قرار محكمة العدل الدولية: هدم سردية الاحتلال

إنتظر الجميع أن تصدر محكمة العدل الدولية يوم الجمعة الفارط

قرارا يشفي ما في نفسه من رغبات ومطالب، لكنهم وجدوا أنفسهم امام واقع مختلف تفاعل معه كل طرف وفق قراءته وحساباته. وقد تباينت ردود الأفعال العربية والدولية والشعبية وتناقضت بشأن الإجراءات المؤقتة التي فرضتها محكمة العدل الدولية على الاحتلال الصهيوني لوقف عمليات الإبادة الجماعية في قطاع غزة الى حين البت في القضية التي تقدمت بها جنوب افريقيا.

وقد قام قرار المحكمة على خمسة تدابير اذ طالبت من الاحتلال اتخاذها واحترامها في حربه على قطاع غزة دون أن تطالبه بوقف الحرب، موقف قوبل بالترحاب من جنوب أفريقيا -صاحبة الدعوى- وحركة حماس اللتين نظرتا الى الاجراءات على انها خطوة إلى الأمام في مسار ادانة الاحتلال سياسيا وشعبيا.

ورغم أن الطرفين، جنوب افريقيا والمقاومة، كانا يأملان في إصدار المحكمة لـ«قرار بوقف إطلاق النار في غزة»، لم يرد في القرار الا أنهما اعتبارا ان الإجراءات المؤقتة التي فرضتها المحكمة على الاحتلال «انتصار حاسم لسيادة القانون ومنعطف مهم في البحث عن العدالة للشعب الفلسطيني». لذلك اعتبرا أنّ قرار المحكمة إعلان ضمني عن أنها ستنظر في أصل القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا وتضمنت اتهامات للاحتلال بالقيام بابادة جماعية للفلسطينيين، وهذا كاف لادانة الاحتلال وهدم حجج حربه على قطاع غزة التي قامت بالأساس على مبدأ الدفاع عن النفس.

وقد عكست مواقف جنوب أفريقيا والمقاومة وجل الدول العربية ودول الجنوب من قرار محكمة العدل الدولية ما يتجاوز مسألة طلب إيقاف الحرب، رغم أن المحكمة في قرارها الخاص بروسيا طلبت الوقف الفوري للحرب، وانتبه الجميع الى نقطة ان المحكمة اعلنت عن وجود شبهة القيام بابادة جماعية وحرصت في قراراتها على منعها والزام الاحتلال باحترام القانون الدولي في حربه وهو ما يعنى سياسيا ان حجج الاحتلال القائمة بالاساس على «الدفاع عن النفس» ومحاربة الارهاب قد انهارت وتم تفكيكها بقرار المحكمة حتى وان كان ذلك لا يرتقي الى تطلعات الشارع العربي بالأسااس والذي كان ينتظر قرارا بالايقاف الفوري للحرب.

لكن هذه الإجراءات الخمس التي تتضمن التزاما للاحتلال بتقديم تقرير خلال شهر يبين فيه ما تم تنفيذه من تدابير حماية الفلسطينيين بملاحقة المحرضين ومرتكبي جريمة الابادة الجماعية، تطالب حركة حماس من المجتمع الدولي بـ«إلزام» الاحتلال بتنفيذها وذلك ما طالب به الاتحاد الاوروبي كذلك وعدد من أعضائه أبرزهم اسبانيا وايرلندا، كما طالبت بذلك دول عربية في بياناتها أو تصريحات قادتها على غرار تصريحات وزير الخارجية المصري ووزير الخارجية السعودي يوم أمس.

ووقع الاكتفاء في المواقف العربية الرسمية بمطالبة المجتمع الدولي بالضغط على الاحتلال لتطبيق الإجراءات التي من بينها مطالبة الاحتلال باتخاذ إجراءات لمنع أعمال الإبادة الجماعية، وملاحقة من يحرض او يرتكب جرائم الابادة وذلك ما التقت فيه هذه المواقف مع اصوات صلب الاحتلال التي تعتبر ان بعض القادة السياسيين بمن فيهم رئيس دولة الاحتلال تسببوا في ضرر سياسي وإعلامي بتصريحاتهم المتطرفة والعنصرية ضد الفلسطينيين.

هذه الأصوات تعتبر أن قرار محكمة العدل الدولية يجب أن ينفذ وانه على حكومة الاحتلال احترام القانون الدولي والالتزام به كما تعتبر ان القرار «بطاقة صفراء» في وجه الاحتلال وتحذير له من مغبة المضى في نهجه الحالي بما يتناقض كليا مع موقف رئيس وزراء الاحتلال وموقف الخارجية الأمريكية اللذين يتمسكان بسردية الدفاع عن النفس بعنصر وحيد من قرار المحكمة وهو المطالبة بالإفراج الفوري عن الأسرى.

 

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115