العنصرية ضد أفارقة جنوب الصحراء: ظاهرة تؤرق التونسيين وتتطلب استراتيجية شاملة

تتنامى في تونس ظاهرة العنصرية او التمييز العنصري ضد المهاجرين واللاجئين خاصة ضد أفارقة جنوب الصحراء.

وتمثّل ذلك في ازدياد حالات العنف والاعتداءات التي سجلت مؤخرا والتي كان ضحيتها مهاجرون من عديد الدول الافريقية قدم بعضهم للعمل أو للتعليم في الجامعات والكليات التونسية رغم ان بلادنا كانت أول دولة في العالم العربي تسنّ قانونا يعاقب على التمييز العنصري سنة 2018 ، الا ان العنف المادي والمعنوي ضد هذه الفئات الهشّة تواصل بشكل بات يؤرق عديد منظمات المجتمع المدني المحلية والدولية مما يتطلب البحث عن أسبابه والحلول الممكنة للحد منه.
يشار الى ان قانون معاقبة التمييز العنصري رقم 50 - 2018 يُمكّن ضحايا التمييز من اللجوء إلى القضاء للإنصاف وطلب العدالة. كما ان تونس مصادقة على الاتفاقية الدولية للقضاء على التمييز العنصري (ICERD) منذ 1967. ويُـقصد بالتمييز العنصري وفقاً للقانون التونسي «كل تفرقة أو استثناء أو تقييد أو تفضيل يقوم على أساس العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو الإثني أو غيره من أشكال التمييز العنصري، والذي من شأنه أن ينتج عنه تعطيل أو عرقلة أو حرمان من التمتع بالحقوق والحريات أو ممارستها على قدم المساواة أو أن ينتج عنه تحميل واجبات وأعباء إضافية.

تجربة صعبة
محمود كابا ناشط مدني من غينيا وطالب في الدكتوراه في العلاقات الدولية في جامعة تونسية تحدث لـ «المغرب» عن قصة هجرته الى تونس بالقول: «أبلغ من العمر 27 عاما واعيش في تونس منذ 12 عاما، ولدت في ليبيا ولكن عائلتي كانت مهاجرة في ليبيا وتعلمت هناك في مدرسة فرنكوفونية ثم اضطررت الى المجيء الى تونس لمواصلة دراستي الثانوية في مدرسة فرنكوفونية نظرا لعدم وجود واحدة في الجوار الليبي» . ويضيف بالقول :«في فترة الدراسة أي خلال عام 2010 لم أعايش صعوبات على غرار العنصرية او التمييز العنصري على أساس العرق، خلال دراستي الثانوية كان اساتذتي يتكلمون الفرنسية الى جانب العربية لذلك لم أشعر بالتمييز وأستطيع القول ان تجربتي خلال المرحلة الثانوية كانت ايجابية وكان هناك تقبل لوجودي من قبل الأساتذة وحتى الطلاب الذين كانوا يحاولون التعرف علي عن قرب. ويتابع قائلا: «وفي الحقيقة لم أجد صعوبات في التأقلم في تلك المرحلة لأني اعرف المناخ المجتمعي بشكل عام بما اني ولدت سابقا في بلد عربي ...واعتدت على نظرات الشارع التونسي بشكل عام تجاه الأفارقة جنوب الصحراء...ويواصل حديثه بالقول: «في الجامعة بدأت بمرحلة جديدة وكانت هناك تغيرات كبيرة بالنسبة لي فقط تغيرت نظرات الطلاب وكنت أشعر بنوع من التمييز من خلال عدم ترحابهم بي بينهم او عدم دعوتهم لي مثلا للخوض في نقاشات عامة علمية او شبابية او غيرها او حتى لتناول الطعام في المطعم الجامعي».

ويتابع محدثنا:«انا لم أعش العنصرية بقدر ما كانت نوعا من التمييز للعنصري فيما يتعلق مثلا ببعض الأساتذة الذين كانوا يتكلمون العربية كل الوقت رغم معرفتهم بان هناك طالب اجنبي لا يفقه العربية وكان لدي شعور بان التلاميذ يتكلمون عنا وعن باقي أقراني الأفارقة ذوي البشرة السوداء بسلبية. ويتابع حديثه بالقول: «في وسائل النقل أيضا تعرضت الى نوع من العنف من قبل مواطن تونسي قام بتعنيفي مع زميل لي أسود ... كما فاجأتني العنصرية في حالات أخرى مثلا عندما استخدم وسائل النقل العمومية وسيارات التاكسي يتوجه لي السائق بالقول «يا كحلة» واعتبرت ذلك صادما بالنسبة لي وأردت حينها ان أوجه رساله لاحد سائقي التاكسيات وقلت له عندما وصلت الى وجهتي «وصلت يا ابيض» فنظر لي بصدمة كبيرة لأني أطلقت عليه التسمية على أساس لونه واعتقد ان رسالتي وصلت له». ورغم كل هذه الأحداث يعتبر محمود كابا بان تجربته كانت إيجابية في تونس وهي أفضل من تجربة أقرانه الأفارقة، فقد تحدث الينا بألم وحرقة عما تعرض له صديقه الافريقي من ساحل العاج من عنف جسدي ولفظي من قبل بعض التونسيين سواء في وسائل النقل العمومي او في الشارع. وأضاف: «اعتقد ان العنصرية في تونس ليست متعلقة فقط بالأفارقة بل ينبغي داخل المجتمع التونسي نفسه حيث يعاني التونسيون من تمييز على أساس لونهم وبشرتهم التي تميل للسواد او السمرة. وهذا ما لمحته وخاصة من خلال بعض الألفاظ المتداولة مثل «كحلة» و«كحلوش» وغيرها».
أما عن رؤيته لضرورة تغيير هذه العقلية فيؤكد ان الحلول ينبغي ان تكون عن نابعة دائما من التعليم لتوعية النشء بضرورة احترام الآخر وعدم التمييز بين البشر على أساس اللون او الجنس او الدين .

غموض وضعية المهاجرين واللاجئين
ذكرت المديرة التنفيذية بالنيابة للمعهد العربي لحقوق الإنسان هاجر الحبشي في معرض حديثها لـ«المغرب» عن واقع التمييز وتنامي خطاب الكراهية ضد المهاجرين واللاجئين في تونس واعتبرت أنّ هناك أسبابا عديدة لهذه الظّاهرة ومن المهمّ النّظر إلى هذه المسألة والتعامل معها بشكل واقعي خاصّة مع الإرتفاع الملحوظ لأعداد المهاجرين واللاجئين وتواتر حالات العنف والتمييز ضد هاته الفئات. وأضافت بالقول : «ومن أهم أسباب تنامي خطاب التمييز والكراهية ضد اللاجئين والمهاجرين كفئات تتواجد في تونس في إطار الهجرة المختلطة غموض وضعية اللاجئين والمهاجرين بدرجة أكبر بالأساس ويبلغ عدد اللاجئين وطالبي اللجوء الـ 9500 حسب آخر الاحصائيات التي نشرتها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بتونس على اعتبار أنها الجهة الموكل لها مسؤوليات استقبال وتسجيل اللاجئين وتوفير الحماية لهم ولكن يبقى الغموض مطروحا على دور الّدولة التونسية في مدى التزامها بالمواثيق الدولية وما تطرحه من رؤى وتصورات عن نجاعة وأهمية خلق منظومات وطنية للتعاطي مع ملفات الهجرة واللجوء.

بالنسبة للمهاجرين لا نكاد نملك المعلومات والمعطيات الدّقيقة حولهم لسنوات فبحسب أوّل مسح قامت به الدولة التونسية مع المرصد الوطني للهجرة بوزارة الشؤون الاجتماعية والمعهد الوطني للإحصاء بالتعاون مع المركز الدولي لسياسات الهجرة ، يقارب عدد المهاجرين الـ 58 الف ومنهم عدد هام يعيشون في تونس بطريقة غير نظامية ولم تعد تونس بلد عبور فقط بل أصبحت تستقبل فئات عديدة من اللاجئين والمهاجرين، وهو ما يطرح مسألة الغموض في الإرادة السياسية لتولّي الدولة التونسية لملف الهجرة واللجوء واعتماد التزاماتها بالمواثيق الدولية والمنظومات القانونية الوطنية كآليات عمل لتعاطي سليم مع هذه الفئات التي يمكن أن تكون رافد ثقافي واقتصادي وتنموي على عكس ما يروّج له. وهذا ما يترك الباب مفتوحا للتّأويلات والاجتهادات الشخصية والتمييز وحتى بعض التصرّفات والسلوكيات غير القانونية والإنسانية سواء من المواطنين التونسيين أو من المهاجرين واللاجئين التي تخلق حالات الاحتقان خاصة في بعض الولايات والجهات ذات التركّز العالي لأعداد المهاجرين واللاجئين مثل صفاقس، جرجيس، مدنين، وتونس العاصمة. بحسب محدثتنا .
وقالت ان تبعات الأزمة تكون أشدّ على الفئات الأكثر هشاشة ومن ضمنهم اللاجئون والمهاجرون. وتضيف: «طبعا الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي نعيشها في تونس وخاصة أزمة الكورونا ساهمت بشكل كبير في هشاشة فئات اللاجئين والمهاجرين وكذلك المواطنين، الكثيرون خسروا أعمالهم وفقدوا مصادر دخلهم، الكثيرون يتعرّضون لتبعات الوضع الاقتصادي وغلاء الأسعار زد عليها صعوبة الوصول للخدمات، كلّ هذا سبّب حالة من القلق والخوف وعدم الأمان . وهذا خلق جوا من الرفض للآخر والانفلات في بعض الأحيان. من جانب آخر دفعت الأزمة التوجّهات الحكومية إلى ترتيب الأولويات والانشغال بمعالجة تبعات الأزمة الصحية والبحث عن حلول للأزمة الاقتصادية والاجتماعية ما جعلها تتغاضى أحيانا عن إيلاء العناية الكافية بالفئات التي تعاني الهشاشة على مستويات كثيرة ومن ضمنها اللاجئون والمهاجرون الذين يعانون من هشاشة مضاعفة خاصة فيما يتعلّق بالوضعية القانونية والوثائق الرسمية للتواجد على التراب التونسي ومدى قدرتهم على الوصول للخدمات.

أدوار متعدّدة لحماية اللاجئين والمهاجرين
تضيف محدّثتنا هاجر الحبشي أن السبب الثاني لتنامي ظاهرة العنصرية يرتكز على مدى تدخّل ومساهمة المؤسسات الحكومية والأطراف غير الحكومية كالإعلام والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني والجمعيات المحلية في مكافحة التمييز وخطاب الكراهية ضد اللاجئين والمهاجرين.
تقول المديرة التنفيذية بالنيابة للمعهد أنّ هناك عملا كبيرا وخطوات سبّاقة قامت بها الحكومة التونسية بالتعاون مع المعهد العربي لحقوق الانسان والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في مجال تطوير إجراءات عملية على مستوى الوزارات تكفل نوعا من الحماية للاجئين بعد مسار من التدريب والمرافقة ، وهي نماذج جيّدة من المهمّ التنويه بها وتعميمها كالتوصّل إلى إمكانية انخراط اللاجئين في منظومة الضمان الاجتماعي والتغطية الصحيّة مع وزارة الشؤون الاجتماعية أو العمل المشترك مع وزارة التشغيل على إصدار وثيقة مرجعية وطنية لتشغيل اللاجئين وتكوينهم. وتأتي هذه الجهود المرحليّة في إطار إيجاد الحلول اللازمة التي تضمن اعتماد اللاجئين على ذواتهم والمساهمة في الدورة الاقتصادية وحفظ كرامتهم من خلال تسهيل وصولهم إلى الخدمات. وأيضا هناك عمل مهم مع المنظمة الدولية للهجرة والمؤسسات الحكومية في مجال حوكمة مسألة الهجرة خاصة على المستوى المحلّي بالتنسيق مع المنظمات الدولية والجمعيات المحليّة والجمعيات التي تمثّل اللاجئين والمهاجرين وهو ما قد يغيّر الصور النمطية عن اللاجئين والمهاجرين ويخفّف من حالات التمييز وحدّة خطاب الكراهية ويعزّز التضامن معهم واندماجهم في المجتمع التونسي.
وأشارت محدثتنا الى ان مجمل الدراسات والأبحاث في علم الاجتماع في المدة الأخيرة تؤكد ان خطاب الكراهية والعنصرية تسبب في أعمال العنف وجرائم ما بين المجتمع المضيف وجملة من المهاجرين من أفارقة جنوب الصحراء. حيث وقعت العديد من حوادث الاشتباكات في عدة مناطق بالبلاد وتزامن مع عنف كبير عبر وسائل التواصل الاجتماعي ودعوات عنيفة تدعو الى طرد المهاجرين. وأصبحت هذه المنصات تشجع على العنف ونشر خطاب الكراهية ضد هذه الفئات الهشة. فمن المهم اليوم تطوير خطابات توعوية وهناك العديد من المبادرات المواطنية التي تعمل على مساعدة هذه الفئات من أجل التعايش السلمي.

فمواجهة خطاب الكراهية والعنصرية – بحسب الحبشي -مسؤولية الجميع، من مؤسسات حكومية ومؤسسات إعلامية ومؤسسات اجتماعية وكذلك منظمات المجتمع المدني. لذلك لا بد من تكثيف حملات التوعية والتثقيف بالحقوق والقوانين التي تجرّم خطاب الكراهية.
وفي ما يتعلق بالمهاجرين واللاجئين لا بد من العمل معهم وتوعيتهم وتعريفهم بالهويات الثقافية لبعض الجهات في الجنوب فمن المهم التعريف بهذا الاختلاف الثقافي بين المهاجرين وهذه الفئات في المجتمع التونسي، وذلك لضمان الوصول الى الهدف المنشود وهو تجريم هذا الخطاب. ودعت الحبشي الى تفعيل القانون رقم « 50 - 2018 » الذي يجرّم التمييز العنصري خاصة انه يعتبر خطوة هامة جاءت نتيجة نضال مجموعة من منظمات المجتمع المدني.

دور مزدوج للإعلام
وبخصوص تنامي خطاب الكراهية والحلول الممكنة لوضع حد لهذه الظاهرة تجيب محدثتنا: «أؤكد على أهمية على دور الاعلام وخاصة في ما يتعلق بمجال التوعية . ولاحظنا تنامي خطاب الكراهية ووجدناه في وسائل الاعلام وحتى عند اعلاميين معروفين في الساحة الإعلامية وهذا مؤشر خطير جدا ووصل هذا الاتهام الى المنظمات الحقوقية التي تعمل في هذا المجال وتعمل على حماية هذه الفئات من منظور حقوقي فأصبحت المنظمات متهمة نوعا ما بأنها لا تراعي أمن البلاد كما انها متهمة بالحصول على تمويلات والغاية من ذلك حماية هذه الفئات دون الاكتراث بالأمن الوطني . وهذا مؤسف جدا فرغم كل المجهودات التي يقوم بها المعهد وجملة من المنظمات الدولية والوطنية من دعم قدرات الصحفيين ولكن للأسف في المدة الأخيرة سمعنا هذا الخطاب ومن وجوه إعلامية معروفة، وهذا يساهم طبعا في تنامي الاحتقان بين هذه الفئات ويكرّس أكثر فأكثر مبادئ التمييز والعنصرية وتنامي خطاب الكراهية». وتتابع بالقول: «لذلك دور الاعلام مهم في التعريف أكثر بهذه القضايا خاصة التثبت من المعلومات التي نجدها في بعض المنابر، للأسف مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت فضاء للسب والشتم كذلك لجأ بعض السياسيين في تونس للتذرع بوجود اللاجئين والهروب من الفشل في إيجاد حلول لمشاكل البطالة وغيرها وكأن المهاجرين واللاجئين هم السبب في ذلك. وهذا من شأنه ان يعمّق الهوّة ويطوّر الخطاب الرافض للتعايش والتماسك الاجتماعي بين هذه الفئات . لذلك فإن المعهد العربي لحقوق الانسان ومجموعة منظمات في تونس تعمل على تطوير برامج التماسك الاجتماعي وقبول الآخر من خلال تطوير برامج ثقافية لان البعد الثقافي والتنوع الثقافي من شأنه ان يقرب بين وجهات النظر. وكذلك العمل على ابراز قصص النجاح لمجموعة كبيرة من المهاجرين وكذلك اللاجئين الذين تمكنوا من الاندماج الحقيقي في المجتمع التونسي وهم يساهمون في التنمية الاقتصادية من خلال إطلاق مشاريع توفر فرص عمل هامة للتونسيين».

تحديات للاجئين وللدولة التونسية
من جهته، أكد عبد الناصر النصراوي الناشط المجتمعي لـ«المغرب» أن تزايد أعداد اللاجئين وطالبي اللجوء في تونس بشكل لافت خلق تحديّات كثيرة للاجئين وللدولة التونسية على حد السواء. ويضيف: «حاليا ليس هناك في تونس قانون ينظّم مسألة اللجوء رغم وجود مشروع قانون منذ 2012 وهو ما يضعف مبدأ حماية اللاجئين وطالبي اللجوء ويجعلهم في وضعية هشاشة اقتصادية واجتماعية. ويتابع:«يواجه اللاجئون وطالبوا اللجوء في تونس مصاعب كبيرة في الوصول لحقوقهم سواء في الصحّة أو التشغيل ساعدت بعض الإجراءات العملية وتعاون المؤسسات الحكومية في إيجاد حلول لمشكلة التشغيل مثلا ولكن تبقى هذه الإجراءات ظرفية ولا تشمل كلّ اللاجئين وطالبي اللجوء.

ويلفت محدثنا النظر الى ان هناك جوانب أخرى كثيرة يعاني منها اللاجئون وتتجاوز الوصول للحقوق كالصحة والعمل والتعليم ولكنها تتعلّق أكثر بالتمييز والإقصاء وخطاب الكراهية الذي يتعرّضون له. وتتمحور أسس ومسببات هذا التمييز وأحيانا التحريض ضد اللاجئين حول الفكرة الساذجة بأن اللاجئين يستحوذون على فرص العمل والمشاريع الاقتصادية التي من المفترض أن تكون للمواطنين التونسيين وفكرة أن اللاجئين هم سبب غلاء أسعار كراء المنازل وأفكار أخرى كثيرة وأحكام مسبقة تكشف عن عدم دراية بواقع اللاجئين في تونس. وهو ما يتطلّب أيضا – بحسب محدثنا - جهودا كبيرة من الدولة ومن منظمات المجتمع المدني في مسألة التوعية بحقوق اللاجئين وأهمية حمايتهم وإدماجهم في الحياة الاقتصادية والاجتماعية. وقال :«برأيي ليس هناك من طريقة لمعالجة كل هذه التحدّيات إلاّ بالمصادقة على مشروع القانون الوطني لحماية اللاجئين وتحمّل الدّولة التونسية لمسؤولياتها في حماية هذه الفئات المستضعفة وممارسة سيادتها على أرضها من خلال التكفّل بتنظيم تواجد اللاجئين وطالبي اللجوء وتوفير الحماية الضرورية لهم ومحاولة استثمار قدراتهم في المساهمة في الدورة الاقتصادية وكل الجوانب الأخرى الاجتماعية والثقافية والعالم مليء بأمثلة ونماذج رائعة عن الاندماج والحماية وقدرة اللاجئين على الإبداع والمساهمة في نماء ورقيّ الدول».

لا شك أن المجتمع المدني في تونس استفاد كثيرا من الإصلاحات القانونية التي تلت التحول الديمقراطي الذي شهدته البلاد. لكن ينبغي العمل على دعم وتمكين المجتمع المدني في العالم العربي، لا سيما الجهات التي تعمل على حفظ حقوق ضحايا التمييز بكل فئاتهم. قد يكون من المجدي أيضا قيام الدول العربية، وخاصة تلك التي صادقت على مواثيق دولية لمكافحة العنصرية، مثل الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري ICERD، بمواءمة التشريعات الوطنية مع أحكام الاتفاقيات الدولية» على حد قوله .

الأكيد اليوم ان مكافحة العنصرية هي معركة واسعة النطاق، لا يمكن حصرها في بلد معين أو في سياق محدد ويلقى على عاتق منظمات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية سواء المحلية او الدولية دورا كبيرا في التوعية بمخاصر التمييز العنصري الذي يستهدف هذه الفئات الهشةّ على غرار منظمة «صحفيون من أجل حقوق الإنسان» والتي تعمل على تطوير وسائل الإعلام وخدمة قضايا حقوق الإنسان. وقد أطلقت في تونس مؤخرا برنامج «عالم كندا: صوت للنساء والفتيات» وهو يستهدف وسائل الإعلام والمجتمع المدني ومنظمات حقوق المرأة والمؤسسات الأكاديمية وصنّاع القرار وغيرهم من أصحاب المصلحة الرئيسيين المدافعين عن حقوق الإنسان. ويهدف المشروع إلى تطوير قطاع الإعلام وتعزيز الشراكات بين الحلفاء الرئيسيين نحو هدف تعزيز حقوق الإنسان للنساء والفتيات من خلال تطوير وسائل الإعلام. وكذلك التركيز على مكافحة خطاب الكراهيّة في الاعلام ضد النساء والأقليّات والفئات الهشّة . فالتغيير نحو الأفضل وحماية حقوق الفئات المهمشّة يبدأ من العمل التوعوي عبر الاعلام وغيره . وذلك انطلاقا من تكريس مفهوم الحقوق الكونية للإنسان وبأن الحقوق لا تتجزأ.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115