تونس تحتضن 8465 لاجئا وطالب لجوء منهم 3350 من النساء: اللاجئات بين التمكين الاقتصادي والإدماج المؤقت ...تحديات كبرى ومصاعب جمّة

عرفت تونس في تاريخها موجات عديدة من النزوح واللجوء فكانت «الخضراء» تؤنس غربة اللاجئين وتخفف لوعة بعدهم عن وطنهم الأم بكل ما يفرضه ذلك

من تحديات وصعوبات. وتحكي الأسطورة قصة الأميرة الفينيقية أليسار او «عليسة» التي جاءت من صور اللبنانية هربا من المخاطر في بلدها الأم ، وأسست فيما بعد حضارة قرطاح العريقة أو «قَرْتْ حَدَشْتْ» في اللغة الفينيقية.
كما احتضنت تونس الأندلسيين الفارين من محاكم التفتيش في اسبانيا والليبيين الذين أضناهم قمع السلطات الاستعمارية الإيطالية في بدايات القرن العشرين، وكذلك في مرحلة لاحقة في سنة 2011 حينما قدموا كنازحين هربا من الحرب الدائرة في بلدهم . كما استقبلت تونس الجزائريين في خضمّ كفاحهم ضد فرنسا الاستعمارية . وكانت ملجأ الفلسطينيين حينما خرجوا من بيروت بضغط من القوات الدولية .
واليوم تتحدث المعلومات والتقارير الرسمية عن أن تونس تحتضن الآن قرابة
8465 لاجئا وطالب لجوء منهم 3350 من النساء ، وتتصدر ساحل العاج وسوريا نسبة اللاجئين وطالبي اللجوء .
رحلة اللجوء وتحدياتها
ايمان الجاف لاجئة عراقية من مواليد 1965 قدمت مع زوجها الى تونس منذ سنة 2006 وتحكي لـ«المغرب» قصة لجوئها وأهم المصاعب التي واجهتها فتقول: «خرجت من العراق هربا من الحرب وقدمت الى تونس مع أولادي وزوجي وواجهتني آنذاك صعوبات عديدة لعل أشدها كان اختلاف «اللهجة» . مما سببّ لي صعوبات في التواصل في المجتمع التونسي وقد واجهت معاناة عديدة وبعدها توجهت الى المفوضية السامية للاجئين وتمكنت من الحصول على الموافقة على طلب اللجوء وحينها بدأت أوضاعي تستقر بشكل أفضل . وقد ساعدتني المفوضية -بمعية شركائها- في تأسيس مشروع خاص للخياطة وحياكة الملابس التقليدية التونسية، ولكن وباء كورونا أثرّ للأسف في مشروعي بشكل كبير فتراجع الإنتاج والطلب». وتضيف محدثتنا بالقول: «مررتُ بظروف صعبة بسبب مرض زوجي مما جعلني أتحمّل مسؤولية مصاريف العائلة بمفردي . وقالت «معاناة المرأة كلاجئة تكون أصعب في مجتمع جديد . وتضيف: «تواصلت مع المعهد العربي لحقوق الانسان قبل أربع سنوات حيث انخرط أطفالي في دورات خاصة تتضمن نشاطات عديدة لدعم أطفال اللاجئين بشكل عام وتسهيل وتخطي صعوبات الاندماج في المجتمع التونسي».
ايمان واحدة من عديد اللاجئات اللواتي خضنْ تجربة النزوح الى تونس بكل المصاعب والتحديات ، سواء من خلال مخاطر الطريق او غيرها من الصعوبات التي إذ تعرض لها اللاجئة لكونها امرأة بالدرجة الأولى ، في رحلة اللجوء والبحث عن الوطن البديل. فتتعرض عديد اللاجئات أثناء قدومهن سواء بالبحر او بالبر عبر الحدود الليبية لاعتداءات بالعنف الجسدي او النفسي وغيرها. ويشرح نوفل التونسي مدير مكتب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في جرجيس في هذا الحديث لـ«المغرب» وضع اللاجئين وطالبي اللجوء في تونس بالقول: «ان طبيعة عمل ومهمة المفوضية السامية للاجئين في تونس تقديم المساعدة للحكومة التونسية. فالحماية التي تقدم للاجئين وطالبي اللجوء بالأساس تتحمل مسؤوليتها الدولة التونسية، والمفوضية موجودة لتخفيف العبء . ويضيف: «نعرف ان كل ما له علاقة بالميزانية تتعلق بمساعدة اللاجئين من الجانب الصحي او التعليم او الإعاشة او السكن وغير ذلك تتكفل به المفوضية وكل ما يتعلق بالحماية الجسدية والقانونية للأشخاص يدخل تحت مسؤولية الدولة التونسية. ولكن ذلك لا يمنع من ان المفوضية لها مصلحة وهيئة خاصة قانونية بالشراكة مع المعهد العربي لحقوق الانسان تقوم من خلالها بمتابعة أية حالات تتعرض لبعض المشاكل القانونية والقضائية. وتقوم الوحدة القانونية التابعة للمعهد العربي لحقوق الانسان بمتابعة الحالات». ويوضح محدثنا :«الدولة التونسية موقعة ومصادقة على اتفاقية 51 وبروتوكول 67 الذي يحمي اللاجئين وتضمن حقوقهم وواجباتهم. وتونس كدولة محتضنة للاجئين لم نجد معها أية صعوبة مثل حالات الطرد او ارجاع أشخاص الى البلد الأصلي لكن نجد صعوبات في ادماج بعض اللاجئين . فالحلول الدائمة التي تشتغل عليها المفوضية هي العودة الطواعية عندما يطلب الشخص النازح او اللاجئ العودة الطواعية الى بلده الأصلي خاصة عندما تكون الظروف ملائمة ولا يكون هناك خطر يهدد حياته . و هناك الادماج المؤقت لكي لا يكون اللاجئ عبئا سواء من خلال توفير العمل ببعض المشاريع الصغرى او بعملية إعادة التوطين والتي تكون في حالات نادرة، ولأسباب معينة كذلك تتم إعادة التوطين لبلدان أخرى». ويضيف: «منذ قدوم طالبي اللجوء او اللاجئين تقوم المفوضية بالعمل مع شركاء ميدانيين، فهناك المجلس التونسي للاجئين حيث يقع تسجيل الطلبات في مرحلة أولى ثم يقع ارسالها للمفوضية وتشتغل عليها لدراسة طلبات اللجوء من الناحية القانونية . وهناك كذلك المعهد العربي لحقوق الانسان الذي يعمل كشريك متميز يقوم بعدة نشاطات ومهام قانونية لحماية اللاجئين، وكل ما هو مناصرة للقانون الوطني الذي نشتغل عليه منذ سنوات وبطلب من الحكومة التونسية ، وهو قانون وطني خاص باللاجئين بتونس . ونقوم مع المعهد العربي لحقوق الانسان -وهو أحد شركائنا - بعدة دورات تكونية لعدة كوادر من مختلف الوزارات التونسية لتعزيز قدراتهم وفهم المواثيق الدولية وحماية اللاجئين . أما الشريك الثالث فهو منظمة «تامس»
« TAMSS”وهي شريكنا في كل ما يتعلق بالإدماج المؤقت للاجئين مثل بعث مشاريع صغرى او إيجاد فرص عمل».
أرقام ومؤشرات
ويقدم نوفل التونسي بعض الأرقام والاحصائيات المتعلقة بأعداد النازحين واللاجئين في تونس فيوضح بالقول: «بحسب آخر احصائياتنا الى موفى شهر جوان ، لدينا الآن ما يقارب 8465 لاجئا وطالب لجوء ، منهم 3350 من النساء ومن أكثر جنسيات من طالبي اللجوء نجد ساحل العاج حوالي 3511 بينهم عدد قليل من الذي تحصل على طلب اللجوء . وثم يليهم السوريون اذ لدينا ما يقارب 2135 لاجئ سوري في تونس والجنسية الثالثة من الكاميرون وبعدها غينينا والسودان وبلدان متفرقة» . أما عن الصعوبات التي تواجه المفوضية مع هذا الملف الصعب يوضح محدثنا: «الصعوبات عديدة لعل أهمها ان بعض اللاجئين يتوافدون من غير جوازات سفر وهذا ما يعيق ادماجهم في تونس واحيانا نجد أطفالا من غير وثائق الدراسة خاصة ممن هربوا من الحروب . فنجد صعوبة في الحاقهم بالمدارس الحكومية. فانعدام الوثائق يخلق لنا صعوبات أكثر في الادماج المؤقت للاجئين» . ويضيف: «اما جغرافيا فإن اللاجئين يتوزعون تقريبا على ثلاث ولايات ، ولاية تونس هي الأولى بحوالي 2186 وولاية أريانة هي الثانية بحوالي 2100 لاجئ ، في حين تستضيف ولاية صفاقس حوالي 929 والنسبة الباقية موزعة بين ولاية مدنين وولايات أخرى . ففي تونس ليس لدينا مخيم يأوي اللاجئين لذلك هم يتوزعون على المناطق الحضرية ولكن لدينا ثلاث مبيتات موجودة على مستوى ولاية مدنين وجرجيس لتوفير السكن للحالات الصعبة من ذوي الاحتياجات الخاصة او بعض الحالات الخاصة مثل امرأة بمفردها او مع أطفالها من غير زوج ، او قصرّ دون مرافقين او أولياء . كما نضطر أحيانا لتأمين السكن للحالات الخاصة خاصة بالنسبة للقوارب التي يقع انقاذها في البحر على شواطئنا ومهمتنا تتمثل في ايجاد مكان مناسب لهم للحجر الصحي المؤقت خاصة في خضم جائحة كورونا».
النساء معاناة مضاعفة
رحلة النزوح بكل معاناتها وصعوباتها على اللاجئين تكون صعوباتها مضاعفة أكثر بالنسبة للاجئات وطالبات اللجوء . وحاليا تحتضن تونس قرابة 3350 لاجئة حيث هناك بعض الحالات التي تعرضت للعنف في بلدها او على طريق السفر برا او بحرا . ويتابع نوفل التونسي :«بعض النساء وقع انقاذهن في البحر وتقع المتابعة حالة بحالة وتوفير مساعدات استثنائية للحالات الخاصة بإشراف فريق مختص في تونس او الجنوب او صفاقس لدراسة هذا النوع من الحالات. واحيانا يستوجب الأمر في بعض الحالات المتدهورة متابعة خاصة وتقديم كل ما هو مساعدة خاصة. وحتى بالنسبة الى القصرّ والأطفال غير المصحوبين بأولياء تقع متابعتهم حالة بحالة من أجل تأمين مساعدات خاصة تؤمن لهم سواء بالنسبة للتعليم او الصحة او دورات تكوينية وتعليم اللغات مثل العربية او الفرنسية . وأضاف: «هناك اليوم أقسام خاصة للأطفال السوريين مسجلين بمدارس حكومية في مختلف الولايات وخاصة في ولاية قابس بالتنسيق مع الإدارة الجهوية للتعليم.»
وعي جديد
بناء القدرات والمناصرة مشروع يهدف لوضع إطار وطني يحقق حماية وإدماج أفضل للاجئين وطالبي اللجوء في تونس. ويسعى المشروع للعمل في إطار تحقيق أهداف الميثاق العالمي بشأن اللاجئين وتوفير إجراءات عملية ملموسة لتدعيم الاستجابة المحلية ومعاضدة جهود تقاسم المسؤولية على مستوى العالم في استقبال وحماية اللاجئين وطالبي اللجوء. ويشرف على هذا المشروع المعهد العربي لحقوق الانسان بالشراكة مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بتونس وبدعم من الاتحاد الأوروبي.
وتقول المديرة التنفيذية بالنيابة في المعهد العربي لحقوق الإنسان هاجر حبشي بأن عديد المشاريع التي تعنى باللاجئين وتمكينهم ودعمهم تُنفّذ بتونس بالتعاون مع المتدخلين الخارجيين أو المحليين، وتضيف: «الجهة الأولى التي تشرف على قبول والنظر في طلبات اللجوء في تونس وتعمل على تقديم الحماية للاجئين وطالبي اللجوء هي المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بتونس، وتعمل في إطار شراكات استراتيجية مع عدد من المنظمات والجمعيات، وهي أساسا المعهد العربي لحقوق الإنسان والمجلس التونسي للاجئين والجمعية التونسية للتصرف والتوازن الاجتماعي (Tamss)». وتتابع : «كل طرف من هؤلاء الشركاء لديه مهام معينة، فالمعهد العربي لحقوق الإنسان يعمل على دعم قدرات كل المتدخلين في مسألة اللجوء في تونس حول قضايا اللجوء والمنظومة الدولية ومناصرة صانعي القرار لوضع أطر قانونية تحمي اللاجئين وطالبي اللجوء في تونس. فمهمتنا الأساسية هي إعداد الأرضية القانونية والمؤسساتية وتطويرها لتكوين بيئة ملائمة لتحقيق الحماية الدولية للاجئين وطالبي اللجوء».
وتوضح الحبشي :«تونس مصادقة على اتفاقية جنيف لسنة 1951 والبروتوكول المتمّم لها لسنة 1967 وكذلك قامت منذ 2012 بمبادرة تشريعية مهمة وهي وضع مشروع قانون وطني لحماية اللاجئين». وتتابع :»نحن كمعهد عربي منذ سنة 2015 نعمل على التعريف بالقانون ومناصرة صانعي القرار من أجل المصادقة عليه، إلا انه لم ير النور، وهو إلى حد الآن عند رئاسة الحكومة في انتظار تمريره على المجلس الوزاري ومن ثم إلى مجلس نواب الشعب».
وتؤكد الحبشي بأن من التحدّيات الأساسية التي تعترض هؤلاء اللاجئين الحصول على الوثائق اللازمة من أجل العمل في تونس ضمن الأطر القانونية التي توفّر لهم الحماية وتحفظ كرامتهم وتمنع تعرّضهم للاستغلال. فاللاجئ عندما يخرج من بلاده أحيانا لا يحمل معه أوراقه الثبوتية. ومن ضمن الوثائق الهامة بطاقة إقامة وجواز سفر ساري المفعول. وتؤكد الحبشي بان هذه المشكلة اعترضتهم مع الأشقاء السوريين بسبب عدم وجود سفارة في تونس. حيث عمل المعهد والمفوضية مع الوزارة المكلّفة بالتشغيل والتكوين المهني على تسهيل الإجراءات والوثائق المطلوبة في التقدّم بملفات طلب التشغيل أو التكوين المهني وذلك عن طريق إعداد وثيقة وطنية مرجعية في مجال تشغيل اللاجئين وتكوينهم والتي ستصدر في الفترة القادمة.
وتؤكد الحبشي بأن هناك عملا كبيرا قام به المعهد مع شركائه نحو التوعية والإرشاد. وتوضح بالقول: «قمنا بإعداد العديد من الومضات التوعوية للتعريف بحقوق اللاجئين وضرورة ادماجهم في المجتمع التونسي لأنهم ليسوا من المنافسين للمواطنين المحليين. فقد جاؤوا إلى تونس طلبا للحماية وهذا حقهم في القانون الدولي والإنساني. وكل دولة أمضت على الاتفاقيات الدولية الخاصة بقضايا اللجوء ملزمة بتقديم الحماية لهذه الفئات المستضعفة التي تعيش في هشاشة اقتصادية واجتماعية. ومع كورونا أصبحت الهشاشة مضاعفة وهو كذلك حال التونسيين بسب الظروف التي تمرّ بها البلاد. فعديد الشركات اضطرت إلى غلق مكاتبها وتصريف العديد من العمال وكان اللاجئون من ضمن الفئات التي تضررت كثيرا بهذه المسألة».
وتتابع : «دور المعهد هو العمل مع المؤسسات الحكومية لحماية اللاجئين وتوعية للرأي العام الوطني بضرورة العمل على ادماج اللاجئين على المستوى الاقتصادي والاجتماعي. وهناك عمل كبير من أجل إدراج اللاجئين في الخطة الوطنية للوقاية من فيروس كورونا. وتضيف: «المهم هو أننا لمسنا بعض النتائج فيما يتعلق بالاستفادة من منظومة الضمان الاجتماعي والخدمات الصحية بنسب صغيرة. يعني هناك تجاوب من الحكومة التونسية بعد ان تلقى موظفوها ومسؤولوها العديد من الدورات التدريبية وعرفوا احتياجات الفئات الهشة، وكان لديهم خلط كبير بين المفاهيم وأصبحوا الآن ينظرون إلى طالبي اللجوء بمقاربة حقوقية. إضافة إلى ذلك قمنا بعمل كبير مع الإعلاميين والصحافيين من أجل تغيير الخطاب والمصطلحات التي تتعلق باللاجئين مثل تغيير مصطلح المهاجرين غير الشرعيين، إلى المهاجرين غير النظاميين وغيره».
وتتابع: «أريد أن أشير إلى أن وحدة المساعدة القانونية في المعهد تؤمّن المرافقة والمساعدة القانونية للاجئين الذين لديهم مشاكل خاصة المتعلقة بالوثائق الإدارية. وتقوم هذه الوحدة التي لديها فروع في عدة ولايات بالنظر في الملفات. فهناك قرابة 450 ملف للاجئ وطالب لجوء لتونس لديهم ملفات عديدة تتعلق أساسا بالحصول على الجنسية التونسية وتسجيل الولادات. كما ان هذه الوحدة تقوم بالتدخل والمرافقة القانونية في حال حصول أي طارئ جزائي، وغير ذلك فإن الوحدة تهتم بالمشاكل المتعلقة بالأطفال القصّر غير المصحوبين وذلك مع قاضي الأسرة ومندوبي حماية الطفولة في تونس. وهناك العديد من المشاريع التي تستهدف ادماجهم في المراكز المخصصة لحماية الأطفال ليقع دعم وتثمين العمل والاستفادة من التجارب على مستوى عربي.
كما عمل المعهد على الفئات الأكثر هشاشة من بين اللاجئين وخاصة النّساء حيث رغم أهمية ونجاعة البرامج والخدمات التي تقدّمها المؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني للنساء اللاجئات في تونس ورغم الجهود المبذولة لضمان حماية النساء اللاجئات من العنف والاستغلال، إلا أن هذه الجهود ينقصها آليات التنسيق والعمل المشترك من أجل حماية النساء ضحايا العنف من اللاجئات وهو ما عمل عليه المعهد والمفوضية بالشراكة مع وزارة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السن وعدد من منظمات المجتمع المدني.
قصص نجاح
والملاحظ بأن عديد اللاجئات تمكنّ من تحقيق مشاريعهن الخاصة في تونس بدعم من بعض المنظمات والجمعيات المحلية التي تُعنى بالمهاجرين . فهناك مشاريع صغرى وقع بعثها مثل الخياطة والتطريز او بيع المواد الغذائية او بعث مطاعم وبعضها حقق نجاحا. في هذا السياق تؤكد شامة قرقوري جموسي المديرة التنفيذية في جمعية» تامس» الحقوقية التي تُعنى بتمكين اللاجئين والنساء بشكل عام في حديثها لـ«المغرب» بأن الجمعية موجودة في تونس منذ عام 2006 وهي ناشطة على الميدان واختصاصها هو التمكين الاقتصادي للشباب والنساء الذين لا يمتلكون الإمكانيات وبشكل عام الفئات الهشة المتواجدة في المناطق الفقيرة او الريفية . وتتابع بالقول :» لدينا أهداف عامة وطورنا الميدان وهذا الاختصاص مكننا من إطلاق عديد المشاريع ودخلنا في شراكة مع المفوضية السامية للاجئين منذ عام 2019 تحت عنوان «التمكين الاقتصادي والاجتماعي للاجئين وطالبي اللجوء». فطالب اللجوء هو من غادر بلده رغما عنه نتيجة أسباب عديدة مثل الاختلاف في الدين والسياسية والأفكار الايديولوجية وغيرها بعكس المهاجر الذي يغادر وطنه بإرادته . وتضيف :» يأتي الينا رجال ونساء من عديد الجنسيات سواء السورية وغيرها وهناك أيضا من الكوت ديفوار واريتيريا وعديد البلدان . وتوضح محدثتنا :» ان التمكين الاقتصادي مهمة صعبة جدا لأنه ليس لدينا اطار قانوني يضمن حقوق طالب اللجوء او اللاجئ وحقوق المشغّل ، نحن نعمل في اطار اتفاق جنيف التي وقعت عليها تونس ، ولكن عندما يصل اللاجئ الى الجمهورية التونسية فانه لا يجد الاطار القانوني المناسب «. وتضيف :» ولكن نحاول قدر الإمكان الاستفادة من قانون حقوق المرأة الصادر مؤخرا وهو قانون ثوري لا يفرّق بين المرأة التونسية وبين اللاجئة او طالبة اللجوء او المهاجرة وهو يحمي أية امرأة موجودة فوق التراب التونسي».
وتتابع :«نلاحظ ان اللاجئات من الأفارقة لديهن توق للعمل ونحن نقوم في جمعيتنا بتأمين فرص عمل لهن وحمايتهن من الاستغلال من قبل أصحاب العمل او العنف الاقتصادي . لذلك نحاول مساعدتهن في تأمين مواطن شغل تحتفظ من خلالها اللاجئات بكرامتهن وتخول لهن ان يكون لهن راتب شهري في إطار عقد داخلي بينهن وبين المشغّل مع تأمين خاص ضد حوادث العمل. ونجد صيفة وامكانيات نوفر من خلالها حد أدنى من الحقوق . وهي مهمة ليست سهلة خاصة للاجئات . وأشير هنا الى أننا لمسنا لدى البعض منهن اندفاعا للتأقلم مع الثقافة التونسية . ولا يقتصر العمل على المجال اليدوي بل هناك لاجئات من أصحاب الكفاءات والشهادات العلمية».
اما عن الصعوبات والتحديات التي تواجه الجمعية تضيف محدثتنا بالقول: «عملنا يدخل في إطار حقوق الانسان والتوعية بشأنه ولكن المشكلة ان التونسيين ليسوا جميعا منفحتين ، فلدى البعض أحكام مسبقة والبعض يتعامل مع الآخر بتمييز عنصري خاصة ضد أصحاب البشرة السوداء ... وفي الحقيقة لدينا كل شيء في مجتمعنا سواء الانفتاح أو التمييز العنصري ».
ويلعب المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية سواء الدولية او المحلية دورا هاما في هذا الحراك لتسليط الضوء على معاناة اللاجئين بشكل عام واللاجئات بشكل خاص، على غرار منظمة «صحفيون من أجل حقوق الإنسان» والتي تعمل على تطوير وسائل الإعلام وخدمة قضايا حقوق الإنسان. وقد أطلقت في تونس مؤخرا برنامج «عالم كندا: صوت للنساء والفتيات» وهو يستهدف وسائل الإعلام والمجتمع المدني ومنظمات حقوق المرأة والمؤسسات الأكاديمية وصناع القرار وغيرهم من أصحاب المصلحة الرئيسيين المدافعين عن حقوق الإنسان.
ويهدف المشروع إلى تطوير قطاع الإعلام وتعزيز الشراكات بين الحلفاء الرئيسيين نحو هدف تعزيز حقوق الإنسان للنساء والفتيات من خلال تطوير وسائل الإعلام. وايصال صوت النساء المهمشات في كل القطاعات وفي كل مكان . فالتغيير نحو الأفضل وحماية حقوق النساء يبدأ من العمل التوعوي عبر الاعلام وغيره . وذلك انطلاقا من تكريس مفهوم الحقوق الكونية للإنسان وبأن الحقوق لا تتجزأ.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115