مخازن السلاح في بن قردان: قذائف ومتفجرات للسيطرة على المدينة ومنع استرجاعها من قبل الدولة

فيما تستمر العمليات الأمنية في منطقة بن قردان الحدودية تتضح أكثر معالم المخطط الإرهابي الذي استهدف المدينة يوم الاثنين الفارط، وأخر ما كشف عنه مخازن السلاح التي عثر عليها محملة بأسلحة تعدّ وافدا جديدا في الحرب على الإرهاب، خصوصا وان مواصفاتها التقنية

تكشف أنها معدّة للهجوم الشامل أو لصد تقدم عسكري بري.
أعلن يوم أمس رئيس الحكومة التونسية الحبيب الصيد ومن قبله وزارتي الدفاع والداخلية عن العثور على ثلاثة مخازن أسلحة وضبط سيارة معبأة بالأسلحة، وذلك بعد «اسر» 7 إرهابيين شاركوا في الهجمات الإرهابية الفاشلة على مدينة بن قردان يوم الاثنين الفارط.
هذه المخازن الثلاثة التي نشرت وزارة الدفاع في صفحتها الرسميّة على موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك» صورا لما ضبط فيها من أسلحة، كان من بينها عدد كبير من قذائف «الاربي جي» وذخائر من عيار 14 مم.
هذه الأسلحة التي ضبطت إضافة إلى الأسلحة التي كانت بحوزة الإرهابيين أثناء تنفيذهم للهجمات تكشف ان العنصر البارز فيها هو كمية قذائف «الار بي جي» التي أكدت مصادر من الأمن والجيش أن اغلب الإرهابيين كانوا يحملونها لدى الهجمات الاولى على الثكنة العسكرية والمجمع الأمني.

وهو ما اعتبر مختار بن نصر، العميد المتقاعد من الجيش التونسي، انتقالا في نوعية الأسلحة التي يستعملها الإرهابيون في عملياتهم، مبينا أن خصائص الأسلحة التي عثر عليها في المخازن الثلاثة الأخيرة، هي أسلحة هجومية ذات قدرة «تدميريّة ».
وفي تحديد لخصائص الأسلحة أشار بن نصر أن الإرهابيين استعملوا في أحداث بن قردان الأخيرة أسلحة يمكنها إصابة أهداف من مسافات بعيدة، وان المؤشرات الأولية تفيد بأنهم كانوا يعدّون أنفسهم للقضاء علي الوحدات العسكرية والأمنية بالمدينة ومن ثمة أحكام السيطرة عليها وإعلانها إمارة.

ورجّح بن نصر أن يكون الإرهابيون قد خزنوا تلك النوعية من الأسلحة (ار بي جي، ومدافع رشاشة عيار 14 ومواد متفجرة...) بهدف استخدامها بعد السيطرة على المدينة، وذلك لصدّ أيّ هجوم معاكس تنفذه الوحدات العسكرية.
ما أشار إليه مختار بن نصر من ان الإرهابيين كانوا يخزنون أسلحتهم منذ مدة لتنفيذ مخططهم، ومن بين نقاطه استعمال القذائف والمدافع الرشاشة من عيار 14 مم لاستهداف الآليات العسكرية او المروحيات من مسافات بعيدة ومنعها من التقدم.
هذا المخطط الذي فشل يوم الاثنين الفارط بعد تمكن الجيش والآمن من القضاء على أغلب العناصر الإرهابية خلال الأحداث، التي لا تزال متواصلة، يتقاطع مع خطط تنظيم «داعش» الإرهابي للسيطرة على المدن في العراق وسوريا.
مخطط إعلان إمارة في بن قردان التي كانت هدفا للتنظيمات الإرهابية بمختلف تسمياتها، لم يكن حديث العهد فقد سبق ان أعرب قادة التنظيمات الإرهابية عن هذه الرغبة منذ 2012 وانطلقوا في الإعداد لها بتخزين الأسلحة. فالمخازن التي عثر عليها يوم الاثنين الفارط لم تكن اول مخازن سلاح تكتشف في البلاد.

18 مخازن أسلحة في تونس
نجاح قوات الأمن خلال سنوات حربها على الإرهاب في اكتشاف حوالي 18 مخزن سلاح، كان اولها بمنطقة المنيهلة بإقليم تونس الكبرى، حيث ضبط يوم 20 فيفري 2013، مخزن سلاح يحتوى علي كميات هامة من الذخائر والمواد المتفجرة والصواعق.
هذا المخزن الذي اكتشف بعد اكثر من 7 أشهر من استهداف الجيش التونسي لرتل من ثلاث شاحنات في منطقة برج الخضراء، اثناء تهريبها لأسلحة يوم 12 جويلية 2012، اكتشاف مخزن بالمنطقة الحدودية ببنقردان التابعة لولاية مدنين التي اكتشفت بها 4 مخازن سلاح.

3 من هذه المخازن كانت في منطقة بن قردان التي تأتي على رأس قائمة أكثر المناطق التي اكتشفت بها مخازن أسلحة، وضمت أنواعا متعددة من الأسلحة، أبرزها قذائف «ار بي جي» وكالغرامات من مادة TNT، المخصصة لصناعة المتفجرات، إضافة لمسك شاحنة كانت تهرّب كميات هامة من الأسلحة علقت في الساتر الترابي بالجهة، في حين اكتشف مخزن للسلاح في منطقة بني خداش.

كما اكتشفت قوات الأمن التونسي ايضا ثلاثة مخازن أسلحة في ولاية سوسة في اقل من سنة، أخرها كان منذ ايام وقع اكتشافه بالتزامن مع مخزن أخر للأسلحة في منطقة المنيهلة بولاية أريانة.
أريانة وبنزرت احتوى كل منهما على مخزنين للأسلحة، كما كشف مخزن أسلحة في كل من ولاية سيدي بوزيد (مخزن سيدي علي بن عون)، وولاية صفاقس (مخزن سيدي علي بن خليفة) ، والمنستير ، وبنزرت (مخزن سجنان ومخزن منزل بورقيبة)، كما ان هذه المخازن الـ14 تشترك في مصدر السلاح ايضا رغم اختلاف المجموعات الإرهابية التي خزنتها

مصدر الاسلحة
مصدر الأسلحة التي ضبطتها السلطات التونسية لدى منتسبين للجماعات الارهابية، قبل احداث بن قردان الاخيرة،هي ليبيا التي تزود منها الإرهابيون بأكثر من 500 قطعة كلاشنكوف، وأكثر من 50 قذيفة ا ربي جي وأكثر من طن من المواد المتفجرة والألف من الذخائر لأنواع اسلحة مختلفة.

فمنذ انهيار نظام معمر القذافي، بعد ثورة 17 فبراير، أصبحت ليبيا المنفذ الرئيسي لدخول الأسلحة إلى تونس عن طريق التهريب على طول الحدود البرية المشتركة والبالغة 500 كلم.
هذه الحدود التي استغلتها الجماعات الارهابية التي نجحت في اقامة بعض التحالفات مع بعض التجّار لتهريب الأسلحة إلى تونس وتخزينها بهدف استعمالها في ما بعد ضدّ وحدات الأمن والجيش، وهو ما كشفت عنه تقارير امنية جاءت اثر تسجّيل الأجهزة الامنية للعديد من العمليات الخاصة بتهريب الأسلحة والمخدرات عبر المنافذ الحدودية بين تونس وليبيا.

و قدّرت منظمة الازمات الدولية عدد مخازن اسلحة الجيش الليبي، قبل انهيار النظام، بـ 87 مخزنا دُمر منها 21 مخزنا أثناء الثورة، فيما سقط البقية بيد التنظيمات التي ظهرت بعد سقوط القذافي، ومنها التنظيمات الإرهابية، التي ربطت علاقات مع الارهابيين في تونس.
وتهريب السلاح الى التراب التونسي كان على طول المنطقة الحدودية، وخاصة من منطقة الجفارة الحدودية، التي صنفها تقرير مجموعة الازمات الدولية بانها من أهم مراكز التهريب بين ليبيا وتونس.

مسالك تهريب السلاح
فالمنطقة التي تزيد مساحتها عن 15 ألف كم2، تضمّ ثلاثة مسارات رئيسية تُستخدَم في عمليات التهريب، وخاصةً في تهريب الأسلحة، ابرزها مسار بن قردان الذي يمتد من رأس جدير إلى سفح جبال نفوسة. وهو الطريق الذي يشمل المعابر الحدودية الرسمية، التي ضبطت فيها في اكثر من مناسبة قطع اسلحة مخبأة في سلع المهربيين.

الطريق الثاني لتهريب السلاح الى تونس هو ما يعرف بمسار ضبا/وازن، حيث تهرب الاسلحة الى منطقة رمادة بولاية تطاوين قادمة من جبال نفوسة ونالوت في ليبيا، فيما يمتد الطريق الثالث لتهريب السلاح من على الحدود التونسية الليبية الجزائرية، فمن جبال نفوسة إلى غدامس على الحدود التونسية الليبية الجزائرية يمتد هذا الطريق.

حيث شهد هذا الطريق منذ 2011 عمليات تهريب من قبل مجموعات ارهابية على غرار تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، الذي ارتبط اسمه بعدد من عمليات التهريب التي شهدتها المنطقة.
تكرار عمليات تهريب الاسلحة الى الداخل التونسي من الحدود الليبية التونسية الممتدة 495 كلمترا اكثر من ثلثيها مناطق صحراوية، تساعد المهربين على عملهم بالاضافة الى السبخة التي تفصل بين البحر و مركز العبور براس الجدير، وهي سبخة تمتدّ على 75 كلمتر سهّلت على المهربين المرور عبرها لصعوبة مراقبتها.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115