بيان النهضة والتلميح لنهاية زمن الغنوشي في الحركة وفي البرلمان : مناورة جديدة

تتدرج حركة النهضة في موقفها السياسي حول ما حصل في 25 من جويلية 2021 من الرفض والإنكار الى البحث عن تقليص الأضرار

التي ستترتب على الحركة وقادتها، لتعلن في بيان لرئيسها راشد الغنوشي عن انها تعرض صفقة تقدمها على انها «نهاية زمن الغنوشي» في الحركة وفي البرلمان مقابل مخرج آمن.

بعد ان ارتفع الصوت كثيرا واقسم قادة حركة النهضة عن ان ما وقع انقلاب، جاء بيان صادر عن النهضة موقع من قبل رئيسها راشد الغنوشي ليعلن عن ان ما اتاه رئيس الجمهورية هو الحل الوحيد الذي تبقى للخروج من الازمة السياسية والدستورية حتى وان كانت تعتبر ان ما قام به «ذهب بعيدا في الخرق الجسيم للدستور».
محاولة صياغة موقف تقر فيه الحركة بأنها تقبل خطوة الرئيس وتفعل الفصل الـ80 كمخرج من ازمة سياسية ومؤسساتية ودستورية مع التنصيص على ان ما وقع اختراق للدستور، هي توليفة ترغب من خلالها النهضة في توفير هوامش للحركة امامها علها تضمن بأحدها نجاتها.

فالنهضة التي اعلنت امس انها كونت لجنة لإدارة الأزمة السياسية في البلاد وعزمها على التفاعل الإيجابي من أجل استكمال المسار الديموقراطي المعطل، تعتبر ان انقضاء اكثر من اسبوعين عن يوم 25 جويلية 2021 دون ان تقدم الرئاسة خارطة طريق او ان تعلن عن تصوراتها، مؤشر على ان هناك امكانية للوصول إلى حل تكون جزءا منه.
لذا ولاقتناص هذه الفرصة تقدم النهضة ما تريد له ان يسوق كـ«مراجعة» تتمثل في ادراكها ان الأزمة في تونس مركّبة ومتراكمة مما ادخل البلاد في حلقة مغلقة سياسيا ودستوريا. وعليه فان قرارات 25 جويلية الرئاسية جاءت بهدف «كسر هذه الحلقة المغلقة بحثا عن حلول» كما ورد في بيان النهضة.
بيان تقر فيه النهضة بان الغضب الشعبي من الطبقة السياسية «مشروع» في ظل غياب منجزات تنموية ترتقى إلى مستوى انتظاراته لتجدد الحركة ورئيسها راشد الغنوشي انهما «تلقيا رسالة الشعب» وان الحركة «ستعلن بكل شجاعة عن نقدها الذاتي».

ولا يقف الامر هنا بل ان الحركة تعلن انها ومن اجل العودة للمسار الديمقراطي وعمل المؤسسات مستعدة للتفاعل الإيجابي وأنها لن تتأخر عن دعم أية توجهات تحترم الدستور وفيها مصلحة عامة وستعمل على إنجاحها. من ذلك الحرص على إنفاذ القانون على الجميع دون استثناء وملاحقة الفاسدين وإنجاز الإصلاحات الاقتصادية والسياسية التي تحتاجها البلاد.
مراجعة تقول النهضة انها ستدفعها الى ان تكون «مرنة» والمهم هنا عودة البرلمان للعمل بهدف إعداد البلاد إلى انتخابات مبكرة، فالحركة تعتبر ان الانتخابات من المخارج الممكنة اليوم للازمة وللوصول اليها تعرض ضمنيا تخلي رئيسها راشد الغنوشي عن موقعه في ادارة البرلمان، وذلك بالقول انها ستكون مرنة في ما يتعلق بادارة البرلمان.
ونهاية عهد الغنوشي ستشمل كذلك رئاسة الحركة التي يقول البيان الصادر عن النهضة انه سيلتزم بالقانون الداخلي لها ولن يترشح لعهدة ثالثة في المؤتمر الـ11 الذي قالت انها تحرص على ان يكون قريبا. لتنزيل مخرجات المراجعة والنقد الذاتي.

وكخطوة لابراز حسن النوايا تعلن الحركة انها شكلت لجنة لإدارة الأزمة السياسية، برئاسة عضو المكتب التنفيذي محمد القوماني. وتقول ان هذه اللجنة ستدير الملف السياسي بشكل حصري اذا تعلق الامر بالبحث عن حلول للعودة لمسار الطبيعي وعودة المؤسسات.
هذا الموقف قد يلتقط في ظاهره على انه تراجع من الحركة واستيعاب لكل ما حدث سواء في المشهد السياسي التونسي او في بيتها الداخلي، لكن التمعن في البيان ومعرفة ان محمد القوماني من المقربين لراشد الغنوشي يتضح جليا انها «مناورة».
مناورة تهدف الى العودة بحركة النهضة الى ما قبل 2019. أي ان النهضة تريد ان تسوق عرضها على انه ناتج عن مراجعة وقفت على الاخطاء التي ارتكبت من قبل الحركة وقادتها ولكن الامر مختلف كليا.

فالنهضة ووفق ما تعلنه في بيانها هي في طور المناورة وتقليص تداعيات احداث 25 جويلية عليها وعلى موقعها في الحكم، أي انها تبحث عن وقف الخسائر في مرحلة اولى والانطلاق في صياغة توازنات جديدة في المشهد لاحقا بعد ان ادركت بشكل كلي ان كل الثقل بات في يد رئيس الجمهورية قيس سعيد وانه اللاعب الابرز ولا يمكنها مجاراته الا بمناورة تقدم على انها «تنازل» ومراجعات» ليست الا اعادة ترتيب المشهد.

مشهد سيحرص رئيسها راشد الغنوشي على ان يكون ممن يصغون اليه حتى وان كان ذلك باعتماد «واجهة» هي لجنة الازمات.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115