الانتخابات الرئاسية مفتوحة على عدة احتمالات

التراجع الكبير للباجي قائد السبسي ومنصف المرزوقي في نوايا التصويت مقارنة بالدور الأول لرئاسية 2014 يجعل التنافس مفتوحا على أكثر من احتمال.. تلك هي الملاحظة الأساسية عندما نرى نوايا التصويت في الانتخابات الرئاسية..


لو يدعى اليوم الناخبون للتصويت في الرئاسية سوف نرى مرة أخرى الباجي قائد السبسي ومنصف المرزوقي في الدور الثاني ولكن الاثنين تراجعا كثيرا عما حققاه في الدور الأول لرئاسية 2014 فرئيس الجمهورية الحالي كما السابق قد فقد أكثر من ثلثي الأصوات التي تحصل عليها في نوفمبر 2014..

صحيح أن قائد السبسي مازال يتزعم السباق ولكن فقط بـــ 11,8 % من نسبة الأصوات المصرح بها مقابل حوالي 38 % في نوفمبر 2014 وكذلك يأتي المرزوقي في المرتبة الثانية ولكن بـــ 8,3 % فقط من الأصوات مقابل أكثر من 30 % قبل سنتين وهذا التراجع الكبير لهاتين الشخصيتين يجعل حظوظ ملاحقيهما قائمة وخاصة الخماسي مهدي جمعة (7,9 %) وقيس سعيد (7,5 %) والصافي سعيد (6,9 %) وحمة الهمامي (6,5 %) وناجي جلول (5,6 %) وتقارب النتائج هذا يعطي كذلك بعض الأمل لثلاثي آخر يتكون من كمال مرجان (5,1%) وسليم الرياحي (5,0 %) ومحمد عبو (4,7 %).

في انهيار القاعدة الانتخابية للباجي قائد السبسي
لئن كان تراجع المنصف المرزوقي متوقعا نظرا للمساندة غير الرسمية التي حظي بها سنة 2014 من قبل حركة النهضة إلا أن الغريب – والمتوقع في الآن نفسه – هو الانهيار الكبير للقاعدة الانتخابية للباجي قائد السبسي...

نحن نعلم أن رئيس الجمهورية الحالي قد أكد في حملته الانتخابية أنه لا ينوي التقدم لعهدة ثانية ولكن حتى لو تراجع عن هذا الاختيار فتأهله للدور الثاني لم يعد مضمونا بنفس الفارق والأريحية عن بقية منافسيه.

لقد خسر الباجي قائد السبسي الجزء الأساسي من قاعدته الانتخابية النسائية حيث يكتفي هنا بالمرتبة السادسة وهذا كان متوقعا إلى حد بعيد ولكن المفاجئ فعلا هو تأخره في ولايات الوسط الشرقي (سوسة والمنستير والمهدية) حيث يحقق المهدي جمعة قرابة ضعف أصوات صاحب قرطاج الحالي كما لا يتقدم في نفس هذه الولايات عن كمال مرجان إلا بنزر طفيف أما في ولايات الوسط الغربي (القيروان وسيدي بوزيد والقصرين) فقائد السبسي لا يأتي إلا في المرتبة السابعة وفي الجنوب الغربي (قفصة وتوزر وقبلي) لا يحصل إلا على المرتبة الرابعة.. وحتى في تونس الكبرى يتخلف الباجي قائد السبسي عن الصدارة مكتفيا فقط بالمرتبة الثالثة...

والغريب أيضا هو تحقيق رئيس الجمهورية الحالي لنتائج جد ضعيفة في ناخبي الطبقة المرفهة حيث يأتي في المرتبة الثامنة.

ظاهرة قيس سعيد والصافي سعيد
مرة أخرى يظهر اسما الجامعي قيس سعيد والكاتب والإعلامي الصافي سعيد في مراتب جد متقدمة في نوايا التصويت للرئاسية رغم عدم انتمائهما لأحزاب قوية.. ولسنا ندري هل أن التصويت لهما في سبر الآراء هذا هو تعبير عن الاحتجاج على الطبقة السياسية الحالية أم هو اقتناع بالأفكار التي عرفت عن هاتين الشخصيتين.. ولا ندري أيضا هل سيتمكنان من المحافظة على هذا المنسوب المرتفع من نوايا التصويت عند اقتراب موعد الحسم أم لا؟.. ولكن الملاحظ أن نوايا التصويت لهاتين الشخصيتين المثيرين للجدل إلى حد ما نجده قويا في فئة الشباب وفي ولاية صفاقس تحديدا وفي الوسط الغربي بالنسبة لقيس سعيد بصفة خاصة.. كما نجد لهاتين الشخصيتين حضورا لافتا في الطبقة الوسطى العليا...

الواضح أننا أمام حالة رفض للطبقة السياسية المؤسساتية وأن المواطنين الذين اختاروا هاتين الشخصيتين يريدون أن يقولوا بأنهم يشكون في نزاهة الحكام والمعارضين على حد سواء وأن هنالك أشياء تحاك في الظلام وأن السياسيين لا يقولون لهم الحقيقة...

هذه الظاهرة للمتابعة ولا شك وتحتاج تحليلا أعمق وأدق للأسباب التي تدفع بحوالي 15% من التونسيين إلى التفكير في التصويت لشخصيتين خارج المنظومة السياسية الحالية...

رئيس الحكومة الأسبق المهدي جمعة يجد نفسه في المرتبة الثالثة دون أن يكون قد دخل بعد المعترك السياسي الفعلي والسؤال هل أنه سيستفيد انتخابيا من دخول حلبة السياسة أم انه سيخسر بذلك بعض الأصوات؟...

المهدي جمعة ظاهرة للمتابعة هو الآخر خاصة وأنه أصبح يمثل بالنسبة لجزء من التونسيين لا فقط بديلا فرديا في انتخابات الرئاسة بل وكذلك بديلا جماعيا وحزبيا بالقوة...

ولكن شتان ما بين الافتراضي والعملي فدخول مهدي جمعة قريبا معترك الحياة السياسية المادية قد يزيد في أسهمه كما قد يطيح ببعضها...

ناجي جلول الذي تحصل على المركز السابع في نوايا التصويت هو الشخصية الندائية الأولى بعد الباجي قائد السبسي وقد يكون إحدى أوراق هذا الحزب في المستقبل القريب ولكن لسنا ندري هل سيكون المستفيد الأبرز من الغياب السياسي للباجي قائد السبسي في الانتخابات القادمة أم أن تحولات المشهد الحزبي في الأشهر القادمة ستخدم غيره..

الغنوشي وقائد السبسي والمرزوقي والحامدي والهمامي هم الخماسي الأبعد عن قلوب التونسيين

عندما تسأل العينة عن الشخصية التي لن تصوت لها في الانتخابات الرئاسية القادمة نجد بروز خماسي يتقاسم بنسب متقاربة صد أكثر من 70 % من التونسيين... وفي طليعة الشخصيات الأبعد عن قلوب التونسيين نجد «الشيخين» راشد الغنوشي (18,2 %) والباجي قائد السبسي (16,8 %) يليهما ثالوث يعتبر استقطابيا إلى حد ما عند أكثر من عُشر التونسيين وهم: المنصف المرزوقي (14,2 %) الهاشمي الحامدي (11,3 %) وحمة الهمامي (11,1 %).

هكذا يبدو على كل حال المشهد السياسي والحزبي في مدخل هذه السنة السياسية الجديدة مشهد مدعو للتغير بحكم عدم الاستقرار السياسي والحزبي الذي تعيشه البلاد اليوم... فاللعبة الانتخابية مفتوحة على أكثر من احتمال ولا أحد يعرف اليوم حقيقة المآل.

 

منهجية طرح الأسئلة

قمنا بصفة دورية منذ حوالي أكثر من 6 أشهر بقياس نوايا تصويت التونسيين وقياس نسبة المشاركة في كل من الانتخابات البلدية والتشريعية والرئاسية. وكان ذلك عن طريق طرح الأسئلة بصفة تلقائية وبدون ذكر اسم أي حزب أو شخصية. فيما بعد يقع احتساب مجموع الأصوات المصرّح بها على أنها نسبة المشاركة والأصوات غير المصرح بها على أنها نسبة العزوف أو التغيب عن المشاركة في الانتخابات.
بالنسبة لهذا الاستطلاع قمنا بحصر قائمة الأسماء التي تتكرر في الاستطلاعات السابقة ثم قمنا في مرة أولى بعرض قائمة من الأحزاب لاختيار لأي منها سيصوت المستجيب إذا قامت الانتخابات البلدية أو التشريعية اليوم وقمنا في مرة ثانية بعرض قائمة من الشخصيات السياسية لاختيار لأي منها سيصوت المستجيب إذا قامت الانتخابات الرئاسية اليوم.

الجذاذة التقنية للدراسة
العينة: عينة ممثلة للسكان في الوسط الحضري والريفي، مكونة من 982 تونسي تتراوح أعمارهم بين 18 سنة وأكثر.
تم تصميم العينة وفق طريقة الحصص (Quotas)حسب الفئة العمرية، الولاية، الوسط الحضري أو الريفي.
طريقة جمع البيانات: بالهاتف
CATI (Computer Assisted Telephone Interviewing, Call-Center)
نسبة الخطأ القصوى: 3 %
تاريخ الدراسة: من 25 أوت 2016 إلى 26 أوت 2016

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115