في اجتماع مجلس الوزراء: الرئيس يدعو خصومه إلى أدراك الواقع وهو الذي يغفل عنه

يبدو اليوم ان الرهان في البلاد مرتبط بمن يحكمها ليس اقتصاديا وماليا لكنه سياسي. بما جعل الرئيس يخير مرة اخرى منح الاولوية للملف السياسي

ليخصص اول اجتماع مجلس وزاري لشهر ديسمبر لتقديم تصورات الرئيس القديمة الجديدة. حول القضاء والشركات الاهلية وعن البناء القاعدي.
«هناك من يعطل لينكل بالشعب... ليغرق في القمامة»... «يقولون ليست لنا اموال لصرف الاجور وهذا ليس صحيحا». هذه الكلمات صدرت عن رئيس الجمهورية قيس سعيد في خطابه الموجه لأعضاء الحكومة لدى اشرافه على اجتماع المجلس الوزاري لدى تطرقه الى اضراب اعوان شركة السكك الحديدة.
اضراب استمر لليوم الثاني، نتيجة تأخر صرف اجور اعوان وعمال الشركة وفق البلاغ الصادر عن النقابة، اجاب عنه الرئيس بشكل غير مباشر بقوله ان الاجور وقع صرفها يوم امس الخميس، ليرتفع صوت في قاعة ليعلمه انها صرفت منذ يوم الاثنين الفارط، في مساهمة لتأكيد ان الازمة «مفتعلة».
حدّ كل هذا في اجتماع مجلس وزاري اثثه الرئيس بخطاب قدم فيه اجابات عن الانتقادات التي وجهت اليه بشكل مباشر او مبطن، وقبل ذلك عاد للحديث عن تاريخ الثورة وموعدها ليعلن انه قرر تغيير التاريخ وجعل 17 ديسمبر يوم عيد الثورة وليس يوم 14 جانفي.
هنا تحدث الرئيس مرة اخرى عن ان الانفجار الثوري انطلق من سيدي بوزيد لكن تم احتواء الثورة حتى يتم اقصاء الشعب في 14 جانفي 2011 واسترسل الرئيس في خطابه ليتحدث عن الشركات الاهلية ومنها انتقل الى القضاء، وهنا اعلن بشكل صريح عن تصور الرئيس لإصلاح القضاء.
اذ وفق الرئيس لا يمكن ان تستمر تونس بقضاء فيه «من ليس في مستوى المسؤولية» وان الغرض، والقصد هنا المجلس الاعلى للقضاء، الذي يقول أعضاؤه أنهم سيتولون اصلاح القضاء وهذا غير مقبول بالنسبة للرئيس فـ«الدولة التونسية هي التي تنظم القضاء وليس القضاء بناء على توازنات سياسية وتدخلات». وهنا وبشكل جلي وواضح يتضح ان الرئيس وفي حملة تطهيره للقضاء ينوي ان تكون يد الدولة. أي السلطة التنفيذية، هي العليا وهي التي تطهر القضاء وتصلحه.
وهنا اعلن الرئيس انه وفي الايام القادمة سيقع الاعلان عن المواعيد التي ينتظرها الشعب. وفصلها بأنها انطلاق الحوار الالكتروني الذي بات يطلق عليه اسم الاستفتاء الالكتروني. الذي سيعبر عن ارادة الشعب وأي نظام حكم يريده وهو ما ستتولاه لجنة تصوغ الاصلاحات القانونية والدستورية.
هذه هي النقاط التي تطرق اليها الرئيس، سياسية بامتياز تعلقت بمشروعه وتصوراته لتطهير البلاد من الفساد وتغيير نظاما السياسي بما يستجيب لرغبة الشعب. دون اشارة من قريب او بعيد عن ملامح قانون مالية 2022، التي لم يعد يفصلنا عن حلول اجالها غير اربعة اسابيع.
كل هذا والرئيس ينتقد خصومه ويعتبره انهم منفصلون عن الواقع وعن التاريخ. وعليهم ان ينظروا إلى أنفسهم في المرآة. وان لا يفرضوا على الشعب تصوراتهم الخاصة. كل هذا جد ساعات بعد ان صرح الامين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي بان «عدم صرف أجور موظفي الشركة يشكل خطرا كبيرا»، في اشارة الى دلالات تاخر صرف اجور موظفي شركة السكك الحديدية.
تاخير نفته الرئاسة وقالت انه «تعطيل» مفتعل بهدف الانحراف بارادة الشعب كما هو الحال في ملف النفايات في صفاقس، وهذا يؤكد ان الرئاسة وهي السلطة الفعلية اليوم في البلاد تعيش في غير واقعنا. فبالنسبة لها المسار الثوري مستمر لتحقيق غايته وهي لا تبصر غيره وغير الاخطار التي تعتبر أنها تهدده.
دون هذا هي لا تستشعر أي خطر يحدق بالبلاد، سواء أتعلق الامر بقانون ماليتها 2022 او باللاستقرار الاجتماعي والسياسي. وهو ما لمح اليه الطبوبي بقوله ان البلاد قد تتجه الى «انزلاق ومزيد من التأخر والخطر»، والانشغال بإنتاج «شعارات وبطولات وهمية وخطابات رنانة ومناكفات شخصية ووهمية».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115