أحزاب ومنظمات تعلق على وصف حزب الله بالإرهابي: رفض القرار واستغراب من تناقض المواقف بين الداخلية والخارجية ومطالبة بتوضيح

اثار قرار مصادقة مجلـس وزراء الداخلية العرب المنعقد في تونس يوم الأربعاء الماضي على وصف حزب الله بالإرهابي جدلا واسعا من قبل الاحزاب السياسية والمنظمات التونسية وعبرت جلها عن رفضها لهذا القرار وعن استغرابها من السياسة الخارجية لتونس التي طالما تميزت بالحياد وطالبت بالتراجع عن هذا القرار.

في تصريح لإذاعة اكسبراس اف ام قال وزير الشؤون الخارجية خميس الجهيناوي «ان تونس غير معنية بهذا الأمر» دون أي ايضاحات اخرى ولم تصدر الوزارة أي بلاغ في هذا الصدد، إلا أن بعض القيادات الحزبية اعتبرت ذلك أمرا في غاية الخطورة موضحة ان مثل هذه القرارات لا تتخذ بين ليلة وضحاها بل تدرس جيدا وتكون محور مراسلات بين الدول أو ممثليها لأكثر من شهر وتقوم على برامج ووثائق ودراسات وهذا القرار طبخ في الكواليس وبالتالي فان القرار مبرمج للإعلان عنه في تونس خاصة ان ورئيس الجمهورية كان قد افتتح هذا الاجتماع وهو يمثل الديبلوماسية التونسية.

لقد أكد الاتحاد العام التونسي للشغل رفضه قرار مجلس وزراء الداخلية العرب الذي صنف حزب الله اللبناني منظمة إرهابية لما يترتب عنه من ملاحقات لقياداته ومن محاصرة وإعلان حرب عليه واعتبر الاتحاد في بلاغ له القرار خضوعا للابتزاز الصهيوني وضربا للمقاومة الوطنية ودعا الحكومة التونسية للتراجع عن هذا القرار وعدم الامتثال له لانه يقتحم تونس في قضايا لا تخدم مصلحة البلاد ولا مصلحة الوطن العربي كما دعا كل القوى الوطنية والديمقراطية إلى التصدي لهذا القرار والعمل ضمن جبهة وطنية موحدة لإسقاطه ودعا الحكومة للتراجع عن «الصفقة» المبرمة مع الشركة الصهيونية المتعلقة بالطاقة المتجددة واعتبر ذلك تطبيقا لشكل من أشكال التطبيع الذي يجب مقاومته.

النهضة تعتبر موقف الحكومة غير واضح
حركة النهضة احد أحزاب الائتلاف الحاكم أوضحت وفق ما أفاد به لـ«المغرب» أسامة الصغير الناطق الرسمي باسمها أن الحركة تريد أن تفهم موقف الحكومة «غير الواضح» في إشارة إلى تناقض بين تصريحات وزير الشؤون الخارجية خميس الجهيناوي وموقف وزير الداخلية الهادي مجدوب ثم ستصدر موقفا او تعبر عن موقفها من هذا القرار مشيرا إلى ان اجتماع المكتب التنفيذي العادي من المنتظر ان يناقش هذا الموضوع من بين عدة مواضيع أخرى.

ليس لوزير الخارجية الجرأة
وفي تعليق له أكد سامي الطاهري الامين العام المساعد المكلف بالاعلام بالاتحاد العام التونسي للشغل لـ«المغرب» ان الاتحاد يرفض هذا القرار وان تصريح وزير الخارجية يعد نوعا من التهرب من المسؤولية ومحاولة للالتفاف على الموقف الحقيقي ، مشددا على ان امن لبنان واستقراراها امر مهم للتونسيين ومثلما ندد الاتحاد في السابق بالقرار الذي اتخذ في حق سوريا فانه يندد بهذا القرار ايضا، قائلا ان وزير الخارجية ليس له الشجاعة والجرأة للاعلان عن الموقف الرسمي لتونس اما بالتبرؤ من هذا القرار او بالإعلان عن تنبيه رسميا لقرار وتبني موقف وزير الداخلية .

عمادة المحامين بدورها استغربت انخراط الحكومة التونسية فيما اعتبرته توجها خطيرا بالتنكر لثوابت الشعب التونسي في الانتصار للمقاومة الوطنية وطالبت الحكومة بالالتزام بثوابت السياسة الخارجية التونسية المستندة إلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول ذات السيادة ودعت للتصدي لهذا القرار والتراجع عنه .

نائب عن الكتلة الحرة الصحبي بن فرج اعتبر على صفحته الرسمية ان تبنى تونس لقرار تصنيف حزب الله كمنظمة إرهابية إهانة للشعب التونسي قبل أن تكون إساءة للمقاومة اللبنانية البطلة ممثلة في حزب الله، بن فرج اكد ايضا انه سيتقدم بمساءلة لوزير الداخلية حول ملابسات تصويته على هذا التصنيف فضلا عن البحث في مجلس نواب الشعب في امكانية إلغاء هذا التصويت.

قرار كارثي
حزب أفاق تونس احد أحزاب الائتلاف الحاكم اكد انه سيدرس الأمر خلال اجتماع مجلسه الوطني نهاية الأسبوع ، وقد اعتبر وليد صفر الناطق الرسمي باسم الحزب ان القرار كان مفاجئا مؤكدا انه يعتقد انه كان من الأفضل ان تظل تونس محايدة في مثل هذه المسائل مثلما كان موقفها دائما تجاه البلدان الاخرى.

أما الأمين العام للحزب فوزي عبد الرحمان فقد دون على صفحته الرسمية ان قرار مجلس وزراء الداخلية العرب بتونس بتصنيف حزب الله كمنظمة إرهابية تحت ضغط «النظام الوهابي» قرار كارثي بأتم ما في الكلمة من معنى.

وأضاف ان المصيبة أن يقع هذا القرار بتونس و إن يصرح وزير الخارجية بأننا غير معنيين بهذا القرار و ان يصرح وزير الداخلية بأن تونس لم تحتفظ بصوتها متسائلا ان كانت هناك قيادة سياسية في هذا البلد؟ ومعنى قرار الانضمام إلى التحالف السعودي في الحرب السنية الشيعية! أين ثوابت سياستنا الخارجية؟ وهل يستطيع وزراء الداخلية العرب أن يؤكدوا لنا متى ستقع مناقشة تصنيف تنظيمات أنصار الشريعة وداعش والقاعدة وكل من لف لفهم من الحركات الإخوانية الأصولية والتكفيرية؟

خرق لمبدإ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول
التيار الديمقراطي على لسان رضا الزغمي عضو المكتب التنفيذي وعضو المكتب السياسي للتيار، أكد لـ«المغرب» الحزب تابع بقلق وانشغال ما ألت إليه الأوضاع في المنطقة العربية كما عبر عن تخوفه من غياب رؤية مشتركة وواضحة للتغيرات الإقليمية الراهنة ففي الوقت الذي يزداد فيه الخطر الإرهابي من تنظيمات تكفيرية متعددة وخاصة بالدول العربية التي تخلصت من أنظمة الاستبداد فيها، في الوقت الذي كان ينتظر في الشعب العربي وضع خطط مشتركة للتصدي للارهاب ووضع استراتيجيات عمل وتنسيق موحدة لمقاومة هذه الافة التي تهدد استقرار المنطقة يفاجئ مجلس وزارء الداخلية في بيانه الختامي باعلان حزب الله تنظيما ارهابيا.

الزغمي شدد على ان التيار يدين الارهاب مهما كان مصدره الا انه يعبر عن استغرابه من تصنيف هذا الحزب تنظيما ارهابيا في حين ان التنظيمات الإرهابية باتت معروفة للجميع في المنطقة من ذالك مثلا تنظيم جبهة النصرة الذي لم يعلن انه تنظيم ارهابي معلنا عن رفض الحزب لهذا القرار غير المسؤول تجاه حزب سياسي شريك في السلطة بالقطر اللبناني واعتبار ذلك خرقا لمبدإ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول ومسا من سيادة دولة لبنان الشقيقة وذكر عضو المكتب السياسي للحزب ان حزب الله هو الذي حرر جزءا من الاراضي اللبنانية وقاوم ومايزال يقاوم الاحتلال الصهيوني .

كما دعا السلطات التونسية الى النأي بنفسها والارتقاء بدبلوماسيتها عن الاصطفاف خلف المحاور الاقليمية المشبوهة وخاصة منها المحور السعودي الوهابي ، فضلا عن الابتعاد عن التناقض بين وزير الداخلية ووزير الخارجية وضرورة التنسيق بين الفريق الحكومي حتى تتسم السياسة الخارجية بالرصانة.

دعوة لسحب تأييد تونس لهذا القرار
الجبهة الشعبية استنكرت ايضا اصطفاف الحكومة التونسية، من خلال وزير داخليّتها، وراء الموقف السّعودي الخليجي واعتبرت أن هذا الموقف لا مصلحة فيه لتونس وشعبها كما أنّه لا مصلحة فيه للشعب اللبناني والشعوب العربية عامة، وبينت ان هذا الموقف يوسّع دائرة الصراع في كامل المنطقة تحت غطاء ديني طائفي، ويعمّق تقسيم الشعوب العربية والإسلامية عامة.

واكدت الجبهة ان ما حصل في مجلس وزراء الداخلية العرب يبيّن مرة أخرى أن السياسة الخارجية لتونس في عهد تحالف «النداء ـ النهضة» لم تتغير عمّا كانت عليه في عهد الترويكا بزعامة حركة النهضة، فهي سياسة تابعة، بل رهينة إملاءات إقليمية ودولية، وهو ما يتطلّب إثارة المسألة في مجلس نواب الشعب ومناقشتها أمام الرأي العام.

من جهته دعا التكتل الديمقراطي السلطة التنفيذية إلى استعادة هيبة الديبلوماسية التونسية التي عرفت بأنفتها و مواقفها السيادية الرصينة والمتزنة والتي لا تخضع فقط للمصالح الحينية، ذلك التمشي التاريخي الذي جعل تونس دولة تحترمها الدول الاخرى وتعتبر دورها استراتيجيا في المنطقة رغم أنها ليست قوة اقتصادية او عسكرية إقليمية كبرى وطالب الحزب الجمهوري الحكومة التونسية بسحب تأييدها لهذا القرار معلنا أنه قرار لن يحول دون تطوير علاقاتنا وتعاوننا مع حزب الله اللبناني.
طالب المسار الديمقراطي الاجتماعي مجلس نواب الشعب بعقد جلسة استعجالية لمناقشة السياسة الخارجية لبلادنا واقتراح التعديلات الضرورية لمراجعتها بما يتناسب مع المواقف المبدئية الثابتة للديبلوماسية التونسية والحفاظ على استقلالية القرار الوطني بعيدا عن مختلف المحاور والتكتلات الإقليمية والدولية.

كما استغربت 3 منظمات - المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، اللجنة من اجل احترام الحريات وحقوق الانسان في تونس، جمعية يقظة من اجل الديمقراطية والدولة المدنية اصطفاف الحكومة التونسية وراء أنظمة معروفة بمهادنتها للاستعمار وانتهاكها الدائم للحريات العامة والخاصة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115