المشاريع المعطّلة في تونس منذ 2011: العدد والكلفة.. الاشكاليات والحلول...

خلال السنوات التي تلت 14 جانفي 2011 مرّت البلاد بظروف استثنائية نتج عنها مئات الاضرابات ونقص في الانتاجية ومطالب التشغيل وعزوف المقاولات عن الاشتراك في مشاريع تخص بعض المناطق الحدودية أو تلك التي تشهد احتجاجات مما تسبّب في تراكم المشاريع

العمومية المعطّلة سواء تلك التي لم تجاوز حدّ برمجتها او التي توقّفت.

وفي 2014 في محاولة لإيجاد حلول لتلك المشاريع المعطّلة احدثت حكومة المهدي جمعة فريق عمل قام بزيارات ميدانية لكل ولايات الجمهورية ليقوم بجرد لكل المشاريع وخلص الى ان المشاريع العمومية المتواصلة والجديدة إلى نهاية شهر أوت 2014 مثلت 15987 مشروعا بكلفة جملية تقدر بـ16467 م.د منها 2716 مشروعا جديدا مرسما بميزانية الدولة لسنة 2014 بكلفة جملية تقدر بـ 1767 م.د ووقع حصر حوالي 580 مشروعا معطّلا بكلفة جملية تقديرية بلغت 4000 مليون دينار ووضعها كهدف لحلحلتها.
ومثّلت المشاريع العمومية المعطلة في قطاع الجسور والطرقات وقطاع الصناعة القطاعات الاكبر من حيث حجم الاستثمارات بكلفة حوالي 2000 م/د مخصصة لـ 129 مشروعا معطلا أي بنسبة 50 % من كلفة المشاريع العمومية المعطلة التي تم تدارسها آنذاك فيما مثّل قطاع الشباب والرياضة المرتبة الأولى من حيث عدد المشاريع العمومية المعطلة وذلك نتيجة برمجة عديد المشاريع خلال سنتي 2011 و2012 دون الانطلاق في انجازها.
وفي 2015 وقع تحديد قيمة المشاريع العمومية المعطلة أو تلك التي لم تنطلق بحوالي 10 آلاف مليون دينار موجهة خاصة لمجال البنية الأساسية ووقع اعطاؤها الاولية المطلقة.

الاشكاليات
أكثر الاشكاليات التي كانت حائلا دون تقدم انجاز المشاريع هي اشكاليات اجرائية تعود إلى ضعف التنسيق بين الأطراف المتداخلة في انجاز المشروع سواء على المستوى الجهوي أو المركزي أو إلى بطء في اتخاذ الاجراءات اللازمة من قبل المصالح الادارية المعنية او نقص في المتابعة من قبل الإدارة والتنسيق بين المتدخلين العموميين أو فسخ صفقات وإعادة طلبات عروضها والمهلة الزمنية التي تفرضها الصفقات العمومية بين فسخ العقد واعادة طلب العرض.
وبالتوازي مثلّت الاشكاليات العقارية عائقا معقدا ويتطلب وقتا لحله لارتباطه بتوفر الأراضي لانجاز المشاريع أو اجراءات التفويت والتخصيص وتغيير الصبغة أو الانتزاع وتحرير الحوزة والمعاوضة.
إضافة إلى ذلك وُجدت اشكاليات مالية بنسبة هامة راجعة أساسا إلى الإعلان عن برامج ومشاريع بدون توفير التمويلات اللازمة لإنجازها وعدم وجود التمويلات والاعتمادات اللازمة نتيجة تجاوز التكلفة المرسمة بالميزانية أو تأخر في فتح الاعتمادات.
أما بقية الاشكاليات فتتوزع بين فنية أو اجتماعية وتعود الاشكاليات الاجتماعية خاصة إلى استحواذ بعض المواطنين على الأراضي المخصصة لإنجاز المشاريع والانتصاب الفوضوي أو معارضتهم لانجاز المشروع لأسباب مختلفة.

الحلول:
اول الحلول بعد القيام بجرد للمشاريع المعطلة التي تراكمت طيلة سنوات 2011 و2012 و2013 و2014 تمثلت بعد جرد المشاريع المعطلة في قرار مجلس وزراء في نهاية 2014 بإحداث وحدات للإحاطة بالمستثمرين في القطاع الخاص (استنادا للأمر عدد 4516 لسنة 2014 مؤرخ في 22 ديسمبر 2014 يتعلق بإحداث وحدات الإحاطة بالمستثمرين) ووقع استغلال هذه الوحدات التي تضم ممثلين عن كل الوزارات في كل الجهات لمتابعة المشاريع المعطلة وتحديد اشكالياتها وتجاوز خاصة معضلة سوء التنسيق بين الوزارات والجهات المتداخلة في المشاريع العمومية.

ووفق ما افادت به رئيسة الوحدة المركزية للاحاطة بالمستثمرين ناجية الغربي لـ«المغرب» فان الوحدة المركزية وبعد تلقيها تشخيصا دقيقا لوضعية اي مشروع معطّل او لم ينطلق من طرف اي وحدة جهوية ترفع من جهتها تقريرا الى رئاسة الحكومة يقع طرحه في اطار مجلس وزاري مضيق لاتخاذ القرارات اللازمة والتي في غالبها لتجاوز سوء التنسيق بين الوزارات ومن ثم تتابع وحدة الاحاطة مع الولاة تقدم تطبيق ما وقع اقراره في تلك المجالس الوزارية المضيقة لفك التعطيل عن المشروع العمومي.
نجحت وحدات الاحاطة بالمستثمرين التي تترأسها ممثلة عن رئاسة الحكومة في تجاوز الاشكاليات وحلّ نسبة تقدّر بـ80 % من المشاريع المعطلة التي حدّدها فريق العمل الذي شُكل صلب رئاسة الحكومة في 2014 (580 مشروعا معطّلا بكلفة جملية تقديرية بلغت 4000 مليون دينار).

ولكن الجانب العقاري بقي العائق الاكبر لانجاز المشاريع ويمثل أكثر من 95 % من المشاريع التي بقيت معطلة خاصة تلك المتصلة بالبنية الاساسية من طرقات وجسور ومساكن مما استوجب استصدار القانون عدد 53 لسنة 2016 مؤرخ في 11 جويلية 2016 يتعلّق بالانتزاع من أجل المصلحة العمومية.

تطبيقة اعلامية لمتابعة المشاريع المعطلة
عملية متابعة المشاريع العمومية تفتقر الى نظام معلوماتي شامل يلبّي حاجيات الادارة التونسية وكافة المتدخلين على مستوى التخطيط او التصرف والمراقبة والمتابعة المالية للمشاريع وهو ما دفع المركز الوطني للإعلامية لاقتناء تطبيقة اعلامية منذ سنة 2012 تمكن من تسهيل النفاذ الى كل مراحل متابعة المشاريع العمومية.

وقام بتطويع هذه التطبيقة على مستوى المركز بطريقة تستجيب لكل متطلبات وحاجيات الهياكل المركزية من وزارات ومؤسسات عمومية وهياكل جهوية ومحلية، وتتمثل أهم الخصائص الوظيفية للنظام في ادخال بيانات المشاريع والبرامج وتخطيطها ومتابعتها وتقييمها بالاعتماد على مؤشرات الاداء والأهداف المرسومة وتحديد المسؤوليات واتخاذ القرارات وتقييم المشاريع العمومية فى نجاعة التنفيذ ونسق .....

اشترك في النسخة الرقمية للمغرب ابتداء من 25 د

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115