الطبوبي للشاهد في تصعيد متجدد من الحمامات: «لن نبقى في البكاء والعويل.. نريد مسؤولا قادرا على التحدي والاتحاد هو القاطرة التي تقود»

• الطبوبي.. «رئيس الجمهورية أكد لي أن المؤسسات العمومية ليست للبيع»

بات جليا اليوم للعيان أن الصدام بين الاتحاد العام التونسي للشغل والحكومة قد بلغ مرحلة بالغة الخطورة، تجعل من كل كلمة يصدح بها سواء الأمين العام للاتحاد نور الدين الطبوبي أو رئيس الحكومة يوسف الشاهد هي بمثابة التصعيد في اتجاه «الحرب»، تصريحات تصعيدية غير مسبوقة انخرط فيها الطرفان وزادت في توتير الأجواء مما يجعل عودة الود بينهما مستحيلة لاسيما وأن الحرب باتت معلنة ولن تقتصر على الكلام بل سيترجمها اتحاد الشغل إلى معركة حقيقية عبر النزول إلى الشارع وتنظيم تجمع ضخم اليوم في سوسة من أجل الردّ «المزلزل» على كل الحملات التي تستهدف الاتحاد وكذلك القطاع العام.

تطور الأحداث في الأزمة بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل والتي كانت من بين أسبابها الرئيسية التفويت في المؤسسات العمومية، جعل رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي يدخل على الخط، حيث التقى أمس الامين العام للاتحاد نور الدين الطبوبي وحسب ما جاء على الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية، فإن هذا اللقاء تناول في العمق الأوضاع العامة للبلاد وخاصة الإشكاليات الراهنة، وتم التأكيد على الإرادة المشتركة للتوفّق إلى الحلول الكفيلة بإصلاح الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية ودفعها نحو الأفضل وإعطاء إشارات إيجابية ورسائل طمأنة في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها البلاد.

الاتحاد سيواصل الضغط الايجابي
نور الدين الطبوبي أكد على هامش انعقاد المؤتمر الـ23 للجامعة العامة لعمال المناجم بالحمامات أمس أن رئيس الجمهورية أكد له أن المؤسسات العمومية ليست للبيع وأنه يعرف جيدا قيمة القطاع العام فقد تربى في الدولة ويفهم جيدا قيمتها وبذلك ليس هناك أي تفويت في القطاع العام، واعتبر أن المسؤولية مشتركة للتوصل إلى حلول منطقية لتفادي الإشكاليات التي تعيشها بعض المؤسسات خاصة أن التفويت فيها ليس حلا للخروج من الأزمة، فهو مع الإصلاح وليس مع البيع. ليشدد الطبوبي خلال كلمته على أن المعركة أصبحت معركة اجتماعية من أجل مصلحة البلاد والاتحاد لها وسيواصل الضغط الايجابي والنضال وسيبقى دائما الصوت المرتفع في كل المحطات من اجل التوصل إلى حلول وإصلاح هذه المؤسسات وتحقيق

المردودية الايجابية لها. هذا وتابع الأمين العام هجومه على الشاهد بقوله «العزوزة هززها الواد ويقولوا العام صابة.. والعبرة ليس في ما يقدم في مجلس نواب الشعب من كلام إنشائي بل العبرة بالنتائج ولهذا أقول أكثر من أي وقت مضى آن الأوان للاستفاقة من الغيبوبة والتجند لصناعة ربيع تونس وإيجاد الخيارات الاقتصادية».

الأمين العام للمنظمة الشغيلة أكد أيضا أنّ اتحاد الشغل لا يستهدف أحدا عند نقده الأداء الحكومي، وأنّ تصريحاته جاءت بعد انزلاق الدينار وتداعياته على القدرة الشرائية وعجز الميزان التجاري وتصنيفات تونس الأخيرة ، وكرر تصريحاته كون الاتحاد لن يزاحم أحدا في المواقع السياسية وليس له أي مطامع في الكراسي، مشيرا إلى أن الاتحاد دق فقط نواقيس الخطر خلال مؤتمر الاتحاد الجهوي للشغل بسيدي بوزيد ودعا إلى ضرورة ضخ دماء جديدة في مفاصل الدولة والحكومة والابتعاد عن المحاصصات السياسية وللاتحاد فلسفته في هذا الشأن، فهو ليس ضدّ الأحزاب السياسية ولا ضدّ الديمقراطية ولكن يريد خلال هذه الفترة الانتقالية الصعبة للغاية التوصل إلى توافقات حول الخيارات الكبرى ولن يعطي البلاد كي يفصلوها كما يريدون، حسب تعبيره. وأضاف أن «الاتحاد سيستبسل في الدفاع عنها أحب من أحب وكره من كره..» فالاتحاد تقدّمي في أفكاره ووطني في ممارسته لن يقوده أحد، فهو القاطرة التي تقود ويتقاطع مع كل من يتقاطع معه في المبادئ والثوابت الأساسية، فهو قادر على إدارة الأزمات وإعداد الملفات، هذا ما تعلمه في مدرسة حشاد، ولن يقبل إلاّ بالحوار المسؤول».

«البلاد أصبحت على الحديدة..»
وبين من ناحية أخرى أن المسؤول الناجح مطالب بتحقيق النتائج والانجازات وليس البحث في الأسباب، والاتحاد لا يساوم ولا يجادل إذا تعلق الأمر بمصلحة الشعب ومن يريد إخفاء فشله الذريع فإن كل الأرقام والمؤشرات تدل على أن «البلاد أصبحت على الحديدة وقالها رئيس الجمهورية وكل الخبراء» ولكن الاتحاد لن يقبل بذلك ولن يكون شاهد زور ورئيس الحكومة قالها في البرلمان بأنه لن يكون شاهد زور.. لقد تركنا له هذا الشعار ونريده ألا يكون شاهد زور..فالمسؤول الشاطر والناجح هو مطالب بالنتائج، «أما أن نبقى في البكاء والعويل فهذا لن يكون بالمرة..نريد مسؤولا له إرادة وقدرة على التحدي والإلمام بمشاغل وتعقيدات الدولة ، فتونس ليست مخبر تجارب».

وتابع الطبوبي قوله ‹›لن نقبل بحوار التخاذل والي باش يعديها علينا مازالت ما جبتوش آمو لأنّ الحيلة في ترك الحيل ...يتحاوروا معانا على الإصلاح من جهة ويسمسروا مع الناس الكل يبيعو ويشريوا في المؤسسات...ونحن نقول ونكرر 70 ألف خط أحمر أمام بيع المؤسسات العمومية، صرحت بها في كل المحطات وسأكررها ولن نعيد تجربة 1990..تونس لن تكون للبيع والشاطر الحقيقي هو الذي يجد الحلول». كما تحدث الطبوبي عن الانتخابات البلدية القادمة وشدد على أن الاتحاد هو أكثر طرف حريص على نجاح المحطات الانتخابية القادمة وإجرائها في موعدها ودعا إلى الإقبال المكثف لإنجاح تلك المحطة واختيار الأسماء المناسبة وفي الأمكنة المناسبة. هذا وتطرق إلى أزمة التعليم الثانوي وبين أن الحكومة توظف ملف المربين للتغطية عن فشلها، وشدد على ضرورة عدم تهويل تحركات الأساتذة أكثر مما تستوجب، وتطرق أيضا إلى مساندة الاتحاد للحرب على الفساد ولكن يجب أن تكون مبنية على معطيات حقيقية وألا تكون انتقائية، فالفساد موجود في الصفقات والسماسرة والمستثمرين والاتحاد يقول للشاهد «إلي يحب يكنس يكنس قدام دارو».

معهد الإحصاء غير محايد
خلال حديثه عن الأرقام ، وجه الطبوبي انتقادات إلى المعهد الوطني للإحصاء كونه مؤسسة غير محايدة وهو يتحمل المسؤولية في قوله، والاتحاد يريد أن تكون هذه المؤسسة مستقلة وبعيدة عن التجاذبات السياسية وتقدم أرقاما حقيقية، ليشدد في ختام كلمته على أن الاتحاد سيظل جبهة موحدة ولن ينجح أحد في اختراقه وسيكون صوته مرتفعا وعاليا يدافع عن مصلحة البلاد.

يبدو أن خطاب رئيس الحكومة في البرلمان أمس زاد في تعقيد الوضع ومزيد توتير العلاقة بين الرجلين ويمكن القول بأنها وصلت إلى القطيعة، فالشاهد في خطابه أمس قال «لسنا مستعدين لمعاينة تواصل تدهور وضعية الصناديق الاجتماعية والمؤسسات العمومية وسنواصل الإصلاح ولن اقبل لمجرد الحفاظ على موقعي أن أكون شاهد زور ولن اقبل بتأجيل الإصلاحات إلى ما لانهاية واطلب من الجميع وضع المصلحة العليا نصب أعينهم وأن يتم التوافق على الإصلاح..وضعية المالية العمومية لم تعد تحتمل مؤسسات عمومية في قطاعات تنافسية تعيش بدعم الدولة أو تقترض بضمان الدولة وقد وصلت الخسائر المتراكمة للمؤسسات العمومية إلى 6500 مليون دينار ومن الأجدر أن تضخ الأموال العمومية في ميزانية التنمية و بناء المساكن الاجتماعية وتطوير المنظومة الصحية وفي التعليم والتكوين المهني والجهات الداخلية..»

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115