حرب غزة في يومها الـ76: فشل الاحتلال وداعميه في الضغط على المقاومة ونفاد الوقت

يتزامن ارتفاع حدة عنف الاحتلال الصهيوني ووحشيته في قطاع غزة

مع تسارع وتيرة تطور المشهد السياسي الدولي وذلك في علاقة بالحرب وبنهايتها والتي باتت تقترب مع كل فشل يُمنى به الاحتلال سياسيا وعسكريا.

فشل سياسي وعسكري تجلي في ما سرب عن مضمون صفقة تبادل بين 40 و50 أسيرا لدى المقاومة مقابل هدنة تمتد من أسبوعين إلى شهر والإفراج عن ابرز الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال بالإضافة إلى تغيير تكتيكات الحرب بالانسحاب من عدة مناطق في القطاع مع إعلان حكومة الاحتلال ومؤسساتها عن عدم «اعتراضها» على تسويق ذلك كإنجاز للمقاومة.

ورغم أن العرض يحمل في طياته وفي طريقة تقديمه ما يكشف عن فشل الاحتلال عسكريا وسياسيا الا ان المقاومة رفضته وأعلنت عن أنه لا يمكن الحديث بشأن الأسرى ولا عن صفقات تبادل إلا بعد وقف شامل للعدوان ، ورغم ما تحمله صفقة الاحتلال من اقرار بنصر المقاومة الا انها رفضت هذا العرض وتمسكت بشروطها التي أعلنت عنها منذ بداية الحرب.

ما يقترحه الاحتلال على المقاومة ليس الا إقرارا مقنعا بفشله في تحقيق اي من أهدافه العسكرية المعلنة: تحرير الأسرى وتدمير حماس، وها هو اليوم وبعد خطاب دعائي أعلن فيه عن السيطرة على مناطق عديدة في القطاع وتدميره لجلّ الانفاق وقرب القضاء على قادة حماس الذين يهددهم بالقتل او السجن، يتقدم بمقترح صفقة لتبادل الأسرى ليكشف عن انه ورغم خطابه الداخلي المتباهي بالانجازات العسكرية الا ان الواقع يكشف عن عجزه العسكري في تحقيق اي تقدم وبحثه عبر التفاوض وابرام صفقة عن تامين مخرج سياسي لجيش الاحتلال وحكومته يعفيانهما من الهزيمة الإستراتيجية المدوية.

مايخشاه الاحتلال ليس تعثر عمليته العسكرية فحسب او محدودية ما حققه فيها من تقدم او انجازات بل هو العزلة الدولية التي باتت تهدده، بعد ان تتالت المواقف المعلنة عن رفضها للاستمرار في الحرب على قطاع غزة والتي اسفرت عن استشهاد 20 الف شخص جلهم من الاطفال والنساء وذلك جراء القصف العنيف الذي استهدف المدنيين اينما وجدوا.

رفض دولي لاستمرار جرائم الاحتلال في قطاع غزة تحول من الإدانة الخطابية والمواقف السياسية المنتقدة الى اتخاذ إجراءات تخشى الإدارة الأمريكية ان تتحول الى كرة ثلج كلما تدحرجت تضاعف حجمها، اليوم وبعد موجة اولى من طرد سفراء الاحتلال تسجل موجة جديدة من رفض التعامل الاقتصادي معه، وكانت ماليزيا أول المبادرين باعلانها عن رفض استقبال أية سفينة تابعة للاحتلال في موانئها.

ولئن كانت التداعيات المباشرة للقرار الماليزي محدودة اليوم الا انها قد تدفع الى موجة من العقوبات المماثلة التي ستقدم عليها دول اخرى مما قد يسلط ضغطا على الاحتلال وداعميه، خاصة الولايات المتحدة الامريكية التي باتت هي الاخرى تواجه تصاعد موجة الانتقاد والتي دفعت نوابا من الحزب الديمقراطي في الكونغرس الى طلب فرض رقابة على المساعدات العسكرية الموجهة للاحتلال مما يرفع منسوب الضغط على إدارة بايدن ويجبرها على ان تنتهج سياسة هدفها إنهاء الحرب في اسرع وقت.

واولى هذه السياسات التي باتت تنتهجها الإدارة الأمريكية اعلانها أنها ستدفع في اتجاه هدنة وصفقة جديدة بين المقاومة والاحتلال مع التأكيد على أنها تدرك أن تحقيق حل الدولتين يتطلب من كل الأطراف اتخاذ خيارات صعبة بما في ذلك الولايات المتحدة، وذلك ما قد يكون تلميحا الى تغيير في سياستها تجاه حركة حماس والبحث عن خيارات مختلفة عن اقصائها من مرحلة ما بعد الحرب.

تغييرات بالجملة في المشهد الدولي من ضمنها ما اعلنته الخارجية الأميركية بانها ملتزمة مع فرنسا وألمانيا وبريطانيا بإقامة دولة فلسطينية، وذلك بعد تصاعد حدة خطاب الحكومة الاسبانية الذي تضمن تلويحا بالاعتراف بدولة فلسطينية خلال هذه العهدة البرلمانية وانه ينبغي على الدول الاوروبية الاخرى انتهاج هذا الخيار اذا رفض الاتحاد الاوروبي ذلك.

تغير المعادلة والتوازنات السياسية الدولية وعودة الدعم الدولي للقضية الفلسطينية هما الخطر الذي تسعى ادارة بايدن والاحتلال الى تقليص تداعياتهما على المشهد الدولي وهذا لن يتم لها دون انهاء للحرب كخطوة اولى تسبق الذهاب الى حل دائم لاحقا، وتبقى الكلمة الفصل في الامرين إلى المقاومة التي تحسن الى الان ادارة معاركها العسكرية والسياسية وتحكم التحرك في حقل التناقضات الاقليمية والدولية.

 

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115