Print this page

بسبب بيان النداء الذي اعتبره تجاوزا لصلاحياته والصراع القائم بين رأسي السلطة التنفيذية: مدير الديوان الرئاسي سليم العزابي يستقيل من منصبه.. في انتظار الموقف الرسمي لرئيس الجمهورية

تتشابك خيوط اللعبة السياسية مرة أخرى وتتسارع الأحداث في البلاد بنسق غير مسبوق وكل يوم نستفيق على حدث جديد، حدث

يثير جدلا كبيرا وتساؤلات خاصة وإن كانت الأسباب الكامنة وراءه مجهولة ستثير العديد من التأويلات، ولكن الشيء المؤكد هو أن كل حدث طارئ في البلاد من شأنه أن يكون منطلقا لعدة تغيرات سياسية مهمة، والحدث الجديد الذين استفقنا عليه أمس بطبيعة الحال بعد بيان حركة النهضة وبيان حركة النداء، استقالة مدير الديوان الرئاسي سليم العزابي من منصبه، حيث قدم أمس استقالته إلى رئيس الجمهورية وهذا أمر ثابت ولكن موقف رئيس الجمهورية بقبولها من عدمه مازال مجهولا، فرئاسة الجمهورية مازالت تتبع سياسة الصمت وكأن خيارها يفهم منه أنها تريد أن تأخذ وقتها الكافي لدراسة المطلب والبحث عن حلّ مشرف لكل منهما خاصة وأن الاستقالة جاءت في وقت حساس ودقيق جدا.

منذ أشهر عديدة والساحة السياسية في البلاد تعيش على وقع صراعات وحرب تموقعات تتداخل فيها المسائل الحزبية مع المسائل السياسية، ولم يعد الصراع بين رئاسة الحكومة وحركة نداء تونس بل شمل أيضا رئاسة الجمهورية التي من المفروض أن تكون بعيدة عن كل هذه التجاذبات التي باتت اليوم عناوينها واضحة، رئيس الحكومة، حركة نداء تونس بالتحديد حافظ قائد السبسي، حركة النهضة، اتحاد الشغل، رئاسة الجمهورية، وبالرغم من أن استقالة سليم العزابي لم تكن الأولى في الديوان الرئاسي، سبقتها استقالات أيضا من الوزن الثقيل على غرار رضا بالحاج ومحسن مرزوق إلا أن وقعها في الساحة كان أكبر باعتبار أن الاستقالة تشير إلى وجود شقوق داخل رئاسة الجمهورية.

رئاسة الجمهورية على علم بمضمون البيان
استقالة سليم العزابي لئن كانت مفاجئة للبعض فإنها كانت بالعكس عند البعض الآخر، خاصة وأن العزابي أبدى في فترة سابقة عدم ارتياحه في منصبه وعبر عن قلقه الشديد مما يحصل في نداء تونس وصراعه مع رئيس الحكومة وخاصة وضعية الحزب التي بات عليها نتيجة الاستقالات المتتالية والتي كانت بسبب القيادة الحالية للحركة أي بسبب حافظ قائد السبسي ولكن يبدو أن بيان الناطقة الرسمية للحركة انس الحطاب الأخير هو القطرة التي أفاضت الكأس وأجبرته على تقديم الاستقالة وفق ما أكدته بعض المصادر القريبة من العزابي، والتي أشارت إلى أن المشاكل الموجودة صلب حركة نداء تونس كان لها تأثير على رئاسة الجمهورية وحدثت بسببها انشقاقات بسبب الاختلاف في وجهات النظر وقرار الاستقالة اتخذه بعد بيان الحركة والذي تحدث باسم رئاسة الجمهورية واعتبره تدخلا بل تجاوزا لصلاحياته، بالنظر إلى أنه يعدّ المسؤول الأول في الديوان الرئاسي، وأضافت مصادرنا أن رئاسة الجمهورية كانت على علم بما تضمنه البيان بل أكثر من ذلك فإن الحركة استفسرت رئيس الجمهورية حول لقائه برئيس حركة النهضة ونقلت ما جاء على لسانه في البيان الذي حمل إمضاء أنس الحطاب.

استياء منذ حوار رئيس الجمهورية في قناة نسمة
صدور البيان وفق مصادرنا كان بطبيعة الحال بموافقة رئاسة الجمهورية وقد رأى العزابي أنه تمّ تهميش دور مدير الديوان الرئاسي وأن الأزمة الموجودة حاليا قد عطلت عملية تسيير شؤون الديوان، فالعزابي أيضا قد أبدى استياءه من تجاوز صلاحياته منذ الحوار الذي قام به رئيس الجمهورية على قناة نسمة والذي تمّ دون تنسيق منه وكذلك التصاريح الإعلامية لعديد الشخصيات والتي تتحدث باسم رئاسة الجمهورية ثمّ الحوار التلفزي المباشر على قناة الحوار التونسي إلى جانب الصراع القائم بين حافظ قائد السبسي ويوسف الشاهد، علما وأن العزابي من بين المصطفين مع شق رئيس الحكومة، تراكمات من الأحداث جعلت العزابي يقتصر الطريق ويختار الاستقالة في انتظار الموقف الرسمي لرئيس الجمهورية الذي يبدو انه اختار عدم إصدار أي بلاغ في قبول الاستقالة من عدمه إلى حدّ كتابة هذه الأسطر، خطوة يفهم منها أن الباجي قائد السبسي يريد مهلة للتفكير فيها قبل اتخاذ أي قرار أو ربما فرصة لمحاولة إقناع العزابي بالعدول عن قرار الاستقالة.

هل يخلف الصيد العزابي في صورة قبول الاستقالة؟
موقف رئاسة الجمهورية سيتوضح في الساعات أو الأيام القادمة وربما بعد عودته من أرمينيا، حيث سيشارك في أعمال القمة السابعة عشر للمنظمة الدولية للفرنكوفونية يومي الخميس والجمعة 11 و12 أكتوبر الجاري وسيلقي رئيس الجمهورية كلمة بالمناسبة، وسيجري سلسلة من اللقاءات مع عدد من رؤساء الدول والحكومات الصديقة، وفي صورة قبول الاستقالة فإن المستشار السياسي لرئيس الجمهورية المعين حديثا الحبيب الصيد هو المطروح بقوة لخلافته. كل ما يتم تداوله بخصوص الاستقالة يبقى مجرد تسريبات إعلامية في انتظار توضيحات وتأكيدات لرئاسة الجمهورية خاصة وأن الطرف المعني أي العزابي يرفض تقديم أي تصريحات أو توضيحات حول قرار استقالته، نفس الشيء بالنسبة للفريق الاستشاري والإعلامي بالقصر، ولعل الساعات القليلة القادمة ستحمل لنا مفاجآت أخرى أو ربما استقالات أخرى يبدو أنها انتقلت من الحزب إلى الديوان الرئاسي.

المشاركة في هذا المقال