بعد المصادقة على تنقيح قانون المحكمة الدستورية : في انتظار رد الرئاسة... المواجهة تستمر

كان جليا ان الجلسة العامة في مجلس النواب يوم امس كانت من اجل ان تسجّل الاغلبية البرلمانية نقاطا ضد رئاسة الجمهورية

في اطار الصراع الذي انفلت عقاله وبات مؤذنا بالخراب. وهو الاطار الذي تندرج فيه المصادقة على تنقيح قانون المحكمة الدستورية بعد قراءة ثانية.
عقد مجلس النواب امس الجلسة العامة المخصصة للمصادقة على مشروع تنقيح القانون المتعلق بالمحكمة الدستورية في قراءة ثانية بعد ردّه من قبل رئاسة الجمهورية في 3 افريل الفارط. ومنذ بداية الجلسة كان جليا ان الاغلبية البرلمانية اعدت نفسها لتمرير القانون في قراءته الثانية والمهم لديها عكس الهجوم على رئيس الجمهورية.
فجلّ مداخلات نواب الاغلبية البرلمانية كانت تكشف عن ان الجلسة خصصت لمحاكمة الرئيس وان نية الاغلبية كانت تمرير التنقيحات في قراءتها الثانية بالتصويت عليها بـ131 صوتا او اكثر وتأبيد الصراع بينها وبين الرئاسة في ملف المحكمة الدستورية. وتؤكد الأغلبية البرلمانية ان الرئيس مجبر على ختم مشروع القانون بعد قراءته الثانية وانه لا يملك غير هذا.
خطاب حاد وصدامي هو ما قدمه نواب الاغلبية البرلمانية المتكونة بالأساس من كتلة حركة النهضة وقلب تونس وائتلاف الكرامة. ثلاث كتل قدمت خطابا في مجمله لا يقتصر فقط على انتقاد الرئيس واتهامه بالاستبداد وخرق الدستور وتكفير النواب. بل كان جوهر الخطاب ان السلطة بيد المجلس فهو «السلطة الأصلية».
اي ان البرلمان صاحب الشرعية والمشروعية في البلاد ودوره هو المحوري في تسير شؤونها وتشريع قوانينها وما دور رئاسة الجمهورية من دور إلاّ «شكلي» بما في ذلك مسألة ختم القانون ونشره. وعليه فان البرلمان هو الذي يحدد معنى «القراءة الثانية» وهي هل اعادة عرض القانون على اللجان بهدف تنقيحه ام اعادة المصادقة عليه بأغلبية ثلاثة اخماس او اكثر. حسب الفصل 81 من الدستور الذي ينص على ان الاغلبية المطلوبة لتمرير مشاريع القوانين الاساسية التي ترّد على المجلس بـالرد بأغلبية ثلاثة أخماس أعضاء المجلس .
اصوات نجحت الاغلبية في توفيرها لتمرر التنقيحات في قراءة ثانية بـ141 صوتا. وهو ما تعتبره نجاحا في استراتيجية مواجهة الرئاسة التي اعتبرت في تصريح لها السبت الفارط ان الاغلبية البرلمانية تدفع في اتجاه القتال وتحذر من «مخاطر تقسيم الدولة» .
جلسة غاب عنها من يمثل الرئاسة التي مارست حقها في ردّ مشروع القانون وعرضه على قراءة ثانية في رسالة وجهتها الرئاسة الى المجلس في مستهل أفريل الفارط، وكانت محل انتقاد لما تضمنته من حجج استند اليها الرئيس لرفض المشروع.
ليعود المشروع بصيغته القديمة الى الرئاسة التي لا يبدو انها تعتزم ختم مشروع القانون المحال اليها. وهو ما تأمله الاغلبية البرلمانية التي تريد ان تضع الرئيس في الزاوية وتحرجه داخليا وخارجيا وتقيم حجة اختراق الدستور عليه.
لتصبح المحكمة الدستورية الان بمثابة السلاح الثقيل في صراع سياسي بين الرئاسة والبرلمان. وهو ما يعمق الازمة السياسية الراهنة ويرفع من منسوب التوتر في الساحة السياسية وفي المشهد البرلماني.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115