الذكرى 55 لعيد الجلاء بإشراف الرؤساء الثلاثة: احتفال متنوع انعكست عليه التقلبات والصراعات السياسية

ككل سنة تزينت أمس ولاية بنزرت بصفة خاصة من أجل إحياء الذكرى 55 لعيد الجلاء الموافق لـ15 أكتوبر،

وهو تاريخ إجلاء آخر جندي فرنسي عن البلاد التونسية، 15 أكتوبر من سنة 1963، تاريخ مغادرة الأميرال الفرنسي فيفياي ميناد المدينة إعلانا عن نهاية مرحلة الاستعمار الفرنسي، وسط تعزيزات أمنية كبيرة، إحياء الذكرى هذه السنة يأتي بالتزامن مع تقلبات جديدة شهدتها الساحة السياسية والتي كانت مفاجأة للعديد في إشارة إلى انصهار الاتحاد الوطني الحر في حركة نداء تونس، ووسط أزمة سياسية بامتياز وصراع بين القصبة وقرطاج وعلاقة «فتور» بين رئيسي الجمهورية الباجي قائد السبسي والحكومة يوسف الشاهد، كل هذه التقلبات والأحداث لم تمنع الولاية من الاحتفال بعيدها، لتستعد لها كالمعتاد جيدا من الزينة والتنظيم إلى برمجة استثنائية من برامج تنشيطية وثقافية ورياضية متنوعة في أكثر من منطقة بالجهة لإبراز المعاني الخالدة لهذه الذكرى وترسيخها لدى الأجيال إضافة إلى تكريم عدد من المقاومين والمناضلين.

أشرف رئيس الجمهورية أمس على موكب إحياء ذكرى عيد الجلاء. وتولّى رئيس الدولة الذي كان مرفوقًا برئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر ورئيس الحكومة يوسف الشاهد، تحية العلم على أنغام النشيد الوطني بروضة الشهداء واستعراض تشكيلة شرفية من الجيوش الثلاثة قبل التوجّه إلى النصب التذكاري ووَضْع إكليل من الزهور وقراءة الفاتحة ترحّما على أرواح الشهداء الطاهرة. حضر الموكب أعضاء الحكومة، نواب الجهة بمجلس نواب الشعب وثلة من المقاومين والإطارات الجهوية والشخصيات الوطنية ومسؤولي الأحزاب والمنظمات.

إعلاء الراية الوطنية فوق المصالح الحزبية
لئن كانت ذكرى عيد الجلاء ملحمة وطنية وستبقى خالدة في التاريخ، إلا أن العديد يجمعون على أن الاحتفال بها هذه السنة تزامن مع فترة صعبة ودقيقة، حتى أن الخلافات خيمت على التظاهرة، حيث رفع شعار «ارحل» داخل مقبرة الشهداء في وجه المدير التنفيذي لحركة نداء تونس حافظ قائد السبسي من قبل أحد أعضاء تنسيقية نداء تونس ببنزرت، قائلا « لا لسليم الرياحي في حركة نداء تونس» قبل أن يتم إخراجه من المقبرة ، كما دعوا أيضا إلى ضرورة التوحد من أجل تجاوز هذه الأزمة على غرار رئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر، حيث أكد في بيان صادر عن البرلمان حمّل إمضاءه رئيسه أن إحياء عيد الجلاء تزامن مع فترة صعبة تمرّ بها تونس تحتّم مزيدا من التضامن بين التونسيين لتجاوزها، وشدد على أن هذه الفترة «تفرض التفاف الجميع حول الراية الوطنية، وإعلاءها فوق المصالح الحزبية والفئوية الضيقة من أجل مواصلة مسار البناء، والعمل بكل ثبات لإنجاح الانتقال الديمقراطي وتحقيق انتظارات التونسيين في التنمية والشغل والكرامة». واعتبر البيان هذه الذكرى ملحمة وطنية أنهت حقبة من انتهاك السيادة الوطنيّة، بفضل وحدة التونسيين ووقوفهم صفًا واحدًا ضد قوى الاستعمار.

مشروع إنقاذ وطني شامل
الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل المكلف بالإدارة والمالية بوعلي المباركي والذي كان من بين الحاضرين في ذكرى الاحتفال دون على صفحته الرسمية على «الفايسبوك» أن الاحتفاء بهذه الذكرى يأتي في ظرف سياسي واقتصادي واجتماعي عصيب يتطلب وحدة وطنية صماء لمواجهة الصعوبات وإيجاد الحلول وإطلاق الإصلاحات عبر مشروع إنقاذ وطني شامل يحفظ المكتسبات الوطنية ويستجيب إلى رهانات المرحلة ويقدم منجزا اقتصاديا واجتماعيا ويحفظ حقوق الأجيال القادمة في دولة مستقلة في قرارها مستميتة في خلق الثروة وعادلة في توزيعها على كل الفئات والجهات، وجدد الدعوة بذات المناسبة إلى كل الأطراف السياسية والاجتماعية إلى التمسك بإنجاح المشروع الديمقراطي في تونس وإلى تجاوز الأزمة السياسية الحالية لما لها من تداعيات على الأوضاع العامة بالبلاد و من تعطيل لمسار الإصلاح والإنقاذ .

وأبرز بوعلي المباركي أن تونس تحيي الذكرى 55 لعيد الجلاء واحدة من أهم الملاحم الوطنية التي كرست من خلال خروج آخر جندي فرنسي من الأراضي التونسية، إرادة التونسيين في استقلال القرار وسيادة الوطن ومناعة أراضيه، وأضاف أنها «مناسبة خالدة نجدد خلالها إكبارنا لتضحيات أجيال من المناضلين والمقاومين ونترحم على أرواح شهداء معركة الجلاء وكل شهداء تونس من التحرير إلى الثورة إلى الحرب على آفة الإرهاب» .

الاطلاع على أشغال إزالة مخلفات التسرب النفطي
هذا وانعقد خلال ذكرى الاحتفال مجلس وزاري بإشراف رئيس الحكومة يوسف الشاهد محوره الأولويات الاقتصادية والاجتماعية للمرحلة المقبلة بالجهة، كما أدى رئيس الحكومة زيارة غير معلنة على متن خافرة بحرية تابعة للحرس الوطني، إلى محيط الفضاء البحري والشاطئي القريب من الرصيف البترولي بجرزونة ببنزرت، مرفوقا بكل من وزراء الصناعة والشؤون المحلية والبيئة والنقل وثلة من الخبراء المكلفين بالمتابعة والإشراف الفني على أشغال إزالة مخلفات التسرب النفطي واطلع على مدى تقدم أشغال إزالة الكميات الهامة من النفط التي كانت قد تسربت المقدرة بـ 32 ألف متر مكعب من مادة الفيول إلى حوض البحر يوم 4 أكتوبر الجاري من إحدى خزانات البترول التابعة للشركة التونسية لصناعات التكرير «ستير». كما أعلن وزير الشؤون المحلية والبيئة رياض المؤخر أن الوزارة وعبر وكالة حماية المحيط رفعت قضية عدلية بشركة «ستير» . من جانبه أعلن والي بنزرت محمد قودير عن انطلاق غربلة الرمال الشاطئية ومعالجة الرواسب التي أسفرت عن التلوث النفطي في شاطئ سيدي سالم وتكليف شركتين مختصتين في التنظيف وإزالة الرواسب انطلاقا من الميناء التجاري بالجهة، مشيرا إلى أن خبراء المعهد الوطني لتكنولوجيا وعلوم البحار، سيحلون يوم غد الأربعاء المقبل 17 أكتوبر الجاري لمتابعة الأشغال والأعمال التي تم القيام بها وتقييمها وإقرار جملة من الإجراءات الداعمة للمنجز.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115