الاحتفال بعيد الشغل بمدينة الثقافة: الاحتفال واحد .. والرسائل كثيرة

• الرؤساء الثلاثة يشرفون على موكب تكريم عدد من الموظفين والعاملين

أشرف رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي أمس بمدينة الثقافة على موكب الاحتفال بعيد الشغل بحضور رئيس مجلس نواب الشعب ورئيس الحكومة وأعضائها والأمين العام للإتحاد العام التونسي للشغل ورئيس منظمة الأعراف ورئيس اتحاد الفلاحة وعدد من نواب مجلس نواب الشعب وثلة من الشخصيات الوطنية وممثلي الأحزاب والمنظمات والجمعيات، موكب لم يلق فيه رئيس الجمهورية خطابا بالمناسبة وتولى فقط تكريم الفائزين بكل من جائزة العامل المثالي في قطاعي الوظيفة العمومية والخاص والجائزة الوطنية للصحة والسلامة المهنية وجائزة التقدم الاجتماعي وجائزة اللجان الاستشارية للمؤسسات ونيابات العملة لسنة 2017، نفس الشيء بالنسبة لرئيسي البرلمان والحكومة واقتصر الاحتفال على إلقاء كل

من محمد الطرابلسي ونور الدين الطبوبي وسمير ماجول وعبد المجيد الزار كلمة بهذه المناسبة، وبالرغم من أن الاحتفال كان واحدا فإن الرسائل كانت عديدة وكل خطاب حمل الرسائل المراد توجيهها إلى الطرف المقابل.

استهل وزير الشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي الموكب الرسمي للاحتفال بعيد الشغل، وقد أكد في كلمته أنه بالرغم من الصعوبات الاقتصادية فإن الدولة قد أوفت بتعهداتها فيما يخص تحسين الأجور ومراجعة السلم الضريبي للأجراء والترفيع في المنحة المسندة لفائدة العائلات المعوزة وإقرار الحق في الجراية الدنيا للمتقاعدين وتوسيع التغطية الصحية لتشمل العاطلين عن العمل وإحداث برامج خاصة للسكن الاجتماعي ومضاعفة المنحة المسندة للأطفال ذوي الإعاقة والشروع في وضع النصوص التطبيقية لتركيز المجلس الوطني للحوار الاجتماعي، مشددا على أن الدولة لن تتخلى عن دورها التعديلي في عملية إعادة توزيع الثروة وضمان العمل اللائق للجميع والعدالة الاجتماعية والرفاه الاقتصادي.

المسح الميداني لتحيين قائمة الفقر
الطرابلسي أشار أيضا إلى مباشرة المفاوضات الاجتماعية للزيادة في الأجور سواء في القطاع الخاص التي انطلقت منذ 30 مارس الفارط أو الوظيفة العمومية والقطاع العام التي انطلقت يوم 27 أفريل المنقضي، وذلك في إطار مجهود الدولة لمكافحة الفقر، مضيفا أن الوزارة قد انطلقت في المسح الميداني لتحيين قائمة الفقر . وبالنسبة إلى الصناديق الاجتماعية، فقد أكد الوزير أن الحكومة قد أدرجت هذا الملف ضمن الإصلاحات ذات الأولوية على قاعدة الحوار والتوافق للحفاظ على ديمومة منظومة الضمان الاجتماعي وإرساء الأرضية الوطنية للحماية الاجتماعية. وأضاف أن الأطراف الاجتماعية في إطار اللجنة الفرعية الثلاثية للحماية الاجتماعية تعمل على إيجاد حلول توافقية حول الإجراءات العاجلة وقد توصلت بعد حوار تواصل لأكثر من سنة إلى توافقات مهمة سيتم ضبطها في مشروع اتفاق توافقي لإخراج صناديق الضمان الاجتماعي من الصعوبات. هذا وختم الوزير كلمته بالتأكيد على أن الوزارة انتهت من إعداد استراتيجيات قطاعية مهمة شملت مجالات حيوية كمقاومة الفقر متعدد الأبعاد ومحو الأمية وتعليم الكبار والهجرة والتونسيين بالخارج وغيرها من القطاعات.

الأولويات الوطنية حسب اتحاد الشغل
من جهته، أكد الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي في كلمته أنه لا غرابة لانتقاد اتحاد الشغل في تنفيذ أولويات وثيقة قرطاج ومن حقه انتقاد تمشي تنفيذها، فمن حقّ الاتحاد كطرف اجتماعي انخرط في وثيقة قرطاج وتحمل وشركاؤه مسؤولية تجسيد مضامينها، أن يقترح تصحيح المسار ويطالب بضخّ دماء جديدة في مفاصل الدولة انطلاقا من حرصه على تسريع وتيرة الإصلاحات الواردة في الوثيقة، قائلا « مازلنا بعيدين عن تحقيق أهداف ثورتنا». واعتبر أن انطلاق المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص وفي الوظيفة العمومية والقطاع العام خطوة إيجابية في انتظار اكتمالها حتى يتم التخفيف من تدهور القدرة الشرائية للعمال، بسبب الارتفاع الجنوني للأسعار وتدني قيمة الدينار وتغول أباطرة التهريب في الاقتصاد. وشدد على أن تراجع الاقتصاد كان بسبب التهرب الجبائي وتضرر المؤسسات الاقتصادية بسبب تفشي الاقتصاد الموازي، مما تسبب بانكماش الاقتصاد وتراجع التشغيل والعائدات لميزانية الدولة بشكل غير مسبوق، داعيا إلى ضرورة تحميل جميع الأطراف أعباء التخلص من الأزمة الاقتصادية وليس الشغالين وحدهم.

كما شدد الطبوبي على ضرورة نبذ التجاذبات التي من شأنها أن تقود إلى الفتنة وتعيق التقدم في استكمال الإصلاحات الاقتصادية وتغليب المصلحة الوطنية، مشيرا إلى أن من أهم الأولويات الوطنية هي الحفاظ على المرفق العمومي الوطني وتكريس العدالة الجبائية وحماية الاقتصاد الوطني من خلال التصدي للتهريب والاقتصاد الموازي والقضاء على التشغيل الهش والاستعباد والاستهانة بالكرامة الإنسانية وإرساء مقومات العمل اللائق ورفع المظلمة عن المتقاعدين وتفعيل إجراءات استرجاع أموال الدولة وحقوقها ممن استولى عليها دون وجه حق ومحاربة الفساد وتسوية الملفات العالقة. وعبر عن استعداد المنظمة التامّ لحثّ العمّال على بذل كلّ ما في وسعهم لتطوير إنتاجية العمل والتحلّي بثقافة المؤسّسة، ولمزيد التضحية وتقاسم الأعباء، خاصة أن الاتحاد على وعي شديد بصعوبة الأوضاع والمخاطر التي تتربّص بتونس، وبالصعوبات التي تمنع الاقتصاد الوطني من الإقلاع، مؤكدا في المقابل على أن لا يُحمّل الأجراء وضعاف الحال وحدهم هذا الواجب.

الارتقاء بالإنتاجية
من جانبه أكد سمير ماجول رئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية في كلمته أن الاحتفال بعيد الشغل تزامن مع أهم مرحلة من الحوار والتشاور حول الملفات التي تتعلق بمستقبل البلاد والإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، حوار جديد، يتناول بالخصوص دفع الاستثمار والتصدير والتصدي للاقتصاد الموازي وإنقاذ المؤسسات العمومية وإصلاحها وتحسين مناخ الأعمال واستعادة التوازنات الكبرى على مستوى ميزانية الدولة والصناديق الاجتماعية والمالية العمومية إلى جانب السعي إلى تحقيق الانتقال الاقتصادي بعد استكمال الشوط السياسي بالتصويت على الدستور الجديد وإنجاز الانتخابات التشريعية والرئاسية، وهو أيضا مواصلة لما تمّت صياغته من توجّهات في وثيقة قرطاج في جويلية 2016.

ماجول ركز في خطابه على ضرورة الارتقاء بالإنتاجية وجعلها أولوية وطنية واعتبرها الوصفة الملائمة لإيجاد الحلول لكل الإشكاليات والخروج من الحالة التي عليها الاقتصاد الوطني وأخطار الانتكاسة الاجتماعية والسياسية، كما اعتبرها الضامن لتنافسية المؤسسة الاقتصادية وضمان ديمومتها وتواجدها في الأسواق الخارجية بما يسمح بدفع التشغيل وجلب العملة الأجنبية، وهي أيضا الكفيلة بتمويل الزيادات في الأجور وتحسين القدرة الشرائية للأجراء ومصدر رفع الإنتاج وتزويد السوق والحدّ من التضخم وضمان استقرار الدّينار والشرط الأساسي لخلق القيمة المضافة وتمكين المؤسسات من تحقيق أرباح تؤمن عائدات جبائية لميزانية الدولة ومساهمات إضافية للصناديق الاجتماعية، مضيفا أن الإنتاجية هي الرافعة الأساسية لتمكين المؤسسات العمومية من قلب المعادلة من تسجيل للخسائر إلى تحقيق للأرباح ومن استنزاف ميزانية الدولة إلى الإسهام في تمويلها ومن وضعيات التدارك عبر الاحتكار إلى وضعيات التمكّن عبر التنافس.

وضع الصناديق الاجتماعية ينذر بالأسوأ
من جهة أخرى شدد رئيس منظمة الأعراف على أن الحل هو العمل ثم العمل ثم العمل، لتجاوز كل الأوضاع القائمة والمعطلة لمسيرة التنمية ولمسار الانتقال الديمقراطي، مبرزا أن وضع الصناديق الاجتماعية ينذر بالأسوأ إذا ما زاد تأخر الإصلاح أكثر، وتمّ الانطلاق في التفاوض حول مكونات العقد الاجتماعي ومحتويات محاوره من أجل وضع الأسس لإصلاح حقيقي ومتكامل لا يقتصر فقط على الترفيع المتواصل في مقدار المساهمات وتحصيلها على شريحة دون أخرى من المتعاملين الاقتصاديين، بل يشمل كل العناصر الفنية المتعارف عليها دوليا ويرتكز أساسا على تحسين التغطية وتوسيع القاعدة وتقاسم الأعباء بين الجميع. هذا وصرح ماجول أن المنظمة أكدت خلال المفاوضات حول نظام التقاعد على وجوب إدماج الاقتصاد الموازي في أقرب الأوقات وضبط سياسة وآليات واضحة لذلك وإدراجها كأحد عناصر الإصلاح، إضافة إلى مراجعة عناصر احتساب ومراجعة الجراية وتدعيم منوال الحوكمة في الصناديق وحسن التصرف في التمويلات الإضافية المتأتية من المساهمات الاجتماعية.

التكامل والتحلي بروح المسؤولية المشتركة
هذا ودعا رئيس الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري عبد المجيد الزار إلى ضرورة إعادة الاعتبار إلى العمل باعتباره قيمة حضارية لتحقيق الكرامة ودفع عجلة الإنتاج وتحقيق استحقاقات الثورة في الحريات والكرامة والتنمية العادلة والشاملة، مطالبا بإعلاء هذه القيمة والإخلاص في القيام بها والتفاني في أدائها من أجل رفع التحديات الاقتصادية و الاجتماعية التي تواجه البلاد، واعتبر أن كسب رهان التشغيل والحدّ من البطالة خاصة في أوساط الشباب من حاملي الشهادات العليا ودفع عجلة التنمية وإعادة تنشيط الدورة الاقتصادية يبقى مرتبطا بمدى النجاح في ترسيخ روح المبادرة ونشر ثقافتها والتحفيز على الاستثمار الخاص وإعطاء انطلاقة أقوى للأنشطة الواعدة والمجددة. وشدد على ضرورة بناء علاقة شغلية ترتكز على مبدأ التكامل وعلى قاعدة التحلي بروح المسؤولية المشتركة، وتعزيز روح الانتماء إلى المؤسسة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115