في انطلاق فعاليات قمة طوكيو الدولية للتنمية تيكاد 8 : تعهد ياباني بضخ 30 مليار دولار للتنمية في أفريقيا وتأكيد تونسي على أهمية الشراكة اليابانية الأفريقية

انطلقت امس فعاليات قمة طوكيو الدولية للتنمية في افريقيا «تيكاد 8» تحت شعار «أولويات التنمية في إفريقيا ما بعد جائحة كوفيد19»

بمشاركة مسؤولين ورجال أعمال ومنظمات دولية وقادة من 48 دولة. تونس هي الدولة الثانية التي تحتضن القمة في افريقيا بعد كينيا عام 2016 . ويكتسي هذا الحدث أهمية قصوى وطنيا وافريقيا ودوليا وقد حظي بتغطية كبيرة من وسائل الاعلام المحلية والافريقية واليابانية والدولية وذلك من خلال حضور 350 صحفي وممثلين عن وسائل الإعلام المختلفة التي نقلت جلسات المؤتمر مباشرة من المركز الإعلامي في مدينة الثقافة المخصص لمواكبة الفعاليات .
وقد احتضن قصر المؤتمرات بالعاصمة الجلسة الافتتاحية التي افتتحها رئيس الجمهورية قيس سعيد بمشاركة كل من رئيس الوزراء الياباني عن بعد كيشيدا فوميو بحضور رئيس جمهورية السنغال ماكي سال إضافة الى مداخلات من الشركاء في التنظيم وهم موسى فقيه محمد رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي وامينة محمد نائبة الأمين العام للأمم المتحدة ومدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أشيم شتاينر ورئيس لبنك الدولي دافيد مالباس. يشار الى ان وزير الخارجية الياباني يوشيماسا هاياشي يمثل بلاده في المؤتمر وقد اكد على موافقة اليابان على منح تونس 100 مليون دولار للمساعدة في تخفيف آثار جائحة كورونا.
قيس سعيد : مقاربات عملية نحو تنمية شاملة
واكد رئيس الجمهورية قيس سعيد في كلمته على أهمية الشراكة الإفريقية اليابانية في صياغة مقاربات عملية لمفهوم التنمية الشاملة وتغيير واقع الشعوب الإفريقية، مثمّنا التطور الذي حققه اليابان في وقت قصير مع الحفاظ على خصوصيات المجتمع الياباني وثقافته.
وتطرق الى واقع إفريقيا اليوم وما تعانيه من أزمات وفقر الأمر الذي لا يعكس على الإطلاق الأحلام والتطلعات التي راودت الجيل الأول من قادة الاستقلال. ودعا سعيد إلى ضرورة البحث في الأسباب الجذرية للأزمات التي تعانيها القارة عبر استنباط آليات جديدة ووفق مقاربات تختصر التاريخ قائمة على التضامن والعدالة لإيجاد حلول مبتكرة لخلق التوازن في العلاقات الدولية والحد من الفوارق التنموية بين الدول.
كوفيد 19 مرحلة جديدة
وأكد سعيد أنه بجائحة كوفيد-19 دخل العالم مرحلة جديدة من التاريخ حيث كشفت الأزمة عن محدودية السياسات الدولية القائمة ولم يكن التعاون الدولي على الأقل في المراحل الأولى لانتشار الجائحة بالمستوى المرجو وتجلى ذلك خاصة في التوزيع غير العادل للقاحات بين دول الشمال والجنوب.
وأشار إلى السياسات الحمائية التي انتهجتها بعض الدول بالانكماش على ذواتها بشكل لا يستجيب للتحديات التي أفرزتها الجائحة.
وأكد سعيد على أهمية تبني مقاربة دولية إنسانية بدعم من اليابان الى تعلي من قيمة الانسان وفقا لما تم تكريسه في الاتفاقيات الدولية والإقليمية ذات الصلة بحقوق الإنسان.
وشدد على أن التحول المنشود في السياسات لا يكون إلا في كنف أنظمة مستقرة وعدالة اجتماعية مستمرة مبرزا ما توفره القارة الإفريقية من ثروات بشرية تشكل الثروة الحقيقية التي لا تنضب.
وأعرب رئيس الجمهورية عن ثقته في قدرة الشراكة الإفريقية اليابانية على إيجاد الحلول المناسبة والظروف الملائمة التي تهيئ للاستثمار الآمن في الدول الإفريقية رفقة جميع الشركاء الذين نتقاسم معهم القيم». وقال: «يجب ان نصنع تاريخيا جديدا للإنسانية وللدول التي عاشت طويلا عدم الاستقرار نتيجة لعدم التوازن في افريقيا التي فيها ثروات وقدرات بشرية. ونحن نعتز بالقدرات التي توفرت بالدول الافريقية وهي ثروتنا الحقيقية وسنعمل على إيجاد الحلول الضرورية وعلى إيجاد الظروف الملائمة للاستثمار في ظرف يسمح للمستثمرين بأن يستثمروا وهم آمنون على ثرواتهم واستثماراتهم وعلى ما يقومون به لخلق الشغل». وقال :«نحن على يقين اننا سنحقق الكثير بهذه الإرادة الصلبة التي تهدف للارتقاء والمرور الى مرحلة جديدة في تاريخ الانسانية».
اليابان : 4 مليارات دولار لتحقيق النمو الأخضر
واكد رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا في كلمته التي ألقاها عن بعد مباشرة من طوكيو بسبب اصابته بكوفيد وعدم تمكنه من الحضور، بان بلاده ستضخ 30 مليار دولار للتنمية في أفريقيا على مدار السنوات الثلاث المقبلة ، مع التركيز على الاستثمار في رأس المال البشري وتعزيز نمو الجودة في قارة تمارس فيها الصين وروسيا نفوذهما .
وأكد كيشيدا أن اليابان سوف تنمو مع أفريقيا. وأضاف كيشيدا أن اليابان سوف تقدم بصفة خاصة قروضا تبلغ قيمتها نحو 5مليارات دولار بالتنسيق مع بنك التنمية الأفريقي لتعزيز التنمية الأفريقية المستدامة عن طريق استعادة الصحة المالية .
وأكد كيشيدا أن النظام العالمي المفتوح والحر القائم على قواعد يجب الحفاظ عليها من أجل السلام والرفاهية في العالم، في الوقت الذي يهدف فيه لتكثيف التعاون بين اليابان وأفريقيا. واكد كيشيدا أن اليابان سوف تستثمر قرابة 4 مليارات دولار لدعم أفريقيا لتحقيق النمو الأخضر من خلال التخلص من الكربون ومساعدة أفريقيا على تعزيز القدرة على انتاج الغذاء وتدريب الأشخاص في قطاع الزراعة كجزء من علاج أزمة الغذاء التي فاقمتها الحرب الروسية في أوكرانيا .
وبالنسبة لكوفيد 19-، قال كيشيدا إن اليابان سوف تكثف الجهود لدعم أفريقيا في مكافحة الامراض المعدية مثل الايدز والملاريا ومرض السل وتعزيز نظم الرعاية الصحية .
عدالة في النمو
وقال رئيس جمهورية السينغال ماكي سال في كلمته «ان تيكاد ولدت في طوكيو وهي تقدم مشاريع واعدة وتستثمر فيها وقد حافظت على تلك العلاقات لفترة طويلة وعلى رأسها مشاريع لتحسين التعليم والصحة». وأضاف: «للأسف الوضع الاقتصادي لا يزال سيئا في افريقيا لا فقط بسبب الكورونا بل أيضا بسبب الحروب التي حدثت في الفترات الأخيرة وطالت تداعياتها العالم كله مثلما حدث بين روسيا وأوكرانيا وادت الى اضمحلال الاقتصاد العالمي». وقال لا زلنا نعيش آثار هذه الحروب علاوة على آثار كوفيد 19 . وتابع :«الدول الافريقية تحتاج الى تحقيق العدالة في التوزيع والعدالة في النمو. وينبغي إعادة التفكير في كيفية توزيع الموارد وتحسين الاقتصاد حتى تصل الموارد وتصل العدالة الى جميع المواطنين في جميع البلدان الافريقية» . ودعا الى تضامن جديد بين كل أبناء القارة الافريقية بمشاركة اليابان والانفتاح على الاستثمار في قطاعات جديدة واعدة.
من جانبه شكر موسى فقيه محمد رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي تونس على احتضان المنتدى . وشدّد على أهمية تعزيز الشراكة بين الدول الافريقية واليابان من أجل التنمية في افريقيا . وقال ان اليابان تساهم في التنمية ولديها عديد المشاريع في افريقيا في مجال دعم التعليم ورفع القدرات كما انها خصصت حوالي 500 مليون دولار تم استثمارها لتطوير البنية التحتية في افريقيا لمضاعفة انتاج الحبوب.
من جهتها قالت امينة محمد نائبة الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة ان اليابان توفر تقنيات كبيرة من أجل مستقبل افضل ومن أجل شباب أكثر توعية ومن أجل تمكين المرأة في بلادنا». وقالت: «علينا الحفاظ على تفعيل ما وجدناه من حلول ، والاستدامة في الحلول، وهذا لا يتحقق من خلال دولة بعينها بل باتحاد عالمي وبالتعاون مع الأمم المتحدة ومع الدول التي لديها التقنيات والخبرات التي ستجعل الطاقة تنمو وتكبر مثل اليابان» وقالت :«المشاركة بين الدول أمر لا نستطيع الاستغناء عنه . وافريقيا مليئة بالإمكانيات وعلينا استخدامها بشكل إيجابي وأضافت :«نحتاج الى الاستثمار في الشباب وافريقيا قارة غنية بالقدرات».
الأمم المتحدة : الانتقال من مرحلة الدعم الى الاستثمار
وقال اشيم شتاينر مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في كلمته ان تونس بلد ملتقى الاحلام في ما يتعلق بالتنمية والتنمية المستدامة وقال نحن شركاء لهذا المشروع مذ البداية. وأضاف: «نشكر اليابانيين على هذه الشراكة ويجب ان نفكر في الاستثمارات المشتركة لافريقيا. وأوضح بالقول: «يعقد تيكاد 8 في خضم اضطرابات كثيرة سياسية وأزمات غذائية ومجاعة تجتاح عديد المناطق في افريقيا مثل القرن الافريقي. والأوضاع تسوء ومستويات الديون ترتفع لا في افريقيا فحسب بل في كل الدول النامية بشكل عام . وقال يجب ان نظهر إرادة كبيرة للاستثمارت المشتركة. وقد قمنا بالكثير من مشاريع التعاون في مجال الصحة وتطوير الموارد البشرية ولدينا اجندات حتى عام 2030. وبناء على هذه الاجندات يجب ان نبذل جهودنا فيما يتعلق بمسألة التغير المناخي وإنقاذ الشباب من البطالة . وقال: «في تونس أبدت عديد الشركات التونسية اهتماما كبيرا في هذه القضايا وتابع :«يجب ان نقوم بإعفاء بعض القروض من أجل تجاوز التحديات . وفي هذا المجال اليابان تستطيع ان تلعب دورا كبيرا في مجال التمويل التنموي . وتابع :»الآن يتم الانتقال من مرحلة الدعم الى مرحلة الاستثمار والشركات تزدهر من خلال الاستثمار في افريقيا التي تضم مجالات واسعة وهذا يؤدي الى نمو افريقيا اقتصاديا بلا شك ».
تطلعات تونسية بمضاعفات الاستثمارات اليابانية
وقد صرح المنسق الإعلامي لقمة «تيكاد 8» محمد الطرابلسي لـ«المغرب» بأنّ هناك 66 شخصية رسمية مشاركة في تيكاد من بينها 20 مشارك من رؤساء دول وحكومات وملك ووزير أول ووزراء خارجية ووزراء تجارة ومنظمات مالية عالمية وإقليمية . وأكد ان تونس تتطلع الى ان تكون المشاركة متميزة من خلال المخرجات الأخيرة للقمة. وأضاف :«لقد أثنى الجانب الياباني على بيان تونس الذي سيتم إصداره والمجهودات التي قامت بها لتطوير العمل المشترك مع الجانب الياباني وافريقيا . وتونس تستضيف القمة وتتطلع الى مضاعفة الاستثمارات اليابانية في تونس». وقال ان تيكاد هو مسار وليس نقطة فقط وهو مسار متواصل منذ سنة 1993 ولكن احتضان تونس لمثل هكذا ندوات سيضع تونس في «رادار» المؤسسات الاقتصادية العالمية والشركات العالمية وخاصة اليابانية . وقال :«نحن لدينا أولوية هو التوجه لأفريقيا ويمكن عن طريق العلاقات اليابانية التونسية ان نشتغل معا على عدد هام من الدول الافريقية في مجالات الاقتصاد والتنمية والتعاون . اما عن المشاريع المتوقع إنجازها في تونس فقال: «تم امضاء اتفاقيتين في مجال التعاون الفني وهي تفتح آفاق رحبة للتعاون الثنائي في مجال تكوين الكفاءات وتسهيل مهمات المتعاونين اليابانيين الذي سيأتون الى توسن في اطار إنجاز مشاريع تعاون واضافة الى مذكرة تفاهم تخصّ مسائل المناخ والتصدي لانبعاثات الكربون ومن شأنها ان تفتح آفاق للاقتصاد الأخضر بالنسبة لتونس . وأوضح محدثنا ان الجانب الياباني أعلن على تمويل بقدر 100 مليون دولار فيما يخص مساعدة الفئات الهشة المتضررة بسبب كوفيد .
وذّكر مدير عام الدبلوماسية والاعلام في وزارة الخارجية بأن التعاون التونسي الياباني انطلق سنة 1975 وبلغ 42 مشروعا بقيمة 8 مليار دينار وبتمويلات كبرى من الجانب الياباني لعديد المشاريع الأخرى . اما بالنسبة للمشاريع المنتظرة قال :«عرض الجانب التونسي على الجانب الياباني 47 مشروعا في اطار التعاون الثنائي في ميادين متعددة منها التعاون في البنى التحية والاقتصاد الأخضر والتكنولوجيا ومثل مشروع يخصّ سد للمياه وهو مشروع هام بالنسبة لتونس باعتبار اننا نعاني من مشاكل مائية إضافة الى اتفاق مبدئي على انجاز مشروع حماية المدن التونسية من فيضانات وادي مجردة ومساعي لتطوير المشاريع في مجالات تحلية مياه البحر . وعما اذا كانت قمة تيكاد ستساهم في الخروج بتونس من أزمتها الاقتصادية أجاب بالقول :«تونس ستخرج من أزمتها عبر دفع الإستثمار ومثل هكذا منتديات تساهم في تحسين صورة تونس كوجهة للاستثمارات الأجنبية وقال ان تراجع التصنيفات الائتمانية يمكن ان ترتفع بالعمل وبمثل هذه المبادرات . وباحتضان هكذا منتديات يمكن ارجاع ثقة المستثمر الأجنبي بتونس . والدبلوماسية الاقتصادية هي في قلب الحدث».
يشار الى ان المواضيع التي تطرحها جلسات «تيكاد» والتي تتواصل على مدى يومين تتمحور حول ثلاثة محاور رئيسية تتضمن تعزيز الاقتصاد، البيئة المستدامة والسلام والاستقرار.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115