قبل أيام من الإضراب العام..الطبوبي والشاهد في لقاء ثان في أقل من أسبوع: الاتفاق على استئناف مفاوضات لجنة 5 زائد 5 غدا وعقد لقاء آخر الاثنين المقبل للحسم النهائي

اللقاء الذي جمع أمس رئيس الحكومة يوسف الشاهد والأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل

نور الدين الطبوبي هو الثاني من نوعه في أقل من أسبوع ويمكن أن تتلوهما لقاءات أخرى، وهذا أمر عادي باعتبار أن اللقاء السابق تمّ الاتفاق فيه على ترك الجلسة مفتوحة ومزيد تعميق المشاورات حول ملفين مهمين كانا السبب الرئيسي في الخلافات والتصدع بين الحكومة والاتحاد، وهما التفويت في المؤسسات والمنشآت العمومية والمفاوضات الاجتماعية للزيادة

في الأجور، وقد تمّ الاتفاق خلال لقاء أمس على استئناف مفاوضات اللجنة العليا 5 زائد 5 بين الحكومة واتحاد الشغل غدا الجمعة 19 أكتوبر الجاري وعلى أن تعقد اجتماعا ثانيا يوم الاثنين المقبل للنظر في كافة مطالب الاتحاد والأولوية ستعطى للقطاع العام باعتبار أن الإضراب العام الأول يخص هذا القطاع يوم 24 أكتوبر الجاري.

وفق تصريح وزير الشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي لـ«المغرب» فإن المفاوضات بين قيادتي الحكومة والمركزية النقابية قد سجلت تقدما في انتظار نتائج مفاوضات لجنة 5 زائد 5 الذي ستعود للاجتماع بداية من يوم غد في جلسة تمهيدية على أن يعقد لقاء آخر يوم الاثنين المقبل، مشيرا إلى أنه تمّ إقرار مبدئي بحق كل الأجراء بالزيادة في الأجور في القطاع العام والوظيفة العمومية مثلما تمّ في القطاع الخاص. وأضاف الوزير أنه من المتوقع أن تعطى الأولوية للمؤسسات والمنشآت العمومية باعتبار أن تاريخ الإضراب العام بات قريبا وفي مرحلة ثانية الوظيفة العمومية وإذا تمّ التوصل إلى اتفاق فلم يعد هناك داع لهذا الإضراب.

لا نية للحكومة التفويت في القطاع العام لا جزئيا ولا كليا
وزير الشؤون الاجتماعية جدد التأكيد على عدم وجود أي نية لدى الحكومة للتفويت في القطاع العام والدليل على ذلك مشروع قانون المالية لسنة 2019 في جانب مداخيل ومقابيض الدولة لا يوجد به أي بند تحت عنوان عائدات التفويت في مؤسسات عمومية جزئيا أو كليا بل بالعكس تمّ تخصيص مبلغ بـ500 مليون دينار لدعم هذه المؤسسات، وبالتالي فإن القول بوجود توجه للخوصصة لا أساس له من الصحة، فرئيس الحكومة سبق وأن نفى ذلك وكذلك شخصه والناطق الرسمي باسم الحكومة، وأضاف الطرابلسي أن جلسة الجمعة ستنظر في مسألة تعديل الأجور بدءا بالقطاع العام بالنظر إلى ضغط الإضراب .

مواصلة التجمعات العمالية
بعد الانتهاء من عقد الهيئات الإدارية الجهوية في أغلب ولايات الجمهورية، انطلق اتحاد الشغل في تجمعاته العمالية المباشرة في مواقع العمل منذ أول أمس، فبعد شركة نقل تونس، جاء الدور أمس للشركة التونسية للكهرباء والغاز «الستاغ» وشركة الخطوط التونسية، تجمعات شملت أهم المؤسسات والمنشات العمومية والتي تأتي في إطار استعداداته للإضراب العام الذي لم تعد تفصلنا عنه سوى أيام معدودة، والاتحاد ماض فيه ما لم يتم إمضاء اتفاق بين الطبوبي والشاهد ينص على عدم التفويت في القطاع العام والعمل على إعادة الهيكلة والإصلاح والنظر في وضعية المؤسسات حالة بحالة إلى جانب الزيادة في الأجور في القطاع العام والوظيفة العمومية، زيادة تغطي نسبيا تدهور المقدرة الشرائية للأجراء.

قناعة راسخة
أكد نور الدين الطبوبي خلال كلمة ألقاها أمام أعوان وإطارات الشركة التونسية للكهرباء والغاز أن الاتحاد لن يسمح بتخريب المؤسسات العمومية كلفه ذلك ما كلفه، مجددا تأكيده أن التفويت في القطاع العام سبعون ألف خط أحمر ولن يكتب لكم إعادة تجربة 1990، قائلا «ّأقسمت عديد المرات في أن لن يفوت في أي مؤسسة عمومية وهذا ليس بمجرد شعار وإنما قناعة راسخة بالنظر إلى أهمية القطاع العام»، مشيرا إلى أن الاتحاد لا يزال يصر على مواقفه الرامية إلى إصلاح المؤسسات العمومية وليس التفويت فيها. وشدد على أن الاتحاد ليس في عداء مع أي كان ولكن يستعدي من يستعدي الطبقات المهمشة والفقيرة والطبقة العاملة.
واستنكر أمين عام المنظمة الشغيلة حملات الشيطنة والتشويه الموجهة في المدة الأخيرة إلى اتحاد الشغل ونقده المتواصل للتدخل في المسائل السياسية، لافتا إلى أن الاتحاد ولد في خضم السياسة وهو قوة اقتراح وان هياكله النقابية لها نضج سياسي كما أن كل الملفات الاقتصادية والاجتماعية لها صلة مباشرة بالبعد السياسي، واعتبر أن الاتحاد من أكثر الهياكل المنفتحة على إصلاح القطاع العام وقد طلب في أكثر من مناسبة من الحكومة وضع كل الملفات على الطاولة، قائلا «أتحداكم إن كان لكم برنامج إصلاح»، وبين أن الاتحاد منفتح على الحوار الجدي والمسؤول في ملف القطاع العام، مشيرا إلى أن الاتحاد له رؤية إصلاحية واضحة في الغرض.

تعديل المقدرة الشرائية للأجراء
كما أبرز أن الاتحاد يطالب اليوم بأن يكون هناك عدالة جبائية وبأن يكون هناك حكومة عادلة ومنصفة بين مختلف مكونات الشعب، ليشدد على أن الاتحاد لم يطالب بزيادة في الأجور بل بتعديل المقدرة الشرائية للأجراء وسط ارتفاع نسبة التضخم والتهاب الأسعار مقابل استفحال الاحتكار وانخرام مسالك التوزيع، واعتبر أن انزلاق الدينار التونسي وارتفاع نسبة التضخم وزيادة نسبة الفائدة وارتفاع نسبة الأمية والفقر والخدمات الصحية المتدنية مظاهر تدعو إلى مواصلة النضال ومطالبة كل الحكومات بتنفيذ إصلاحات تعود بالنفع على عموم الشعب التونسي وفي مقدمته الأجراء، وسيتصدى الاتحاد لكل الخيارات الليبرالية التي تؤدي إلى تفقير الشعب وتهميشه.
هذا واعتبر الطبوبي الزيادة في الأجور استحقاقا وليست صدقة، محذرا من سياسة التسويف والمماطلة في التفاوض مع الطرف الحكومي حول ملف القطاع العام وتعديل الزيادة في الأجور، فالإضراب العام ليس هدفا في حد ذاته، مشددا على أن الاتحاد يتحمل مسؤوليته في الاتفاقيات وعلى الطرف الآخر أيضا تحمل المسؤولية ولكن الزيادة آتية في كل الحالات. كما تحدث أيضا عن المهزلة السياسية وحرب الكل ضدّ الكل.

الطبوبي اليوم في القيروان
نفس الخطاب ونفس اللهجة تحدث بها أيضا الطبوبي خلال كلمة ألقاها أمام أعوان وإطارات شركة الخطوط التونسية بالتشديد على أنه لا مجال للتفويت في القطاع العام وأن الحل في تجاوز أزمة المؤسسات والمنشات العمومية يكمن في إعادة هيكلتها، واعتبر أن مسألة التفويت هي محاولة لتشكيل رأي عام يعتقد أن القطاع العام أضحى عبءا على الدولة، لكن يبدو أن هذا القطاع بات مطمعا للخوصصة، كما تطرق أيضا إلى الإضراب العام وتدهور القدرة الشرائية للأجراء ولقائه برئيس الحكومة، وأشار إلى أن قرار الإضراب تمّ اتخاذه بسبب عدم جدية الحكومة في تنفيذ الاتفاقيات المبرمة بينها وبين المنظمة، داعيا إلى توفير الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وتوفير شروط العمل اللائق.
التجمعات العمالية للطبوبي متواصلة، ومن المنتظر أن يشرف اليوم الخميس بمصنع التبغ بالقيروان على اجتماع عام للحديث عن الوضع العام في البلاد والمستجدات الأخيرة والتحضيرات الجارية لإنجاح الإضراب في القطاع العام والوظيفة العمومية، كما سيتم الحديث عن عدة مسائل مهمة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115