خاص: تحليل إخباري: رفع الدعم عن المحروقات في موفى سنة 2023 لو استقر سعر البرميل (حوالي 100 دولار) وسعر صرف الدينار 3400 م هو سعر البنزين الخالي من الرصاص

تفيدنا مصادر مطلعة أن النية متجهة نحو رفع الدعم نهائيا عن المحروقات في موفى سنة 2023 والمقصود هنا بالأساس مختلف أصناف البنزين والقازوال،

وقد يخضع الغاز المسال المخصص للاستعمال المنزلي إلى سياسة مختلفة.
نحن هنا أمام أحد التزامات الحكومة التونسية في مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي .
لقد كان مقترح الحكومة التونسية يقضي بالرفع التدريجي للدعم عن المحروقات والكهرباء على امتداد فترة القرض الممدد مع الصندوق أي أربع سنوات، وذلك لم يجد من خبراء صندوق النقد أي اعتراض ولكن ممثلي الدول الكبرى الصناعية، وخاصة الأوروبية منها، أصروا على ضرورة رفع الدعم عن المحروقات بصفة شبه آلية لكل دولة تريد اللجوء إلى صندوق النقد وذلك لأن حكومات هذه الدول تطلب من مواطنيها تضحيات كبيرة سواء في تحمل الفاتورة الطاقية أو في مجمل سياسات الاقتصاد في الطاقة وتبعا لذلك لا ترى من معنى لإقراض دول لا تطلب من مواطنيها تضحيات مماثلة.
وبما أن لهذه الدول وزن كبير في تصويت مجلس إدارة صندوق النقد إبان إتمام التعاقد مع تونس في ديسمبر المقبل ،فقد قبلت الحكومة بهذا الشرط والتزمت برفع الدعم عن المحروقات في موفى سنة 2023 .
ووفق ذات المصادر المطلعة فإن سعر البنزين الخالي من الرصاص سيكون في موفى سنة 2023 في حدود 3400 مليما للتر الواحد هذا لو حافظ سعر برميل النفط على مستواه الحالي (حوالي 100 دولار ) ولو استقر كذلك سعر صرف الدينار بالنسبة للدولار (دولار واحد يساوي 3.3 دينار) بما يعني أن هذا السعر التقديري قابل للارتفاع أو للنقصان.
السيناريو الأرجح الآن هو إقدام الحكومة على زيادتين متتاليتين في سعر المحروقات خلال ما تبقى من سنة 2022 وهو ما قد يجعل سعر لتر البنزين الخالي من الرصاص في حدود 2550 مليما (السعر الحالي هو 2400 مليما) وعليه ستشهد الزيادات خلال سنة 2023 وتيرة شهرية بانتظام.
وفق هذا السيناريو سيرتفع سعر المحروقات بحوالي %40 خلال 14 شهرا وهذا ما سيؤثر بقوة على كلفة كل البضائع والخدمات بما يمثل ضغوطا تضخمية إضافية قوية للغاية، ولسنا ندري كيف سيتمكن البنك المركزي من التحكم في نسبة التضخم دون الترفيع الكبير في نسب الفائدة المديرية أي دون الضغط القوي على الاستهلاك عبر بوابة الكلفة المشطة لاقتراض المؤسسات والعائلة ..
تملك تونس، دون شك، إمكانية أخرى في رفع الدعم عن المحروقات دون الترفيع المفرط في سعر بيع البنزين والقازوال وذلك عبر التخفيض في الأداءات الموظفة على المحروقات والتي تتجاوز %40 من سعر البيع للعموم.
فلو ألغت الحكومة اليوم دعم المحروقات كذلك إلغاء توظيف الضرائب على أسعارها ستكون حقيقة الأسعار متطابقة تماما مع أسعار اليوم وبذلك تكون قد حرمت نفسها من جزء غير يسير من مواردها الجبائية الذي لا يمكنها تعويضه دون الترفيع الهام في الجباية غير المباشرة على كل السلع والخدمات.
في المحصلة ستشهد بلادنا ترفيعا متواترا في سعر المحروقات على امتداد 14 شهرا مع امتناعها منذ بداية 2024 عن تعديل الأسعار إلا إذا قبلت بالتضحية بجزء من مداخليها الجبائية .
كل هذا بالطبع دون الحديث عن بداية الرفع التدريجي للدعم عن المواد الأساسية انطلاقا من السنة القادمة والذي سيسهم بدوره في الدوامة التضخمية المرتقبة .
إن أخشى ما نخشاه هو أن تقتصر السلطة الحاكمة على هذه الإجراءات التقشفية التي ستمس بقوة من القدرة الشرائية لشرائح هامة من المواطنين دون القدرة على تحريك آليات النمو وخلق القيمة المضافة .
يحصل كل هذا في وقت لم تصارح فيه الحكومة إلى حدّ اليوم الشعب التونسي بما سينتظره خلال الأشهر والسنوات القادمة ..
إنها إستراتيجية اللاتواصل وإلغاء المواطنة من معادلة الحكم .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115