العدوان على غزة يعري الاحتلال والدول الغربية: سقطت كل الأكاذيب فمتى تقف الحرب؟

التاريخ يعيد نفسه فما عاشه الفلسطينيون في ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي

نشاهده اليوم في غزة مرة أخرى، عصابات إجرامية صهيونية تبيد شعبا بأكمله وترتكب في حقه كل المجازر تحت أنظار "العالم المتحضر" الذي روّجت آلة دعايته بان الضحايا هم الوحوش وان المحتل هو البطل الطيب للقصة.

قصة انطلقت قبل 100 سنة، تغيرت بعض تفاصيلها لكن حبكتها ظلت على حالها ، احتلال صهيوني يرتكب الإبادة الجماعية ويقدم على التطهير العرقي مستعينا بدعم غربي لا مثيل له عسكريا وسياسيا وإعلاميا قدم الفلسطيني على انه "الشيطان" والشرير الذي يجب ان يواجهه البطل الخير وينتصر عليه بل ويقضي عليه حتى يعم السلام. قصة تغيرت أزمنتها وأحداثها ولكنها تتكرر اليوم بذات الحبكة، حتى بعد 40 يوما من القصف والدمار الذي خلفته آلة الاحتلال الصهيوني و أسفرت عن ارتقاء حوالي 12 ألف شهيدا جلهم من الأطفال والنساء، لازال الغرب وحكوماته يقدمون الاحتلال على انه "الخير المطلق".
ورغم صورة المقبرة الجماعية في باحة مستشفى الشفاء، التي تذكر بالمقابر الجماعية لضحايا مجازر عصابات "الهاغانا" الصهيونية، لازال نظام "الرجل الأبيض" يقف في صف الاحتلال ويروج لأكاذيبه ودعايته التي تجعل من الفلسطينيين جناة ومذنبين. مئات الأحداث والتفاصيل تكشف هذا الصلف والكذب والمعايير الانتقائية لحضارة "الرجل الأبيض" الذي أباد مجتمعات بأكملها وأوشك على أن يدفعها إلى الاندثار الكلي، ومع ذلك يبرر فعله بأكاذيب تجعل من الضحية هي الجاني، و اليوم مستشفيات غزة هي العنوان الجديد لاستكمال هذا الإجرام المركب، قتل مادي ومعنوي للفلسطينيين.
في الأسابيع الأولى من للحرب على قطاع غزة قصف مستشفى المعمداني ليرتقي أكثر من 500 شهيد، ورغم اعتراف الاحتلال بارتكابه لهذه المجزرة قبل التراجع عنه الا ان الدعاية الصهيونية وحلفائها الغربيين اتهموا حركة الجهاد الإسلامي بقصف المستشفى على وجه الخطإ للتنصل من التبعات السياسية والأخلاقية لهذه الجريمة، لإثبات ذلك تم تلفيق تسجيل صوتي قدم على انه الدليل القاطع الذي يبرئ الاحتلال.
تبرئة سمحت له بان يستهدف المستشفيات والمنشآت المدنية الأممية، بغطاء أمريكي أوروبي عنوانه الأبرز أن المقاومة وحركة حماس يستخدمان المدنين كدروع بشرية، ورغم كل الأحداث والأدلة التي فندت هذه الادعاءات ورغم صحوة الرأي العالم الغربي واكتشافه لزيف الدعاية الصهيونية التي استهدفته لأكثر من 5 عقود لترسخ في ذهنه أن الاحتلال يمثل قوة الخير المحاطة بالهمج والأشرار، إلا أن الدعم المطلق للأنظمة والحكومات الغربية ظل يستمر في تبرير الجرائم بل في الدفاع عنها وتسويق الأكاذيب والمغالطات. من ذلك ما أقدمت عليه الإدارة جو بإيدن الذي اتهم المقاومة باستخدام المستشفيات كبني تحتية عسكرية، ليكرر الدعاية الصهيونية التي اتضح زيفها في تسجيل مصور بثه المتحدث باسم جيش الاحتلال من مستشفى الرنتيسي قدم فيه ما اعتبره أدلة على ان المقاومة استخدمت المستشفى كقاعدة عسكرية. أدلته في ذلك حفاظات لأطفال وبيت استحمام ومطبخ وملصقة على الحائط كتبت بلغة عربية قال عنها المتحدث أنها تكشف عن جدول توزيع نوبات الحراسة على الأسرى وإنها تحمل أسماء الحراس، ليتضح لاحقا بالتدقيق في الصورة أنها رزنامة كتبت بخط اليد توثق التاريخ منذ 7 اكتوبر 2023 بالأيام. الخميس ولا الجمعة ليس أسماء لمقاومين بلأسماء أيام مرت بلياليها أضاءت عتمتها في غزة قذائف الاحتلال وصواريخه التي اسقط منها حوالي 13 ألف طنا على القطاع خلال الشهر الاول فقط. حتى يكتمل تزييف الاحتلال وتضليله الذي لم يجد في مستشفى الرنتيسي أية شبكة للإنفاق او مدخل لها، فقد جعل من بئر نفقا، وجمع عددا قليلا من أسلحة الكلاشنكوف ورصفها جنبا إلى جنب ليسوق لصورة يدرك من له ذرة عقل وإنسانية أنها زائفة وكاذبة. ولكن رغم سقوط رواية ان مستشفى الرنتيسي يمثل قاعدة عسكرية للمقاومة استمر دعم الحكومات الغربية وأساسا ادارة جو بايدن للاحتلال واستمر تبنى أكاذيبه لتسمح باستهداف مستشفى الشفاء بغزة، على أمل أن يجد الاحتلال هناك ما يعزز روايته، بالعثور على أنفاق او مقرات للمقاومة. ولكن ورغم اقتحام المجمع و رغم ما ارتكب من تجاوزات وجرائم صلبه من احتجاز للنازحين وتفجّير أغلب بوابات المستشفى الذي كان مسرحا لاستعراض الغطرسة الصهيونية ودليلا جديدا على زيف الادعاءات، اذ اقرت إذاعة جيش الاحتلال بان القوات العسكرية المقتحمة لم تصب بأي أذى كما أنها لم تجد أي اسير رغم أنها وجدت اسلحة. والإعلان عن "العثور على أسلحة" ليس لا محاولة جديدة على تجنب الإقرار بكذب الادعاءات الصهيونية الأمريكية، والتي ورغم أنها انكشفت للمرة الألف يستمر التشبث بها ويستمر الكذب لتبرير الجرائم، ويعلن الاحتلال انه مستمر في عملياته العسكرية في المستشفى بدعم أمريكي مطلق وبصمت دولي اقتصر على إبداء الانزعاج والقلق من استهداف المستشفيات، هذا دون الحديث عن صمت عربي بلغ حد التواطؤ . العالم اليوم يقف برمته أمام امتحان أخلاقي وقيمي وحضاري وإنساني، وما سيقرره من خيارات عدا إيقاف فوري للحرب وإجبار الاحتلال على ذلك، ستكون تداعياته على المدى القريب والمتوسط كارثية على الجميع.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115