رئيس الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية شوقي قداس لـ«المغرب»: المعطيات الشخصية في تونس لا تزال غير محمية

• الهيئة الوحيدة من بين الهيئات التي ليس لها الإمكانيات الدنيا للعمل

يناقش مجلس نواب الشعب مشروع قانون يتعلق بحماية المعطيات الشخصية الذي يحظى باستعجال النظر ومطلب من قبل الحكومة من أجل المصادقة عليه قبل 25 ماي لتكون تونس بذلك أول بلد من خارج الاتحاد الأوروبي يحظى بقانون مماثل. كما سيساهم مشروع القانون في تمكين هيئة حماية المعطيات الشخصية من صلاحيات أوسع من أجل حماية الأفراد وتركيز هذه الثقافة. وفي هذا الإطار، يقدم رئيس الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية شوقي قداس في حوار لـ«المغرب» أهم انجازات الهيئة والصعوبات التي تعترض أعمالها، وكذلك رأيه حول مشروع القانون المذكور.

• إلى أي مدى تطورت أعمال هيئة حماية المعطيات الشخصية مقارنة بما قبل الثورة؟
هناك فكرة خاطئة لدى الرأي العام بأن الهيئة جديدة، والحقيقة ان الهيئة تعتبر من أقدم الهيئات في المشهد المؤسساتي التونسي، باعتبار أنه تم تكريس حق حماية المعطيات الشخصية في دستور سنة 2002، ثم صدر القانون المتعلق بحماية المعطيات سنة 2004، ثم تركيز الهيئة في أواخر سنة 2008. لكن يجب التنويه أن الهيئة خلال السنوات الأولى من أعمالها لم تنجز شيئا بل كانت في سبات عميق، ولم تعمل على تدعيم وإرساء ثقافة حماية المعطيات الشخصية لدى المواطنين والمؤسسات، بل بقيت هيئة محتشمة ومقرها مخفيا في نهج من أنهج العاصمة، واقتصرت على إصدار بيانات كل سنة دون أي تطوير يذكر.
وحول بعض الإحصائيات، ففي السنوات الثلاث الأولى، قدمت 382 ملفا، ثم في فترة رئاسة مختار اليحياوي 343 ملفا، لكن اليوم ومنذ 15 ماي الفارط، بلغ عدد الملفات المحالة إلى الهيئة 382 ملفا. وخلال الاجتماع الأخير لمجلس الهيئة تم النظر في 620 ملف في يوم واحد، وهو ما يؤكد تطور ثقافة حماية المعطيات الشخصية، مع وجود اهتمام واسع من قبل وسائل الإعلام وأيضا الإدارات انطلقت فعليا في استعمال مفهوم هذا النوع من الحماية مع المواطنين، وما ساهم في تدعيم ذلك صدور القانون المتعلق بحق النفاذ إلى المعلومة، الذي ينص بالأساس على إخفاء المعطيات قبل الإدلاء بالمعلومات.

• كيف تطور التعامل مع هذا المفهوم على المستوى الدولي؟
إن تطوير ثقافة حماية المعطيات الشخصية، جاء بعد إدماج تونس في التطور الكوني في هذا الغرض، لانها مسالة كانت قد انكبت عليها الأمم المتحدة منذ جويلية 2015، وتم تعيين مقرر خاص يسهر على الحياة الخاصة للأفراد وحماية المعطيات. هذا الأمر تم تدعيمه في دستور سنة 2014، مما جعلنا نطالب بالاندماج في المنظومة الدولية وبالتحديد المعاهدة عدد 108 لمجلس أوروبا، باعتبارها مفتوحة للدول غير الأوروبية. وقدمنا طلب الانضمام وتمت الاستجابة له في ماي 2017، وأصبحنا عضوا في المعاهدة في نوفمبر 2017. ودخلت المعاهدة في ما بعد صلب القانون التونسي، وتمت صياغة مشروع قانون في الغرض حسب المعايير الدولية حسب اللائحة الأوروبية، موجود حاليا في لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية بمجلس نواب الشعب، وقد طلبت الحكومة باستعجال النظر فيه ثم المصادقة عليه قبل 25 ماي 2018 حتى تكون تونس أول بلد خارج الفضاء الأوروبي يصادق على قانون يتعلق بحماية المعطيات الشخصية.

• كيف تقيم الوضعية الحالية لحماية المعطيات الشخصية في تونس؟
المعطيات الشخصية في تونس لا تزال غير محمية في تونس 100 %، ولقد تأكدنا من ذلك من خلال انجاز سبر آراء، حيث أن60 % من التونسيين لا يعرفون شيئا عن المعطى الشخصي، وهو ما لا يمكنهم من الدفاع عن حقوقهم خصوصا وأن الهيئة لا يمكنها الدفاع وحدها عن حقوق الاشخاص.  وبالرغم من ذلك إلا أن هذه الثقافة بدأت في التطور شيئا فشيئا، مع تفاعل القضاء نوعا ما، وتحرك عجلة الشكاوى. وبالرغم من ملاحظتنا لعديد الخروقات، إلا أن الهيئة لا تتمتع بحق المخالفة، وإنما تحيل الملفات إلى وكيل الجمهورية، حيث أحلنا اليوم قرابة 80 ملفا على أنظار وكالة الجمهورية منها اثنان أو ثلاثة على الأقل تمت إحالتها على المحكمة.

• ماهي أهم الصعوبات والعراقيل التي تعترض عمل الهيئة؟
الصعوبات تنحصر بالأساس في عدم تمتع الهيئة بصفة المستقلة أو الدستورية، لان القانون المحدث لها لسنة 2004 جاء في نظام بوليسي، وتابعة أيضا للوزارة المختصة بملف حقوق الانسان. وبالرغم من ذلك، إلا أنني لم اقم يوما بارسال رسالة أو عدت إلى الحكومة أو الوزير قبل اتخاذ القرارات، بل عملت كسلطة مستقلة وفي نفس الوقت لم يكن هناك اي تعطيل في العمل، بل حظيت بتجاوب كل الهياكل، خصوصا وأن رئاسة الحكومة واعضاء الحكومة والنواب أيضا بات لهم وعي ودراية بحماية المعطيات لكن العائق الأساسي يكمن في قلة الامكانيات. فالهيئة هي الوحيدة من بين الهيئات التي ليس لها الامكانيات الدنيا للعمل، وما أنجز من أعمال خلال الثلاث السنوات الأخيرة هو عمل شخصي لأعضاء الهيئة، التي تضم إلى الآن 3 أعوان إداريين، 3 عملة أي ان إدارتها تتكون من 6 أشخاص.

كما أن العائق يكمن أيضا على مستوى تركيبة مجلس الهيئة، المتكون حسب القانون من رئيس، قاضي عدلي، قاضي إداري، و12 عضوا غير قارين لا يشاركون سوى في الاجتماعات، لكننا اليوم لدينا أعضاء غير قارين انتهت مدتهم النيابية ولم يتم تعويضهم بالرغم من مطالبتنا بذلك، وأعضاء تغيبوا لأكثر من 3 مرات متتالية وبالتالي سقطت عنهم العضوية، على غرار تقاعد البعض الآخر منهم وفقدوا صفتهم التمثيلية. الهيئة لديها اليوم 7 أعضاء فقط، أي أنه لا يوجد النصاب القانوني لعقد الاجتماعات، حيث تتخذ القرارات عادة من قبل 5 أو 6 أشخاص فقط.

• ألا ترى أن هذه الوضعية موجودة تقريبا في أغلب الهيئات؟
لأنه لا يمكن تركيز هيئات بأعضاء غير قارين، لان العمل يكاد يكون يوميا وكل ساعة، مع ضرورة الأخذ بعين الاعتبار أن الأعضاء غير القارين لديهم مهن أخرى ومشاغل، ولا يمكنهم فهم المسائل التقنية مثل المختصين.

• ماهي أهم انتقاداتكم بالنسبة لمشروع القانون المتعلق بحماية المعطيات الشخصية خصوصا وأن هيئة النفاذ إلى المعلومة لديها بعض الاعتراضات على مستوى حجب المعلومة في علاقة بالمعطيات ؟
أولا لقد استمعت إلينا لجنة الحقوق والحريات بمجلس نواب الشعب رفقة وزير حقوق الانسان بصفتي خبيرا وليس بصفتي رئيسا للهيئة، لكننا اشتغلنا على القانون مع الأعضاء القارين ومع الوزارة. لكن يجب التأكيد على ضرورة الفصل بين حماية المعطيات وحق النفاذ إلى المعلومة، فلا يمكننا اليوم أن نحجب المعلومة بتعلة حماية المعطيات الشخصية من قبل الهياكل العمومية، وهذا الأمر غير موجود في مشروع القانون المذكور، بل موجود في قانون النفاذ إلى المعلومة الذي يحدد الاستثناءات بحجب المعلومة وفي نفس الوقت يسمح بذلك بعد فسخ المعطيات الشخصية للأفراد، وبذلك فإن مشروع قانون المعطيات الشخصية لا دخل له في ذلك. وبخصوص ادعاء هيئة النفاذ إلى المعلومة بأنه لم يتم استشارتها فإن القانون قد تمت صياغته قبل تركيز هيئة النفاذ إلى المعلومة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115