خاص: الباروميتر السياسي لشهر أفريل 2018 التشاؤم يضرب رقمه القياسي منذ بداية الباروميتر

الحكومة نجحت في مقاومة الإرهاب وارساء الأمن وفشلت اقتصاديا واجتماعيا

82٫3 ٪ من التونسيين يعتبرون أن البلاد
تسير في الطريق الخطأ

70٫1 ٪ الوضع المالي العائلي قد ساء مقارنة بالسنة الفارطة

61٫5 ٪ وضع أطفالنا سيكون أسوأ من وضعنا الحالي

الجديد والطاغي في الباروميتر السياسي الذي تنجزه مؤسسة سيغما كونساي بالتعاون مع جريدة «المغرب» هو تحطيم الرقم القياسي في نسبة التشاؤم عند التونسيين والتي بلغت %82.3 هذا الشهر وهي الأرفع منذ أن بدأنا في نشر هذا الباروميتر الشهري السياسي في جانفي 2015 وقد ازدادت بأربع نقاط خلال شهر واحد .. والواضح أن الضبابية السياسية مع احتداد بعض الأزمات الاجتماعية وخاصة ما يجري في المدارس الإعدادية والثانوية كل هذا جعل الأفق تدلهم في عيون الغالبية الساحقة من التونسيين .

عندما تكون نسبة التشاؤم بهذا الارتفاع فذلك يعني أن التشاؤم هو الطاغي على كل الفئات والجهات والأعمار والطبقات الاجتماعية ولكن في نفس الوقت لا يعيش التونسيون هذه الوضعية بنفس الطريقة ..

في سوسيولوجيا التشاؤم
جل جهات البلاد في المستوى الوطني للتشاؤم أو أرفع منه وتصل هذه النسبة إلى ذروتها في الجنوب الشرقي (قابس ومدنين وتطاوين ) بـ%86.2 بينما تصل في الولايات المجاورة في الجنوب الغربي (قفصة وتوزر وقبلي ) إلى %77.3 وتكون الأدنى في ولايات الشمال الغربي (باجة والكاف وجندوبة وسليانة ) بـ%71.2..
الفارق الجندري ليس مرتفعا جدا (اقل من خمس نقاط) وان كانت النساء في الأغلب الأعم ، أكثر تشاؤما من الرجال في المقابل نجد أن الفارق الاجتماعي مهم (10 نقاط) ففي حين تكون الطبقة المرفهة اقل تشاؤما بـ%75 نجد أن هذه النسبة تصل إلى %85.1 عند الطبقة الوسطى العليا أي عند الإطارات وأصحاب المهن الحرة والجامعيين ..وهذا مؤشر على غاية من الأهمية إذ جل نخب البلاد تنحدر من هذه الطبقة بالذات ..

اللافت للنظر في هذا الباروميتر هو أن فئة الشباب (18 - 25 سنة) لم تعد هي الأكثر تشاؤما اذ بزّتها هذه المرة فئة شباب الكهول (35-31 سنة) بـ%89.1 بينما حافظ الكهول (59-51 سنة) على أدنى نسبة من التشاؤم بـ %72.2 فقط..
يبدو أن الأميين هم وحدهم ، تقريبا ، الأقل تشاؤما في البلاد إذ لا تبلغ عندهم هذه النسبة سوى %55 بينما تتجاوز %80 في بقية الأصناف المعرفية
وهكذا يكون نموذج التونسي المتشائم هو امرأة من شباب / الكهول ذات مستوى تعليم جامعي ومن ولايات الجنوب الشرقي بينما يكون نموذج المتفائل هو رجل كهل أمّي من سكان الشمال الغربي

تقييم التونسي للأوضاع العامة
كما هو متوقع فقد اثر المناخ العام من التشاؤم على تقييم التونسيين للأوضاع العامة للبلاد وعلى أوضاعهم الخاصة كذلك ..
عندما يسأل أفراد العينة عن تقييم وضع أسرتهم المالي مقارنة بالسنة الفارطة يؤكد %70.1 بأن وضعهم قد ازداد سوءا وقد ارتفعت هذه النسبة بست نقاط كاملة خلال شهر واحد. بينما لا يرى سوى %9.9 أن وضع أسرتهم قد تحسن . أما عندما نسأل التونسيين حول توقعاتهم للسنة القادمة فنلاحظ على عكس الشهر الفارط غلبة نسبية للتشاؤم إذ يتوقع ثلث العينة (%33.7) بأن الوضع سيتحسن في السنة القادمة مقابل %39.9 يرون أنّه سيزداد سوءا ..

وينعكس هنا التشاؤم كذلك على نظرة التونسي لمستقبل الأجيال القادمة اذ يرى حوالي الثلثين (%61.5) انه سيكون أسوأ من الوضع الحالي وقد ازدادت هذه النسبة بثلاث نقاط خلال هذا الشهر ..
يعتقد التونسي منذ بضع سنوات أن الوضع الأمني جيد (%79.5) ولكن الوضع الاجتماعي سيء لثلاثة أرباع العينة (%75.6) أما الوضع الاقتصادي فهو سيء بصفة تكاد تكون إجماعية (%89.2)

في نجاحات الحكومة وإخفاقاتها وأولوياتها
ينتج عن الملاحظة السابقة تقدير التونسيين بان الحكومة الحالية قد حققت نجاحات هامة في مكافحة الإرهاب وفي إرساء الأمن ولكنها أخفقت في كل الملفات الاقتصادية والاجتماعية والتنموية..
يعتقد أكثر من تسعة تونسيين من أصل عشرة أن الحكومة قد أخفقت في تحسين ظروف العيش والحد من غلاء المعيشة (%92) كما أنها أخفقت في إصلاح التعليم (%91) ولاشك أن الظروف الخاصة جدا التي تعيشها العائلات التونسية بعد قرار نقابة التعليم الثانوي حجب الأعداد ثم الدخول في إضراب مفتوح (وكان ذلك إبان إعداد هذا التحقيق الميداني) هو الذي يفسر هذه النسبة المرتفعة جدا ..

وهذا التقييم هو الذي يملي ترتيب الأولويات الحكومية حسب وجهة نظر التونسيين ..من بين الأولويات العشر المقترحة على العينة إذ تبرز خمس أوليات أساسية ومتقاربة من حيث النتيجة ..الحد من غلاء المعيشة ومكافحة الفساد وتحسين الاقتصاد وإصلاح التعليم والحد من البطالة ..
أولوية تحسين ظروف العيش والحد من غلاء المعيشة الأول وطنيا يأتي في الصدارة في جهتين فقط : الوسط الشرقي (سوسة والمنستير والمهدية ) وصفاقس بينما تأتي أولوية مكافحة الفساد في المرتبة الأولى في تونس الكبرى وفي الجنوب الشرقي أما تحسين الاقتصاد فهو الأول في الشمال الشرقي (بنزرت وزغوان ونابل ) والجنوب الغربي في حين تحتل مسألة الحد من البطالة الاهتمام الأول في الشمال الغربي وفي الوسط الغربي (القصرين وسيدي بوزيد)..
وما يلفت النظر هنا هو احتلال أولوية مكافحة الفساد الصدارة عند الطبقة المرفهة بـ %34.6 أي أكثر من ضعف المعدل الوطني في حين نرى اهتماما خاصا عن شباب الكهول (35-31 سنة) بتحسين ظروف العيش والحد من غلاء المعيشة ..

ثقة التونسي في المؤسسات والهياكل السياسية
هنالك ثوابت ومتغيرات في جدول ثقة التونسي في المؤسسات والهياكل ..
ومن هذه الثوابت الأساسية الثقة الاجماعية في الجيش الوطني بـ %98 منها %89 ثقة عالية جدّا والثقة الكبيرة في الأمن بـ %86 منها %49 من الثقة العالية جدّا ..
الثابت الجديد هو الثقة الهامة نسبيا في هيئة مكافحة الفساد بـ %64 منها %30 من الثقة الكبيرة جدّا .. ومن الثوابت أيضا شبه انعدام الثقة في مجلس نواب الشعب بـ%25 من الثقة منها %7 فقط من الثقة العالية و%16 للأحزاب السياسية منها %3 من الثقة العالية.

أمّا المتغيرات فهي تراجع الجمعيات والإعلام والحكومة ورجال الدين من نقطتين إلى خمس نقاط أما النقابات فقد فقدت في شهر واحد سبع نقاط كاملة لتحتل بذلك المرتبة الحادية عشرة ..والواضح أن أزمة التعليم الثانوي قد مرت من هنا..
والطريف هنا ان الحكومة ورئاسة الجمهورية وهيئة الحقيقة والكرامة تحظى تقريبا بنفس نسبة الثقة (%50 لرأسي السلطة التنفيذية و%48 لهيئة الحقيقة والكرامة ) بما يؤكد بوضوح انقسام الرأي العام حول مسار العدالة الانتقالية برمته ..
هذه هي الوضعية النفسية للتونسيين ونحن على بعد ايام قليلة من انتخابات يأمل الجميع في قدرتها على إعادة الآمل.. ولكن ذلك ،كما تلاحظون، لن يكون أمرا سهلا ..

الجذاذة التقنية للدراسة
العينة : عينة ممثلة للسكان في الوسط الحضري والريفي مكونة من 716 تونسيا تتراوح أعمارهم بين 18 سنة وأكثر.
تم تصميم العينة وفق طريقة الحصص (Quotas) حسب الفئة العمرية ، الولاية ، الوسط الحضري أو الريفي.
طريقة جمع البيانات : بالهاتــــــف

CATI (Computer Assisted Telephone Interviewing ,Call-Center)
نسبة الخطأ القصوى : 4 %
تاريخ الدراسة : من 18 افريل 2018 الى 22 افريل 2018

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115