تحليل إخباري: بعد منعه بث برنامج «الحقائق الأربع» وإعادة بث برنامج (50/50) إجماع على رفض قرار قاضي التحقيق

قرر عشية يوم أول أمس قاضي التحقيق رقم 10 المتعهد بملف وفاة الرضع بمستشفى الرابطة منع بث برنامج زميلنا

حمزة البلومي «الحقائق الأربع» على قناة الحوار التونسي ومنع إعادة بث برنامج خاص لزميلنا معز بن غربية على قناة «قرطاج +» بتعلة احتمال التداخل مع التحقيق الذي تتعهد به وبالاعتماد على الفصل 109 من الدستور الذي يقول «يحجر كل تدخل في سير القضاء» قرار أدهش واغضب كل الساحة الإعلامية والحقوقية والمدنية والسياسية وحتى الحكومية بلا أي استثناء.قرار تعدى به قاضي التحقيق على صلاحيات هيئة دستورية مستقلة وهي «الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري» وهي وحدها المخولة لتعديل المشهد السمعي البصري بما في ذلك اتخاذ القرارات الزجرية والعقابية، حصل إجماع على أن اجتهاد قاضي التحقيق قد خرق فصولا أساسية في الدستور منها الفصل 31 الذي ينص على أن «حرية الرأي والفكر والتعبير والإعلام والنشر مضمونة. لا يجوز ممارسة رقابة مسبقة على هذه الحريات» وكذلك الفصل 49 الذي يوكل للهيئات القضائية مهمة حماية هذه الحريات : «وتتكفل الهيئات القضائية بحماية الحقوق والحريات من أي انتهاك».
كما أن تأويل قاضي التحقيق لمنطوق الفصل 109 مغال في التوسع إذ اعتبر أن تناول ملف هو الآن تحت أنظار التحقيق القضائي «تدخل في سير القضاء»
لا نريد أن نقول بأن العمل الصحفي فوق القانون وانه لا يخضع لضوابط أخلاقية وقانونية ولكننا في وضعية الحال أمام صنصرة ما قبلية لمادة إعلامية (الحقائق الأربع) وصنصرة ما بعدية في ما يتعلق بالبرنامج الخاص لمعز بن غربية.
ونحن لا نرفض هذا القرار القضائي الخاطئ بمنطق العصبية المهنية فحرية الصحافة لا تهم الصحفيين بالأساس، وإن كانوا هم أول متضرر من انتهاكها، ولكنها تهم كل المواطنات والمواطنين لأنها تتعلق بحق أساسي لهم وهو حقهم في المعلومة.
نحن لا نتهم شخص قاضي التحقيق ولا نطعن في نزاهته أو في استقلاليته ولكننا نعتبر أن اجتهاده خاطئ وانه يسيء لا فقط لحرية الإعلام ولحق المواطن في المعلومة ولكن كذلك لحسن سير التحقيق في هذه الكارثة التي هزت وجدان كل التونسيات والتونسيين .
ففي بلد أصبح فيه الارتياب هو القاعدة ،قرار كهذا يغذي كل التصورات التآمرية ويضعف من حسن تقبل التحقيق القضائي ولا يساهم بالتالي في طمأنة نفوس عائلات الضحايا بداية وسائر المواطنات والمواطنين نهاية ..
المطلوب اليوم أن تشتغل مؤسسات الدولة بشكل أفضل ووفق منطوق الدستور وروحه وبانسيابية العلاقة بين مختلف أجهزة الدولة وهذا يستوجب الطعن القضائي في قرار قاضي التحقيق – وهذا ما يبدو انه حصل أو بصدد الحصول – وان تنظر الدوائر القضائية المختصة في قرار قاضي التحقيق وان يصبح لدينا فقه قضاء يفصل بوضوح بين مقتضيات حرية التعبير وحق المواطن في الإعلام ومقتضيات حماية حقوق المواطنين وشروط التقاضي العادل.
ينبغي ان نخرج من هذه الكارثة التي حلت بالبلاد (موت 15 رضيعا ) وبهذا التعامل القضائي مع برنامجين تلفزيين من الباب الكبير أي بكشف الحقيقة كل الحقيقة في هذه الكارثة دون التستر على أحد وأن تضمن مؤسسات الدولة وعلى رأسها القضاء الحريات الفردية والعامة وعلى رأسها جميعا حرية التعبير والإعلام..
هذا بالطبع إن أردنا أن نجسّر الثقة بين المواطنين وبين مختلف أجهزة الدولة أما لو واصلنا بهذه الطرق الملتوية والمرتبكة فسننتهي إلى تفكيك ما تبقى من أوصال عيشنا المشترك .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115