في مراقبة عمليات الاقتراع والفرز: تطور كبير لدور منظمات المجتمع المدني في الانتخابات البلدية

تنوعت مساهمة منظمات المجتمع المدني في مراقبة الانتخابات البلدية من يوم الاقتراع

إلى عملية الفرز، سواء من قبل التعرف على نتائج التصويت أو رصد الاخلالات والتجاوزات، وايضا حول النوع الاجتماعي ونسب المشاركة. تقارير منظمات المجتمع المدني من المنتظر أن تكون عنصرا مساهما في تطوير التقرير النهائي للانتخابات البلدية المنتظر إعداده من قبل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بعد نهاية المرحلة الانتخابية بأكملها.
ساهمت الانتخابات البلدية في إعطاء مكانة هامة لمكونات المجتمع المدني، من خلال معاضدة جهود الهيئة العليا المستقلة للانتخابات على مستوى مراقبة عمليات التصويت والفرز، وأيضا تسجيل المخالفات. المراقبة لا تقتصر بالأساس على رصد الاخلالات سواء من قبل المترشحين أو الناخبين أو حتى أعضاء مكاتب الاقتراع، بل سعت بعض الجمعيات مثل شبكة مراقبون إلى إعتماد آلية الفرز السريع للأصوات من أجل التثبت من مدى صحة النتائج النهائية المنتظر الإعلان عنها من قبل هيئة الانتخابات.

الفرز السريع للأصوات
شبكة مراقبون ركزت على بلدية تونس الكبرى، حيث أعلن المنسق العام لشبكة مراقبون، رفيق الحلواني خلال ندوة صحفية يوم أمس أن هناك 6 قائمات حزبية ومستقلة ستكون ممثلة في المجلس البلدي لبلدية تونس، بناء على عملية فرز الأصوات بالتوازي مع عمل الشبكة على المستوى الوطني. وتم اختيار بلدية تونس من منطلق ثقلها وباعتبارها تعد أكبر بلدية في الجمهورية وتضم 60 مقعدا وتعدّ حوالي 600 مكتب اقتراع. كما أكد الحلواني على أن حركة النهضة حصلت على 30.7 % من الأصوات في بلدية تونس، تليها حركة نداء تونس 27.9 %، ثم التيار الديمقراطي 11.9 %، فالإتحاد المدني 9.6 %. وجاءت القائمة المستقلة «مدينتي تونس» في المركز الخامس ب6.7 % من الأصوات، ثم الجبهة الشعبية 6.2 %.
وقدرت شبكة مراقبون النسبة العامة للمشاركة في الانتخابات البلدية بـ 35 %عند إغلاق جل مكاتب الاقتراع بينما بلغت هذه النسبة 26 %على مستوى انتخابات بلدية تونس. وتعلقت التجاوزات بمواصلة أحزاب حركتي النهضة ونداء تونس وحركة مشروع تونس وقائمات مستقلة والاتحاد المدني للحملة الانتخابية خلال يوم الانتخابات وهو ما يحجره القانون الانتخابي إلى جانب رصد شبكة مراقبون لفوضى خارج مكاتب الاقتراع أدت إلى عنف لفظي وتراشق بالتهم ووصلت إلى التشابك بالأيدي على غرار ما حصل في مجاز الباب وجبل الجلود والملاسين وعدد من معتمديات القيروان وسيدي بوزيد. ومن ضمن الاخلالات التي رصدتها “مراقبون” إحصاء 3 حالات انتخاب لمواطنين غير مسجلين في السجل الانتخابي تم السماح لهم بالانتخاب علاوة على حصول خطا في رمز إحدى القائمات المترشحة .
وتحدث المنسق العام أيضا عن موضوع اختيار شيخ المدينة، حيث اعتبر أنه من السابق لأوانه الحديث عن الفائز بمنصب شيخ أو شيخة مدينة تونس، باعتبار أن المسألة موكولة للأعضاء الـ60 للمجلس البلدي لبلدية تونس الفائزين و الممثلين عن 6 قائمات مترشحة و ذلك باعتماد آلية الانتخاب أو بالتوافق والتحالفات.

الاخلالات والتجاوزات
من جهة أخرى، اختارت بعض الجمعيات مراقبة الاخلالات والتجاوزات على غرار الجمعية التونسية من أجل نزاهة وديمقراطية الإنتخابات «عتيد»، ومرصد شاهد لمراقبة الانتخابات ودعم التحولات الديمقراطية، حيث أصدرت عتيد يوم أمس بيانا حول عمليات الفرز، أكدت من خلاله وجود بعض الخروقات. وتتمثل التجاوزات في وجود بعض الأوراق في صناديق اقتراع لا تخص الدائرة الانتخابية أو المركز محل التصويت، على غرار وجود الأكياس الآمنة داخل الصندوق وذلك نتيجة النقص على مستوى تكوين رؤساء مكاتب الاقتراع.
لكن في المقابل، فإن أغلب الجمعيات تحدثت عن ضعف نسبة الإقبال على غرار التجاوزات وإن صنفها البعض بالخطيرة أو غير الخطيرة. وقال معز عطية رئيس جمعية كلنا تونس ان التجاذبات التي شهدتها هيئة الإنتخابات إثر إستقالة رئيسها شفيق صرصار أثرت على الإعداد للإنتخابات البلدية وتغيير روزنامة الانتخابات في مناسبتين، وضعف الحملات التحسيسية لحث الناخبين على المشاركة. وقال عطية إن نسبة المشاركة والإقبال على الانتخابات البلدية ليست كارثية لكنها ضعيفة، مشيرا إلى أن عوامل العزوف على الإقبال على الإنتخابات البلدية نتيجة المصادقة على مجلة الجماعات المحلية قبل أسبوع فقط من العملية الإنتخابية، مبينا انها أثرت على المواطن بما انه لم يكن على معرفة ولادراية بما ورد في هذه المجلة والعمل البلدي.

مراقبة تمويل الحملة
ومن المنتظر أن تعلن منظمة «انا يقظ» صباح اليوم عن نتائج مشروعها المتعلق بملاحظة تظاهرات الحملة الانتخابية لجملة من القائمات، وتهدف عملية الملاحظة لتعزيز مبدأ الشفافية عبر رصد مختلف جوانب الحملة والتجاوزات المحتملة، إضافة إلى السعي لإرساء مبدأي تكافؤ الفرص والمساءلة. وستعلن المنظمة عن عديد التجاوزات مقسمة إلى ثلاثة محاور أولهما احترام السقف الإنتخابي، ثانيا شراء الأصوات، وأخيرا استغلال موارد الدولة.

حول النوع الاجتماعي
في سياق آخر، اختارت بعض المنظمات مراقبة الانتخابات من ناحية النوع الاجتماعي من بينهم المركز التونسي المتوسطي الذي أكد في ندوة صحفية أمس عديد النقائص في تصويت المرأة بالارياف والمناطق الحدودية خلال الانتخابات البلدية والعراقيل والتجاوزات التي حالت دون ممارسة هؤلاء النساء لحقهن الانتخابي على أحسن وجه. وأكد ممثلو الجمعية أنه تمت ملاحظة جلب مجموعات من النساء بوسائل نقل جماعية في 60 مركز اقتراع بمختلف الجهات المعنية، وتسجيل غياب كلي للناخبات خلال الفترة الصباحية في 17 مركزا وارتفاع حضورهن للتصويت في الفترة المسائية. وبلغت نسبة وجود المرأة كرئيسة مكتب اقتراع 20.2% بينما بلغ عدد النساء العاملات في صفوف هيئة الانتخابات 547 امراة من مجموع 873 عون، وفي محيط مراكز الاقتراع بلغ عدد الامنيات المشاركات في تأمين مراكز الاقتراع 52 عونا من مجموع 855 أمني مكلف اي بنسبة 6 %.

مراقبة الفرز
الاخلالات لم تقتصر على يوم الاقتراع فقط، بل رصد عدد من الجمعيات البعض من الصعوبات والعراقيل حتى لا يتم تصنيفها ضمن خانة الخروقات. واعتبرت «عتيد» أنّ اللوحات الخشبية المستعملة ببعض القاعات تعيق المشاهدة من المدارج، ومن غير الممكن رؤية الأعوان الذين يقومون بعملية التجميع باستثناء الصف الأول القريب من المدارج وهو ما يتطلب من الملاحظين النزول إلى مكان الفرز وهو أمر غير مسموح. واعتبرت الجمعية أنّ عملية الفرز على مستوى أغلب مكاتب الفرز عادية جدّا ولم يتم تسجيل خروقات، بالرغم من الاضطرار في بعض الأحيان إلى إعادة احتساب الأصوات والتي كانت تنجز في كل مرة بنجاج.

الناصر يستقبل البعثة الأوروبية
من جهة أخرى، التقى رئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر يوم أمس بالبعثة الدولية الوحيدة التي راقبت العملية الانتخابية، والمتمثلة في البعثة الاوروبية. وأكد رئيس المجلس على أهمية اول انتخابات بلدية في تونس بعد الثورة، مبيّنا أنها تمثّل محطة تاريخية هامة وحدثا فارقا، لخمس اعتبارات، أولها المشاركة المتميزة للمرأة في مختلف الدوائر الانتخابية حتى في مناطق كانت المشاركة في الشأن العام حكرا على الرجال، وثانيا حضور الشباب بأكثر من نصف المترشحين وهو ما يعد نقلة نوعية في المشهد وفي تشبيب مراكز القرار، وثالثا حضور حاملي الاعاقات بترشح اكثر من 1400 شخص، ورابعا بتعميم البلديات على جميع ربوع البلاد، وخامسا باعتماد قانون الجماعات المحلية في التسيير والتصرف من قبل الجماعات المحلية المنتخبة وهو ما يمثل ثورة على مستوى الحكم المحلي وفي تركيز اسس اللامركزية والديمقراطية التشاركية. في حين اعتبر الوفد الأوروبي أنه تم ارسال وفد هام الى تونس بصفة استثنائية للتعبير عن مدى اهتمامه بالتجربة الديمقراطية التونسية ودعمه لنجاح الانتقال الديمقراطي، مبيّنا ان تونس شريك مميز لأوروبا، معتبرين أن الانتخابات البلدية دارت في ظروف عادية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115