فضيحة «كامبريدج أناليتيكا»/ تسريب المعطيات والتلاعب بالناخبين: جدل لا يعني التونسيين، والهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية تقرّ بعجزها

لا شيء يوحي في تونس ان فضيحة « كامبريدج أناليتيكا» لفتت الانتباه، على الأقل إن تعلق الأمر بالمستوى الرسمي، كأن الأمر لا يعني أحدا، وكأن الفضيحة

المتمثلة في توجيه الناخبين من قبل شركة كامبريدج في كل من الولايات المتحدة وبريطانيا لا تدفع إلى التساؤل إن كان الأمر وقع في تونس، او تدفع الى تعزيز الإجراءات الوقائية.

لم يجد رئيس الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية شوقي قداس، غير الاعلان عن عجز هيئته عن القيام باية اجراءات وقائية او ردعية، ان تعلق الامر بما اثير من مخاوف عن بيع المعطيات الشخصية لمستعملي الفايسبوك لجهات ثالثة بهدف استعمالها والتأثير عليهم.

معطيات كشف عنها في ما يعرف اليوم بفضيحة «كامبريدج اناليتيكا»، واعتبرها رئيس الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية امرا ثابتا وواقعا على الجميع التعامل معه، من ذلك ان التلاعب بالمعطيات ومستعملي الشبكة ليس حكرا على دول دون غيرها، فوفق قداس، الامر شمل كل الدول.

فعدم توفير ضمانات حماية المعطيات الشخصية، خطأ اقر به مؤسس الفايسبوك ومديره التنفيذي، وهو ما سبق ونبهت اليه الهيئة وفق رئيسها في بيانات عديدة، والتنبيه او التوعية هي الحدود القصوى للهيئة، وفق رئيسها فلا إمكانيات للهيئة لفتح تحقيق للوقوف على إمكانية تلاعب شركات مختصة وتوجيه التونسيين.

العجز يشمل القدرة على الوقاية من تكرار تسريب المعطيات الخاصة او التلاعب بالراي العام، في ظل استخدام الهياكل الحكومية للشبكة بطريقة غير آمنة كما اشار قداس، الذي اعلن ان الهيئة تناقش اليوم مسالة استغنائها عن صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي الاشهر عالميا.

هذا هو التفاعل الرسمي والوحيد من قبل أي هيكل رسمي او شبه رسمي في تونس مع فضيحة هزت الراي العام الدولي ودفعت بدول كالولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا الى المسارعة باستدعاء المدير التنفيذي لفايسبوك للمثول امام لجان برلمانية لاستجوابه.

مارك زوكربيرج الذي رفض الانصياع لطلب مجلس العموم البريطاني مثل امس واليوم امام لجنة التجارة بالكونغرس ومجلس الشيوخ، للاستماع إليه في ملف تسريب معلومات خاصة باكثر من 50 مليون مستخدم للشبكة في الولايات المتحدة الأمريكية، والتلاعب بهذه الحسابات لدعم حملة دونلد ترامب في الانتخابات الرئاسية في 2016. لكن هنا في تونس، لا اثر لهذه الفضيحة على الإطلاق، كان الأمر لا يعني أحدا.

ما الذي يجب ان تعلمه عن الفضيحة؟
كريستوفر ويلى، اسم جديد يضاف الى قائمة «نافخي الصفارة»، بعد ان كشف فضيحة «كامبريدج أناليتيكا»، وهي الشركة التي كان يشتغل بها كمحلل للبيانات. دور ويلي تمثل في كشف كيف تم تسريب بيانات شخصية لمستخدمي «الفيسبوك»، رجح ان عددهم يتجاوز بكثير 87 مليون مستخدم، وهو الرقم الذي أقرته إدارة فايسبوك.

اطوار الفضيحة تعود الى ما وفره تحقيق بثت قناة «شانل فور نيوز» من معطيات من بينها اعتراف المدير العام لشركة «كامبريديج اناليتيكا» ألكسندر نيكس عن اساليب شركته في توجيه الناخبين في اجتماع مع وسيط سريلانكي يريد دعم مرشحين في انتخابات.

هذا الوسيط كان في الأصل صحفيا تنكر لإيقاع الشركة البريطانية التي تعمل في مجال جمع البيانات وتحليلها، ومساعدة السياسيين في الحملات الانتخابية، على غرار ما قدمته من خدمات لحملة الرئيس الأمريكي دونلد ترامب ومن قبل قدمت خدمات في حملة الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

شركة كامبريدج أناليتيكا التابعة لشركة «أس سي أل سوشيال ليمتد/ SCL SOCIAL LIMITED»، عملتا وفق اعترافات مسؤوليها في التحقيق الصحفي في الكثير من بلدان العالم الثالث، حيث تدخلت الشركة في ادارة حملات انتخابية في نحو 200 دولة، من بينها الولايات المتحدة الأمريكية حيث ساهمت في أكثر من أربعين حملة انتخابية، بين انتخابات الكونجرس والرئاسية.

تدخل الشركة في الانتخابات الأمريكية واستعمال ملايين من حساب مستخدمي الفيسبوك دون علمهم، الى ان وقع الكشف عن الفضيحة بظهور كبار ممثلي الشركة في مقطع مصور، من بينهم الرئيس التنفيذي للشركة ألكسندر نيكس الذي اعترف باستخدام حيل غير أخلاقية في الحملات الانتخابية، مثل نشر تقارير كاذبة على الإنترنت، وإنشاء مؤسسات وهمية ومواقع إلكترونية لجمع البيانات.

فضيحة بحجم ثقيل أجبرت إدارة الفايسبوك على الخروج لتعتذر لمستخدمي الشبكة، بعد التنصل من المسؤولية والبحث عن أكباش فداء خلال الاسبوع الفارط. قبل ان يتضح ان الفايسبوك على علم بتسريب المعطيات الشخصية لمستخدميه، بل انه يسمح بذلك ويوفر بدوره معطيات عن مستخدميه للمستشهرين، وما الشركة البريطانية الا قمة جبل الجليد.

الحل الذي ارتآه مارك زوكربيرج الرئيس التنفيذي لشركة فايسبوك، كان الاعتذار بشكل متكرر عن تورط شركته فى الفضيحة فى المقابلات التلفزيونية وكذلك إعلانات الصحف ووافق على الشهادة أمام الكونجرس امس الثلاثاء للإجابة عن أسئلة حول كيفية حماية بيانات أكثر من ملياري مستخدم.

زوكربيرج الذي تمثل اعتذاره في القول «لقد كان خطأي، وأنا آسف، لكن من الواضح الآن أننا لم نفعل ما فيه الكفاية لمنع استخدام هذه الأدوات بالضرر أيضًا»، مع الوعد بالرفع من مستوى حماية المعطيات والحدّ من الأخبار الزائفة، وخطاب الكراهية، وكذلك قدرة أطراف أخرى على ولوج الحسابات وانتهاك خصوصية البيانات.

جبل يتضح انه شاهق، ففي خضم الانتقادات الحادة للشبكة وتراجع قيمتها السوقية باكثر من 50 مليار دولار، حوالي 150 مليار دينار تونسي، بسبب اختراقها الخصوصية وبيع بيانات المستخدمين، كشفت فضيحة جديدة تتمثل في اطلاع الفايسبوك اليا على اية رسالة توجه عبر تطبيق ماسنجر (رسالة نصيّة، رابط، صورة، فيديو).

اعتراف جاء على لسان مديرها التنفيذي مارك، الذي اراد ان ينفي عن منصته تهمة التشجيع على بث الكراهية والعنف، فاعترف بالاطلاع على مضمون الرسائل بهدف التأكد من أنه يطابق معايير الفايس، بل اعترف أنه يقع حذف أية رسائل تخالف سياسات استخدام الموقع.

اعترافات نشرت في المقابلة التي أجراها مؤسس فيسبوك مارك زوكربيرج مع موقع «Vox» الأمريكي، والذي قال فيها إن الشركة تدخلت لإيقاف بعض الرسائل الحساسة على تطبيق «ميسنجر» والتي كانت تتعلّق بالصراع الدائر في ميانمار.

لكن رغم كل هذه الفضائح التي ليست الاولى، لا شيء تغير في تعاطي التونسيين مع شبكة الفايسبوك والامر لا يقتصر على الاشخاص بل هياكل الدولة التي تستعمل المنصة الافتراضية بشكل مفرط هذه الايام، كما الاحزاب التي تعتبرها منصة هامة للترويج في ظل استعداد البلاد لانطلاق حملة الانتخابات البلدية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115