الندوة السنوية الانتخابية لكتلة النهضة: جناح «الشيخ» ينتصر في أولى المعارك

في نهاية الاسبوع المنقضي عقدت الكتلة البرلمانية لحركة النهضة ندوتها السنوية الانتخابية التي تتزامن هذه السنة مع حركية داخلية

صلب النهضة بلغت مرحلة «الصراع» بين الأجنحة والتيارات على كيفية إدارة المرحلة القادمة ومسألة التمديد لرئيس الحركة راشد الغنوشي، صراع وجد طريقه الى الكتلة مما جعل من ندوتها السنوية جولة في الصراع، انتهت لصالح جناح «الشيخ».
يوم الاحد الفارط اعلنت حركة النهضة، وتحديدا كتلتها البرلمانية عن انتهاء اشغال ندوتها السنوية الانتخابية التي كان ابرز محاورها انتخاب رئيس جديد لكتلها عوضا عن نور الدين البحيري، الذي لم يترشح لتجديد عهدته، ليخلفه عماد الخميري كرئيس جديد لكتلة النهضة بعد ان كشفت عملية فرز الأصوات عن تقدمه، اي عماد، بعشرة أصوات على منافسه فتحي العيادي.

وقد كشفت نتائج انتخابات رئيس كتلة النهضة عن ان 31 نائبا ونائبة اختاروا ان يترأس الخميري الكتلة، باعتباره من جناح الشيخ ويمكنه ان يضمن استمرارية خيارات الكتلة وإستراتيجيتها في البرلمان، مقابل حصد فتحي العيادي لـ21 صوتا، تشمل اصوات نواب مجموعة الـ100 التي راسلت رئيس الحركة راشد الغنوشي لتطالبه بإعلان عدم نيته الترشح لعهدة رئاسية ثالثة.

قد تكون نتائج انتخابات رئيس كتلة النهضة أمرا غير مثير للانتباه، متنافسون من ذات الكتلة كل منهم يمثل شقا او تيارا، انتصر احدها على الآخر دون أن يعنى ذلك اي تغيير في موازين القوى داخل الكتلة او الحركة، فالنهضة وطوال سنواتها في البرلمان كانت تعيش على وقع خلافات داخلية في الحركة وفي البرلمان ورغم ما بلغته تلك الخلافات من حدة إلا أنها كانت تنتهى بمحاولة منع «الانفجار».

لكن حقيقة الامر تختلف هذه السنة، فحركة النهضة التي خاضت ندوة كتلتها السنوية في نهاية الاسبوع الفارط، هي اليوم في اشد محنها التنظيمية، بعد صعود الصراع المكتوم منذ2011 الى الواجهة منذ اشهر وتطور المنحى الذي اتخذه الصراع ليصل الى رسالة الـ100 وما تبعها من تطورات شملت ردا منسوبا لراشد الغنوشي على الرسالة وتصعيد في الخطاب ضد القادة الـ100 والتلويح بالذهاب الى الاستفتاء لحسم الصراع.
صراع يبحث كل طرف عن عنونته بما يتناسب مع حججه واهدافه، صراع ضد التمديد والانحراف عن ثوابت التاسيس بالنسبة لمجموعة الـ100 التي تجعل ايضا الديمقراطية أحد عنوانين الصراع، أما معارضوهم فهم يتقاسمون «الديمقراطية» معهم ويعتبرون انها عنوان الصراع ولكن من وجهة نظر مختلفة، تعتمد على القانوني وخيار تنقيح القوانين إذا رات الاغلبية ضرورة تعديلها واخيرا الدفاع عن حق الترشح دون موانع قانونية او حصر لعدد العهدات الرئاسية.

صراع باسماء مختلفة ولكنه يدار في ازمنة وساحات متقاربة، ونهاية الاسبوع كانت اولى الجولات بانطلاق اشغال الندوة التي انتهت بفوز عماد الخميري بمنصب رئيس الكتلة، انتصار ا يحسب لصاحبه بل لجناح رئيس الحركة راشد الغنوشي، فالخميري المنتسب لهذا الجناح خاض الانتخابات لا فقط لمطامح شخصية بل لاغراض «تنظيمية» في اطار الخلاف مع شق في الحركة يرغب في انتهاء زمن الغنوشي. اذ ان الخميري وبترشحه تقدم كمنافس باسم جناح الشيخ لينافس الاجنحة الاخرى التي تقاطعت في نقاط محددة، اي انه خاض الرهان الانتخابي بهدف تحديد وزن وثقل كل تيار في الكتلة بشكل كلي وقطعى.
ذات الامر ينطبق على منافسه فتحي العيادي، الذي ترأس مجلس شورى النهضة من 2012 الى 2016، وهو احد اعمدة التيار المعارض للتمديد للشيخ في رئاسة الحركة كما انه كان ابرز قادة هذا التيار في المؤتمر العاشر رفقة عبد الحميد الجلاصي وعبد اللطيف المكي وغيرهم من القادة الاخرين في الحركة الذين اتبعوا خيارات منهاضة لسياسة الشيخ ومجموعته منذ 2012.
فالعيادي الذي تنافس مع الخميري طرح نفسه كشخصية قادرة على احداث التوازن في الكتلة والبرلمان في علاقة بهياكل الحزب واساسا في علاقة بهيمنته جناح الشيخ على الحركة ومؤسساتها خلال السنوات الاربع الاخيرة، ومركزة القرار في يد هذه المجموعة وغيرها من النقاط الاخرى التي تنتهي عند نقطة «ما بعد الغنوشي» في الحركة.

هذه الخلفيات قادت الانتخابات الخاصة برئاسة الكتلة، التي تجاوزت دورها التنقني والسياسي لتصبح مرحلة في صراع داخلي، بين اجنحة كل منها يرغب في الفوز بموقع متقدم لتحقيق مكاسب انية ومستقلبة في صراع مفتوح على توجيه المؤتمر الـ11 الى المخرجات المرغوب فيها من كل طرف.
لذلك فان النتائج المعلن عنها وان ابرزت تفوق شق الشيخ في الكتلة الا انها تكشف ايضا عن ان التيار المعارض للتمديد يحضى بمقبولية صلب الحركة وخاصة في صفوف قادتها التاريخين، الذين يبدو انهم سيتعاطون مع الامر على انه اختبار اول لباقي مراحل الصدام مع جناح الشيخ.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115