بعد أن كسرت وحشية الحرب على غزة دعاية الاحتلال: الغرب ومهلة الأسابيع لإنهاء الحرب

يوم الاثنين الفارط اقر وزير خارجة الاحتلال الصهيوني

بإن الضغط الدولي يزداد على الاحتلال لإنهاء الحرب على قطاع غزة، واعلن بشكل صريح انه امام الاحتلال من أسبوعين إلى 3 أسابيع لحسم حربه قبل ان ينتقل الضغط الى مرحلة جديدة تجبر الاحتلال على انهائه. هذه الكلمات الصادرة عن وزير خارجية الاحتلال هي اول اقرار مباشر من قبل احد مسؤولي الاحتلال بان الدعم الغربي لحرب الاحتلال تآكل وان التوازنات في طور التغيير مما يعجل بتشكل ضغط دولي وغربي يمكن ان يتخذ خلال الاسابيع الثلاثة القادمة كحد اقصى شكلا جديدا يفضى الى اجبار الاحتلال على وقف حربه

تطور المشهد السياسي للحرب كان متدرجا خلال الاسابيع الثلاثة الفارطة، وحصلت نقطة قياس لما قبل وما بعد، قصف المستشفى المعمداني، الذي لم يقتصر فقط على تعرية زيف سردية الاحتلال بل والكشف عن الانحياز الفاضح للدول الغربية الداعمة له والمبررة لكل جرائمه بما في ذلك تبريرها لجريمة قصف ثالمعمداني" باعتباره عملا من « فعل الطرف الاخر » في اشارة الى كتائب سرايا القدس التابعة للجهاد الاسلامي التي وجهت اليها اصابع الاتهام بقصف المستشفى على وجه الخطأ
منذ تلك النقطة تصاعدت حدة الانتقادات للاحتلال وللحكومات الغربية الداعمة له من قبل الاف المحتجين في العواصم الغربية، على امتداد الاسابيع الفارطة، والضغط الذي سلطوه على مؤسساتهم السياسية التي اكرهت على اعادة صياغة خطابها السياسي ليحمل ولو شكليا تعاطفا مع الفلسطنين واعتبار ان ما يتعرضون له مأساة انسانية. « المأساة » هي اللفط الذي تحبذ النخب السياسية والاعلامية في دول المركز الاوروبي والولايات المتحدة الامريكية على استعماله لتجنب القول بان ما يتعرض له الفلسطنيون « ابادة جماعية » ولم تحل ذلك دون ان يتنامى ضغط الشارع باضطراد و انتقلت عدوى الغضب الى المؤسسات السياسية لهذه الدول، خاصة فرنسا امريكا وبريطانيا، التي باتت تواجه اليوم ضغطا متناميا من مواطنيها لا فقط لدفعها الى التراجع عن انحيازها للاحتلال كذلك للضغط عليها لانهاء الحرب والاقرار بالحق الفلسطيني.
مشهد الشواع الغاضبة ومشاركة اللاف من السكان المحليين في الاحتجاجات في امريكا او كندا، من خلال التظاهر وجه الراي العام الى حقيقة ان ما يتعرض له الفلسطنيون ابادة جماعية وان اي عبارات تستخدم لتجميل الواقع او تزيفه لن تغير الحقيقة ابدا، مما كسر الصورة التي سعت وسائل الاعلام الجماهيرية الغربية على فرضها في اطار فرض سردية تقدم الاحتلال كضحية وتجعل من كل انتقاد موجه اليه معاداة للسامية.
انهيار هذه الصورة وتراجع دعم الناخبين الأمريكيين للاحتلال كما تراجع دعم مختلف المجتمعات الغربية له، مما ساهم في تنامي الضغط على المؤسسات السياسية التي بلغت اليوم مرحلة الاقرار بالخلافات الداخلية صلبها، كما حصل في االخارجية الامريكية والفرنسية، حيث كشف خلال الساعات الفارطة عن وجود اصوات معارضة لخيارات الحكومتين.
نقلا عن صحيفة "لوفيغارو " وجه عدد من السفراء الفرنسيين في الشرق الأوسط وفي بعض دول المغرب الكبير، مذكرة جماعية باسمائهم الى الرئاسة الفرنسية اعربوا فيها عن « أسفهم لموقف باريس في الصراع الاسرائيلي الفلسطيني »، واعتبروا ان النهج الذي اتخذه الرئيس إيمانويل ماكرون في الحرب الحالية على قطاع غزة حياد عن الموقف التاريخي للدبلوماسيية الفرنسية المتوازن، اي انه خروج عن ثوابت السياسية الفرنسية العربية التي وضعت مع الرئيس ديغول.
هذه المذكرة التي أرسلت إلى وزارة الخارجية والى الرئاسة، ليست حدثا عابرا او بسيطا ، فهذا القرار بمعارضة الخيارات الدبلوماسية للرئاسة مع ظهوره الى العلن من قبل دبلوماسيين مباشرين حدث يحصل لاول مرة منذ الحرب العالمية الثانية، وقد حذروا من ان يؤدي هذا الانحياز الى فقدان فرنسا لمصداقيتها ونفوذها في العالم العربي والاسلامي.
طات الامر تعيش على وقعه الادارة الامريكية، التي اقر وزير خارجيتها انتوني بلينكن بوجود « معارضة » لنهج بايدن الداعم للاحتلال الاسرائيلي، حتى وان لم يقر الوزير بان حدة الانتقادات تصاعدة خلال الاسبوعين الفارطين ذلك ان وسائل الاعلام الامريكية رصدت ذلك بنشر اخبار عن مصادر رسمية لم تكشفها تعلقت بالاساس بتوجيه موظفين في الخارجية لرسائل احتجاج والكشف عن معارضتهم للنهج السياسي عبر الية « قناة المعارضة »، وان عدد هؤلاء الموظفين تزايد خلال الاسابيع الفارطة بشكل فردي او عبر مذكرات مشتركة. حتى ان موقع أكسيوس اورد/axios في مقال بعنوان « Internal State Dept. memo blasts Biden, U.S. policy on Israel-Hamas war » عن مذكرة داخلية وجهت الى وزارة الخارجية الأميركية في الثالث من الشهر الجاري وتتكون من خمس صفحات نقلت اصوات معارضة لسياسة الرئيس بايدن واتهمته بـ"نشر معلومات مضللة" عن الحرب على غزة، وتعتبر أن إسرائيل ترتكب "جرائم حرب" في القطاع، وطالبت باعادة النظر في السياسية الامريكية الداعمة للحرب وتبنّي موقف وقف اطلاق النار في غزة.
هذه المذكرة وقع عليها 100 من موظفي الخارجية الامريكية والوكالة الامريكية للتنمية حملت ادانة صريحة للاحتلال وجرائمه في غزة كما ادانت احداث السابع من اكتوبر،وهي تكشف عن التصدع في الادارة الامريكية وسياستها المنحازة للاحتلال، وتمثل ضغطا على الادارة التي تواجه اليوم انتقادات داخلية واتهاما بالتواطئ في جرائم الحرب وذلك قبل اشهر قليلة من الانتخابات الرئاسية.
هذه العناصر مجتمعة اضافة الى غيرها، اعادة تشكيل المشهد السياسي الدولي في علاقة بدعم الاحتلال وحربه على غزة وكسرت الصورة النمطية التي رسخت خلال السنوات الخمسين الفارطة في المخيال الجماعي لمواطني الدول الغربية الكبرى حول الاحتلال وطبيعة الصراع، مما يعنى ان الضغط سيتزايد خلال الايام القادمة على الحكومات الداعمة مما يجعلها مجبرة على اعادة صياغة مواقف اكثر توازنا مع ادانة الجرائم الصهيونية ولو بشكل منمق ومغلف. في النهاية ستكون هذه الحكومات مطالبة باتخذا خطوات فعلية لوقف الحرب على غزة وذلك ما سبق وان اشار اليه وزير خارجية الاحتلال بقوله ان الضغط الدولي يتصاعد وهو ما يترك لجيش الاحتلال فترة قصيرة تتراوح بين اسبوعين او ثلاثة لتحقيق نتائج عسكرية قبل الاعلان عن نهاية الحرب او وقف اطلاق النار، هنا تكمن الخطورة اذ ان هذا العنصر بالاعلان عن ان الحرب لن تستمر الى نهاية السنة ا والى نهاية هذا الشهر، فانها ستجعل الاحتلال وجيشه يصعدان من نسق الجرائم ضد الفلسطينيين بهدف تحقيق نصر عسكري.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115