إستراتيجية الحكومة لإصلاح المؤسسات والمنشآت العمومية: الشروع في إعداد برامج قطاعية لإعادة الهيكلة والأولوية لوزارتي النقل والصناعة

بالرغم من العقبات والضغوطات المسلطة عليها والدعوات المتتالية لإقالتها،

فإن حكومة يوسف الشاهد قررت المضي قدما في تنفيذ الأولويات الثلاث التي كان قد أعلن عنها رئيس الحكومة في خطابه الأخير: الصناديق الاجتماعية والمؤسسات العمومية وكتلة الأجور، 3 ملفات كبرى تعهدت الحكومة بالتسريع في معالجتها وإصلاحها وسط رفض كبير من شركائها الاجتماعيين وهو الاتحاد العام التونسي للشغل، ملفات كانت شرارة دعوة الاتحاد للتغيير الحكومي والبحث عن ربان سفينة جديد قادر على مجابهة التحديات القادمة، رفض لم يمنع الحكومة من المصادقة على عدة مشاريع حكومية في مجلس الوزراء الأخير على غرار مشروع أمر حكومي يتعلق بإحداث وحدة تصرف حسب الأهداف برئاسة الحكومة لتنفيذ إستراتيجية إصلاح وحوكمة المنشآت والمؤسسات العمومية وعلى مراجعة النظام القانوني للتقاعد وعلى التوجهات المتعلقة بإصلاح بعض مقاييس نظام الجرايات في القطاعين العمومي والخاص كالترفيع في سن التقاعد وتمويل نظام التقاعد.

خطة الحكومة بشأن إصلاح وحوكمة المؤسسات والمنشآت العمومية لقيت رفضا شديدا من قبل اتحاد الشغل وخاصة مسألة التفويت في المؤسسات العمومية والتي بسببها نفذ الاتحاد العديد من التحركات النضالية والتجمعات العمالية، خطة زادت في تعكير الأجواء بين الطرفين أي الحكومة والمنظمة الشغيلة التي ما فتئت تشدد في كل التصريحات الإعلامية والخطابات أن التفويت في القطاع العام سبعون ألف خط أحمر.

لجنة للتصرف حسب الأهداف
وفق الحكومة فإن وضعية المنشآت العمومية التي تعاني من صعوبات مالية كبيرة باتت لا تتحمل مزيد التأخير في انتظار الوصول إلى التوافقات المنشودة، فالوضعية الحالية التي بلغتها هذه المنشآت العمومية التي تمثل ثلث المنشآت من جملة 102، باتت مهدد في وجودها، وهو ما يقتضي الشروع في إجراءات إعادة هيكلة متأكدّة، ترتكز على أربعة محاور أساسية، باعتماد توجهات إستراتيجية وذلك بهدف الحفاظ على التوازنات المالية لهذه المنشآت وضمان ديمومتها وتحقيق نموّها. فالفكرة الأساسية للحكومة في إصلاح المنشات العمومية قائمة على الإصلاح المؤسساتي والإطار التشريعي والهيكلة المالية وتمويل برامج إعادة الهيكلة، فالحكومة أعدت تصورا مفصلا لإعادة الهيكلة والحلول المقترحة.
بالنسبة للإصلاحات على المستوى المؤسساتي، فسيتم اعتماد التقرير التأليفي حول إصلاح وحوكمة المؤسسات والمنشآت العمومية (الكتاب الأبيض) كإطار عام إلى جانب اعتماد مخطط العمل لإصلاح وحوكمة المؤسسات والمنشآت العمومية وتحيينه مع إحداث لجنة للتصرف حسب الأهداف لانجاز مخطط العمل لإصلاح للمنشآت والمؤسسات العمومية وكذلك إحداث لجان قيادة قطاعية، بكلّ الوزارات وبالأخص وزارة النقل ووزارة الصناعة، تتكفّل بوضع إستراتيجية قطاعية عامة وبرامج إعادة هيكلة خصوصية لكل منشأة معنية المذكورة أعلاه، مع إمكانية استعانة هذه اللجان بمكاتب خبرة أو بنوك أعمال للمساندة عند الاقتضاء والتعهد بإنجاز هذه البرامج والمصادقة عليها من قبل مجالس وزارية، تعقد للغرض قبل موفى السنة الجارية.

إحداث وكالة تصرّف في مساهمات الدولة
من الإصلاحات أيضا، إحداث هيئة عليا للمنشآت والمؤسسات العمومية لوضع ومتابعة تنفيذ إستراتيجية الدولة بخصوص المساهمات العمومية تقوم بعملية التنسيق بين مختلف الإدارات المركزية برئاسة الحكومة المتدخلة في الإشراف على المنشآت والمؤسسات العمومية والشروع في إنجاز دراسة جدوى إحداث وكالة تصرّف في مساهمات الدولة، تكون تحت إشراف رئاسة الحكومة ووزارة المالية، على أن تباشر مهامها في صورة الاتفاق، خلال أجل لا يتجاوز 2020.
أما الاصلاحات على مستوى الإطار التشريعي فتتمثل في الإذن بمراجعة النصوص المنظمة للمنشآت والمؤسسات العمومية في جميع جوانبها، خاصة منها المتعلقة بإجراءات الإشراف والالتزامات المحمولة عليها، في اتجاه أكثر مرونة والدفع نحو مزيد الحوكمة من خلال فصل مهام المدير العام ورئيس مجلس الإدارة.. وأكثر هامش من حيث التصرّف والتسيير في إطار التوجهات الاقتصادية العامة للبلاد فضلا عن الموافقة على إعفاء خمسة عشر منشأة عمومية تنشط في محيط تنافسي أو تمّ بشأنها وضع برنامج إعادة هيكلة عملا بالفصل 22 ثالثا من القانون عدد 9 لسنة 1989 المتعلق بالمساهمات والمنشآت والمؤسسات العمومية مع الحرص على دعم حوكمة المنشآت المعنية بالاستثناء وتدعيم الرقابة اللاحقة على أعمال التصرف فيها.

إعداد برامج قطاعية لإعادة هيكلة المنشآت العمومية
وبخصوص التوجهات الإستراتيجية العامة للهيكلة المالية للمؤسسات العمومية، فسيتمّ التوجه، وبصفة أوليّة، نحو الشروع في إعداد برامج قطاعية لإعادة هيكلة المنشآت العمومية الراجعة بالنظر للوزارات والتأكيد، خلال هذه المرحلة، على وزارتي النقل والصناعة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة (وهي الوزارات التي تشرف قطاعيا على عدد هام من المنشآت التي تعاني صعوبات هيكلية) مع التأكيد على المحافظة على الصبغة العمومية للمنشآت المعنية بإعادة الهيكلة وخاصة منها الناشطة في قطاعات إستراتيجية، أيضا فتح المجال للشراكة مع الخواص لإصلاح المنشآت الناشطة في قطاعات تنافسية، مع المحافظة على الصبغة العمومية لهذه المنشآت والتوجّه نحو إمكانية تخلي الدولة بصفة نهائية عن مساهماتها التي تعادل أو تقلّ عن 50 % من رأس المال (البنوك المختلطة) أو المنشآت ذات المساهمات العمومية التي تساهم في رأسمالها منشآت عمومية والناشطة في قطاعات شديدة المنافسة.
على مستوى تمويل برامج إعادة الهيكلة، فسيتم الإسراع بإعادة تنشيط صندوق إعادة هيكلة المنشآت العمومية «FREP» (قانون المالية لسنة 2019) للتكفل بتمويل مختلف برامج إعادة الهيكلة المقترحة، مع دراسة إمكانية إحداث صناديق خصوصية عند الاقتضاء.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115