تطور في مواقف اتحاد الشغل واتحاد الأعراف : طبول المواجهة تقرع

نعيش اليوم على وقع معطيات تفيد بان البلاد انتقلت الى سياق «المواجهة» بين المنظمات الاجتماعية الابرز وبين السلطة

حكومة ورئاسة، لتقرع طبول المواجهة التي باتت وكأنها حتمية في ظل الازمة السياسية الراهنة.
مساء امس وبعد ساعات من كلمة الامين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي اصدرت منظمة الاعراف، الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية بيانا حمل تحذيرا هو الاول منذ 25 جويلية 2021. حدثان تزامنا مصادفة ليعلنا عن ان المنظمات الاجتماعية ولئن اختلفت مقارباتاهما وأهدافهما الا أنها تتقاطع في عدم الرضا وبالتالي أضحت لا تستطيع «الصبر» على استمرار الازمة السياسية وتقصد بذلك نهج الرئيس في ادارة البلاد.
خيارات سياسية اتبعتها الرئاسة ومن خلفها الحكومة ولدت «الغضب» لدى المنظمات الاجتماعية ولكل منها «دواعيه» فاذا كان الاتحاد يغضب لتدهور المقدرة الشرائية ولتعطل المفاوضات الاجتماعية ولفرض المنشور عدد 20 فان غضب الاعراف ينطلق من ما يقدم على انه لخبطة في الحملة ضد الاحتكار والمضاربة افضت الى شيطنة القطاع الخاص وخلق ازمة ثقة حادة.
دوافع غضب مختلفة جعلت المنظمتين ذات الثقل الاجتماعي والسياسي في البلاد تعلن كل منهما بطريقتها الخاصة انها لن تتراجع عن مواجهة السلطة التنفيذية طالما ان الاخيرة تريد فرض هذه المواجهة عليهما وترفض الحوار والاستماع اليهما.
فالاتحاد يتمسك بان الوضع العام الحالي الذي تفاقمت فيه نسب الفقر والبطالة يستوجب مفاوضات اجتماعية وهذا استحقاق ملح سيدافع الاتحاد عن تحقيقه كما انه يحمل مسؤولية ما بلغته الاوضاع من سوء الى الحكومة وعليها ان تتحمل مسؤوليتها بعيدا عن الخصام والمناكفات، لتحقيق الاستقرار والتضامن الوطني هنا يضعها بين خيارين اما تحمل هذه المسؤولية او تحمل تبعات سياستها وخاصة تبعات خطتها الاصلاحية التي قال عنها الامين العام في تصريح صحفي انه مستعد للتصدي لها باعتبارها «إصلاحات لاشعبية ولا تاخذ بعين الاعتبار الأوضاع الاجتماعية للتونسيين». وبهذا مهد الاتحاد لمرحلة المواجهة بينه وبين السلطة التنفيذية، رئاسة وحكومة.
مواجهة لوحت منظمة الاعراف بأنها بحثت عن تجنبها ولكنها لن تمتنع عنها اذا فرضت عليها، خاصة وانها تعتبر ان سياسة الرئيس لمجابهة الاحتكار والمضاربة تقفز عن معطيات وحقائق عدة اولها ان السوق يعاني من نقص المواد لان مؤسسات الدولة المحتكرة لعملية استيراد هذه المواد تعاني ازمات عدة اشدها ازمتها المالية. أي ان الدولة تتحمل مسؤولية نقص المواد لا التجار والصناعيين.
كما ان سياسة مجابهة الاحتكار فرضت على قطاع الانتاج والتوزيع وضعا غير مقبول أدخل الاضطراب على أدائها وأساء إلى سمعتها والحال ان المؤسسات العاملة في القطاع هي «الضحية» لسياسات الدولة المالية سواء بعدم صرف مستحقات القطاع او بالتوجه للسوق المالية الداخلية للاقتراض من البنوك مما فاقم ازمة السيولة التي ادت لتدهور الوضع الاقتصادي للمؤسسات.
عكس اتحاد الاعراف الهجوم على السلطة التنفيذية بالتلميح وبالتضمين، وحمل تحذيرا مبطنا مفاده ان العاملين في قطاع انتاج وتوزيع المواد الاستهلاكية سيتوجهون الى ايقاف نشاطهم اذا استمر الوضع الراهن، وان هذا سيكون سابقة لم تشهدها البلاد لا في 2011 ولا مع الجائحة.
هذا التحذير يترافق مع تاكيد الاعراف على حرصهم على السلم الاجتماعية والمحافظة على القدرة الشرائية للمواطن وقد بلغ استياء المهنيين اشده ولن يحول دون انفجار الغضب الا ان تتفهم السلط استيائهم وتتفاعل ايجابيا مع مطالبهم واولها «إرساء الثقة».
تطور موقف الاعراف واتحاد الشغل ينبئ بان البلاد ستعيش على مواجهة مفتوحة بين المنظمات الاجتماعية والسلطة اذا استمر الوضع كما هو عليه ولم تبادر السلط بانهاء القطيعة بينها وبين باقي مكونات المشهد التونسي والجلوس على طاولة حوار لمعالجة كل الازمات.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115