تنافس بين سعيد والمشيشي في ادارة ملف الكورونا: تقاذف مسؤولية الفشل بين طرفي السلطة التنفيذية

خلال الساعات الـ48 الفارطة صدرت عن راسي السلطة التنفيية، رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة حزمة من القرارات الجديدة في علاقة بإدارة الجائحة الصحية،

حزمة من القرارات صدرت إثر عقد لقاءات منفصلة. تكشف عن احتدام التنافس بين الرجلين والذي بلغ مرحلة التناحر حول «المنقذ» من الكوفيد-19.

مساء الاثنين الفارط اشرف رئيس الجمهورية قيس سعيد على اجتماع جمعه مع رئيس الحكومة ووزراء الدفاع والشؤون الخارجية والصحة والشؤون المحلية ومحافظ البنك المركزي ومدير معهد باستور وقيادات عسكرية وأمنية عليا.
لقاء كشفت عنه الرئاسة في بيان حمل منذ بدايته كلمات افتتاحية: «ايمانا منه بالشعور المثقل بالمسؤولية» وتطرقه الى ما اعتبره «الأسباب الحقيقية والعميقة» التي أدت إلى بلوغ الوضع الحالي ، في اشارة الى تدهور الوضع الصحي نتيجة انتشار الوباء.

وباء تعاملت معه السلطات التونسية باعتباره حربا تجزأ الى معارك عدة، وقد اقر الرئيس امس «أن خسارة المعركة كان نتيجة جملة من الاختيارات السياسية التي لم تأخذ بعين الاعتبار أبسط حقوق الإنسان بل خضعت للمصالح الحزبية الضيّقة التي لا أثر فيها لأي اعتبار إنساني». وفق نص البيان الذي يحمل صراحة وضمنيا مسؤولية تدهور الوضع الى الحكومة.
حكومة كان رئيسها مشاركا في الاجتماع الطارئ، كما انه التقى مع الرئيس لاحقا وفق بلاغ ثان اقتصر مضمونه على ان اللقاء تناول «الوضع العام بالبلاد و بالخصوص الوضع الصحي المتعلق بتفشي جائحة الكوفيد 19».

للتصدي للجائحة اصدرت الرئاسة جملة من القرارات ومنها تكثيف العمل الدبلوماسي للتسريع في عملية جلب التلاقيح ضد كوفيد 19. وثانيا تقسيم البلاد إلى أقاليم وثالثا إحداث فرق عمل متكونة من القوات المسلحة العسكرية والأمنية والإطارات الصحية تكون تحت قيادة موحدة بإشراف المدير العام للصحة العسكرية .
وبهذا وقع سحب الاشراف على حملة التلقيح لصالح الرئاسة وتكليف المؤسسة العسكرية بها. والتي ستشرع وفق البيان الرئاسي في تركيز فرق عمل ميدانية في الأقاليم ذات الأولوية من حيث انتشار العدوى لتتولى عمليات التلقيح.

حزمة من القرارات التي تكشف ان الرئاسة لم تكتف بتحميل المسؤولية للحكومة في الكارثة الصحية بل قررت سحب الاشراف على الملف منها وقيادته بنفسها مستعينة في ذلك بالمؤسسة العسكرية. وهو ما ادركه رئيس الحكومة فسارع الى القيام بخطوة مضادة.
خطوة اتت امس الثلاثاء. ليصدر هشام المشيشي بدوره حزمة جديدة من القرارات التي قال انها تندرج في خطة مجابهة انتشار الكورونا التي كانت محور مجلس وزاري مضيق عقد امس بالقصبة.

مجلس وزاري صدرت عنه 6 قرارات جديدة. تنطلق من الترخيص في 840 عقد خدمات اضافي للمستشفيات الميدانية. والتوقيع اليوم الاربعاء على صفقة اقتناء ألف مكثف اوكسيجين concentrateur d’oxygène. وثالثا قرار توقيع صفقة اقتناء 3 ملايين و581 الف جرعة من تلقيح Jhonson&jhonson الامريكي ذي الجرعة الواحدة خارج اطار منظومة كوفاكس.

هذا بالاضافة الى اصدار قرار بتقليص اجال خلاص عقود الخدمات مع وزارة الصحة في ظرف أسبوع بهدف ضمان سلاسة التزويد من قبل مقدمي الخدمات، كما تم تخصيص اعتماد عاجل واضافي من ميزانية الدولة ب 300 مليون دينار لتمويل القطاع الصحي العمومي من شراءات وتجهيزات وأدوات طبية ومواد استهلاكية.
قرارات مفصلة حرصت الحكومة على ان تبرز فيها جانبها المالي، والهدف منها هنا توفير ارضية للمقارنة بينها وبين قرارات الرئاسة. اذ تريد الحكومة ان تعزز الصورة التي عمل رئيسها هشام المشيشي على ترسيخها في اهان التونسيين وهي ان «حكومته حكومة افعال مقابل رئاسة تكتفي بالشعارات والخطب» وهو ما تكرر كثيرا في كلمات المشيشي منذ جانفي 2021.

كلمات تساعد على فهم ما يحدث اليوم بين الرئاسة والحكومة، اذ تتصارع المؤسستان التنفيذيتان فيما بينهما بهدف تسجيل كل منهما لنقاط على حساب الاخر، والقصد يتجلي من محاولة الرئاسة تحميل الحكومة المسؤولية ومن رد الحكومة بقرارات تفصيلية تريد منها القول انها هي التي تدير الازمة بالفعل والوقائع خلافا للرئاسة بالخطب والشعارات.
صراع يبدو انه ينضاف لصراعات عدة لم تخفها اللقاءات الثنائية او الجماعية التي وجهت فيها الرئاسة دعوة للمشيشي. صراع يبدو انه سيكون حاضرا بقوة خلال الايام القادمة خاصة مع بداية تشكل جديد للمشهد السياسي اثر تغيير موقف حركة النهضة وانتقادها الشديد للحكومة في علاقة بخطة ادارة الازمة الصحية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115