خميس الجهيناوي وزير الخارجية لـ«المغرب» : عدد التونسيين المقيمين في أوروبا بطريقة غير شرعية يناهز 25 ألف شخص

• نحن ضد مغامرة ابنائنا بحياتهم ولكن لا يجب تهويل قضية الهجرة غير الشرعية فعدد التونسيين «ضئيل» مقارنة بدول اخرى

ملف الهجرة غير الشرعية خاصة اثر فاجعة قرقنة وتفاقم اعداد المهاجرين غير الشرعيين ، الملف الليبي والسعي الى تنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية وتطوير التعاون الاقتصادي والتجاري واستعادة مستواه...، صورة تونس في الخارج امام تأزم الوضع السياسي الداخلي، المحطات الديبلوماسية الكبرى.. الحركة الديبلوماسية القادمة هي مواضيع الحوار التالي مع وزير الشؤون الخارجية خميس الجهيناوى لجريدة «المغرب».

• كثيرا ما نتحدث عن التصدي للهجرة غير الشرعية من خلال الاتفاقيات مع الدول الغربية المعنية بهذا الملف إلا ان اعداد المهاجرين المغادرين من السواحل التونسية في تزايد ؟
اولا ، من الضرورى توضيح ان تونس ضد ظاهرة الهجرة غير الشرعية، ونحن نعمل على حماية حدودنا وسواحلنا، واشير في هذا الاطار الى وجود العديد من الاتفاقيات التي امضتها تونس للحد من هذه المسالة منذ سنوات على غرار الاتفاقيات مع فرنسا وسويسرا وغيرها .. وخاصة مع ايطاليا في 5 افريل 2011 ، حيث امضت تونس اتفاقية اثر الزيارة التي اداها إلى روما رئيس الحكومة انذاك للحد من الهجرة غير الشرعية بعد تفاقمها ووصول قرابة 22 الف شخص الى لمبدوزا بعد 14 جانفي 2011، ونص الاتفاق بين البلدين على مراقبة الحدود البحرية ومنع تسلل اي شخص ومساعدة تونس من اجل التمكن من تحقيق ذلك من خلال مدها بمعدات فضلا عن النظر في كيفية تشجيع الشباب على بعث مشاريع ذاتية وخلق فرص عمل، وقد نجحت تونس إلى غاية 2016، وذلك باعتراف الجانب الايطالي حيث انخفض عدد المهاجرين غير الشرعيين، الا انه مع منتصف سنة 2017 وبداية 2018، عادت أعداد المهاجرين السريين مرة اخرى إلى الارتفاع.

• وما هي الاسباب؟
يبدو ان هناك بعض التصريحات التي تم تداولها ومفادها العمل على تسوية وضعية المهاجرين غيرالشرعيين وهو ما شجع العديد من الاشخاص على المغامرة بحياتهم لاعتقادهم انها مناسبة وفرصة، وللأسف استغلت عصابات المهربين ومنظمي هذه العمليات الفرصة ودفعت نحو ذلك، ولكن اؤكد مجددا ان تونس وايطاليا ضد هذه العمليات وقد كان لي في بحر الاسبوع الماضي (20 جوان 2018) لقاء مع نظيري الايطالي وتم الاتفاق اولا على مواصلة التعاون الثنائي للحد من هذه الظاهرة وحماية أبنائنا من المغامرة بحياتهم ومن ان يكونوا ضحايا العصابات والبحر، كما اقترحت على الوزير الانتقال الى مرحلة ثانية، من خلال توسيع نطاق الهجرة الشرعية والمنظمة على المستوى الثنائي وفي اطار الاتحاد الاوروبي، باعتبار ان الجانب الاوربي محتاج الى نوع جديد من الهجرة وقد قلت ان هناك حوالي 300 الف شاب تونسي متخرج من الجامعات ولهم شهائد علمية وبإمكانهم الاندماج في السوق الاوروبية ، وبالتالي لماذا لا نفكر في اعطاء هؤلاء الشباب فرصة البحث عن عمل وفق مؤهلاتهم، وقد وعد الجانب الايطالي بدراسة المقترح ورفعه الى اصدقائنا الاوروبيين .

• هل من الممكن معرفة عدد المهاجرين غير الشرعيين ؟
اريد الاشارة أولا الى انه لا يجب تهويل قضية الهجرة غير الشرعية والتضخيم في أعداد التونسيين المقيمين في اطار غير شرعي، ثانيا وحسب المعلومات المتوفرة لدينا فإن عدد التونسيين غير الشرعيين مقارنة بجنسيات اخرى، يعتبر ضئيلا خاصة قبل 2017.
وحسب الارقام المتوفرة لدى قنصلياتنا وسفاراتنا حتى سنة 2017 فإن عدد التونسيين المقيمين في أوروبا بطريقة غير شرعية يناهز 25 ألف شخص.
يتوزع هؤلاء بالخصوص بين ايطاليا (حوالي 12 ألف) وفرنسا (حوالي 8 آلاف) والبقية بأعداد متفاوتة بين بقية البلدان الاوروبية.
هذه الاحصائيات هي تقريبية، باعتبار أن حصر أعداد الجالية يقع بناء على دفاتر الترسيم القنصلي لدى بعثاتنا الدبلوماسية والقنصلية. وحيث أن معظم هذه الشريحة لا تبادر بالترسيم فإن احصاءها بدقة يبقى مسألة صعبة. كما أن أعدادهم غير ثابتة وتتغير بحكم عمليات الترحيل وتسوية الوضعيات.

• في السياق ذاته ما هو تعليقكم على تصريحات وزير الداخلية الايطالي بخصوص المهاجرين التونسيين غير الشرعيين؟
لا اريد الدخول في جدل حول هذه التصريحات، ونحن الان في اتصال مع وزير الخارجية الايطالي الذي يمثل السياسة الخارجية الايطالية، علما وان وزير الداخلية الايطالي هو نفسه قال ان هناك سوء فهم لتصريحاته، وبالتالي هذا اصبح من الماضي والذي يهمنا الان هو كيفية مجابهة هذه الظاهرة بالاعتماد على اتفاق 5 افريل 2011 واستغلال التجاوب الكبير من الجانب الايطالي ومساعدتنا على تعزيز امكانياتنا اللوجستية، الى جانب الاهتمام بالجوانب الاجتماعية والاقتصادية للمناطق الداخلية .

• لكن الهجرة غير الشرعية تطورت وعرفت عوامل اخرى منها مشاركة النساء والاطفال ؟
هذا المشكل له ابعاد مختلفة وفيه جانب انساني خطير ومن واجبنا حماية حدودنا وأبنائنا، والمبدا هو مكافحة هذه الظاهرة والتصدّي لها ومنع اولادنا من المغامرة بحياتهم، واذكر ان العديد من الدول مستعدة لمساعدتنا واشكر في هذا الاطار خاصة ايطاليا .

• فيما يتعلق بالملف الليبي ما هي اخر التطورات ؟
في اطار مبادرة رئيس الجمهورية – فيفري 2016- تم الاتفاق مع الجانب المصرى والجزائري ، على تشجيع الاطراف الليبية نحو التوجه الى الحل السلمي وفق خارطة طريق تم اعتمادها في سبتمبر 2017، والتي تتضمن جملة من المراحل اولها كيفية تعديل الاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات ، ثم الاعداد لمؤتمر وطني جامع ، ثم الاعداد لانتخابات تشريعية ورئاسية. لكن بعد عقد اجتماعين في نوفمبر 2017 ، بين ممثلين عن برلمان طبرق ومجلس الدولة في طرابلس والاتفاق على بعض النقاط في تونس ، لم يجتمع مجلس البرلمان في طبرق لاعتماد ما تم الاتفاق حوله ، وارتأى السيد غسان سلامة مبعوث الامين العام للأمم المتحدة الى ليبيا المرور مباشرة الى المرحلة الثالثة وهي الانتخابات وحدد موعد 15 اكتوبر لاعتماد وثيقة دستورية تمكن من المرور الى انتخابات في 10 ديسمبر 2018 .
وقد زرت في بداية الاسبوع الماضي ليبيا وكان لي لقاء مع فايز السراج رئيس حكومة الوفاق الليبية ومع رئيس المجلس الاعلى للدولة خالد المشرى ووزير الخارجية محمد سيالة ، والهدف كان كيف تساعد تونس ليبيا ، باعتبار علاقات الاخوة العميقة التي تجمعنا وباعتبار أيضا ان لتونس مصلحة في تحسن الاوضاع في ليبيا على المستويين الامني والاقتصادي ، وستتواصل هذه اللقاءات مع السيد العقيلة صالح رئيس مجلس النواب قريبا (الثلاثاء 26 جوان 2018 في تبرق) وأيضا مع المشير خليفة حفتر في زيارات جديدة مرتقبة من اجل بلورة ما تم الاتفاق حوله بخصوص تنظيم الانتخابات والتوصل الى توفير الظروف الملائمة لذلك، ثم سيكون هناك لقاء ثلاثي لوزراء الخارجية تونس ومصر والجزائر .

• كيف يبدو الوضع الان في ليبيا خاصة بعد الزيارة الاخيرة ؟
الوضع وفق الساعات التي قضيتها يبدو هادئا ومشجعا، كان هناك استعداد من اجل الوصول الى تنظيم انتخابات، لكن ذلك كما هو معلوم يكون من خلال قانون منظم لها وضمان حد لا باس به من الاستقرار، وبما ان تونس اصبحت لها تجربة في تنظيم الانتخابات فهي تضع تجربتها على ذمة الاشقاء الليبيين، نحن لنا مصالح جمة مع ليبيا وعلاقات صلبة ومتينة ولذلك ندفع نحو الحل السلمي، كما لا يمكن ان ننسى الجانب الاقتصادي الذي يربط البلدين فسيكون لقاء في 5 جويلية المقبل على مستوى اللجنة التحضيرية، واللجنة العليا المشتركة لطرح جوانب عدة، وقد اقترحت خلال الزيارة التي اديتها إلى طرابلس العديد من الافكار من اجل دفع التعاون والتبادل التجاري والتي سيتم بلورتها على مستوى فني في لقاء يوم 27 جوان الجاري استعدادا لاجتماع 5 جويلية نذكر منها على سبيل المثال ديون المصحات الخاصة والنظر في اعادة تشغيل الخطوط التونسية وذلك في ضوء الاستعداد ايضا لعقد اجتماع بين رئيسي الحكومتين مع نهاية شهر اوت المقبل أو بداية سبتمبر.

• بالنسبة لملف سفيان ونذير والكسيكسي ؟
اؤكد انه خلال كل اللقاءات التي اقوم بها ، عبرت عن انشغالنا بهذا الموضوع وطلبت من الاشقاء الليبيين مزيد الاهتمام بهذا الملف وهناك تجاوب من لدنهم ولكن مع الاسف كل الاطراف لم تتمكن من أن تعطني اجابة واضحة. كما قدمت بعض الملاحظات وطرحت هذا الملف حتى على المستوى الاممي ، ولكن نظرا للوضع الامني في ليبيا يصعب الحصول على اجابات شافية ، هناك أعداد كبيرة من المفقودين والدولة التونسية لم تدخر جهدا للبحث عن رعاياها من بينهم ايضا العون المحلي التونسي بسفارتنا هناك وليد الكسيكسي ومن واجبها الاستجابة لدعوة أهاليهم واعطائهم اجوبة ، وكنت اتمنى لو كانت لي معلومات كافية وايجابية لكن للأسف ليست لي معطيات قاطعة ولكن أجدد التأكيد أن ملف نذير وسفيان والعون المحلي وليد الكسيكسي مسؤوليتنا جمعيا، وهي مسالة وطنية تهمّ الخارجية والعدل وكل الاجهزة التونسية المعنية .

• من المنتظر الاعلان عن حركة ديبلوماسية قريبا ؟
منذ ان توليت الوزارة، 99 بالمائة من التعيينات الديبلوماسية هي من ابناء السلك، وكنت دائما احرص على ذلك وهذه السنة من المنتظر ان تشمل الحركة قرابة 10 سفارات مثل طوكيو و بروكسال و سلطة عمان وطهران وغيرها ...، وما بين 4 و5 قنصليات، والمقياس الاول في التعيين بالخارج هو الخبرة والتجربة والكفاءة، باعتبار ان المسالة تهم تمثيل تونس في الخارج وهذا امر مهم جدا فخطة رئيس بعثة دبلوماسية خطة هامة ودقيقة .

• هناك خلال الاشهر المقبلة اجتماع «gafi» فماهي الضمانات التى ستقدمها تونس ؟
هذا الملف تحت اشراف رئاسة الحكومة، فهي مسالة وطنية وكل اجهزة الدولة مجندة له وهناك العديد من الاجراءات تم الاتفاق حولها للخروج من قائمة الدول الاكثر عرضة لمخاطر غسيل الاموال وتمويل الارهاب ويجب احترام الاجال المطلوبة والاستجابة للمعايير المطلوبة من طرف « gafi ». وبتظافر جهود الجميع من الهياكل الحكومية المعنية الى مجلس نواب الشعب سنحقق الاهداف المرجوة.

• ألا تعتقد ان تأزم الوضع السياسي بتونس له تأثير على صورة تونس في الخارج؟
مما لا شك فيه هناك ارتباط وثيق بين الوضع في الداخل وصورة تونس في الخارج، فصورة تونس مرتبطة بالعديد من الاشياء سواء الايجابية او السلبية، وكل ما يجري في تونس له تأثير مباشر على هذه الصورة.
فعلى سبيل المثال في المجال السياحي وباعتبار دورنا كهمزة الوصل مع الخارج فقد حرصنا ووفقنا بالتنسيق مع الهياكل المعنية في اقناع كل الاطراف الدولية والشركاء الاساسيين بتحسين توصياتها لمواطنيهم بالسفر إلى تونس في ضوء التحسن الكبير للوضع الامني واخر هذه الدول بريطانيا التي حسنت بشكل ملحوظ من نصائح السفر إلى تونس. وبالتالي كل ما يهم الوضع الاقتصادي والسياسي والاستقرار الامني له تاثير على علاقة تعاوننا مع الخارج وهذا امر يهم كل دول العالم وليست تونس فقط و نحن دورنا التاكيد ان تجربة تونس الديمقراطية متواصلة وتحقق خطوات هامة وان هناك اجماع لإنجاح هذه التجربة، بالرغم من وجود صعوبات اقتصادية ولكن تونس مقدمة على الاصلاحات الكبرى لتطوير مردودية اقتصادها ومزيد تحسين مناخ الاستثمار وجلب اهتمام المستثمرين وتحسين القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني ، وقد يكون المشكل في نسق هذه الاصلاحات ونحن حريصون على التسريع فيه .
لكن اجمالا وخلافا لما يقال، يبقى الراي الدولي يرى تونس بصفة ايجابية باعتبار ان كل الدول التي تمر بانتقال ديمقراطي او سياسي مثل بلادنا في حاجة إلى ما يكفي من الوقت لتحقيق الاهداف المرجوة فالسبع سنوات التي تبدو لنا نحن التونسيون طويلة، مقارنة بدول اخرىمرّت بنفس التجربة ليست مدة طويلية.. ولكن على مستوى التوجه العام تونس تسير نحو مزيد من الاستقرار ومزيد من النمو الاقتصادي.

• ما هي أهم المحطات الكبـرى القادمة ؟
هنالك العديد من المحطات الكبرى اولها القمة الافريقية مع بداية شهر جويلية ، ثم المنتدى الصيني العربي في منتصف شهر جويلية وهو لقاء مهم ، ثم هناك زيارة رسمية مهمة الى امريكيا قبل نهاية شهر جويلية تلبية لدعوة وزير الخارجية الامريكي وستكون مناسبة لمزيد تطوير العلاقات على مختلف المستويات، فالولايات المتحدة دائما دولة مهمة بالنسبة لنا .
من المحطات الكبرى ايضا الاستعداد للقمة العربية التي ستنعقد في تونس في شهر مارس 2019 واحتضان بلادنا لهذه القمة هو دليل على الخطوات التي قطعتها تونس على مستوى تعزيز علاقاتها مع مختلف الدول العربية بعد بعض الاشكاليات قبل 2014، ومن المنتظر ايضا أن تحتضن بلادنا موعدا اخر مهما وهو الذكرى 50 للقمة الفرنكوفونية وتونس من الدول المؤسسة، هذا بالاضافة إلى استعداد بلادنا لعضوية مجلس الامن الدولي في 2020 - 2021 . وستتجند كل بعثاتنا في الخارج والادارة المركزية ومختلف الاطراف المعنية لانجاح هذه المواعيد والاستحقاقات الهامة خدمة لصورة بلادنا ودفاعا عن مصالحها ورفعا لرايتها في الخارج.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115