Print this page

تحيل إخباري: بعد انتفاضة الشاهد: فرضيّات إعادة تشكل الخارطة السياسية

في الوقت الّذي راهن فيه جانب هام من الفرقاء السياسيين على رحيل الشاهد و سد منافذ مستقبله السياسي، عند نقاش وثيقة قرطاج 2 ، حصل

ما لم يكن في الحسبان ، فأشهر هذا الأخير موقفا جريئا ومتحدّيا ، جعل العديد من المحلّلين يجزمون بوجود داعمين أقوياء له من غير حركة النهضة الّتي كانت تشهر خيار عدم استبداله ، مراهنة على فرض شروط لا تكبّل خياراتها السياسية المستقبلية .

لكن رغم رضاء دول الاتحاد الأوروبي على رئيس الحكومة الّذي بدا لهم من خلال المفاوضات مع حكومته قابلا لمشروع اتفاق التبادل الحر الشامل والمعمّق بين تونس و الاتحاد الأوروبي المعروفة بتسمية (الأليكا) - و هو ما يبرّر مواصلة الرهان عليه و دعمه إذا لزم الأمر- فإن ما أقدم عليه الشاهد يبقى في أنظار المتابعين «مغامرة» غير محسوبة العواقب، ما لم يكن قد استبق تحصين مستقبله السياسي بإتفاقات غير معلنة.

فرئيس الحكومة لم يكتف بإعلان موقف يتشبث من خلاله بموقعه، أو بكشف أولوياته في المرحلة المقبلة ، بل تجاوز ذلك ليتّخذ موقفا منتقدا لرئيس اللجنة التنفيذية لحزبه نداء تونس حافظ قائد السبسي، الّذي سبق أن دعمه في الانتخابات البلدية الأخيرة، و لم يكن هذا الموقف بالإشارة أوالتلميح و إنّما كان بالقول الصريح ، محمّلا إياه مسؤولية تردي حزبه الّذي ارتقى بواسطته إلى منصب رئاسة الحكومة بإقتراح ودعم من رئيس الجمهورية .

هذا الموقف الحزبي الّذي حشر فيه الشاهد حكومته و أحرج حتى الّذين يدعمونه في البقاء على رأس الحكومة ، وضع من خلاله نفسه في مخرجات سياسية صعبة ،و وجّه فيه خصومه إلى البحث عن حلول حاسمة ، كما وفّر مبرّرا لرفع رئاسة الجمهورية يدها عنه .

فخيار قطع «حبل» التوافق الحزبي الدّاخلي في الوضعية الحالية لحزب نداء تونس ،سيفضي حسب طبيعة المنطق السياسي ، إمّا إلى إستقالة الشاهد من حزبه ،أو إلى إقالته أو تجميده ،و بذلك فقدانه لسنده الحزبي الّذي أوصله إلى رئاسة الحكومة ، أو مواصلة المشوار تحت ضغط متواصل ، ما لم يقع اللّجوء إلى حل قانوني يغيّر كل الأوضاع تماما .

هذه الوضعية تجعل خصوم الشاهد السياسيين يقولون بنهاية الشاهد سياسيا ، و لكن تجعل المتفائلين ، يخمنون إمّا في مستقبل جديد للشاب الطموح في لعب دور كسياسي مستقل فيستغّل موقفه من قيادة حزبه وموقف قيادة حزبه المنتظر منه ، مع التعويل على داعميه في البقاء ، وإمّا في «عودة وعي» مناضلي حزب نداء تونس و شتاته ، و طي صفحة خلافاتهم و إستغلال الفرصة لإعادة بناء حزبهم و إعادة وحدته على أسس جديدة تهيئهم للاستحقاقات القادمة .

كل هذه الفرضيات أصبحت مطروحة في ظل تحركات غير مشاهدة ،تدرس كل الاحتمالات وتعمل على إعادة النظر في الخارطة السياسية على ضوء المستجدات الجديدة ،و تحاول النفاذ إلى كيفية البناء و التهيكل للدخول في استحقاقات 2019 . و لكن يحدث كل هذا دون قراءة للوضع الإجتماعي وتداعيات عدم التوصل إلى تجاوز الأزمة الّتي تعيشها البلاد ، ودون قراءة واقعية لردود فعل القوى الفاعلة في المجتمع .

فردود الفعل على سحب وثيقة قرطاج 2 و على الموقف الّذي عبّر عنه الشاهد ، لم تكن حاسمة إلى حدّ الآن ،و هو ما يوحي بأنها لا تزال تُطبخُ على نار هادئة ،و قد تظهر ملامحها في بداية هذا الأسبوع ، على أن تداعياتها قد ترحّل إلى ما بعد شهر رمضان و بعد تجاوز أجواء كأس العالم لكرة القدم و سيكون تبعا لكل ذلك «الإنتظار» هو الحكم الّذي لا حكم له...

المشاركة في هذا المقال