نجلاء بودن في خطابها أمام مجلس حقوق الإنسان: «التعذيب ليس سياسة دولة بل هو حالات معزولة ولا مجال للتراجع عن حرية التعبير وعن حق التظاهر»

يبدو أن رئيسة الحكومة نجلاء بودن اختارت بعد صمت مطول الإجابة عن عدة تساؤلات واستفهامات تخص قضايا وملفات حارقة ومتشعبة

في بلادنا ولم تكن إجاباتها عبر المنابر الإعلامية الوطنية بل من خارج تراب الوطن خلال ترؤسها للوفد التونسي أثناء الاستعراض الدوري الشامل للتقرير الوطني في مجال حقوق الإنسان في جنيف أمس، وقد تحدث عن الهجرة غير النظامية وعن حرية التعبير والتظاهر وعن التعذيب وعن البرلمان المنحل وحقوق الإنسان والدستور الجديد وإصلاح القضاء وإرساء المحكمة الدستورية وغيرها من الملفات المعقدة والحارقة.
شددت نجلاء بودن في خطابها أمس على التزام تونس بالتعاون البناء مع جميع آليات مجلس حقوق الإنسان والتي في مقدمتها آلية الاستعراض الدوري الشامل إيمانا منها بما تكتسيه هذه الآلية من أهمية في البناء، مشيرة إلى أن تونس تقدمت بآخر تقرير لها في ماي 2017، وتسلمت إثره 248 توصية قبلت منها 189 وأحاطت علما بـ59 توصية، ومنذ ذلك الحين شهدت البلاد عديد المحطات الفارقة على درب مسارها الديمقراطي، من ذلك الانتخابات البلدية سنة 2018 والانتخابات التشريعية والرئاسية سنة 2019. وأوضحت أن هذا المسار الديمقراطي شهد تعثرا نتيجة تفاقم التجاذبات السياسية التي أضعفت مؤسسات الدولة لاسيما في ظل الأزمة الصحية والاجتماعية والاقتصادية التي أثرت على تمتع المواطن التونسي بحقوقه، وأولها حقه في الصحة وحقه الحياة.
«البرلمان المنحل تحول إلى ساحة للعنف»
قالت بودن في ذات الخطاب «أن البرلمان المنحل تحول إلى ساحة للعنف المادي والنفسي وانه لم يضف للمواطن التونسي الا الشعور بانسداد الأفق واليأس، الأمر الذي دفع رئيس الجمهورية قيس سعيد يوم 25 جويلية إلى تفعيل الفصل 80 من دستور 2014 وتجميد البرلمان ثم حلّه ووضع روزنامة سياسية لتنظيم استفتاء على دستور جديد وقد تمّ ذلك يوم 25 جويلية 2022 في انتظار الانتخابات التشريعية يوم 17 ديسمبر القادم». وشددت على أنه لا يمكن الحديث عن نهوض اقتصادي واجتماعي مع وجود نساء معنفات.
تدفقات رهيبة
كما تحدثت رئيسة الحكومة عن الجهود التي تبذلها تونس لحماية جميع المهاجرين وطالبي اللجوء واللاجئين على أراضيها بالرغم من التدفقات الرهيبة التي شهدتها ورغم وجود الآلاف منهم بصفة غير نظامية في تونس، ورغم التحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد فإن تونس لم تبخل على هذه الفئات بأية حماية أو عناية باعتبارها فئات هشة لا سيما في زمن الكوفيد وذلك عبر النفاذ للتلاقيح والخدمات الصحية كسائر المواطنين التونسيين وتقديم الإعانة الاجتماعية لتحسين أوضاعهم، كما تتابع اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر كل الوضعيات الهشة وتتعهد بها. هذا وأكدت أن مسالة الهجرة غير النظامية المختلطة قضية عالمية وتستوجب حلولا عالمية في إطار المسؤولية الدولية المشتركة خاصة وأنها أصبحت مرتبطة بالجريمة المنظمة سيما الإرهاب والاتجار بالبشر ولا بدّ من التعاطي مع هذه القضايا في إطار مقاربة شاملة ومتعددة الإبعاد.
تجاوزات فردية
وعن حق التظاهر وحرية التعبير، قالت بودن إن حرية التعبير والحق في التظاهر حجر الزاوية في منظومة حقوق الإنسان في تونس ولا مجال للتراجع عنهما والدليل على ذلك تعدّد المنابر العالمية المفتوحة لمعارضي مسار 25 جويلية، وحرية التعبير عبر الانترنات في إطار احترام الغير وعدم المس من كرامته أو توظيف حرية التعبير للقذف والثلب والتشهير والتحريض على خطاب الكراهية وترويج المعلومات المغلوطة التي تتعارض مع جوهر الديمقراطية كما أن الحق في التظاهر والتجمع السلمي في تونس مكفول للجميع، ولم يتم منع أي تظاهرة في أي مجال كانت . وأشارت إلى أن التجاوزات التي تمّ تسجيلها كانت فردية وتم فتح التحقيقات الضرورية فيها.
«ادعاءات التعذيب»
كما أشارت الى ما سمي بـ«ادعاءات التعذيب»، حيث أكدت بودن أن التعذيب ليس سياسة دولة وإنما هو حالات معزولة، وتحدثت عن ان اللجنة الفرعية للوقاية من التعذيب لها حرية النفاذ إلى جميع الأماكن دون قيد أو شرط فضلا عن تقرير الخبير المستقل المعني بالحماية من العنف والتمييز القائمين على أساس الميل الجنسي والهوية الجنسانية، الذي اقر بالجهود التي تبذلها تونس رغم السياق الثقافي والاجتماعي. كما أكدت أن الديمقراطية الضامنة لحقوق الإنسان والحريات في تونس خيار لا رجعة فيهما ولكن لا نريدها هشة وإنما ديمقراطية تتوفر فيها شروط الاستدامة وفي مقدمتها قضاء عادل لا سلطة عليه في أحكامه غير القانون وهو ما أكده دستور 25 جويلية 2022 في فصله 117 كما عهد هذا الدستور إلى الهيئات القضائية في فصله 55 بحماية الحقوق والحريات من أي انتهاك ولذلك شكل إصلاح النظام القضائي أولوية قصوى حتى يتحرر من العقبات والضغوطات ويصبح قضاء يستجيب للمعايير الدولية، كما سيشكل أن إرساء المحكمة الدستورية محطة نحو ترسيخ الحقوق والحريات وضمانها.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115