بعد سبع سنوات تنسحب: وداد بوشماوي «عرفة» الأعراف...

لكل شيء مواقيت، وقليلون هم من يحسنون التعامل معها كوداد بوشماوي التي اختارت أن تغادر رئاسة منظمة الأعراف

وهي في أوجها بعد أن تقلدت الرئاسة في فترة عاصفة وذلك بعد إجبار الهادي الجيلاني في فيفري 2011 على الاستقالة لعلاقاته مع النظام السابق، لتكون أول امرأة تتولى قيادة اتحاد الأعراف الذي يضمّ رجال الأعمال في مختلف القطاعات من الصناعة إلى التجارة والخدمات والمهن والحرف والصناعات التقليدية، فوداد بوشماوي القادمة من عالم المال والأعمال لعالم السياسة المتقلب تمكنت من أن تمسك بزمام الأمور وأوراق اللعب طيلة 7 سنوات، أي منذ توليها الرئاسة.

7 سنوات مرت بها بوشماوي والمنظمة على حدّ السواء بعواصف ومحطات صعبة، وقع تجاوزها تباعا، لتصل المنظمة ورئيستها إلي أوج إشعاعها وطنيا وعالميا، ويقترن اسم وداد بالمنظمة التي قادتها في سنواتها الصعبة العجاف، حتى أن العديد لقبوها بالمرأة الحديدية لقدرتها على قيادة أكبر منظمة لأرباب العمل في البلاد، نجاح مكنها من الحصول على جوائز وتكريمات ناهيك عن الدور الأساسي الذي لعبته صلب الحوار الوطني رفقة حسين العباسي وعبد الستار بن موسى ومحمد الفاضل محفوظ.

وداد بوشماوي هي أصيلة بوشمة من ولاية قابس حاصلة على شهادة الدراسات العليا المتخصصة في التجارة الدولية والتسويق، تقلدت منصب رئاسة اتحاد الأعراف بعد الثورة ثمّ أعيد انتخابها في جانفي 2013 لتفوز بولاية أولى دامت 5 سنوات لتقرر في مؤتمر أمس عدم الترشح لولاية ثانية ولئن نفت وجود ضغوطات وراء قرارها وأكدت أن قرارها كان لأسباب شخصية عائلية، فإن بعض المصادر أكدتها ورفضت الدخول في التفاصيل، 5 سنوات عرفت فيها وداد بوشماوي العديد من الصعوبات والهزات لكنها تمكنت من أن تعطي صورة ايجابية للمرأة التونسية والعربية بصفة عامة وأن تزيد في إشعاع منظمة الأعراف وإعطائها صورة مخالفة لما كانت عليه في النظام السابق والدفع بالاستثمار في القطاع الخاص في الداخل وفي الخارج إلى جانب نجاحها في حلحلة العديد من المشاكل وتفادي عدة إضرابات عامة في عدد من القطاعات في علاقة بالزيادة في الأجور وفي نفس الوقت واصلت دفاعها بكل قوة عن المؤسسات الاقتصادية، فكما يقول العديد، هي الصوت المدافع عن المؤسسات لدى الحكومة وكذلك لدى الاتحاد العام التونسي للشغل، حتى أنها هددت بالانسحاب من وثيقة قرطاج وتنفيذ إضراب عام بسبب الإجراءات المتخذة في قانون المالية والتي اعتبرتها تهديدا لديمومة هذه المؤسسات.

فرضت وداد بوشماوي نفسها في الساحة وأظهرت قدرتها على اللعب بالأوراق والمسك بزمام الأمور بالرغم من الانتقادات والاتهامات الموجهة ضدها واستطاعت أن تنال شرعية قوية ليتم في سنة 2013 اختيارها أفضل سيدة أعمال في الوطن العربي وفي سنة 2014 تحصلت على جائزة مؤسسة الأعمال التجارية للسلام، كما تمّ تكريمها من قبل الشبكة الديمقراطية في حفلها السنوي في مارس 2016 ضمن احتفالات الشبكة بيوم المرأة العالمي، وقد قال رئيس المعهد الجمهوري الدولي مارك غرين حينها «انه لا يمكن بناء نظام ديمقراطي على حساب نصف الأمة، وما حدث مع بوشماوي في تونس علمنا مرة أخرى ماذا يمكن للعالم أن يخسر عندما يرفض الاستماع لأصوات النساء.» هذا وتمّ اختيارها ضمن قائمة الخمسين امرأة الأكثر نفوذا وتأثيرا في القارة الإفريقية اللواتي تنتمين لمجالات مختلفة أهمها السياسة والمال والفنون والمجتمع المدني والمؤسسات والإعلام والصحة، قائمة نشرتها مجلة «جون أفريك».

بوشماوي لعبت أيضا دورا أساسيا في الحوار الوطني بين نهاية 2013 وبداية 2014 والذي حسب تصريح لها خلال المؤتمر مكن البلاد من تجاوز أزمتها السياسية الخانقة بالمصادقة على دستور جديد وتنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية نزيهة والشروع في بناء المؤسسات والهيئات الدستورية. حوار وطني جعل تونس محط أنظار كل العالم، ومكنها من نيل جائزة نوبل للسلام سنة 2015. حوار كرس كأبهى ما يكون معاني التوافق والتعايش السلمي التي عرف بها شعبنا.. حوار أبرز الدور الذي يمكن أن تلعبه منظمات المجتمع المدني حين تكون البلاد في خطر.

بوشماوي ما فتئت تطلق صيحات الفزع من الوضع الاقتصادي ونبهت إلى أن الوضع يسوء بشكل ينذر بالخطر ما لم يتم التسريع باتخاذ الإصلاحات الضرورية، مؤشرات اقتصادية في أدنى مستوياتها، اختلال في التوازنات المالية الكبرى وتفاقم العجز التجاري وانهيار الدينار وتزايد التداين الخارجي وتعمق العجز المالي للمؤسسات العمومية التي تكلف المجموعة الوطنية خسائر كبرى وتفشي التجارة الموازية والتهريب و العجز المتزايد للصناديق الاجتماعية، ناقوس خطر دقته في كل المؤتمرات الجهوية، 24 مؤتمرا، لتعيد دقه في كلمتها الافتتاحية في المؤتمر الوطني ولتشدد على أن المنظمة قدمت على امتداد السنوات الأخيرة أكثر من مبادرة للإصلاح ولإنعاش الاقتصاد، كان آخرها خطة للخروج من الأزمة في إطار تقديم رؤيتها لتوجهات قانون المالية لسنة 2018 وقبلها مساهمتها في بلورة محتوى وثيقة اتفاق قرطاج، ولكن وفق تعبيرها للأسف لم تلق التجاوب المطلوب من الحكومات المتعاقبة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115