الذكرى السابعة لثورة 14 جانفي على وقع الاحتقان والمسيرات الغاضبة: هل يطفئ مشروع الأمان الاجتماعي لحكومة الشاهد لهيب الاحتجاجات ضدّ الزيادات في الأسعار؟

تحيي تونس اليوم الذكرى السابعة لأحداث ثورة 14 جانفي 2011، ذكرى تزامنت ككل سنة مع الاحتجاجات والتحركات الاحتجاجية

بعدد من المدن، ولئن عرفت الاحتجاجات الأخيرة أعمال شغب وتخريب ونهب، فإن سببها كان الاحتجاج على الزيادة في الأسعار وتواصل التهميش والفقر، وبالرغم من مضي 7 سنوات عن الثورة فإن الكثير من الوعود لم تتحقق وعلى رأسها التنمية والتشغيل، ليتم إحياء هذه الذكرى مثل سابقاتها على وقع الاحتقان والمسيرات الغاضبة.
ماذا تحقق على الصعيد الاجتماعي خلال 7 سنوات في ظل تعاقب 8 حكومات، هو السؤال الذي بات يطرح اليوم وهل أن الإجراءات التي سارعت الحكومة الحالية باتخاذها في إشارة إلى مشروع الأمان الاجتماعي الذي سيضمن دخلا أدنى لكل عائلة، والتغطية الصحية الشاملة والسكن اللائق، قادرة على إطفاء لهيب الاحتجاجات وامتصاص حالة الغضب والاحتقان الموجودة أم أن الوضع سيزداد سوءا.

إرساء الأرضية للحماية الاجتماعية
وزير الشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي عدّد في تصريحه لـ«المغرب» الإجراءات التي قامت بها الحكومة طيلة سنة كاملة وبالتحديد منذ الذكرى السادسة لثورة 14 جانفي من الجانب الاجتماعي، إجراءات لا تخص فقط الطبقات الضعيفة بل المتوسطة وأهمها مشروع الأمان الاجتماعي الذي جاء بعد سلسلة من النقاشات المطولة حتى قبل قانون المالية لسنة 2018، مشروع سيتم بمقتضاه إعادة تحيين خارطة الفقر وإرساء الأرضية للحماية الاجتماعية والترفيع في منحة العائلات المعوزة ومحدودة الدخل، وهذا الإجراء قد تم تبويبه في الميزانية، مشيرا إلى أن 250 ألف عائلة تتمتع بهذه المنحة المتراوحة بين 150 و180 دينار حسب عدد الأطفال «المتمدرسين» في كل عائلة، مع 10 دنانير على كل طفل، معدل 3 أطفال، مع التمتع بالعلاج المجاني والحكومة بصدد دارسة السيناريو المناسب للترفيع في هذه المنحة وكيفية توفير موارده خاصة وأنها قد اعتمدت على بعض الفصول في قانون المالية ولكن تمّ إسقاطها على مستوى مجلس نواب الشعب على غرار النظام التقديري حتى أن الترفيع في الأداء على التوريد جزء كبير منه سيخصص للتدخلات الاجتماعية.

إجراءات لفائدة الطبقات الضعيفة وكذلك المتوسطة
كما أضاف وزير الشؤون الاجتماعية أن العديد من الإجراءات سيتم اتخاذها لفائدة الطبقات الضعيفة منها الترفيع في الجراية الدنيا وهذا الإجراء سيكلف الدولة الكثير لكن لا بدّ من القيام به، وفق الوزير ناهيك عن الإجراءات المتخذة لفائدة الطبقات المتوسطة على سبيل الذكر الإجراء الجبائي الذي تمّ اتخاذه السنة الفارطة ذات العلاقة بإعادة النظر في الجباية على الأجراء وإجراءات أخرى تخص السكن الأول بتمويل 200 مليون دينار مع فتح المفاوضات للزيادة في الأجور علما وأن عدد الموظفين العموميين ارتفع من 370 ألف موظف سنة 2010 إلى 632 ألف موظف حاليا و89 ألف عمال في الحضائر وحوالي 5 آلاف عامل بين الآلية 16 والآلية 20 و27 ألف عامل ضمن جمعيات البيئة والغراسة، أجورهم تدفعها الدولة إضافة إلى ما تمّ انتدابه في بعض المؤسسات العمومية. وبالنسبة إلى العائلات المعوزة، البالغ عددها 250 ألف عائلة، ومحدودة الدخل البالغ عددهم 630 ألف عائلة، فإن العديد من الإجراءات متخذة لفائدتهم ولكن احتقان المناخ الاجتماعي وارتفاع وتيرة الاحتجاجات قد عجل بالإعلان عنها رغم أن الحكومة كانت ترغب في العمل بأريحية، فمشروع الأمان الاجتماعي والذي هو عبارة عن أرضية الدنيا للحماية الاجتماعية يعتمد على 3 آليات وقد قدمت الوزارة مشروع قانون الأمان منذ شهر نوفمبر إلى مجلس نواب الشعب قبل اندلاع الاحتجاجات الاجتماعية ومن المنتظر أن ينطلق في مناقشته في القريب العاجل ، أولا ضمان دخل أدنى حسب إمكانيات الدولة لكل عائلة، ثانيا ضمان التغطية الصحية الشاملة وثالثا المساعدة على توفير السكن اللائق، 3 أهداف رسمتها الحكومة على أن يتم تحقيقها نهاية المخطط الخماسي، وقد انطلقت في تفعيل بعض الإجراءات.

حملة الفساد وفرت لخزينة الدولة 1000 مليون دينار
الوزير تحدث أيضا عن التحركات الاحتجاجية التي شهدتها البلاد خلال السنة الفارطة، أكثر من 10 آلاف تحرك احتجاجي، وأشار إلى أن الدولة قد تدخلت بالحوار في كل هذه التحركات وصيغ العديد من محاضر الاتفاق في قرقنة وتطاوين ومدنين وبن قردان وقبلي والعديد من الولايات التي توجهت إليها الحكومة وتحاورت فيها مع المحتجين وعدم إتباع سياسة النعامة وتمّ حلحلة العديد والعديد من الإشكاليات والمشاكل وإزالة العوائق التي حالت دون انجاز عدة مشاريع، ليشدد على أن الحكومة أيضا اتخذت العديد من الإجراءات ضدّ بارونات الفساد عبر الحملة التي أطلقتها منذ أشهر لمحاربة الفساد والمهربين والمحتكرين، مشددا على أن هذه الحملة قد وفرت لخزينة الدولة 1000 مليون دينار بين الخطايا والحجز، بعضها دخل الخزينة والبعض الآخر مازال في طور القضاء واستكمال بعض الإجراءات، والحملة مازالت متواصلة.

إصلاح أنظمة الضمان الاجتماعي
الحكومة أيضا قامت السنة الفارطة حسب الطرابلسي بمراجعة الأجر الأدنى المضمون إلى جانب التوافقات حول إصلاح أنظمة الضمان الاجتماعي ومن المنتظر أن يتم توقيعه في قادم الأيام، والاتفاق هو عبارة عن حزمة من الإجراءات ذات العلاقة بعملية الإصلاح على غرار إحداث المساهمة التضامنية الاجتماعية ومراجعة سن التقاعد، وهناك اتفاق مبدئي على الترفيع بسنتين بصفة إجبارية و3 سنوات بصفة اختيارية إضافة إلى تنويع مصادر التمويل ومراجعة المساهمات وتحسين الجرايات الدنيا.

إحداث الشرطة الجبائية
الوزير تطرق أيضا إلى المفاوضات في القطاع الخاص والتي تم بمقتضاها مراجعة الأجور لحوالي 2 مليون عامل في القطاع الخاص مع مراجعة 54 اتفاقية مشتركة بين اتحاد الشغل ومنظمة الأعراف والتي تغطي حوالي 85 بالمائة من الأجراء في القطاع الخاص والباقي تمّ الترفيع في الأجر الأدنى المضمون بـ5.6 بالمائة، من الإجراءات التي اتخذتها الحكومة إحداث الشرطة الجبائية لمراقبة التهرب الاجتماعي وقد تمّ انتداب 500 مراقب للقيام بهذه المهام، إجراءات حسب الوزير لا تعطي نتائجها على المدى القصير ومن المنتظر أن تعطي أكلها إما نهاية السنة الجارية أو بداية السنة القادمة فضلا عن تركيز مجلس الحوار الاجتماعي وانطلاق الحوار حول صندوق التعويض على فقدان مواطن الشغل وكذلك الإستراتيجية الوطنية للإدماج الاجتماعي ومقاومة الفقر، إجراءات تندرج ضمن التوجه الاجتماعي للحكومة .

إجراءات لفائدة المعوزين والعاطلين عن العمل والمتقاعدين وذوي الدخل غير القارّ
- إضافة مبلغ 100 مليون دينار للميزانية المخصصة للعائلات المعوزة بالترفيع في قيمة المنحة لكل عائلة معوزة من 150 دينار إلى 180 د أو 210 دنانير، بحسب عدد الأطفال لكل أسرة.
- مضاعفة المنحة المسندة للأطفال المعوقين بالعائلات المعوزة
- إقرار جراية دنيا للتقاعد لا تقل عن 180 دينارا تشمل أكثر من 120 ألف جراية وكلفتها تتجاوز 70 مليون دينار.
- الإذن بشمولية الرعاية الصحة لجميع التونسيين لتشمل كل العاطلين عن العمل بالتمتع بالعلاج المجاني يتحصلون على بطاقة من وزارة الشؤون الاجتماعية الى حين حصولهم على عمل، دون اعتبار العائلات المعوزة ومحدودي الدخل الذين يتمتعون بالعلاج المجاني.
- التّأكيد على تفعيل صندوق ضمان القروض السكنية لذوي الدّخل غير القار ويقدّر عددهم نصف مليون تونسي وسيتمّ لاحقا الإعلان عن جملة من الإجراءات بخصوص هذا المجال من طرف وزير التجهيز.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115