Print this page

في انتظار استئناف النقاش وبعد إعفاء لطفي براهم: تحوير وزاري مرتقب من رحم وثيقة قرطاج 2

التحوير الوزاري الذي وعد به رئيس الحكومة يوسف الشاهد بات اليوم أكثر من ملح بعد إعفاء وزير الداخلية لطفي براهم

حقيبة تتطلب بالضرورة تعيين وزير جديد، مستجدات وتطورات جديدة عجلت بضرورته، ليعلن الناطق الرسمي باسم الحكومة إياد الدهماني عن أن التحوير قادم لكن لا أحد له إدراك بتوقيته ولا بحجمه، تحوير عميق أو جزئي، فكل هذه الجزئيات رهينة بمدى التشاور والتنسيق بين رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية من ناحية وبين الأحزاب الموقعة على وثيقة قرطاج، ذلك أنه وفق مصادر مطلعة فإن التحوير سيكون في علاقة بوثيقة قرطاج 2، هذه الوثيقة التي قرر رئيس الجمهورية تعليق العمل بها بسبب تباين الآراء حول النقطة 64 المتعلقة بتغيير الشاهد من عدمه.

التحوير الوزاري لم يعد اليوم مجرد فكرة تناقش على طاولة اللجنة العليا للموقعين على وثيقة قرطاج بل أصبح ضرورة أكيدة وملحة لاسيما وأن الأولويات الجديدة تفرض حكومة جديدة، ووفق مصادرنا فإن هناك لقاءات واتصالات ستعقد في الغرض من أجل التوصل إلى اتفاق وعودة النقاش بوثيقة قرطاج 2 باعتبار أن هذه الوثيقة هي الإطار الأنسب لاختيار الوزراء بالإجماع بعيدا عن الصراعات والتجاذبات والتشنجنات والحسابات الضيقة ومنطق الربح والخسارة، فمثلما تمّ الاتفاق على برنامج عمل الحكومة في الفترة القادمة فإنه من الضروري الاتفاق على تركيبة الحكومة القادمة والتي باتت أمرا مفروضا.

أولويات فرضت التحوير الوزاري
مع كل حدث أو كارثة، تتتالى التصريحات الحكومية كون الشاهد يخضع حكومته إلى تقييم شامل في أداء كل عضو منها وفي صورة لمس وجود نقائص واخلالات وعدم تقديم الإضافة وتصريحات غير «مسؤولة» فيتجه إلى إجراء تحوير دون طلب أو اقتراح من أي جهة، فالقرار من صلاحياته هو فقط، اذ ليس هناك أي وزير خارجا عن منطق التقييم لكن هذه المرة تختلف فيها الأوضاع باعتبار أن الدعوة إلى التحوير وضخ دماء جديدة كان منطلقها الاتحاد العام التونسي للشغل بل دعا أيضا إلى تغيير الشاهد، وقد أيده في ذلك نداء تونس الذي يتمسك هو الآخر بإزاحة الشاهد، الأمر الذي رفضته حركة النهضة بشدة لتتحول الأزمة إلى أزمة سياسية بامتياز، ولكن في كل الحالات فإن وثيقة قرطاج 2 بالرغم من تعليق العمل بها فإنها فرضت هذا التحوير من أجل تشكيل فريق حكومي يحظى بالثقة والدعم القوي من قبل جميع الموقعين عليها.

مصادرنا أوضحت أنه لم يعد هناك أي حل سوى الرجوع الى الاجتماع على طاولة النقاش والاتفاق نهائيا على كل مخرجات وثيقة قرطاج 2 سواء على مستوى الأولويات الاقتصادية والاجتماعية أو هيكلة الحكومة، فوضع البلاد لا يحتمل مزيد الانتظار والتأخير في تطبيق الإصلاحات الضرورية، وهو ما عبّر عنه الأمين العام لاتحاد الشغل في لقائه أول أمس برئيس الجمهورية بضرورة تجاوز الوضع السياسي الراهن في أقرب الآجال طبقا لما تقتضيه المصلحة الوطنية، مع التأكيد على ضرورة تضافر جهود جميع الأطراف لدفع الأوضاع الاقتصادية والاجتماعيّة نحو الأفضل على قاعدة البرامج والخيارات المشتركة، وشددت ذات المصادر على ضرورة الابتعاد عن منطق الربح والخسارة واستعراض العضلات لأن الطرف الوحيد الخاسر في هذه الصراعات هي البلاد.

عامل الوقت في صالح الشاهد
الأيام القادمة ستكون فرصة للتنسيق بين جميع الأطراف والعودة إلى طاولة النقاش والقيام بالتعديلات الضرورية والمناسبة والقادرة على تطبيق الإجراءات المضمنة في الاتفاق الجديد، وفق مصادرنا لكن بالنسبة إلى مصير الشاهد، فإنه من الصعب تغييره بسبب عامل الوقت، باعتبار أن تشكيل حكومة بأكملها يتطلب وقتا إضافة إلى منحها الثقة في مجلس نواب الشعب، بمعنى أنه من المتوقع الاكتفاء بتعديلات جزئية في الحكومة، والرؤيا ستتضح أكثر بعد عيد الفطر .

ما إن صدر قرار إعفاء وزير الداخلية لطفي براهم من مهامه حتى تعددت الأسماء المطروحة لهذه الحقيبة الوزارية على غرار رضوان عيارة وزير النقل الحالي والرئيس المدير العام للخطوط التونسية... وتثبيت غازي الجريبي وغيرها من الأسماء إلا أن مصادرنا أوضحت أن الوزير القادم سيكون عسكريا، كل الاحتمالات واردة ولكن الاختيار سيكون بالتنسيق بين رئيسي الجمهورية والحكومة بدرجة أولى والنقاشات مع الأحزاب والمنظمات، علما وأن وجهات النظر بخصوص التحوير متباينة بين من يطالب بحكومة كفاءات وهناك من يطالب بحكومة سياسية مصغرة والاستغناء عن بعض كتاب الدولة، فلكل طرف تصوره الخاص في انتظار ما ستؤول إليه النقاشات وخاصة حول النقطة 64 التي مازالت «معلقة».

المشاركة في هذا المقال