إنتهاء هدنة الأيام الأربعة: مـــــاذا بعـــد ؟

منذ مساء الجمعة الفارط تضمن حديث الوسطاء،

في صفقة تبادل الاسرى بين المقاومة والاحتلال، الاشارة الى امكانية تمديد فترة الهدنة في قطاع غزة لايام اضافية، وان هذا المقترح لم يرفض بشكل قاطع وكلي من اي طرف، وهو ما يفتح الابواب امام عدة اسئلة واحتمالات لا تتعلق فقط بامتداد الهدنة من عدمها بل تذهب الى ابعد من ذلك.

فالرئيس الامريكي جو بايدن، اشار يوم امس السبت الى أن هناك احتمالا لتمديد الهدنة الإنسانية المؤقتة، وذلك وفق بيان نشره البيت الابيض وتضمن مضمون كلمة بايدين في مؤتمر صحفي بولاية ماساتشوستس الأميركية، قال فيه ان الدفعة الاولى من الاسرى الذين وقع تبادلهم برعاية الصليب الاحمر «ليس سوى بداية» مشيرا الى ان هناك «فرصة حقيقية» لتمديد الهدنة والافراج عن الرهائن.

هذا التلويح الصادر عن ابرز داعمي الاحتلال الصهيوني الذي ارتكب جرائم الحرب في حق الفلسطينين، لا يقرأ على انه مجرد تصريح عن احتمال قائم منذ دخول الصفقة حيز النفاذ والتي تتضمن في بنودها اشارة صريحة الى ان هدنة الايام الاربعة وما تتضمنه من عناصر هي مرحلة اولى قابلة للتمديد قبل انطلاق المرحلة الثانية من الصفقة التي اشرف عليها وسطاء قطريون ومصريون وامريكيون.

اي ان الرئيس لا يتحدث هنا عن امكانية ورادة أو عن تمديد متوقع بل يشير الى ان الحرب قد اقتربت من النهاية، ولو بطريقته التي تكشف عن دعمه للاحتلال الصهيوني، فالقائم على الادارة الامريكية ربط بين الحديث عن الهدنة وبين دعوته الى العمل على « تجديد حلّ الدولتين لإرساء السلام » معتبرا ان الوقت حان لبذل جهود إضافية سعيا إلى «استكمال حلّ الدولتين»، معتبرا أنه «أهم الآن من أي وقت مضى».

هنا يسترسل الرئيس الامريكي الذي ولئن حافظ على ذات عناصر الخطاب التي اولها انه يدعم اهداف الاحتلال العسكرية وعلى راسها «تفكيك حماس والقضاء عليها نهائيا » الا انه اعلن لاول مرة وبشكل صريح ان تحقيق هذا الهدف صعب جدا، وذلك ما يفسر بشكل جلي انه تشكيك في الهدف العسكري للاحتلال وانه دعوة ضمنية الى إنهاء العمليات العسكرية لعدم نجاعتها.

هنا لا تتعلق النجاعة بالقضاء على حماس وقدرتها العسكرية بل ابطلا ق سراح الاسرى المحتجزين لدى المقاومة الفلسطينية، وهما الهدفيان المعلنان للحرب، فاذا تعذر تحقيقهما فما فائدة الحرب اذا كانت تكلفتها باهضة على الاحتلال اقتصاديا وسياسيا واعلاميا، خاصة وان هناك مسارا سياسيا يمكنه ان يطلق سراح الاسرى عبر صفقة التبادل.

وهنا لا يتبنى الرئيس الامريكي فقط هذه المخاوف بل كذلك جزء من مناصري الاحتلال الذين سيجدون صعوبات جمة لتبرير سياساتهم الداعمة للاحتلال وحرب ابادته ضذ الفلسطنين لدى مواطني دولهم الذين اثمر ضعظهم خلال الايام الفارطة على دفع حكوماتهم الى تغيير طفيف في مواقفها من الحق الفلسطيني مع التمسك بدعم الاحتلال بحجة انه يحارب من اجل اطلاق سراح اسراه. وهو ما يعني ان هذه الانظمة ستجد صعوبة كبرى في دعم الاحتلال اذ قرر العودة الى الحرب.

هذا الضغط الغربي غير المعلن نجد في بعض التعبيرات ما يلمح الى وجوده سواء في سواء في الكلمات العامة او في التسربيات لوسائل الاعلام الغربية الكبرى التي تنقل مخاوف اداراتها من استمرار الحرب وانعكاسات ذلك على المشهد الدولي عموما ومنها الاثار الاقتصادية لهذه الحرب، التي كان اول من تكبد أضرارها الاحتلال الذي اضطر الى تسريح الالاف من جنود الاحتياط لاسباب اقتصادية بعد ان تكبد خسائر تقدر باكثر من ملياري دولار يوميا مع تباطئ في المؤشرات المالية والاقتصادية .

و لا تتوقف خسائر حكومة الاحتلال عند هذا الحد اذ ينضاف اليها الضغط الداخلي الذي تواجهه وذلك في ظل تظاهر الآلاف يوم السبت الفارط للضغط على حكومة الاحتلال، للمطالبة بالإفراج عن كافة الأسرى المحتجزين في قطاع غزة عبر ابرام صفقة سياسية مع المقاومة، وهو ما تحاول ادارة الاحتلال استبعاده بقولها في بيان صادر عنها أن وقف القتال سيُمدد بواقع يوم مقابل إفراج المقاومة عن عشرة من الاسرى لديها.

ضغط داخلي سيتصاعد مع اتمام اخر صفقة تبادل بين المقاومة والاحتلال، وهو ما قد يدفع حكومة الاحتلال الى خيارين، اما الذهاب الى صفقة اشمل بموجبها يقع اطلاق سراح كل الفلسطنينين من سجون الاحتلال مقابل الافراج عن من تبقى لدى المقاومة من اسرى عسكريين للاحتلال، او الذهاب الى الحرب وما تحمله من مخاطر سواء على جيش الاحتلال أو على حكومته.

فقد حققت المقاومة ميدانيا الافضلية في مواجهتها للاحتلال في عمليته البرية اما بحجم الخسائر التي كبدتها اياه او باستمرارية تماسكها التنظيمي والعسكري وحفاظها على روحها القتالية وبنيتها التحتية واستعداداتها.

نحن هنا ازاء مشهد فاصل: اما ان تتمدد الهدنة وبذلك سنتجه بخطوات كبرى الى وقف للحرب او ان تختار حكومة الاحتلال المراهنة على الدعم الغربي والصمت العربي وتعلن عن استئناف حربها على قطاع غزة وعودة الة الابادة العرقية الى العمل.

 

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115