رئيس الحكومة وشركاته المتعاقدة مع الدولة : الخطأ بات خطيئتان تضارب المصالح والتبرير

يدرك رئيس الحكومة الياس الفخفاخ وفريقه انهم في معضلة لن يتخلصوا منها دون دفع ثمن اقله الحرج السياسي وتجريح للصورة

التي سعوا الى ترسيخها في الاذهان بان حكومتهم «جاءت لتحارب الفساد» فقد تورط رئيسها في تضارب مصالح صارخ مما يقوض روايتها.

خلال الساعات الفارطة تعددت الوثائق التي نشرها فاعلون سياسيون حاليون او سابقون تتعلق بملف تضارب المصالح الذي انخرط فيه رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ وتمثل في حصول شركة -له فيها مساهمات- على صفقات عمومية.

فوفق البوابة المخصصة لنشر الصفقات العمومية تحصلت شركة لها علاقة بالفخفاخ على صفقتين عموميتين ، الأولى تتعلق باستغلال مصبات النفايات الخاضعة للرقابة للمنازل والنفايات المماثلة ومراكز النقل ذات الصلة في ولايتي نابل وزغوان، على مبلغ جملي في حدود 28.9 مليون دينار. اما الثانية فتتعلق باستغلال المصب الخاضع للرقابة من النفايات المنزلية وما شابه ذلك ومراكز النقل ذات الصلة بولاية بنزرت، بمبلغ 15.37 مليون دينار.

صفقتان تقدر قيمتهما بـ44.27 مليون دينار ابرمتهما شركة «STE VALIS» مع الدولة التونسية ، هذه الشركة التي سجلت في السجل التجاري للمؤسسات التونسية تحت رقم B81276292018 وقد اقر رئيس الحكومة الياس الفخفاخ في حوار تلفزي بث قبل ايام بأنه يمتلك نسبة اسهم فيها قال انها تبلغ 30 %.
امتلاك لأسهم في شركة حريفها الوحيد هو الدولة لم يعتبره رئيس الحكومة «إشكالا» كما لم يعتبره وزير الدولة لدى رئيس الحكومة محمد عبو فسادا بل هو تضارب مصالح في طور المعالجة، اذ اعلن الفخفاخ انه شرع في اجراءات التفويت في اسهمه بالبيع. قبل ان يقدم توضيحات نفى من خلالها وجود تضارب مصالح.
ويشدد الفخفاخ وحكومته على انه لا يوجد تضارب للمصالح لدى رئيس الحكومة في علاقة بامتلاكه لأسهم في شركة خاصة تحصلت على صفقة عمومية، والحجة في ذلك ان الفخفاخ لا يمتلك اسهما مباشرة في الشركة التي فازت بالصفقة بل يمتلك اسهما في شركة لها مساهمة في راس مال شركة VALIS ، كما ان الفخفاخ ليس من مسيري الشركة او وكيلا لها.

هذان العنصران تستند اليهما الحكومة لتشير الى ان الفخفاخ يعيد قراءة الفصل 20 من قانون «من اين لك هذا» بمقاربة مفادها ان تحقيق المصلحة يتطلب ان يكون الفخفاخ مسيرا او مشرفا على الشركة المتعاقدة مع الدولة.
ولا تقف حجج الحكومة لتبرئة نفسها من شبهة الفساد عند هذه النقطة بل تتضمن تفاصيل ومعطيات زمنية عن مسار الصفقتين اللتين فازت بهما الشركة، وهي ان الصفقة المعنية تم نشر طلب عروضها في سبتمبر 2019, وتم النظر في العروض في 25 من ديسمبر الفارط وتم الإعلان اسماء الشركات الفائزة ، أي قبل ان يصبح الفخفاخ رئيسا للحكومة.

هذه المعطيات التي تسوقها الحكومة قد ترفع عن رئيسها الحرج القانوني، ولكن الحرج السياسي والاخلاقي لن يرفع عنه، فخطأ الفخفاخ ليس في امتلاكه لاسهم في شركة تتعامل مع الدولة بل في اخفائه للامر وعدم شروعه في اجراءات التفويت في اسهمه منذ تقلده لمنصبه كرئيس للحكومة في فيفري الفارط أي منذ اكثر من 3 اشهر.
خطا الفخفاخ انه ناقض شعارات حكومته التي تعهدت بفتح ملفات ومحاسبة الفاسدين والمتلاعبين فسقط رئيسها في المحظور بالتخفيف من الخطإ وتجنب القارار بانه وقع في تصارب مصالح صريح وان شركته ستحقق بشكل او باخر منفعة باعتبارها شركة رئيس الحكومة وان كانت مساهمتها فيها محدودة.

كان الخطأ يستوجب في سياق اخر وفي زمن اخر ان يستقيل الفخفاخ او غيره، لكن اليوم على الاقل يتطلب الأمر اعتذارا علنيا وصريحا ولا لتبرير ومحاولة لتقليص من خطر ما حدث، او الارتكاز الى حقيقة ان خصومه وحلفاءه استغلوا الامر لتوجيه ضربات له بهدف تحسين شروط التفاوض معه واضعافه.
اليوم إذا اراد الفخفاخ وحكومته الالتزام بشعارهم في محاربة الفساد عليهم ان ينطلقوا من انفسهم.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115