رئيس مجلس النواب: الهجوم المضاد

لا شيء كان يستدعى ان يطل رئيس مجلس النواب في ندوة صحفية ليعلن عن المصادقة على قانون المالية غير حاجته إلى عكس الهجوم الذي يتعرض إليه هو والمجلس،

وهو ما كان جليا في كلمته التي يمكن ان تختزل بقول راشد الغنوشي ان لا مبرر لحل البرلمان طالما يستطيع ان ينجز اعماله، وان الازمة تحل بالحوار وهو ما يسعى إليه البرلمان خاصة مع اتحاد الشغل.

منذ الفترة التاسيسية لم يسبق ان اطل رئيس للمجلس النيابي ليعلن عما هو معلوم لدى الجميع في ندوة صحفية، كان راشد الغنوشي رئيس البرلمان الحالي قام بذلك يوم امس ليطل في ندوة صحفية ظاهرها الاعلان عن المصادقة عن الميزانية وقانون ماليةو 2021 ولكن اصلها الدفاع عن المجلس وعكس الهجوم على خصومه.

وقد اشار رئيس البرلمان بان المجلس صادق على الميزانية رغم الظرف الصعب الذي مرت به المناقشة، ولكنه وكما «وعد» التونسيين بان يكون لهم قانون مالية في الـ10 من ديسمبر، فقد حقق لهم الوعد وباتت لهم ميزانية يقول عنها الغنوشي انها خفضت نسبة المديونية والعجز وتضمنت اجراءات اجتماعية على غرار تشغيل 10 آلاف ممن طالت بطالتهم.
«وعد انجز» هو ما اراد رئيس المجلس ان يستهل به ندوته كمن يريد ان يقدم جردا بما انجزه- وانه انجز- كخطوة اولى في دفاعه عن المؤسسة التشريعية التي يريد رئيسها راشد الغنوشي ان يبين انها من ضمن المؤسسات السيادية التي تعد على اصابع اليد تقوم بعملها رغم ما تمر به من صعوبات.

صعوبات وفق رئيس المجلس جعلت مناقشة الميزانية تكون في مناخات صعبة ولكن تم التمكن من تجاوز الصعاب والعقبات للايفاء بالوعد والمصادقة على ميزانية قال الغنوشي مادحا لها انها «اجتهدت لتلبي مطالب الشعب على قدر المتاح».

وأشار رئيس البرلمان الى «اشكاليات» اثيرت وشوشت على المناقشات منها على حد قوله «اشكالية المرأة ومكانتها في المجتمع» هذه الاشكالية التي يعتبر انها مستمرة منذ قرن في البلاد ولكن المجلس -وهو شخصيا - يؤكدان بشكل صريح بعيد عن «الضبابية» ان القناعة التي تقودهما هي ان «حقوق المرأة كما وردت في الدستور ومجلة الاحوال الشخصية وقوانين البلاد خط احمر» بل هم يعتبران من انه من ضروري ان يقع «تعزيز هذه الحقوق وعازمون على تحقيق المساواة التامة والكاملة».

اشكالية اثارتها تصريحات النائب محمد العفاس وقد بحث رئيس المجلس عن تخفيف حدتها واعتبرها اشكالية اثيرت في هامش مناقشة قانون المالية مثلها مثل اشكالية اخرى هي «العنف» في اشارة الى احداث العنمف التي جدت في اروقة المجلس واعتداء نواب من كتلة ائتلاف الكرامة على نائب من الكتلة الديمقراطية انور الشاهد.

عنف قال الغنوشي انه يرفضه ويدينه ولكنه حرص على التذكير باحداث عنف اخرى صدرت عن كتلة الدستوري الحر اساسا على غرار ما وصفه بـ«احتلال المنصة» وتعطيل اشغال المجلس وغيرها من الاحداث التي قال انها «ليست ظاهرة عامة في المؤسسة»، مقارنة، هي من عناصر خطة الدفاع عن المجلس والهجوم على خصومه. فالغنوشي ومن خلفه المجلس ادانوا العنف اي كان مأتاه وأصدروا الادانة بشكل «لا لبس فيه ولا مواربة» ووعد بفتح تحقيق ينتهى الى تحديد مسؤوليات وتسليط عقوبات.

اشكاليتان تحدث عنهما من قبل الغنوشي واطنب فيهما ليقول ان ما قاله من قبل وكان بالاساس محاولة لتخفيف الضغط المسلط على المجلس ورئاسته وتجنبا لتعزيز الصورة السلبية عنه، ولكن الجديد في الاشكاليات التي لم يشر اليها الغنوشي من قبل هي طرح العلاقة مع اتحاد الشغل، والقصد هنا الاشارة الى مداخلات وتصريحات نواب ائتلاف الكرامة الذين راسل الاتحاد المجلس بشأنهم واتهمهم بادارة حملة ضده في البرلمان.

حملة ينفيها الغنوشي الذي قال في الاتحاد ما لم يقل مالك في الخمر بل انه ذهب ابعد من ذلك ليشدد على ان العلاقة بين الاتحاد والمجلس علاقة شراكة وهي مهمة بالنسبة للبرلمان لذلك فان الغنوشي يرغب في ان يشير الى ان ما يصدر عن نائب او كتلة هو موقف يخصهما ولا يعبر عن موقف البرلمان. ولكن البرلمان سيعمل على ان تكون حرية التعبير في اطار القانون والاحترام.

ندوة بحث فيها الغنوشي عن ان ينتقل من الدفاع عن المجلس الى الهجوم على من يطالبون بحله، هجوم يحمل دعوة مبطنة للحوار والبحث عن المخرج لكن يكون ضمن بنوده المجلس ودوره في المرحلة القادمة ودور رئيسه.
اي ان رئيس المجلس لا يرى مخرجا للازمة التي تمر بها البلاد من خارج توافق يتضمن مهام ودور للمجلس ورئاسته فيها واقرار بالشيخ كرئيس للمجلس لمى تبقى من عهدة، وهو ما يتجلى في كلامه وخلفه، فالغنوشي يطالب بالتعقل والنضج وترك «الغرائز والشهوات» في الفعل السياسي.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115