تحليل إخباري: الكوفيد 19 والمناطق الخطرة !

عدوى فيروس الكورونا المستجد في بلادنا دخلت منعرجا جديدا وخطيرا بكل المقاييس فخلال أسبوع واحد (من 23 إلى 29 سبتمبر)

سجلنا 5108 حالة إصابة جديدة أي بمعدل 730 إصابة جديدة يوميا و85 وفاة (حوالي 12 يوميا) و161 مريضا جديدا بالمستشفيات و28 مريضا بأقسام العناية المركزة و27 مريضا جديدا تحت جهاز التنفس الاصطناعي ..أي أننا سجلنا خلال أسبوع واحد أكثر بكثير مما سجلناه خلال كامل الموجة الأولى من هذه العدوى بل يكاد هذا الأسبوع الأخير من شهر سبتمبر (دون احتساب يوم 30 سبتمبر) يضاهي الوضعية الوبائية برمتها من 2 مارس إلى 31 أوت ، أي وضعية خمسة أشهر كاملة .
يشير اليوم كل الأطباء المختصين والمتدخلين في مقاومة هذه الجائحة أننا أمام منعرج جديد قد نفقد فيه السيطرة على مجريات الأمور لا فقط في ما يتعلق بعدد الإصابات أو الوفيات بل في قدرة تحمل منظومتنا الصحية على تقديم الخدمات الضرورية من إيواء وإنعاش وتنفس اصطناعي لكل المرضى المحتاجين لهذه الخدمات .
المعيار الأساسي في العالم والذي تبنى عليه كل سياسات التوقي والمقاومة لهذه الجائحة هو قدرة منظومة صحية ما على استيعاب الأعداد المتزايدة من مرضى الكوفيد 19 دون إهمال بقية المرضى الآخرين ..
على مستوى الأرقام العامة النظرية مازلنا لم نبلغ بعد منطقة الخطر ولكننا للأسف أمام أرقام عامة نظرية لأن بعض مرضى الكوفيد المحتاجين للإيواء بالمستشفيات لا يجدون أسرّة شاغرة بالسرعة المطلوبة دون أن نكون متأكدين من حقيقة عدم الشغور هذه مادامت المستشفيات العمومية بل والمصالح داخلها تعمل وفق «التدبير الحرّ» في هذه المسألة بالذات ومادامت مركزة المعلومة والقرار والتدخل غير مستكملة وغير ناجعة بما فيه الكفاية ..
والخوف كل الخوف هو أنّه مع التضاعف المحتمل لعدد المرضى بأقسام العناية المركزة أو المحتاجين لجهاز التنفس الاصطناعي واضطرار الإطار الطبي إلى الاختيار بين مريضين أيهما يسعف وأيهما يحرم من وسائل الإسعاف المناسبة وهذا ما حصل فعلا في عدة دول خلال الموجة الأولى للجائحة تفوقنا إمكانيات مادية وبشرية .
الحلّ – نظريا – سهل للغاية وهو إتباع أقصى درجات الحذر من تباعد جسدي وارتداء الكمامة وغسل اليدين وتعقيم الفضاءات المشتركة ولكننا نعلم جميعنا كم هو عسير تطبيق كل هذه الشروط كامل الوقت وفي كل الفضاءات العامة والخاصة، ثم إن العودة إلى حجر صحي شامل أضحى اليوم مستحيلا لأسباب واضحة لأنه سيجهز على ما تبقى من آلتنا الإنتاجية علاوة على أن أثاره الصحية المرتقبة ليست مؤكدة كما كان الحال خلال الموجة الأولى .
لاشك أن السلطات العمومية ستلجأ إلى تشديد مراقبة احترام مختلف البروتوكولات الصحية كما قد تعمد إلى إقرار حجر صحي جزئي في بعض المعتمديات التي يتفشى فيها الفيروس بسرعة فائقة أو فرض حظر الجولان جهويا أو وطنيا. كما أن حسن حوكمة إيواء المرضى وتوفير كل الإمكانيات ضروري لاستباق تفاقم عدد المرضى بأصنافهم ولكن يبقى انخراط المواطنين أساسيا في هذه المرحلة الدقيقة من الجائحة، انخراط جماعي وشامل حتى نتجاوز هذه الأسابيع القادمة بأخف الأضرار .
أكتوبر سيكون شهر كل المخاطر .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115