13 اوت 2018 شارع الحبيب بورقيبة آلاف يشاركون في المسيرة: تونس الجميلة

الساعة تشير الى الخامسة مساء وخمس وثلاثين دقيقة اجسام تمشي الهوينى

وقد وشحت باعلام حمراء يتوسطها هلال ونجمة خماسية .تمر امام النصب التذكاري الرئيس بورقيبة تقرئه السلام في يوم عيد المراة وتمضي لتلتحق بمن سبقوها امام المسرح البلدي .يوم امس تزين الشارع كما لم يفعل من قبل تزين متظاهرون فيه كما لم يفعلوا من قبل واجتمعوا ليلتقي الاثنان ويعلنان عن ان هذه هي .. تونس الجميلة .
مئات من المتظاهرين اجتمعوا امس على مدارج المسرح البلدي وامامه انتشروا ليملؤوا شارع الحبيب بورقيبة في العاصمة قبل حلول الموعد المفترض للمظاهرة التي دعت اليها جمعيات حقوقية ونسائية قبل اكثر من ساعة .

صبية، شابات، نساء في منتصف العمر في ابهى حللهن، تجملن، وتعطرن، كمن يحتفي بيوم ميلاده في منتصفهم تختلط معهم مئات من الشباب المناصرين للحريات الفردية والمساواة بين الجنسين وقد تزينوا هم ايضا بما أفضل ما لديهم .

جلهم توشح بالاحمر والابيض واتوا فرادى وجماعات ليعلنوا عن موقفهم من الجدل المحتدم في تونس منذ اشهر بشان المساواة والحريات الفردية. جمعتهم لافتة واحدة ولكن تحتها تفرقوا الى شيع وما فرقهم هو خطاب رئيس الجمهورية امس بقصر قرطاج الذي تباين تقييمه لدى المتظاهرين من اعلى مدارج المسرح البلدي انتقد منظمو التظاهرة مبادرة الرئيس واعتبروها مجتزاة لا ترضي أصحاب الحق والخطاب وفق رايهم لم يعلن صراحة عما انتظروه وراهنوا عليه. مساواة صريحة ومباشرة بين الجنسين وإقراره بكل الحريات الفردية . فيما اقتصر خطاب الرئيس على الاشارة لتمكين التونسيين من حق اختيار المساواة في الميراث او اعتماد نظام المواريث الاسلامي وانتهى عند هذا الحد .
حد اعتبرته يسرى فراوس القيادية بالجمعية التونسية للنساء الديموقراطيات غير شجاع لتخطب في اكثر من ثلاثة الاف متظاهر وتعلن ان ما اتاه الرئيس بمثابة الري «قطرة قطرة» فيما تستوجب الحريات الفردية والمساواة اقرارا كليا دون تقسيطها .

«قطرة قطرة» هو التمشي الذي انتقده المتظاهرون يوم امس واعتبروا ان السبب وراء هذا الخيار هو البحث عن التوافق مع حركة النهضة و المراهنة على الاستحقاقات الانتخابية القادمة .فيما هم يرون انه كان من الأجدر برئيس الدولة ان يستمع الى مطالب الشارع في المساواة بين الجنسين وإقرار الحريات الفردية.
ليعلن من تحدث في الجموع ان المحدد في الملفين هو نضال النشطاء وليس السياسيين فهم متمسكون بإقرار هذه الحقوق ويعلنون انهم سيناضلون من اجل ذلك .

الكلمات وجهت فيما كان قادة الجبهة الشعبية على يسار منظمي التظاهرة ومن امامهم قادة في احزاب عدة على غرار النداء والمشروع وافاق والبديل والتكتل .

وأساسا امام مئات من أنصار منظمات وجمعيات حقوقية ونسوية ابرزها الجمعية الحقوقية للنساء الديمقراطيات لتي رفع منخرطوها شعارات عدة تنادي بالمساواة على غرار «تونسيات تونسيات مع الحريات والمساواة» «والمساواة في الميراث حق مش مزية» او المساواة حق مسلوب يجب ارجاعه «وهي ذات الشعارات التي كررها نشطاء بقية المنظمات المشاركة في المسيرة التي تواصلت الى غاية السابعة والنصف موعد الاعلان عن توجه المجتمعين الى تمثال الراحل الزعيم بورقيبة في مسيرة تعالت فيها ذات الشعارات التي تطالب بالحريات الفردية والمساواة ليستمر تجمعهم الى ما بعد الساعة الثامنة ليلا .

لكن رغم وحدة صفهم الظاهرة الا ان المتظاهرين كانوا فريقين فريق ينتقد خطاب الرئيس ويعتبره غير كاف وفريق يعتبره كاف ومستجيب لطبيعة المرحلة حيث يلتقي كل من حبيب الكزدغلي وبشرى بلحاج حميدة رئيسة لجنة الحريات الفردية والمساواة في ان من حق المتظاهرين رفع مطالب والدفاع عنها ولكن ما أعلنه الرئيس في خطابه تاريخي ومهم جدا لتحقيق المساواة بين الجنسين في تونس .

بل ذهب الحبيب الكزدغلي ابعد اذ اعتبر ان السياسة هي فن الممكن وما هو ممكن في هذه الفترة هو ما اقترحه الرئيس باعتباره ان الشارع التونسي يتبنى موقفا مع المساواة في المواريث وموقف محافظا يتمسك بالمنظومة الإسلامية في المواريث ومبادرة الرئيس جمعت ما بين هذين حينما اقرت ان المساواة في الوراثة هي المبدأ مع ترك هامش للمحافظين في تنظيم قناعاتهم .

هنا يصف الكزدغلي الامر بانه ابداعي تونسي وان التاريخ الحالي سيكون بداية لتحقيق اصلاحات اجتماعية قادمة .

ذا الموقف يختلف عن الذي اعلنه زياد الاخضر القيادي في الجبهة الشعبية والامين العام للحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد فالاخضر لا يكتفي بان ينتقد المبادرة الرئاسية بل يشير الى ان الاشكال في تونس اليوم هو عودة خطاب الهوية وحديث البعض عن اعتماد الشريعة الاسلامية في الدولة التي نص دستورها على انها مدنية .
حراك يعتبره الاخضر خطيرا في ظل ما دفعته تونس من ثمن ، اغتيالات وارهاب وشهداء .

يوم أمس تجملت تونس ودافع جزء من أهلها عما آمنوا به مساواة فعلية بين الجنسين، وحريات فردية لكل التونسيين، يوم أمس أطلت تونس الجميلة لتعلن أن على هذه الأرض الكثير مما يستحق الحياة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115