افشال مخطط داعشي لإقامة إمارة في بن قردان: إنّها الحرب

عندما كنّا نقول في «المغرب» ومنذ ربيع 2013 أنّ الجماعات الإرهابيّة بصدد شنّ حرب على تونس كان الكثيرون يعتقدون بأنّنا نبالغ وأنّنا نجعل من أحداث جزئية قصّة رعب القصد منها تثبيط العزائم..

لا شكّ أنّنا لسنا أمام حرب كلاسيكية وأنّ هذه الحرب بقيت، في أذهاننا، محصورة في بعض مرتفعاتنا الغربية ثمّ أخذت مظهر المجازر البشعة سنة 2015 في باردو وسوسة وقلب العاصمة.. وظنّ بعضهم أنّ هذه الحرب إنّما تستهدف فقط السُّيّاح الأجانب وقواتنا الأمنية والعسكرية...

اليوم لم يعد عاقل واحد يشكّ بأنّ بلادنا تخوض حربا مفروضة وأنّ هذه الجماعات الدّموية بقاعدتها وداعشها إنّما تهدف لتقويض الدّولة التونسية وبثّ الفوضى والرّعب قصد نصب «إمارة» أو «إمارات» يبدأ منها الزّحف نحو افتكاك الحكم وإقامة «الخلافة» الموهومة...

وبعد الترحّم على كل شهدائنا البرَرَة وتعزية أنفسنا فيهم لا يمكن إلاّ أن نؤكّد وبكلّ قوّة بأنّ تونس هي التي انتصرت يوم أمس في بن قردان.. وأنّ تونس ستعجل من يوم البطولة في بن قردان منعرجا حاسما لدحر كلّ المجموعات الإرهابية...
الواضح اليوم أن الدّواعش المتوزعين بين ليبيا وتونس أرادوا أن يكون لهم ببلادنا موطئ قدم كما لهم بالشّقيقة ليبيا وأنّه قد تمّ الاختيار على مدينة بن قردان لاعتبارات شتّى منها قربها من الحدود الليبية وإمكان إرسال «المدَد» إليها...

لقد أساءت مجموعات الدّم والإرهاب الظنّ بتونس والتّونسيين واعتقدوا أنّ بعض العشرات سيرهبون قواتنا الأمنية والعسكرية في كمائن غادرة مع الفجر.. وكانوا يمنون النّفس بالسّيطرة السّريعة على مواقع السّيادة وبهروب جنودنا البواسل من المواجهة... ولكن «ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين».. فالإرهابيون هم الذين ارتدّوا خاسئين في أوّل مواجهة رغم أنّهم أثخنوا وقتلوا بعض عناصر أمننا وجيشنا في منازلهم قبل أن يبدؤوا في تنفيذ خطتهم الدنيئة.. لقد أرادوا الحرب والدّمار والخراب فحاق بهم مكرهم السيء.. ساء ما كانوا يدبّرون...

لا ينبغي أن نخاف أو أن نجزع.. ولكن يحقّ لنا أن نبكي موتانا وأن نتمنّى الشّفاء العاجل لجرحانا وأن نخلد في ذاكرتنا وذاكرة الأجيال القادمة أسماء كلّ هؤلاء الأبطال الذين سفّهوا أحلام وأوهام الإرهاب السّلفي الجهادي المعولم.. فتونس لن تكون مطلقا موطئ قدم لهم رغم انجراف بعض شبابنا في بروباﭬندا الحقد الأعمى والدّم الحرام...

ينبغي على كلّ التونسيين مهما تباعدت بهم الرؤى وتجاذبتهم المواقف والمواقع – وذلك طبيعي في كلّ بلد ديمقراطي – أن نؤسّس معا لصفّ وطني متراصّ وأن نقف على كلّ دروس وعبر يوم الحرب هذا في بن قردان..
العدوّ يخطّط لتدمير البلاد وزرع الفتنة والفوضى فيها فلا نعطينّه ولو مثقال ذرّة من فرصة يتيمة ليحوّل أوهامه الدّموية إلى جزء ولو بسيط من الواقع.. من حقّنا أن نختلف في الوطن لا أن نختلف عليه.. من واجبنا جميعا أن نتوحّد في هذه الحرب وأن يثق بعضنا في البعض الآخر لأنّ بعضنا – وإن كنّا مختلفين معه جذريّا – هو ظهير لنا في هذه الحرب...

اليوم هو لحظة الوحدة الوطنية ولحظة المقاومة الأمنية.. ومن يعتبر، اليوم، أن المقاربة الأمنية غير كافية فهو يخلط بين سلّم الأوليات...

اليوم لا بدّ من التّوافق بداية على ضرورة استكمال كلّ مقومات المقاومة والمحاربة الأمنيتين.. ولا بد أن نعي بأنّ لهذه المقاومة الأمنية كلفة وثمنا لا بدّ من دفعه حتى نسدّ كل الثغرات والمنافذ أمام العدو...
والمقاومة الأمنية تبدأ من تكوين ورسكلة الفرَق الخاصّة في كل ّأسلاكنا الحاملة للسّلاح وكذلك في اقتناء وتصنيع كلّ أصناف المعدّات والأسلحة والتّجهيزات الكفيلة بحسم هذه الحرب في أقصر وقت ممكن وبأقلّ تكلفة ماديّة وبشرية... وأن ننطلق جميعا، وكلّ من موقعه،

في مشروع إنقاذ تونس من كل أصناف الهشاشات والتّهميش فذلك هو طريق نجاتنا ولا طريق آخر لنا سواه... وينبغي أن نبذل كلّ الجهد لكي نجعل من اللّحظة الوطنيّة لحظة جامعة وفوق كلّ أصناف الخلافات التي تشقّنا...
صحيح أنّ خلافاتنا كادت تعصف بوحدتنا الوطنية وأنّ هنالك بعض الأحقاد قد ترسخت وبعض الحسابات لم تستخلص بعد...

صحيح أن بعضنا قد أخطأ في حق البعض الآخر وأحيانا أخطاء جسيمة ولكن ما قيمة كل هذا أمام هذه الحرب التي حصدت أرواح أكثر من مائتي شهيد ما بين سياسيين وأمنيين وعسكريين ومواطنين عزّل وزوارا لبلادنا؟!.
ما قيمة كل هذه الأخطاء السابقة والحالية عندما تكون الراية الوطنية في الميزان؟!

إننا جميعا بحاجة إلى شجاعة كبيرة.. شجاعة نتعالى بها على غلواء النفس وغرورها وجروحها أيضا لكي نثق في بعضنا البعض.. فاليوم هنالك معسكران لا ثالث لهما: إما مع تونس أو ضدها ولا نريد لمعسكر الضدّ أن يتجاوز بعض الآلاف على الأكثر...

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115