إلا عن الحوار الوطني المنتظر وانعكاسه على حكومة المشيشي التي يبدو انها ستعيش أصعب أيامها في ظل تناقضات الراويات بشأن مستقبلها.
منذ ان القى الامين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي يوم السبت الفارط كلمته للمشاركين في الندوة التكوينية للجامعة العامة للنفط والمواد الكيميائية. لا شاغل للفاعلين في المشهد السياسي إلا تفصيل ما قاله الطبوبي بشان البوادر الايجابية التي التقطها من لقائه بالرئيس يوم الجمعة الفارط. بوادر قال الطبوبي انها تتعلق بانفراج في ملف الحوار الوطني الذي ظل متعثرا منذ نوفمبر 2020، والقصد هنا انه يعتبر ما قاله الرئيس له من انه «منفتح على الحوار» يهدف الى الخروج من الازمة الراهنة ولكنه سيحدد شكل الحوار في الايام القادمة.
التلويح بالانفتاح يبدو ان البعض قد فسّره وفق قراءاته الخاصة، لا سيما الحزام السياسي للحكومة وحركة النهضة رأسا، اذ ان التصريحات الصادرة عن قياداتها تعتبر ان الرئيس بات مقتنعا بالحوار واقرب اليه مما مضى. وان الحركة التي تتمسك بدعم الحكومة ستشارك فيه متى انطلق للبحث عن مخارج من الازمة وتحديد خارطة طريق.
خارطة طريق تقول قيادات النهضة ان تنزيلها سيكون إما مع حكومة المشيشي او مع غيرها، والقصد هنا ليس أنه تم حسم أمر الحكومة واتفق الجميع على رحيلها، بل هو تصريح وتلميح يراد منه تخفيف الضغط عبر التراجع عن شرط اساسي كانت تضعه النهضة للحوار وهو ان لا يطال الحوار ومخرجاته حكومة المشيشي بالتغيير والتبديل.
وهاهي تلمح اليوم الى انها تخلت عن هذا الشرط، فقط لتسهيل جهود الوساطة بين القصر وباردو للوصول الى اتفاق. اذ ان ما يقترح على الرئيس خياران، الاول استكمال ما تبقى من السنة مع حكومة الشيشي على ان تشهد تعديلات وتحويرا وزاريا مهمته ستكون ردم الهوة بين الرئيس والمشيشي. اي انها تقترح ان يقع النظر في التحوير الوزاري السابق وتطعيمه باسماء تكون محل رضا الرئاسة وقبولها لا سيما في الوزارات السيادية، مقابل رفع الرئاسة لعقباتها ودعوة الوزراء إلى أداء اليمين وإصدار الاوامر الرئاسة بتكيفهم، ليباشروا مهامهم على ان يستمر الحوار الوطني.
وهي الخطوة الاولى الهادفة الى ان تذيب الجليد وتوفر وقتا للمتحاورين للوصول الى خطة اصلاح شاملة، وعند هذا المستوى يعاد النظر في مستقبل الحكومة اما بالابقاء عليها او بتغييرها كليا اذ ان الحسم سيترك للمتحاورين وإلى ما يحصل من تقارب.
هذا الخيار الاول، اما الثاني ويلتقى في اجزاء منه مع الخيار الاول فهو التوافق على هوية رئيس الحكومة القادم من بين قائمة قصيرة تقدم لرئاسة الجمهورية، وهذه القائمة ومن تتضمنهم من اسماء مرشحة الى ان تكون محل قبول من النهضة التي سترحل المبادرة للرئيس للاختيار مقابل توافقات اخرى تتعلق بالعلاقة بين القصر والمجلس.
خياران، في كليهما حسم امر حكومة المشيشي، ولكن يختلف موعد الرحيل، اما مع انطلاق الحوار او بعد ان يستكمل وتحسم كل النقاط الخلافية خاصة في العلاقة بين القصر ومجلس النواب واساسا حركة النهضة التي تريد ان تنهى حالة العداء المطلق بينها وبين الرئيس قيس سعيد.
لكن الفصل بين هذين الخيارين وتنزيلهما ليس بالامر الهين، اذ ان العقبات لاتزال قائمة وبكل ثقلها، واولها الرئاسة التي تعلن انها ستحدد شكل الحوار واطره والمشاركين فيه، وهذا معناه انها تلقت المقترحات ولكنها لم تعلن عن قبولها بها بعد اذ يبدو انها ستضع مقترحاتها وشروطها التي تريد من خلالها بسط يدها على المشهد.