وزير التربية حاتم بن سالم لـ«المغرب»: كلفة إجمالي الغياب بقطاع التربية لجميع الأسباب تجاوزت 123 مليون دينار.. والأمور لن تبقى على حالها

• أنا متأسف جدا مما يحصل في نداء تونس وأنا ضدّ الإقصاء وعلى القوى الصادقة الاجتماع لإعادة ترميم البيت الندائي

وصف وزير التربية حاتم بن سالم العودة المدرسية بالهادئة والناجحة والتقارير تثبت ذلك، وأكد في حواره لـ«المغرب» أن هناك نقلة نوعية للسنة الدراسية الحالية مقارنة بسابقاتها بالرغم من وجود بعض الإشكاليات والمشاكل ولكنها تعدّ على أصابع اليد على غرار عدم استكمال أشغال تحسين البنية الأساسية والنظافة والنقص في العملة، مشددا على أن تجربة التسجيل عن بعد كانت ناجحة رغم بعض الإشكالات التي سيتم تفاديها السنة الدراسية المقبلة وستنطلق العملية على أقصى تقدير بداية من يوم 15 جويلية وسيكون التسجيل عبر الهاتف الجوال وستلغى بذلك البطاقات. هذا وتحدث الوزير عن إجراءات الوزارة أمام محيط المؤسسة التربوية التي قال إنها أصبحت في بعض الأماكن مثل «الأدغال» ، كذلك عن الانتدابات الجديدة وبرامج الوزارة وملفات الفساد والإجازات المرضية طويلة الأمد والمدارس الخاصة والمفاوضات مع جامعة التعليم الثانوي وارتفاع نسبة الأمية وإصلاح المنظومة التربوية وموقفه من أزمة النداء وقرار تجميد عضوية رئيس الحكومة.

• أيام قليلة مرت على العودة المدرسية، كيف تصفها وأهم الإشكاليات المسجلة؟
العودة المدرسية هذه السنة تميزت بعودة مجملها هادئ عودة بعيدة عن الاحتقان الاجتماعي ومحايدة ويبدو أن الوزارة إلى حد الآن لم تخسر الرهان وأيضا بمقاربة جديدة في تنظيمها تتمثل في تشريك الجهات في الاستعدادات للعودة المدرسية عن طريق تشكيل لجان جهوية يترأسها الولاة وتضمّ كل المصالح من تربية وتجهيز وصحة وشؤون اجتماعية...أي كل المصالح التي لها صلة مباشرة أو غير مباشرة بإنجاح العودة المدرسية إضافة إلى ذلك فإن جلّ اللجان تضمّ ممثلين عن المجتمع المدني كما أن الشريك الاجتماعي وهو الاتحاد العام التونسي للشغل موجود وقد عبر عن رأيه وانتقدو وضع إصبعه على النقاط السوداء ولهذا السبب فإن العملية التي انطلقت منذ أول أوت إلى غاية أوائل سبتمبر الجاري ساهمت في الاستعداد الجيد للعودة المدرسية وبتضافر جهود جميع الأطراف، فهذه السنة كانت هناك نقلة نوعية بالنسبة للعودة المدرسية ولكن هذا لا يخفي مع ذلك حصول العديد من المشاكل والإشكاليات .

• تتمثل هذه المشاكل؟
المشاكل التي وجدت خلال العودة الدراسية لهذه السنة ولو أنها تعد على أصابع اليد تتمثل بالأساس في عدم استكمال أشغال تحسين البنية الأساسية بمعنى أن المربين والتلاميذ قد التحقوا بالمكاتب والمدارس ووجدوا المقاولين مازالوا يقومون بالأشغال في المؤسسة وهذا قدرنا المحتوم باعتبار أن المؤسسة التربوية تشتغل لمدة 9 أشهر وبذلك فإن الأشغال لا تكون إلا في فترة العطلة المدرسية الصيفية، 3 أشهر، وأغلب الأشغال لا تنطلق مع بداية العطلة بالنظر إلى وجود بعض الإشكاليات على مستوى الصفقات العمومية، ومن بين المشاكل أيضا بعض المدارس وهي تعد على أصابع اليد تعاني من مشاكل على مستوى النظافة وليست في المستوى المرجو والوزارة قامت لأول مرة بمساعدة وزارة أملاك الدولة بإتلاف كل الأثاث والتجهيزات القديمة في ظلّ تعهد الولاة ورؤساء البلديات بالتخلص من كافة الأثاث الذي لا فائدة منه واستغلال الفضاءات التي كانت موجودة فيها على غرار ملاعب رياضية والمداخل الرئيسية للمدارس على أن يتم التخلص من هذه الظاهرة السلبية على أقصى تقدير موفى أكتوبر المقبل .
مازالت إشكاليات على مستوى النظافة متواصلة بالرغم من المجهودات التي قامت بها الوزارة وهناك أيضا إشكاليات في محيط المؤسسة التربوية التي أصبح في بعض الأماكن مثل «الأدغال» تكثر فيه مخاطر التعنيف ومخاطر المخدرات والسرقات وقد قامت الوزارة بتشكيل لجنة مع وزارة الداخلية اهتمامها الأساسي الإحاطة النفسية لتلاميذ المدارس وقد أعطت هذه العملية أكلها ولاحظنا حضورا مميزا للأمن حول المؤسسات التربوية لأول مرة.

• بالنسبة إلى تجربة التسجيل عن بعد، كيف تقيمونها وماهي المشاكل التي وجدتها الوزارة والإجراءات الممكن اتخاذها لتفادي النقائص المسجلة؟
أرادت الوزارة عملية التسجيل وبكل صراحة وسبق وأن أكدت أن هذه التجربة رائدة ولكن ستحصل فيها مشاكل وهو ما وقع فعلا، حيث أن الأيام الأولى من انطلاق التسجيل شهدت مؤسسات البريد اكتظاظا كبيرا من قبل التلاميذ والأولياء الذين فهموا أن البريد هو الشريك الوحيد للوزارة وأن الفترة الزمنية لشراء بطاقات التسجيل 3 أيام أضف إلى ذلك أن إجراءات جديدة قد طلبت من التلاميذ وهي غير موجودة وهو ما لخبط قليلا العملية ولكن تمّ تفادي كل الإشكاليات خاصة مع عودة العمل بنظام الحصتين والتوجه نحو البنوك وأول مرة في تاريخ تونس تمّ تسجيل 860 ألف تلميذ عن بعد بالرغم من الهجمات المعلوماتية التي حصلت على مواقع الوزارة وعطلت العملية بصفة كبيرة، هجمات تثير الاستغراب من ناحية الهدف منها والمكاسب من وراءها. بالنسبة لي هذه التجربة ناجحة وفاقت كل التوقعات وهناك لجنة بصدد تقييم الإشكاليات والنقائص المسجلة كي يتم تفاديها السنة الدراسية المقبلة. وفيما يتعلق بالعدد المتبقي من التلاميذ حوالي 40 ألف الذين لم يسجلوا عن بعد، فإن هذه الفئة لا تدفع معاليم التسجيل، عائلات معوزة، وتمّ تسجيلهم بصفة تقليدية.

• هل هناك تعديلات ستقوم بها الوزارة على مستوى تجربة التسجيل عن بعد؟
نعم الوزارة ستقوم بعدة تعديلات وتحسينات على هذه التجربة منها أن انطلاق عملية التسجيل السنة المقبلة أقصى تقدير ستكون يوم 15 جويلية والتلميذ سيكون له بذلك مدة لا بأس بها للقيام بالتسجيل وكذلك فإن التلميذ لن يعود ابتداء من السنة المقبلة في حاجة إلى بطاقة بل إن عملية التسجيل يمكن أن يقوم بها عبر هاتفه الجوال دون أي إشكال أو الوقوف في الصف، فتجربة هذه السنة كانت بداية ناجحة باعتراف جميع الأطراف. إلى جانب القيام بعديد التحسينات على مستوى مواقع الوزارة باستعمال آليات الوكالة التونسية للسلامة المعلوماتية والتنسيق مع وزارة التكنولوجيا وحاليا موقع الوزارة مؤمن بنسبة 100 بالمائة، فالوزارة دخلت هذه السنة في عملية تعجيزية وكسبتها.

• الوزارة أدخلت بعض التطورات على مستوى عملية التسجيل، وماذا بالنسبة للمناهج والبرامج الدراسية؟
الإصلاح هو طموح الجميع وتمشي الوزارة واضح عبر إدخال تغييرات إستراتيجية في المنظومة التربوية وخاصة في أساسها وهي المدرسة الابتدائية ومن حسن حظنا اتحاد الشغل مقتنع بأنه لا بدّ من إدخال بعض التغيرات الإستراتيجية على المستوى الابتدائي أولا في مسألة حجم ساعات التدريس، معدل 7 ساعات في الأسبوع، ويوم السبت يجب أن يكون اختياريا بالرغم من أنه بقي إجباريا بالنسبة للسنوات الخامسة والسادسة ولا يقتصر فقط على التدريس بل على دروس التدارك والقيام بأنشطة ثقافية ورياضية، فطموحه هو الوصول إلى الحصة الواحدة باعتباره التنظيم الأمثل للتدريس لعدم إثقال كاهل التلميذ بالدراسة والاهتمام بأنشطة أخرى داخل المدرسة. هذا وقامت الوزارة بإدخال تغييرات على روزنامة العطل والعودة إلى النظام الثلاثي والهدف القادم هو إعادة النظر في البرامج وتمّ تشكيل لجنتين، الأولى للبرامج في المرحلة الابتدائية والثانية رقمنة كل الكتب في غضون سنتي 2021 /2022. فالهدف ليس للقراءة بل للتعليم، وستتوجه الوزارة نحو التخفيف من البرامج وعقلنتها وتقريبها للواقع المعاش وسيتم إدخال مهارات الحياة وغرس مبادئ التواصل والتطوع مع عودة الأنشطة الترفيهية والتثقيفية ولهذا السبب أحدثت الوزارة المركز الوطني للتأطير البيداغوجي.

• هل هناك مشاريع جديدة تعكف الوزارة على انجازها؟
نعم هناك مشاريع رياضية، 4 معاهد رياضية في الشمال والوسط والجنوب، ومشاريع معاهد فنون، أرادت الوزارة القيام بها هذه السنة لكن لم تتمكن لعدم وجود تمويلات، أضف إلى ذلك مواصلة عملية صيانة المدارس، وقد قامت الوزارة هذه السنة بصيانة 523 مدرسة و529 مجموعة صحية و4 ملاعب رياضية جديدة، مجهود خاص هذه السنة قامت به الوزارة وقد بلغت الكلفة الجملية بين البناءات والتجهيزات 195 مليون دينار والسنة المقبلة سيتم تقوية النسق وتمويلات أخرى قادمة من صناديق الاستثمار العالمية.

• لأول مرة منذ الاستقلال، تسجل تونس ارتفاعا في نسبة الأمية لتبلغ 19.1 بالمائة، ماهو برنامج الوزارة للتقليص منها؟
البرنامج الوطني لمحو الأمية ليس مسؤولية وزارة التربية بل وزارة الشؤون الاجتماعية ولكن لن أتهرب من مسؤوليتي لأن هناك عددا كبيرا من الأميين من المنقطعين عن الدراسة، 100 ألف منقطع سنويا، فهؤلاء هم جيش من الأميين وأكبر خطر على البلاد وعرضة لكل أنواع الاستقطاب ولهذا السبب لا بدّ من التنسيق مع وزارة الشؤون الاجتماعية وإعادة النظر في البرنامج الوطني لمحو الأمية وتخصيص إمكانيات مهمة وجدية في المستقبل واليوم الوزارة بصدد إعداد مدرسة «الفرصة الثانية» وستكون جاهزة في شهر جويلية المقبل من خلال فتح 4 مدارس على الأقل على مستوى الجمهورية في السنتين المقبلتين في تونس وجندوبة وتوزر ..وهناك لجان مختصة مع اليونيسيف تعمل في هذا الشأن مع اختصاصيين أجانب واجتماعات دورية تعقد لإعداد تصور حول هذه المدرسة ، مدرسة تعيد الأمل لهؤلاء المنقطعين عن الدراسة في مستقبلهم المهني، مدرسة مفتوحة وتخص جميع التلاميذ في كافة المراحل الابتدائية والأساسية والثانوية.
الانقطاعات المبكرة لها عدة أسباب على غرار العودة المدرسية والنقل المدرسي والمشاكل النفسية وبخصوص الأخيرة فقد تمّ مضاعفة عدد الأخصائيين النفسيين والانتدابات القادمة سيتم التركيز فيها على هذا الاختصاص ذلك أن الإحاطة النفسية بالتلاميذ ضعيفة جدا في مدارسنا كما أن هناك اجتماعات مع وزارة النقل لإيجاد حلول جذرية للنقل المدرسي ولو أن هذا الأمر صعب جدا بالرغم من أن تعزيز الأسطول هذه السنة، هو معضلة هيكلية لأنه ليس لدينا نقل مختص في النقل المدرسي فقط، فالنقل المدرسي هو النقل العمومي، وهناك مقترحات ستقدمها الوزارة في الغرض.

• استؤنفت منذ فترة جلسات التفاوض مع الجامعة العامة للتعليم الثانوي، ماهي آخر المستجدات؟
وقعت العديد من الجلسات منها جلسة انعقدت أمس على مستوى الأمانة العامة للاتحاد، المفاوضات في تقدم والمطالب التي تخص الوزارة ليس هناك أي حاجز في حين أن هناك مطالب تمّ رفعها إلى رئاسة الحكومة تخص الزيادات في المنح، فهي ليست من مشمولات وزارة التربية وقيمتها المادية مازالت لم تحصر بعد علما وأن الطلبات السابقة للزيادة تتجاوز قيمتها 600 مليون دينار، وكوزير تربية قدمت تصورا جديدا للتقاعد المبكر .

• صرحت أنك ستشن حربا حقيقية ضدّ الدروس الخصوصية نظرا لخطورتها على المنظومة التربوية، كيف ستكون هذه الحرب وماهي عقوبات المخالفين؟
هذه الحرب لا نريدها أن تكون شعارات بل حربا حقيقية ومهما كانت الضغوطات فسنقوم بها، فالدروس الخصوصية لها مسؤولية تاريخية في تحطيم المنظومة التربوية وخاصة على مستوى الجودة، فمنظومة عمومية تدخل فيها «الفلوس» ليس لها أي مستقبل وخاصة في ظرف اجتماعي واقتصادي صعب للغاية، فالعائلات باتت تسخر ميزانية لهذه الدروس بمعدل 300 دينار شهريا وهي سيف على رقبتهم. والوزارة ستعمل على تنظيمها داخل المؤسسات التربوية وتكون شفافة وبأسعار معقولة لا تثقل كاهل العائلات وتربح المربين في نفس الوقت ومحدودة في الزمن وإذا لم تتواجد هذه الأساسيات فإن حربا سنشنها ضدّ الدروس الخصوصية عبر إعادة تنظيم الأمر الخاص بالتفقد وتعزيز العمليات التفقدية للإثبات وأمنح إمكانيات أخرى للوزارة قانونيا وماديا وسأطلب من السلط الجهوية القيام بواجبهم في هذا الموضوع وإذا ثبت فإن العقاب لا رجعة فيه من التوبيخ إلى العزل النهائي والوزارة ستطبق القانون وهذا لمصلحة جميع الأطراف من المربين الذين شوهت صورتهم بسبب هذه المسألة والأولياء لتدهور القدرة الشرائية والتلاميذ وكذلك المنظومة التربوية التي تدهورت بسبب التضخيم في الأعداد، فالوزارة ستكون في يقظة تامة وستتخذ إجراءات لإثبات مدى الجدية في شن هذه الحرب.

• أشار تقرير هيئة الرقابة المالية والإدارية إلى أن وزارة التربية من أكثر الوزارات التي تسجل أرقاما مرتفعة في الإجازات الطبية الوهمية طويلة الأمد، فكيف تصرفتم مع هذه الظاهرة؟
أكثر من 5 آلاف موظف في وزارة التربية لهم إجازات طويلة المدى وقد قررت عدم إمضاء أي رخصة مرض طويلة المدى في الحالات التي تحوم حولها شكوك إلا في حالات استثنائية، والوزارة تقوم حاليا بدراسة التأثير السلبي والكارثي للعطل المرضية المفتعلة والتدليس والأموال المهدورة بسبب هذه الغيابات، حيث بلغ عدد أيام العمل المهدورة بسبب رخص المرض طويل الأمد 718560 يوم عمل خلال السنة الدراسية 2017 /2018 وقدرت كلفتها بـ47.248 مليون دينار أما إجمالي أيام العمل المهدورة بسبب الغياب بجميع أسباب، مرض عادي وطويل الأمد وأسباب أخرى، فقد بلغ 1.885.272 يوم عمل خلال السنة الدراسية 2017 /2018 بكلفة جملية 123.963 مليون دينار. وفي هذا الصدد فإننا سنقف بالمرصاد لهذه الظواهر التي تنخر المنظومة التربوية، وهناك إجراءات لا بدّ من تطويرها، وربما هناك نصوص جديدة ستصدر ولكن لن تبقى الأمور على حالها لأن ذلك الفساد بعينه ومن هنا فصاعدا لن يتم قبول الشهادة الطبية فقط بل لا بدّ أن يكون معها الوصفة الطبية تكون مطبوعة وخالصة. فالوزارة ستطبق القانون مع مراجعة الإجراءات، أما الوضع كما هو عليه الآن والتأثير الكارثي على المنظومة التربوية لن يتواصل وسيتم محاربته والحرب ستكون طويلة النفس لأن الإشكال لم يحلّ بين عشية وضحاها. فكل تحرك في مجال التربية خاصة يجب أن يكون مدروسا ومبنيا على أسس صحيحة وتوافقية وتشاركية.

• ماهي أسباب عدم مشاركة تونس في الاختبارات التربوية الدولية «بيزا» سنة 2018؟
كلفة المشاركة في الاختبار الدولي «بيزا» غير مقبولة، أكثر من 800 ألف أورو أي ما يعادل 2.5 مليون دينار للمشاركة في هذا الاختبار وفي آخر المطاف تجد نفسك في المراتب الأخيرة فهذا غير مقبول ولهذا السبب قررت إيقاف عملية المشاركة أولا من الأفضل أن يتم تخصيص هذا المبلغ لتحسين البنية التحتية، ثانيا فإن الخبراء التونسيين هم من يقيمون جودة المنظومة التربوية ولا نحتاج إلى تقييم أجنبي، فالتقييم الأجنبي يرتكز بالأساس على تقييم خبرائنا ويتم تضمينه ضمن تقرير خاص بهم وبذلك أرفض المشاركة في هذه العملية، ثالثا فإن هذا التقييم ظالم في مبادئه لأنه يرتكز على معايير أجنبية غير المتعامل بها في تونس ويطبقها غصبا عنا وبطبيعة الحال عند تطبيق هذه المعايير غير الموجودة في البلاد على منظومتنا التربوية فإننا سنجد نظامنا التربوي بعيدا عن المعايير الدولية التي قد تبدو خارقة للعادة في بلدان أخرى على عكس تونس ولهذا السبب إذا كان لم يتم إعادة النظر في معايير «بيزا» لتقييم التلاميذ فلن تشارك تونس فيها، فهم يفرضون تطبيق معاييرهم دون نقاش وتبادل الآراء.

• تعاني العديد من المؤسسات التربوية من نقص كبير من الإطارات البشرية من معلمين وأساتذة وقيمين وعملة، فماهو برنامجها لتغطية هذا النقص على مستوى الانتدابات؟
نعم هذا صحيح وقبل ذلك قمنا بتحسين وضعية النواب وهذه مسألة مهمة جدا حيث تمّ انتداب 2260 معلم و1231 أستاذ وانتدابات أيضا في دار المعلمين العليا علما وأن هناك مشروع إصلاح مشترك مع وزارة التعليم العالي، إلى جانب الانطلاق في انتداب 500 قيم ومرشد في إطار عقود في انتظار فتح الآفاق لهم والتكوين سيكون المعيار الأول والأساسي للانتدابات في المستقبل تحت إشراف المركز الوطني للتكوين البيداغوجي ومن يقوم بالتكوين سيكون له التنفيل في إطار تكافؤ الفرص والمساواة في الانتدابات في الوظيفة العمومية، هذا البرنامج سيكون جاهزا ابتداء من السنة الدراسية المقبلة ولكن التكوين سينطلق ابتداء من شهر جانفي المقبل، فالوزارة تنتظر صدور النص للانطلاق في إستراتجيتها. فهذا المركز سيعمل على إعداد برامج عن بعد وحضوري وأولوية الأولويات تكوين المكونين.

• شهد عدد المدارس الخاصة في الفترة الأخيرة تطورا ملحوظا وتوجه العديد من التلاميذ إليها مما أثر سلبا على صورة المدارس العمومية، كيف تقيمون هذا التطور وهل هناك توجه نحو تحيين كراس شروط المدارس الخاصة؟
نعم سيتم إعادة النظر في كراس الشروط بصفة كاملة والسنوات الأخيرة وقعت تصرفات عشوائية خلفت وضعا مزريا لعديد المدارس الخاصة رغم أن هناك مدارس خاصة في مستوى عال ولكن المتطفلين «هلكوا» منظومة التعليم الخاص والوزارة ستعمل على إعادة ترتيب بيت المنظومة بالتوافق وتشريك نقابات التعليم الخاص ومن هنا إلى شهر أكتوبر المقبل سيتم تنظيم ندوة لتقديم مقترحات الوزارة والاتفاق على تنظيم المجال التربوي الخاص لأنه في صورة عدم التوصل إلى اتفاق لتنظيمه فإنه سيصبح قنبلة موقوتة، علما وأن المدارس الخاصة قد تطورت من 401 مدرسة خلال السنة الدراسية 2016 /2017 إلى 480 مدرسة خلال السنة الدراسية 2017 /2018 أما معدل عدد التلاميذ فقد تقلص من 174 ألف تلميذ إلى 165 ألف تلميذ خلال نفس الفترة بالمدرسة الواحدة.
السنة الفارطة 118 ألف تلميذ غادروا التعليم الخاص والتحقوا من جديد بالتعليم العمومي وهذه السنة طلبات كثيرة على التعليم العمومي من الخاص يعني أن هناك عودة مهمة جدا للتعليم العمومي، فالوزارة تطلب فقط قليلا من الوقت لإعادة الإشعاع والجودة للتعليم العمومي ووضعه على السكة طالما أن الإرادة موجودة وكذلك الجدية والمصداقية والشفافية.

• تعيش حركة نداء تونس أزمة داخلية كبيرة نتجت عنها استقالات عديدة، فماهو موقفك من هذه الأزمة وكذلك ما هو موقفك من قرار تجميد عضوية رئيس الحكومة يوسف الشاهد وإحالته على لجنة النظام؟
أنا متأسف جدا مما يحصل في الحركة وأنا حديث العهد بالنداء ولست قياديا والتحقت بها لأنني اعتقدت أن هناك عائلة وفكر سياسي معين وافتخار بماضي عشناه وهذا ما شجعني ولكن عشت بعد سنة 2011 تهديدات ونصب المشانق وقانون الإقصاء السياسي وأكبر جريمة وقعت في حق تونس هي محاولات الإقصاء وبفضل الباجي قائد السبسي هذه المحاولات فشلت ولو لم تفشل لوقعت حرب أهلية في البلاد، أنا عشت مع آلاف التونسيين الذين خدموا البلاد ووجدوا أنفسهم فيما بعد في السجون وتشريد عائلاتهم وعرضة للسب والشتم والثلب وقد كنت في هذه المجموعة، إذن أنا اليوم مصدوم وأنا اليوم في عائلة سياسية ومهما كان الخلاف فإنا ضدّ مبدأ الإقصاء مهما كانت الأسباب في نفس العائلة السياسية وأنا بكل هدوء وما لدي من تجربة وقوة وإرادة وعزيمة سأحاول تقريب المواقف وتصفية الأجواء والقلوب وهذا ممكن ولي أمل في ذلك وقد سبق وأن حاولت ونجحت، فاليوم نريد أن نبعث إشارة أمل لجميع التونسيين كون السياسة هي التي ستبني البلاد شريطة أن تكون مبنية على المبادئ والقيم، هذا موقفي ليس ضدّ أي شخص وحتى خصومي السياسيين سابقا أو اليوم أحترمهم ولهذا أدعو كل القوى الصادقة للاجتماع من أجل إعادة ترميم البيت الندائي.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115