية للتونسيين، ولئن كانت أسباب هذه القطعية متعددة تتناقض فيما بينها، إلا أنها مجتمعة تنعكس سلبا على المسار وعلى ما افرزه من مؤسسات منتخبة.

تاثير سلبي لا يمكن تجاهله بالتقليل من أثاره في الخطاب الرسمي أو اعتبار ان ما افرزته الانتخابات يعكس واقعا تراه السلطة فقط، كأن تعتنبر أن مرد ضعف المشاركة غياب المال الفاسد أو تأثير نزاهة العملية الانتخابية على نسب المشاركة، او القول بان نسبة ضعيفة من الصادقين افضل من نسبة مشاركة كبيرة تتحقق بالتجاوزات والمال الفاسد وغيرها من التصورات التي تعكس ان السلطة تدرك حجم المعضلة السياسية والدستورية التي تواجهها.

معضلة تتفاقم في ظل غياب التأييد الشعبي وأمام الصورة الباهتة للمحطات الانتخابية الفارطة، لن تكون السلطة قادرة عن حلها لاستعادة «زخم مسارها» ومشروعيته السياسية الا برجة تمحو بها التعثر القديم حتى تبرز مدى شعبية مسارها انتخابيا، وهذا لا يمكن تحقيقه الا بانتخابات رئاسية فقط.

انتخابات قد تكون السلطة مدركة لأهميتها لحماية مسارها وتأمينه بعد ما حصل من هزات، بل ويبدو أنها قد اتخذت قرارها بشأن موعد انعقادها او هذا ما توحي به الكلمات الصادرة عن الناطق باسم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات محمد التليلي المنصري الذي قال ان الانتخابات الرئاسية ستجري في الخريف القادم وان الهيئة ستشرع في ضبط الرزنامة قريبا.

كلمات يجب قراءتها على انها لم تصدر عبثا او دون وجود تأكيدات او طمأنة من السلطة السياسية بان الاستحقاق الانتخابي الرئاسي سيتم في الخريف القادم وهو ما يقودنا الى الخطوة الثانية المفترضة لاستكمال مسار البناء الدستوري، اي المحكمة الدستورية.

سياسيا قد تجد السلطة نفسها أمام حرج كبير اذا دعت الى انتخابات رئاسية دون ان تستكمل ارساء المحكمة الدستورية التي حدد دستور 2022 تركيبتها ومن له صلاحية تعيين أعضائها وجعلها حكرا على رئيس الجمهورية، اي اننا قد نشهد خلال الايام القادمة، وقد يكون ذلك بعد انعقاد اولى جلسات مجلس الأقاليم والجهات، الاعلان عن مواعيد استكمال هذين الاستحقاقين المتبقيين لاستكمال بناء منظومة حكم 25 جويلية.

 

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115