مشاورات تشكيل الحكومة: النهضة أمام معضلة التحالفات المشروطة

أفرزت نتائج الانتخابات التشريعية لسنة 2019 حسب النتائج الأولية للهيئة العليا المستقلة للانتخابات، مفاجآت بصعود أحزاب جديدة

على غرار حزب قلب تونس وائتلاف الكرامة.. وهزيمة أحزاب أخرى، مفاجآت لئن كانت منتظرة لدى البعض، فإن البعض الآخر وصفها بـ«الزلزال»، نتائج أعادت ترتيب الخارطة الحزبية وستحسم التحالفات المرتقبة مستقبل الرئاسة وكذلك مسألة تشكيل الحكومة، واللاعب الأساسي هي حركة النهضة لتصدرها المشهد البرلماني بـ52 مقعدا، ووفق بعض المصادر فإن الحركة انطلقت في مشاوراتها منذ اليوم الأول من الإعلان عن النتائج من قبل مؤسسات سبر الآراء، ولكنها بصفة غير مباشرة وجانبية بين بعض الأصدقاء المشتركين لمختلف الأحزاب.

حسب النتائج التي أفرزها صندوق الاقتراع، فإن هناك سيناريوهات متعددة لتشكيل الحكومة تأخذ بعين الاعتبار هذه النتائج التي أسفرت عن صعود كل من قلب تونس وموقف النهضة معروف اتجاه هذا الحزب لكن في السياسة ليست كل المواقف ثابتة، وكذلك التيار الديمقراطي الذي وضع شروطا من أجل المشاركة في الحكومة وائتلاف الكرامة الذي قبل بالتحالف مع النهضة أما الحزب الدستوري الحر فكلا الطرفين يرفضان التعامل مع بعضهما وبالنسبة لحركة الشعب فهي الأخرى وضعت شروطا للمشاركة في الحكومة في المقابل نجد تحيا تونس التي تتجه نحو الاصطفاف في المعارضة في انتظار موقف مشروع تونس بالرغم من أن محسن مرزوق كان قد أكد أن الحزب غير معني بتشكيل الحكومة وكذلك مواقف بقية الأحزاب والمستقلين الممثلين الجدد في البرلمان.

الانطلاق في بلورة التوجهات
التحالفات أمام حركة النهضة هي محدودة اليوم وتشكيل الحكومة يتطلب أغلبية 109 مقاعد مؤيدة في البرلمان، حيث أنه إلى حدّ اليوم ائتلاف الكرامة هو فقط من أعلن عن قبوله الدخول في مشاورات مع النهضة لتشكيل الحكومة، وقبل إعلان سيف الدين مخلوف في ندوة صحفية عن هذه الموافقة، أعلنت حركة النهضة عن انطلاقها في بلورة التوجهات الرئيسية للبرنامج الذي ستشكل على خلفيته الحكومة المقبلة ليكون منطلقا للحوار مع مختلف القوى السياسية القابلة للعمل المشترك وانفتاحها على كل المبادرات الجادة التي تلتقي معها حول برنامجها الانتخابي أو جزء منه ومن عناوينه تعزيز المسار الديمقراطي الانتقالي وتوفير مقومات العيش الكريم للمواطن والرفع من المقدرة الشرائية والتشغيل وتعزيز الأمن ومقارعة الفقر والإرهاب والفساد والتهريب.

وفيّة لكل وعودها الانتخابيّة
وعبرت الحركة في بلاغ صادر عنها اثر اجتماع مكتبها التنفيذي عن اعتزازها الكبير بالثقة الكبيرة التي منحتها لها شرائح اجتماعية واسعة داخل تونس وخارجها والذين منحوها أصواتهم رغم كل الحملات الدعائيّة والإعلامية المأجورة والهادفة إلى تضليلهم ومغالطتهم. وجددت تأكيدها على أنها ستكون وفيّة لكل وعودها الانتخابيّة تجاه الفئات الاجتماعيّة الضعيفة وتجاه المناطق المهمشة وتقديم كل المبادرات الكفيلة بتحقيق ذلك. كما ثمنت جهود الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وقوات الأمن والجيش والجمعيات المدنيّة المتخصصة وكل الأطراف المتدخلة من وزارات وموظفين وعملة والتي كان لها الأثر الكبير في حسن إدارة الاستحقاق الانتخابي ونجاحه، داعية «كل التونسيين ومناضليها وأنصارها إلى المشاركة المكثفة في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها والتصويت للأستاذ قيس سعيد».

ائتلاف الكرامة يقبل لكن بشروط..
الطرف الأول الذي أبدى استعداده للتحالف مع النهضة هو ائتلاف الكرامة الذي احتل المرتبة الرابعة في البرلمان القادم بحصوله على 21 مقعدا لكن بشروط حيث يرفض أن يكون رقما سهلا أو مجرّد مشارك في المشاورات ويعتبر أنه ليس باحتياطي لأحد، ولن يكون في الحكم ولا المعارضة قبل انتهاء المشاورات، وقد أعرب سيف الدين مخلوف خلال ندوة صحفية عقدها الائتلاف أمس عن أمله في التوصل إلى اتفاق بخصوص تشكيل الحكومة القادمة وتقديم تطمينات للتونسيين خاصة في ظل ما يشاع حول استحالة تكوينها.

التحالف بين الحزب الدستوري والنهضة غير ممكن
بالنسبة للحزب الدستوري الحر المتحصل على المرتبة الخامسة في الانتخابات بـ 17 مقعدا،فإن كلا الطرفين يدركان جيدا أن التحالف بينهما غير ممكن، حيث جددت عبير موسي رئيسة الحزب الدستوري الحر في ندوة صحفية عقدها الحزب أمس موقفها من التحالفات داخل البرلمان، قائلة «إن كتلة الدستوري الحر لن تتحالف في البرلمان مع الإخوان ومشتقاتهم، وستبقى في المعارضة»، ملاحظة أن كتلة حزبها ستتحاور مع الأحزاب التي لن تتحالف مع حركة النهضة. واعتبرت أن الانتخابات مخترقة من قبل حركة النهضة.

مهمة عسيرة
مهمة حركة النهضة ستكون عسيرة خاصة على مستوى إقناع بقية الأحزاب لقبول الدخول في المشاورات لتشكيل الحكومة، لاسيما الأحزاب التي وضعت شروطا ومثال ذلك التيار الديمقراطي الذي اشترط حصوله على 3 وزارات مهمة، الداخلية والعدل والإصلاح الإداري لقبول المشاركة في الحكومة، نفس الشيء لحركة الشعب التي ستفرض حصولها على وزارات مهمة كثمن لقبول المشاركة وبخصوص تحيا تونس فإن قرارها النهائي ستتخذه في اجتماع مجلسها الوطني بين الاصطفاف في المعارضة أو المشاركة في الحكومة. أما قلب تونس فإن كلاهما يرفضان التحالف مع بعضهما حتى أن القيادي في الحزب عياض اللومي كان قد هدد بالاستقالة في صورة تحالف الحزب مع النهضة لكن في السياسة كل شيء ممكن ويمكن أن تتغير المواقف بين الحين والآخر وحسب ما تقتضيه مصلحة كل طرف.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115