وزير الشؤون الخارجية عثمان الجرندي في حوار خاص لـ «المغرب»: احتضان تونس للحوار الليبي- الليبي حلقة مهمة في تقريب وجهات النظر

• هذه هي الاستحقاقات الديبلوماسية لتونس
تطرق وزير الشؤون الخارجية عثمان الجرندي في حديث، شامل الأول له -منذ تسلمه لمهامه- الى أبرز الرهانات

التي تواجهها الدبلوماسية التونسية داخليا وخارجيا، وأكد لـ «المغرب» ان جائحة كورونا زادت من صعوبة التحديات التي يواجهها العمل الدبلوماسي وأثرّت كثيرا على طريقة عمل الدبلوماسية وإدارة العلاقات الدبلوماسية الثنائية ومتعددة الأطراف. وأكد الجرندي بأن احتضان تونس للاجتماع المباشر الأول لملتقى الحوار السياسي الليبي في مطلع نوفمبر المقبل محطة جد هامة مشيرا الى ان الحوار الليبي- الليبي سيكون حلقة مهمة في تقريب وجهات النظر والخروج بتصورات عملية تخرج ليبيا من أزمتها . كما تحدث عن تحديات الهجرة غير النظامية وعلاقات تونس الاستراتيجية بشركائها في الخارج وإلى الملف السوري وغيره من الملفات الهامة إقليميا ودوليا .
• بعد مضي أسابيع على تسلمكم لمهامكم ما الأولويات الراهنة للدبلوماسية التونسية؟ وكيف يمكن تفعيل دورها أكثر ؟ وما أبرز التحديات أمامكم ؟
منذ تسلمي لمهامي على رأس وزارة الخارجية ، أكّدت لجميع الزملاء العاملين في الوزارة بأن كل الملفات تعدّ أولوية بالنسبة لنا، فمنطقتنا تمرّ بأوضاع استثنائية على مختلف المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية والثقافية كما يشهد العالم أزمات متعددة ومتنوعة قد تكون في مقدمتها -اليوم- مجابهة جائحة كورونا. ونحن نعمل بحرص ومتابعة من قبل رئيس الجمهورية على تعزيز مكانة ودور بلادنا في المنطقة والعالم، خاصة وأن تونس مطالبة -اليوم- بصفتها عضو غير دائم في مجلس الامن بإدارة عديد الملفات والمساهمة في حلّ عديد الازمات. أضف الى ذلك - كما أشرت - الإكراهات التي فرضتها جائحة كورونا على طريقة عمل الدبلوماسية وإدارة العلاقات الدبلوماسية الثنائية ومتعددة الأطراف.
فبسبب ما فرضه التعامل مع هذه الجائحة العالمية من قيود، أصبحت اللقاءات الدبلوماسية المباشرة نادرة وتمّ تعويضها باللقاءات والمحادثات عن بعد وهذا يقلل نوعا ما من فرص الوصول إلى تفاهمات والتوافقات ويعقّد المفاوضات المتعلقة خاصة بالأزمات والملفات الاقليمية والدولية الشائكة. فالدبلوماسي، أينما كان، في حاجة إلى التفاعل مع نظرائه والتعاطي معهم بصفة ودية ومباشرة حتى يضفي على نشاطه - خاصة في اطار العمل متعدد الأطراف - مزيدا من النجاعة والفاعلية.
وبصراحة خلال الفترة الماضية وما رافقها من قيود، أصبحت التحركات الدولية أكثر بطءا وتعقيدا وهو ما أثّر بالسلب على عدة استحقاقات دبلوماسية هامة ، كنا نأمل بان تعطي نتائج أفضل.
وبقدر ما نتمنى جميعا أن تمرّ هذه الجائحة ونستعيد نسق المفاوضات والمحادثات المعهود خاصة فيما يتعلق بالملفات متعددة الأطراف، نعمل على التأقلم بسرعة ونجاعة مع الاوضاع الجديدة والآليات المستجدة للعمل الدبلوماسي حتى نحقق أهدافنا سواء على الصعيد الثنائي او على الصعيد المتعدد الأطراف. كل هذا في اعتقادي يستدعي إعادة التفكير في استراتيجياتنا وبرامج وآليات عملنا في كل المجالات ولا سيما في ما يتعلق بإدارة العلاقات الدولية.
• تقدمت تونس بمبادرة هامة على مستوى مجلس الأمن في ما يتعلق بمناطق النزاعات والحروب في زمن الجائحة فأين وصلت هذه المبادرة؟
يعدّ التصويت بإجماع اعضاء مجلس الأمن على القرار 2532 المتعلق بكوفيد 19، وبدون مبالغة، انجازا هاما وتاريخيا بالنسبة لبلادنا ومحطة فارقة بالنسبة للمجموعة الدولية. فلم يكن من السهل تمرير هذا القرار في ظل الخلافات العميقة حول التعاطي مع أسباب الجائحة وسبل مجابهتا بين بعض الدول الأعضاء في مجلس الأمن وأريد هنا أن أجدد تثمين التعاون المثمر بين تونس وفرنسا على جميع المستويات وخاصة بين قيادتي البلدين للوصول الى النتيجة المذكورة. كما أن القرار الأممي المذكور مكّن من توسيع دعائم الامن والسلم ليشمل التصدي المشترك للأوبئة والجوائح باعتبارها من الظواهر المهددة للنوع البشري من ناحية ولان تداعياتها تهدد الاستقرار في العالم. ومجابهة هذه الظواهر - التي قد تكون حاضرة بكثرة في المستقبل تستوجب - توافقا واسعا وتحركا دوليا لمعالجتها والحدّ من تداعياتها.
وأودّ أن أذكر أن جانبا كبيرا من المفاوضات بشأن تمرير القرار التونسي الفرنسي تمّ خلال فترة صعبة وحرجة وكان التنقل فيها مقيدا بسبب تفشي الموجة الأولى من كوفيد 19، مع عدم إمكانية الحضور الفعلي في المنتظم الأممي. ولكن رغم ذلك تواصل رئيس الجمهورية مباشرة في عدة مناسبات مع الأمين العام للأمم المتحدة وكبار المسؤولين في منظمة الصحة العالمية ومع عدد كبير من نظرائه من الزعماء ورؤساء الحكومات لمناقشة مضامين القرار وتوفير السند السياسي لتمريره. وقد كان عملا مضنيا وصعبا ولكننا توصلنا الى تمرير هذه المبادرة البناءة وتمّت الموافقة عليها من قبل مجلس الامن وأصبح القرار التونسي الفرنسي قرارا أمميا مرجعيا خاصة عندما يتعلق الأمر بالأزمات والتوترات التي تشهدا بعض المناطق في العالم. وأصبحت كل القرارات اليوم فيما يتعلق بعديد الملفات الهامة اقليميا ودوليا تستحضر في مرجعياتها هذا القرار. وكذلك في كل الحلقات والمجموعات التي ننتمي اليها سواء الإسلامية او العربية أو الافريقية اصبح هذا القرار من المرجعيات الاساسية ..
• هناك تخوف - اليوم - في تونس من تصاعد حالات كورونا ووصول الوباء الى مرحلة أكثر خطورة إضافة إلى وجود مخاوف من فرض الحجر الصحي الاجباري الذي أرهق المواطنين والشرائح الهشة، فما هي استراتيجية الحكومة في التعامل مع هذه التطورات؟
لقد اتخذت الحكومة التونسية بالتشاور مع رئيس الجمهورية عدة إجراءات في إطار مجابهة جائحة كوفيد 19 وتطويق تداعياتها الاقتصادية والاجتماعية، وهي تقريبا الإجراءات نفسها المعمول بها في مختلف الدول سواء في أوروبا أو في آسيا وغيرها مع التفاوت في الاستراتيجيات والخطط في ظل تفاوت درجات انتشار الوباء. وقد تمّ مؤخرا إقرار حظر الجولان ليلا في عدد من الولايات حتى تقل التجمعات في الفضاءات العامة ويتمّ التقليل من خطر انتشار العدو. وفي ما يتعلق بالزيارات السياسية والدبلوماسية فقد تمّ تأجيل العديد منها بسبب هذا الوضع الصحي الاستثنائي.
ويجدر التذكير أن بلادنا حققت نجاحا كبيرا في مجابهة كورونا خلال الموجة الأولى، ولكن خلال فترة العطلة الصيفية رأينا نوعا من التراخي في احترام الاجراءات الصحية الوقائية مثل وضع الكمامة واحترام التباعد الاجتماعي واستخدام السائل المعقم، أرجو ان يتم تداركه خاصة وأننا نلمس اليوم وعيا متزايدا من قبل جميع التونسيين بخطورة هذا الوباء. ولا أعتقد اننا سنكون في حاجة لفرض الحجر الصحي الشامل خاصة وأن هذا الاجراء له تداعيات اقتصادية واجتماعية كبيرة في ظل الصعوبات الاقتصادية الكبيرة التي تشهدها تونس.
ونأمل في أن ننتصر على هذه الجائحة بتضافر جهود كل الأطراف وأن نشهد انفراجا في كل مناحي الحياة حتى تسترجع عجلة التنمية ديناميكيتها ونسترجع نقاط النمو التي خسرناها. وأودّ التأكيد في هذا الاطار على أن الدبلوماسية التونسية تعمل بتوجيه واهتمام مستمر من قبل سيادة الرئيس على جميع المستويات الثنائية ومتعددة الاطراف والإقليمية والدولية على تعبئة الموارد المالية ودعم الاقتصاد الوطني كما ستواصل الحرص على المساعدة على توفير جميع أنواع المواد والتجهيزات الطبية والشبه الطبية التي تحتاجها بلادنا في مقاومة فيروس كورونا.
• ما أبرز استحقاقات الدبلوماسية القادمة وكيف تستعدون لها؟
هناك العديد من الاستحقاقات الدبلوماسية التي تستعد بلادنا إليها خلال الفترة المقبلة وسنسعى إلى توفير كافة عوامل النجاح لها حتى تكون تونس كما كانت دوما قوة اقتراح ومبادرة وحريصة على رصيد الثقة والاحترام الذي تحظى به من قبل جميع الأطراف الدولية. وفي مقدمة هذه الاستحقاقات ترؤس تونس مع مفتتح العام المقبل لمجلس الأمن الدولي في إطار عضويتها غير الدائمة بهذا الهيكل الأممي وسيكون ذلك بالتأكيد فرصة لإبراز ما توليه بلادنا من أهمية للعمل المتعدد الأطراف والمساهمة بفاعلية ومسؤولية في إيجاد المقاربات وتقديم المقترحات الكفيلة بحل القضايا العالقة بالطرق السلمية ومواجهة التحديات الدولية الراهنة ودفع الجهود الجماعيّة الرامية إلى مزيد تمتين دعائم السّلم والأمن الدوليين. كما تستعد تونس - كما تعلمون - نهاية العام القادم لاحتضان القمة الخمسين للفرنكوفونية وذلك دون شك حدث دولي بارز سنسعى إلى أن يكون في مستوى عراقة وقيمة هذه المنظمة التي تعد تونس من الدول المؤسسة لها.
ومن بين المواعيد الأخرى الهامة التي تنتظرنا حصول تونس على شرف احتضان مؤتمر طوكيو الدولي للتنمية الإفريقية «تيكاد 8 TICAD 8».
وستكون هذه القمة التي ستنعقد ببلادنا خلال سنة 2022 أكبر اجتماع دولي تحتضنه تونس منذ الاستقلال بالنظر الى حجم المشاركة الواسعة في هذا الحدث الهام.
كما أن تونس وخلال الأيام القليلة القادمة بصدد التحضير لاستضافة اجتماع مجموعة 5 زائد 5 التي تشمل دول الجهة الغربية من البحر الأبيض المتوسط والتي قد نضطر لعقدها بالوسائل المستحدثة عن طريق «الفيديو كونفرنس» نظرا للظروف الصحية السائدة في العالم بسبب صعوبة التنقل بين الدول لكننا سنعمل على إنجاح هذا الاستحقاق الذي سيتناول موضوع «معا من أجل الأمن الجماعي والشراكة في الحوض الغربي للبحر الأبيض المتوسط» وهو محور شديد الأهمية وينسجم تماما مع مصلحتنا جميعا في أن يكون الفضاء المتوسطي فضاء تعاون وتضامن وللتبادل التجاري والثقافي والتنقل المنظم للأشخاص والبضائع.
• هل تعتبرون أن هناك حركية جديدة تجاه الملف الليبي خاصة بعد تعيين سفير تونسي جديد في ليبيا مع ما يمثله ذلك من خطوة هامة؟ وما هي التحضيرات لاحتضان جولة جديدة من الحوار الليبي الليبي ؟
بالفعل تعرف ليبيا اليوم تطورات متسارعة وهناك جهود حثيثة للدفع بالتسوية السياسية المنشودة في هذا البلد ولا أدلّ على ذلك من الإعلان عن احتضان تونس للاجتماع المباشر الأول لملتقى الحوار السياسي الليبي في مطلع نوفمبر المقبل، وهو محطة جد هامة سيكون لبلادنا شرف احتضانها بعد مسار قادته تونس بالتنسيق مع الجزائر والتشاور مع بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا قصد دعوة الفرقاء الليبيين للعودة إلى طاولة المفاوضات واستئناف العملية السياسية، كما أكد رئيس الجمهورية عقب لقائه يوم 12 أكتوبر 2020 مع رئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بالنيابة السيدة «ستيفاني وليامز» أن تونس ستعمل على وضع كافة الإمكانيات المادية والبشرية اللازمة للمساهمة في إنجاح هذا الاستحقاق الهام .
ونعتقد أن اختيار بلادنا لأن تكون أرض تجميع للأشقاء الليبيين ينسجم مع ما أبدته تونس على لسان رئيس الجمهورية من مواقف ثابتة ومبدئية تجاه الأزمة في هذا البلد الشقيق في مقدمتها الوقوف على نفس المسافة والحياد التام من جميع الأطراف والدفع نحو حل سياسي سلمي للأزمة الليبية بعيدا عن التدخلات الخارجية والحلول العسكرية.
وكما تعلمون كان الرئيس قيس سعيد من أول الداعين - خلال استقباله لرئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بالنيابة ستيفاني وليامز - في شهر سبتمبر الماضي إلى احتضان تونس مؤتمرا للحوار الوطني بين مختلف الفرقاء الليبيين، تحت رعاية الأمم المتحدة. وهو توجه يندرج في إطار مقاربة سيادته لحل الأزمة الليبية الداعية إلى اعتماد الحوار والتوافق كسبيل وحيد لإنجاح المسار السياسي.. أعتقد بأن الحوار الليبي- الليبي الشهر القادم سيكون حلقة مهمة وسيكون له إسهام فاعل في تقريب وجهات النظر والخروج بتصورات عملية تخرج ليبيا من أزمتها وتدخلها في مرحلة جديدة حتى يتفرغ الأشقاء الليبيون لبناء وطنهم في كنف الأمن والاستقرار.
وبالعودة إلى قرار رئيس الجمهورية إيفاد سفير إلى ليبيا أعتقد أن ذلك يندرج في ذات المقاربة ويعتبر رسالة هامة مضمونها مواصلة وقوف تونس القوي إلى جانب ليبيا الجارة والتي تربطنا بها علاقات متنوعة وواعدة على جميع الأصعدة.
اعتقد أن الملف الليبي - اليوم - أخذ منحى سليما وايجابيا وهو التفاوض ووقف إطلاق النار. ونلاحظ انه في مختلف جولات التفاوض سواء في إطار هياكل الأمم المتحدة وغيرها أو خلال مؤتمر برلين تعزّز التوجه نحو الحل السلمي التفاوضي الذي يخدم استقرار ليبيا ووحدتها وامن الليبيين وازدهارهم. أشقاؤنا الليبيون اليوم مقتنعون أكثر من أي وقت مضى بأنه لا مجال لحل الأزمة إلا عن طريق التفاوض السلمي بين جميع الأطراف الليبية ودون تدخل أجنبي.
• في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية وموجة التطبيع المتصاعدة ، ورغم اعلان رئيس الجمهورية قيس سعيد صراحة على التزام تونس الدائم بدعم القضية الفلسطينية إلا أن الموقف الرسمي من التطبيع لم يكن واضحا للبعض.. فما موقف تونس من التطبيع المعلن خاصة انه مجاني ولا يخدم القضية الفلسطينية؟
القضية الفلسطينية قضية حق وعلينا التمسك بحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف في الحرية وتقرير المصير واقامة دولته المستقلة ذات السيدة على الأراضي الفلسطينية المحتلة على حدود سنة 1967 وعاصمتها القدس الشريف طبقا للمرجعيات الأممية ذات الصلة.
وقد أعلنت تونس في عديد المناسبات وخلال مشاركاتنا المتعددة في استحقاقات ثنائية او متعددة الاطراف في الامم المتحدة وخاصة في مجلس الامن الدولي وفي عديد التدخلات المباشرة لرئيس الجمهورية قيس سعيد عن موقفها من التطبيع . كل دولة في العالم حرة في ربط العلاقات الدبلوماسية التي تراها مناسبة من منطلق إستقلالية قرارها السيادي ونحن لا نصدر أي احكام في ذلك ولا نتدخل . بالنسبة لنا القضية الفلسطينية لديها مرجعياتها ولا يمكن حل القضية الفلسطينية الا وفقا لتلك المرجعيات الدولية مثل مجلس الأمن والجمعية العامة ومجلس حقوق الانسان ومحكمة العدل الدولية وكذلك الامر بالنسبة للقرارات الصادرة عن المنظمات الاقليمية كالاتحاد الافريقي وجامعة الدول العربية. والمبادرة العربية واضحة وجلية في هذا الاطار وتبقى بالنسبة لنا هي الاساس..
طبعا يمكن ان تصدر من هنا او هناك مبادرات واقتراحات اخرى في محاولة لحلحلة القضية الفلسطينية الا ان المنطق يفرض ان يُستشار الطرف الفلسطيني حتى يعبر عن رأيه وله أن يبدي مقترحات في هذا الشأن لأن السلام لا يمكن ان يفرض الا اذا كان فرض السلام يستند الى مرجعيات أممية متفق عليها.
• في ما يتعلق بالملف السوري هل يمكن أن نجد تفاعلا مع الدعوات التونسية لإعادة العلاقات بعد عشر سنوات من القطيعة أو الجفاء ؟
يجب ان نوضح أولا ان علاقتنا قائمة مع سوريا ولم تنقطع يوما ولدينا سفارة وتمثيلة دبلوماسية وفيها قائم بالأعمال. ولكن هناك قرار عربي اتخذ بخصوص سوريا وموقعها في الجامعة العربية . واليوم هناك مستجدات حاصلة متعلقة بالعلاقة مع سوريا وقد استعادت عدة دول عربية علاقاتها الدبلوماسية مع دمشق.
وستظل مسألة عودة السفير التونسي الى دمشق مطروحة اذا تطلب الأمر ذلك.. ورغم كل الأحداث التي مرت ، كان لدينا حرص على وجود دبلوماسي تونسي دائم في سوريا رغم ان سوريا ليست لديها اليوم تمثيلية لدينا في حين ان سفارتنا موجودة ولم نقم بإغلاقها.
وأود ان أؤكد أيضا ان التنسيق الأمني موجود ومصالح التونسيين القنصلية ظلت محفوظة وحينما كنت وزيرا للخارجية خلال الفترة من 2013 إلى 2014 أذنت لسفارتنا في بيروت بمطلق الصلاحيات لتأمين كل الأعمال القنصلية للتونسيين المقيمين في سوريا. واستغل هذا الحوار لأؤكد على ضرورة التعجيل بالتوصل الى تسوية سياسية شاملة للأزمة في سوريا بما يحفظ سيادة ووحدة هذا البلد الشقيق ويضع حدا لمعاناة الشعب السوري ويحقق تطلعاته نحو الأمن والاستقرار والديمقراطية.
ان مصلحتنا الوحيدة والأولى في هذا الشأن هي أن تكون سوريا الشقيقة دولة مستقرة أمنة وتسترجع مكانتها بين الأمم وتتفرغ إلى إعادة الإعمار والتنمية.
وفي اعتقادي فان الخروج من الأزمة الراهنة سيمكن سوريا من استعادة مكانتها على الساحة العربية ويساهم في تعزيز الأمن والاستقرار في عموم المنطقة.
• بالنسبة لملف الهجرة غير النظامية ، لاحظنا حركية دبلوماسية وزيارات لعديد المسؤولين الأوروبين كان ملف الهجرة غير النظامية الهدف الأساسي لها ، وأعطت هذه الحركية انطباعا بأن تونس تواجه ضغوطات اوروبية لإيقاف قوارب الهجرة، رغم ان ملف الهجرة غير النظامية مرتبط بالأساس بعوامل أخرى متداخلة مثل النزاع في ليبيا وحالة عدم الاستقرار وشبكات تهريب البشر والاتجار بهم وغير ذلك فما هي مقاربتكم لحل هذه الأزمة ؟ وما نتائج كل هذه الزيارات ؟
أتفق معك على أن حالة عدم الاستقرار التي تعرفها منطقتنا ساهمت دون شك في زيادة موجات الهجرة غير النظامية وبروز شبكات نشطة في مجال التهريب والتجارة بالبشر والجريمة المنظمة وهناك وعي من الجميع بما في ذلك الدول الأوروبية بأن موضوع الهجرة لا يمكن معالجته إلا ضمن مقاربة تشاركية شاملة تأخذ في الاعتبار الأسباب العميقة لهذه الظاهرة وتراعي في المقام الأول ضرورة توفير حياة كريمة للمهاجرين واحترام حقوقهم وكرامتهم الإنسانية وحمايتهم من كافة أشكال الاستغلال. وبالعودة إلى سؤالك أود أن أوضح بان تونس لا تتعرض لأي ضغط أوروبي، بل هناك حوار صريح مع الجانب الأوروبي على أساس الندّية والشراكة واحترام كل طرف لتعهداته والتزاماته في هذا الشأن.. نحن ننسق مع شركائنا من الدول الأوروبية وقد بينا لهم في أكثر من لقاء بأن حل مسألة الهجرة كما أكد ذلك رئيس الجمهورية لا يمكن أن يقتصر على المعالجة الأمنية وحدها بل عبر تبني مقاربة شاملة قوامها التنمية المتضامنة وخلق فرص التشغيل والاستثمار للشباب العاطل ومحاربة شبكات الاتجار بالبشر.
• أثارت الاتفاقية الموقعة أخيرا بين تونس ووزارة الدفاع الأمريكية جدلا كبيرا فهل يمكن ان توضح لنا فحواها؟
أود أولا التأكيد على أن تونس والولايات المتحدة الأمريكية تجمعهما علاقات شراكة إستراتيجية متميزة من أبرز محاورها التعاون في المجال العسكري وقد ساعدنا هذا البلد الصديق كثيرا لمجابهة التحديات الأمنية التي اعترضتنا إبان الثورة وفي مقدمتها الإرهاب والتطرف العنيف وفي هذا السياق تتنزل الاتفاقية التي أشرت إليها والتي تم توقيعها بين وزيري دفاع البلدين وتلاها بعد أيام قليلة انعقاد أشغال اللجنة العسكرية المشتركة التونسية الأمريكية في دورتها 34 بتونس في مؤشر على الديناميكية التي تعرفها العلاقات بين البلدين.. وأغتنم هذه الفرصة لأوضح أن هذه الاتفاقية التي كثر الحديث عنها قديمة وليست جديدة وهي اتفاقية إطار ولها مدة زمنية تمّ تجديدها بمناسبة زيارة وزير الدفاع الأمريكي «مارك إسبر» إلى بلادنا الشهر الماضي ولكن للأسف ينسى البعض في خضم ما نشهده اليوم من سجال سياسي أن للدولة نواميسها وأن سيادة تونس وأمنها القومي خط أحمر وليس موضوعا للمزايدات السياسية.. موقفنا واضح وعبر عنه رئيس الجمهورية مرارا عديدة وبكل وضوح لا توجد في تونس قواعد عسكرية أمريكية ولا مجال مطلقا للحديث عن قواعد أجنبية في تونس نحن بلد مستقل وسيد نفسه ولن نقبل بأن يرتهن أي شبر من هذا الوطن العزيز لأي جهة أجنبية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115