بالرغم من نزيف الاستقالات والوضعية الكارثية لنداء تونس: رئيس الجمهورية يرفض الحسم

لئن انتظر الجميع وخاصة قيادات حركة نداء تونس حوار رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي على قناة الحوار التونسي، فإنه

لم يأت بالجديد ولم يحمل في طياته أي قرار من شأنه أن ينقذ النداء الذي بات في وضع كارثي كما وصفه رئيس الجمهورية وهي حال العديد من الأحزاب واستشهد بحزب المنصف المرزوقي رئيس الجمهورية السابق، مشيرا إلى أن لا دخل له في ما يحدث في النداء، قائلا « من خرجوا من النداء يعيشون الآن في أزمة ..ونداء تونس ليس في لياقة بدنيّة طيبة ..والقضية ليست مرهونة في شخص حافظ قائد السبسي ..وأنا غير راضي عن أداء نداء تونس.. أنا شخصيا ولدي في داري… وهو مثل غيره في الأمور الدوليّة والسياسية… أما مسألة التوريث فهي ظلم وعدوان».

رفض الباجي قائد السبسي في حواره تقديم نصيحة سياسية لابنه حافظ قائد السبسي بالرغم من الدعوات المتتالية لتنحيته، واستحضر كيف خرج الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة من الحكم، قائلا «بورقيبة أخرجه المساترية .. هياكل المنستير دعتك للانسحاب ..وعليك أن تغادر بشرف»، ليشدد على أن تونس لن تتضرر بمغادرة يوسف الشاهد وحافظ قائد السبسي منصبيهما، مصلحة البلاد في ذهاب الاثنين وإلا فعليهما إصلاح أمرهما ، بتعبيره «إذا يمشي يوسف وحافظ البلاد ما تتضرّش».

«لا أساند إبني»
كلام رئيس الجمهورية بخصوص ابنه كان واضحا وخاصة تأكيده أنه لا يعطي المساندة التامة لأحد «حتى ابني» وأنه إذا أرادت قيادات الحركة تغيير حافظ قائد السبسي فما الذي يمنعهم من ذلك، فليس هناك شخص صالح لكل زمان ومكان وأنه «لن يبكي عليه إذا خرج»، مشددا على أنه ليس من عينه في الحزب هذا وأوضح رئيس الجمهورية أنّ القواعد والضوابط التي أسس عليها النداء لم تعد متوفرة وأن المستقيلين من الحزب لم يستقيلوا من تلقاء أنفسهم وإنما وراءها حركة كبيرة.

يجمع العديد من الأطراف والفاعلين السياسيين في الساحة السياسية على أن حركة نداء تتجه نحو الانهيار لو لم يتم اتخاذ قرارات تاريخية تعيدها على السكة وتوقف بذلك نزيف الاستقالات وإعادة «الغاضبون» من قرارات القيادة المركزية الأحادية الجانب وفق تعبير قيادات ندائية وخاصة قرار تجميد عضوية رئيس الحكومة يوسف الشاهد وإحالته على لجنة النظام، فالحركة شهدت على امتداد الأيام الأخيرة عاصفة من الاستقالات الجماعية على مستوى التنسيقيات وكذلك على مستوى كتلتها البرلمانية، وصل عدد الاستقالات فيها في انتظار تفعيلها من قبل مجلس نواب الشعب إلى 12 استقالة، 8 منهم التحقوا بالكتلة البرلمانية الجديدة «الائتلاف الوطني» في انتظار البقية، أما بالنسبة إلى الاستقالات الجماعية على غرار تنسيقية الحركة بصفاقس فاستقالة جماعية لتنسيقية بن عروس...إلى جانب الاستقالات الفردية على غرار المنسق الجهوي لبنزرت.

تتالي الدعوات لتنحية حافظ قائد السبسي
نداء تونس بات على المستويين الوطني والجهوي في وضعية لا يحسد عليها، وضعية خسر فيها العديد والعديد من أنصاره، ومن الممكن أن تنضاف إلى قائمة الاستقالات أسماء وتنسيقيات أخرى لو تواصل الوضع على حاله ولم يتم إدخال إصلاحات فورية من أجل إعادة ترميمه من جديد وخاصة أمام تتالي الدعوات لتنحية حافظ قائد السبسي من قيادة الحزب وكذلك سفيان طوبال، وهو ما تمّت الإشارة إليه في البيان الختامي للمجلس الجهوي الموسع بالمنستير، حيث حمّل المجلس المسؤولية الكاملة في تردي الأوضاع إلى هذا الثنائي لفشلهما الذريع في المحافظة على وحدة الحزب وهياكله وكتلته البرلمانية، معبرا عن عدم الرضا عن الوضعية التي يعيشها الحزب من تمزق وتشرذم والاستعداد للتحرك والمساهمة في الإنقاذ وذلك من منطلق المسؤولية التاريخية لمناضلي المنستير، هذا واعتبر المجلس ان قرارات الهيئة السياسية لا ترتقي الى ما يتطلبه الوضع من معالجة تأخذ بعين الاعتبار المصالح العليا للوطن.

في تردد
لئن حددت بعض التنسيقيات الجهوية موقفها إزاء ما يحصل في النداء في الفترة الأخيرة وقررت كخطوة جريئة الاستقالة بصفة جماعية، فإن بعض التنسيقيات اكتفت بالدعوة إلى تنحية حافظ قائد السبسي بسبب انفراده بالرأي في إشارة إلى القيروان، حيث أكدت الناطقة الرسمية باسم النداء أنس الحطاب بعد اجتماع لهياكل الحركة بالقيروان ومستشاريها بالبلديات أول أمس أنه تمّ الاتفاق على عدم الاستقالة شرط التسريع في الذهاب إلى المؤتمر مع التشديد على فشل القيادة الحالية للنداء في تسيير الحزب. وبينت أن المدير التنفيذي مطالب اليوم بالتنحي، هذا ومازالت بعض التنسيقيات الجهوية والقيادات في تردد وتنتظر مخرجات حوار رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي.

غير معنيين بالهيئة السياسية
رفضت قيادات النداء أمس وبالتحديد قبل الحوار المباشر لرئيس الجمهورية التعليق على وضعية النداء بعد موجة الاستقالات المتتالية وكذلك موقف الكتلة البرلمانية وقرار توسيع الهيئة السياسية إلى حين سماع خطاب الباجي قائد السبسي، حتى أن بعض الأعضاء الذين تمّ إلحاقهم بالهيئة السياسية تبعا للبيان الصادر عن الحركة يوم 22 سبتمبر الجاري وحمل إمضاء المدير التنفيذي للحزب غير معنيين بالقرار والى حدّ هذه اللحظة لا يعتبرون أنفسهم ضمن الهيئة، رضا بالحاج أكد هو الآخر في تصريح لـ«المغرب» أنه مازال غير معني بهذا المنصب وليست هناك أمور رسمية في ذلك. هذا ونفى من جهة أخرى في تصريحات إعلامية ما تم تداوله بخصوص انسحاب حافظ قائد السبسي من الإدارة التنفيذية للحزب، قائلا «صحيح هناك إرادة لإعادة هيكلة الحزب، لكن هذا الخبر لا أساس له من الصحة».

في انتظار ردود الأفعال
نزيف الاستقالات باتت تعيش على وقعه الحركة منذ أيام، وأكبرها كانت على مستوى كتلتها النيابية التي في حال تواصلها فإنها قد تخسر تموقعها الثاني في المشهد البرلماني لفائدة الكتلة الجديدة «كتلة الائتلاف الوطني»، الكتلة الثانية الداعمة للشاهد بعد كتلة حركة النهضة وبطبيعة الحال إذا لم يتغير موقفها، فكل الاحتمالات واردة، الساعات القادمة ستكون حبلى بالمواقف والأحداث وخاصة ردود الأفعال من خطاب رئيس الجمهورية الذي قد يعلن فيه عن قرارات أو إجراءات ملموسة لا لفائدة الحزب الذي أسسه ولا لفائدة البلاد ليرمي بالكرة في ملعب ابنه حافظ قائد السبسي من جهة وفي ملعب يوسف الشاهد من جهة أخرى لاتخاذ قرار التوجه إلى البرلمان عبر تفعيل الفصل 98 من الدستور خاصة أنه أكد أنه لن يستعمل الفصل 99 إلى حدّ الآن أي أن كل الأمور تصبح ممكنة في الأيام القادمة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115